موعد مع التاريخ وإن كانت لغة الأرقام والمعادلات تفصح عن أن منتخبنا الأولمبي شرع تقريبا كل الأبواب الموصلة رأسا إلى المربع الذهبي للتصفيات الإفريقية المؤهلة لأولمبياد لندن2012 بعد أن كرس هيمنته على مجموعته بتحقيقه لفوز ثاني منطقي ومستحق على منتخب الجزائر في مباراة حفلت هوامشها بكثير مما يقول بوجود وشم كروي يذكر بالذي كان بين أسود الأطلس وثعالب الجزائر من صدامات كروية مثيرة، إلا أنه من الخطأ أن نلبس المنتخب الأولمبي جلباب المتأهل ونقول بصعوده نهائيا إلى الدور نصف النهائي. فوز منتخب السنيغال على نيجيريا ساعتين فقط بعدما توصل أشبال الأطلس بأروع صورة إلى الظفر بالنقاط الثلاث من الديربي المغاربي أمام الجزائر، أجل كل حديث عن تأهل محسوم ومضون برغم أن منتخبنا الأولمبي وصل إلى النقطة السادسة متصدرا مجموعته بفارق ثلاث نقاط عن منتخبي السينغال والجزائر. وإذا كان الجهد المبذول قد أثمر فوزين على درجة عالية من الإستحقاق فإن العبور النهائي إلى المربع الذهبي يحتاج بلغة المعادلات من منتخبنا الأولمبي أن يدخل مباراة يوم غد الجمعة بخيار الفوز حتى لو كان التعادل يبقيه متصدرا، إذ أن الفوز في تركيبته النفسية وفي حمولاته التكتيكية وفي عمقه الفني يمثل للاعبين الأولمبيين عنصر ثقة مضاعفة، ثقة بإمكانياتهم وثقة بقدرتهم على كسب رهان الوصول إلى الأولمبياد وأيضا رهان الفوز بلقب النسخة الأولى لبطولة إفريقيا لأقل من 23 سنة. والفوز لغة وإصطلاحا وتركيبة تكتيكية على منتخب سنيغالي يتطلع بعد فوز قوي على منتخب نيجيريا بهدفين لهدف إلى الحصول من مباراته أمام المغرب على ما يضمن له الإنتقال إلى نصف النهاية، هذا الفوز يفرض وجود حالة من التعبئة النفسية التي تلغي كل ثقة زائدة بالنفس وتحرض على أفضل مطابقة ممكنة، لطالما أن أسود التيرانغا سيسعون جاهدين وراء خيار الفوز على أسود الأطلس بنتيجة تنقلهم إلى الدور نصف النهائي مستفيدين من النسبة العامة للأهداف، فيما لو تساوت المنتخبات الثلاثة المغرب، الجزائر والسنيغال عند النقطة السادسة. إن التعبئة النفسية التي قلت أنها ستكون إحدى ضرورات هذه المرحلة، لا بد وأن تكون مصحوبة بنجاعة أقوى للأداء الجماعي والفردي تجعلنا مطمئنين نسبيا على مقدرات أولمبيينا وعلى تعاملهم الموضوعي مع متغيرات المباراة، إذ برغم أننا أسعد الناس بالفوزين اللذين تحققا أمام نيجيريا والجزائر، إلا أن هناك حسرة على أن منتخبنا الأولمبي مر بمحاذاة فوزين عريضين بخاصة أمام منتخب نيجيريا، فقد سنحت للأولمبيين فرص كثيرة لم تستثمر منها غير فرصتين من جزاء أمام نيجيريا ومن تسديدة مركزة أمام الجزائر، وقد يكون الإهدار المفرط للفرص التي يبدع أولمبيونا في صناعتها من أداء جماعي بطابع هجومي متوازن لا يخل أبدا بالواجبات الدفاعية وبالا على المنتخب الأولمبي. بالقطع يدرك الأولمبيون على أنهم سيمشون غدا عندما يلاقون أسود السنيغال في حقل ألغام، لذا فهم يحتاجون إلى أذرع تكتيكية واقية لا تشجع على الهجوم المفرط فتختل التوازنات الدفاعية ولا تحرض على الدفاعية المطلقة فيشجع