مشروع قانون مثير للجدل يجرّم "التشكيك" في نزاهة الانتخابات و"التشهير" بالناخبين والمرشحين    انتفاضات واحتجاجات تختفي.. وأخرى جديدة تظهر، لكن حالتنا السياسية لا تتغير    عودة الاحتجاج على تعطيل التكرير في مصفاة "سامير" وضياع حقوق الأجراء والمتقاعدين    وليد الركراكي يمنح الفرصة لباعوف بعد تألقه مع منتخب الشباب    مونديال اليافعات (ثمن النهائي).. المنتخب المغربي يواجه كوريا الشمالية بطموح بلوغ ربع النهائي    أزيد ‬من ‬178 ‬ألف ‬قضية ‬طلاق ‬وتطليق ‬سنويا ‬بمعدل ‬488 ‬حالة ‬يوميا    تتويج المغرب في جائزة اللغة العربية    إقبال كبير من المهنيين وعشاق السينما على مهرجان الفيلم بطنجة    فاطمة عاطف.. تكريم بطعم المواويل    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    "خاوة خاوة.. بلا عداوة" أغنية تجسد نداء الأخوة المغربية الجزائرية في ذكرى المسيرة الخضراء أعلنت شركة موغادور ميوزيك ديجيتال المغربية عن قرب إصدار الأغنية الجديدة "خاوة خاوة.. بلا عداوة"، بمشاركة نخبة من الفنانين المغاربة والجزائريين، في عمل فني مشتر    دراسة حديثة: الاحتباس الحراري يؤثر في توزيع الأمطار والثلوج    سورج: يامال تأثر بصافرات الاستهجان.. والخسارة في الكلاسيكو لا تدعو للقلق    ارتفاع أسعار النفط بعد التوصل إلى إطار عمل لاتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين    إعطاء انطلاقة 49 مركزا صحيا جديدا على مستوى 9 جهات    النفط يرتفع بعد توصل أمريكا والصين إلى إطار عمل لاتفاق تجاري    بورصة البيضاء تبدأ التداول بأداء إيجابي    شكاية ضد توكل كرمان بتهمة التحريض    هامبورغ تتصدر مجددا قائمة الولايات الأكثر سعادة في ألمانيا    ترامب يرغب في لقاء كيم جونغ أون    روسيا تعلن اعتراض 193 مسيرة أوكرانية    الأمين العام للأمم المتحدة يدين انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف    تصاعد الشكاوى من عنصرية المرضى والزملاء ضد الممرضين في بريطانيا    الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار .. تقدم الرئيس المنتهية ولايته الحسن واتارا    كيوسك الإثنين | إصلاحات جديدة لتعزيز الشفافية وتحصين العمليات الانتخابية    دونالد ترامب يبدأ زيارة رسمية لليابان    الصين: ارتفاع أرباح الشركات الصناعية الكبرى بنسبة 3,2 بالمائة عند متم شتنبر    عصبة الأبطال الافريقية (ذهاب الدور التمهيدي الثاني) .. نهضة بركان يتعادل مع مضيفه الأهلي طرابلس (1-1)    إجهاض محاولة تهريب أقراص مخدرة    الريال يهزم برشلونة في "الكلاسيكو"    توقيف مواطن فرنسي من أصول جزائرية بمطار محمد الخامس مبحوث عنه من السلطات الفرنسية    العداء المغربي المحجوب الدازا يتوج بلقب النسخة ال16 من الماراطون الدولي للدار البيضاء    أغنى رجل في إفريقيا سيجعل مصفاته في نيجيريا "الأكبر في العالم"    "البحر البعيد" لسعيد حميش يتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    المؤتمر الوطني الثاني عشر للاتحاد الاشتراكي – قراءة مؤسساتية ودستورية (2025)    نقل مصابين بتسمم جماعي الى المستشفى الإقليمي بأيت يوسف وعلي    بعد تداول صور لأشغال قرب موقع أثري ضواحي گلميم.. المجلس الوطني يؤكد أن الموقع سليم ويدعو لحمايته    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حزب العمال الكردستاني يعلن سحب جميع قواته من تركيا إلى شمال العراق    طنجة: المغاربة يتصدرون منصة التتويج في النسخة الثالثة من بطولة "كوبا ديل إستريتشو"    الملك: تعاون المغرب والنمسا إيجابي    نسبة ملء السدود المغربية تتراجع إلى أقل من 32% وفق البيانات الرسمية    حفل الحراقية يختم مهرجان الصوفية    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أوناحي يواصل التألق في الليغا ويؤكد أحقيته بمكان أساسي في جيرونا    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على السلع الكندية    المغرب يطلق "ثورة" في النقل الحضري: برنامج ضخم ب 11 مليار درهم لتحديث أسطول الحافلات    "مايكروسوفت" تطلق إصدارا جديدا من المتصفح "إيدج" المدعوم بالذكاء الاصطناعي    طقس الأحد: برودة بالأطلس والريف وحرارة مرتفعة بجنوب المملكة    الرقمنة أنشودة المستقبل الذكي    إسبانيا.. العثور على لوحة لبيكاسو اختفت أثناء نقلها إلى معرض    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التصالح مع الذات أولا
نشر في ميثاق الرابطة يوم 16 - 09 - 2011

هل يمكن أن تفهم مختلف المشاكل الراهنة في البلاد الإسلامية بمعزل عن تاريخ هذه البلاد، والسنن التي تتحكم بسياقها، أو بمعزل عن معرفة سمات الذات والإنسية التي تختص بها، أو بمنأى عن فهم المراجع العقدية والفكرية والمدنية التي تؤمن بها، أو بمنأى عن المبادئ والأهداف التي تراها غاية وجودها واجتهادها..؟
هل يمكن مناقشة حاضر الأمة؛ بتحدياته وأوزاره وتناقضاته، إذا لم نناقش المرجعية والمنهج؟ أو إذا لم نناقش القوانين والآليات التي تحكم مسيرة الوعي والمجتمع والتاريخ؟
إنها الأسئلة المبدئية الكبرى التي تلخص في الحقيقة صميم الإشكال، ومحل الاختلاف الجوهري بين إستراتيجيتين متنافستين حتى اليوم.
الأولى: تمتشق سلاح التجريح والهدم ضد القيم المحلية، والمؤسسات الحضارية الخاصة بالأمة بدعوى العولمة، أو بدعوى العلمنة أو العقلنة أو التحديث؛
والثانية: تقوم على رد الاعتبار لتلك القيم والمؤسسات، وتجديدها وتوظيفها في مشروعات "إعادة هندسة الفعل" التاريخي للأمة، واستلهامها وتعزيزها في الثقافة والفكر والممارسة باعتبارها المدخل الطبيعي اللازم لتحقيق إجماع داخلي، وخلق إرادة مجتمعية واعية هي سر جميع النهضات ومبادرات الترشيد والإصلاح.
وبحسب المرء أن ينظر إلى ما تمر به المنطقة الإسلامية من تغيرات وانفجارات حتى يدرك الأبعاد المختلفة المعبرة عن تدافع الاتجاهين. وحسبه أن يقرأ ما ينشر اليوم من أدبيات سياسية واجتماعية وإبداعية، ليلحظ مدى استقطاب سؤال المرجعية لمختلف أطراف الرأي السياسي والثقافي، وليدرك أن "أزمة الوعي أو المرجع" هي أشد ما امتحنت به هذه الأمة في تاريخها الحديث.
لعل من أهم دلائل هذه الأزمة ومؤشراتها في المجتمع الإسلامي اليوم، غياب الاتفاق على القضايا المصيرية المهمة، والشعور الجماعي بالإحباط، والإحساس بفتور الدوافع والمبررات، واجترار مشاعر القلق، والميل إلى مسالك العزلة والانكماش، والتنصل من كل موقف إيجابي إزاء تحرير الواقع وإعادة ترتيبه، فارتكست الأوضاع بذلك إلى جمود وركود، واتكالية صارخة، وشاعت نزعة من الشك والتسفيه بكل المبادئ والقيم الباعثة على الحياة والأمل.
ولعله أيضا من تداعيات هذه الأزمة القابلية للاغتراب، والتقبل النفسي لثقافة الهزيمة التي تزيف الوعي، وتبلبل اللسان، وتعطل الفكر، وتفسد الذوق، وتنهك الروح، بل تتغلغل آثار ثقافة الهزيمة أبعد من ذلك حين تعمق أخاديد الشرخ والخلف بين أبناء المصير الواحد؛ وأبناء الأمة الواحدة، فتنجح في هدم أسس"الوحدة الثقافية"، وترديهم أحزابا متناحرة ومعسكرات منقسمة بين أنصار للأصيل بلا مصير، أو أنصار للمصير بلا أصيل...
وليس مبالغة القول: إن التاريخ الثقافي للأمة منذ ما يسمى بعصر "النهضة العربية" يكاد يكون تاريخا لتقلب هذا المشكل وتطوره؛ فمنه حتى اليوم تنبعث كل المواقف التي يحدد كل فرد وكل جماعة وكل تيار من خلالها موقفه من العالم أو من الحضارة أو من الدين أو من الدولة أو من المستقبل.
من هنا؛ تتبين ضرورة البدء بالسؤال من أين نبدأ؟ وعلى أي أرض نقف؟ والحاجة إلى استعادة الأمة لوعيها الذاتي؛ لأن ذلك يضعها موضع التناغم مع ذاتها وتطلعاتها. والجماعة كالفرد لا تستطيع أن تبادر إلى مشروع ما دون أن تعرف ذاتها، وتحدد مكان وجودها، وخارطة أدوارها المستقبلية؛ بمعنى لا مناص لها من أن تتسلح قبل كل شيء بوعي ذاتي يكفل لها معرفة حدودها وإمكاناتها وخصائصها وأهدافها ووسائلها وما تريد أن تكون عليه.
إن هذا الوعي، كما يقول علماء الاجتماع، أرقى مراتب الوعي؛ وثمرته ومؤداه محاولة فهم القاعدة الحضارية والروحية والقيمية التي ينبني عليها الوعي المجتمعي في البلاد الإسلامية، وثمرته كذلك الوعي الصحيح بالعالم، وبناء علاقات سليمة ومتوازنة مع الغير، إذ الوعي بالذات شرط الوعي بالتاريخ؛ لأنه هو الذي يمنح الأمة الشعور بالاستقلال والتميز عن الآخرين، فتفهم جيدا برامجهم وخططهم ومقاصدهم، وهو الذي سيدفعها دائما إلى استكمال ترتيب "البيت الداخلي" اعتمادا على النفس، واستلهاما للقيم الذاتية المستقلة التي تؤمن بها، فتنبعث فيها دواعي الإنجاز والإجماع والاجتهاد والفعالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.