ذلك أسود التيرانغا على الهجوم الشرس، ويحتاجون أكثر من ذلك إلى نوع من الجسارة أولا وإلى كثير من الإنضباط ليحصلوا من المباراة على ما هم أحق وأجدر به، الفوز الذي يعطيهم العلامة الكاملة وينقلهم بكامل الإستحقاق إلى المربع الذهبي آخر الشرفات المطلة على الحلم الأولمبي والتوفيق لأشبال الأطلس.. ----------------------------- لأنني أعرف طبيعة فكر رشيد الطوسي وأعرف تضاريس شخصيته، فإنني واثق من أنه لقح نفسه قبل لاعبيه ضد أي حالة شك بالقدرات بعد الذي كان يوم الأحد الماضي في لقاء شباب المسيرة والذي سجل الإنكسار الثالث للنمور الصفر في البطولة الإحترافية. واثق أنا من أن رشيد الطوسي يستحضر بقوة دروس المباراة أمام شباب المسيرة أكثر ما يستحضر ما أسقطته الخسارة من مطارق قوية على الرؤوس وما أصابت به الفكر من إحباط. الحيلولة دون أن يستوطن الشك ذهن النمور الصفر ضرورة حتمية واستحضار ما كان من معطيات تكتيكية ومن معطلات فنية ضرورة بدرجة عالية من البداهة، فكما أن لاعبي المغرب الفاسي يجب أن يسقطوا من فكرهم الهزيمة أمام شباب المسيرة ويتخلصون كليا من نذوبها وأوجاعها ووشمها، يكون ضروريا أن يقفوا عند الخلاصات التكتيكية الصادمة والتي تقول بأن المغرب الفاسي خسر مباراة كان سيدها الأول وكان المتحكم الأكبر في جل أشواطها وكان فيها صاحب أعلى نسبة في إمتلاك الكرة، ثم كان الأقوى من حيث صناعة الفرص. نعرف من يكون الإفريقي التونسي؟ ومن أي طبيعة هو؟ وبأي شكل يفكر مدربه فوزي البنزرتي؟ وكيف سيتدبر السبق الرقمي المسجل لصالحه بعد الفوز ذهابا بهدف للا شيء؟ وعلى ضوء كل هذا الذي نعرفه، يكون واضحا بل ومؤكدا أن مباراة إياب نهائي كأس الإتحاد الإفريقي ستلعب على جزئيات صغيرة لها طابع الحسم، ومتى كانت أي مباراة تلعب على الجزئيات الصغيرة متى كان لزاما أن يكون لاعبو المغرب الفاسي بدرجة عالية من التركيز ومن التحضير البدني والتكتيكي على حد سواء. التركيز الذهني الذي يدخل لاعبي المغرب الفاسي أجواء مباراة الأحد ويلغي ما سواها إن لم يكن ضروريا أن يحدث قطيعة مع كل الذي كان سواء هناك بتونس خلال مباراة الذهاب أو بفاس عند مواجهة شباب المسيرة، والتركيز البدني والتكتيكي الذي يؤهل لاعبي المغرب الفاسي لربح كل المعارك المفترضة سواء في شقها البدني، حيث يكون التحكم في الإيقاع من العناصر الإستراتيجية لربح الرهان أو في شقها التكتيكي، إذ لا مناص من وجود حالة من الصفاء الذهني لتصريف الضغط أولا ولاستثمار حتى أنصاف الفرص ثانيا. يقينا أن الإطار رشيد الطوسي وضع في ذهنه قبل ذهن لاعبيه العديد من السيناريوهات لتدبر مباراة عصية على كل توقع، قوية في مداها التكتيكي وحبلى بالمفاجآت، لذلك ندعو الله أن يكون رشيد موفقا في تأهيل النمور الصفر لربح معركة كروية ضارية بكل الأخلاق الرياضية المكتسبة لدينا كمغاربة، ونسأل الجماهير المغربية قبل الفاسية أن نحرص على الحضور بأعداد قياسية يوم الأحد بمركب فاس، فما عرفت يوما في تاريخي الطويل مع الرياضة الوطنية أن ملحمة دخلت التاريخ ولم يكن الجمهور هو صانعها الأول.