صفعة تانزانيا درس يجب أن يدفعنا لتصديق حقيقة تواضع كرتنا تابعت المباراة كأي مواطن مغربي شعر بالإهانة والمرارة لفداحة ما عايناه التغيير قادم وجمع الجامعة ليس سدرة المنتهى لست تقنيا ضليعا لكنني أدركت أننا خسرنا المباراة بأخطاء فنية فظيعة حرص وزير الشباب والرياضة على البقاء في دائرة الأحداث طوال الفترة السابقة، يرفض مقاربة التحليل التي تقول أنه بات مستهلكا يكرر نفس الكلام ويلوك نفس الأسطوانة، دون أن يتراءى نجم التغيير في الأفق. الوزير يقول أنه مشبع بثقافة إسمها «التواصل» الذي يقتل الشائعة، وهنا تقترب منه «المنتخب» من جديد للإطلاع على تصوراته، على الحلول التي يحملها وعلى الملفات التي تثقل الكاهل. الوزير بعد صفعة تانزانيا ما يزال حاضرا بنفس اللهجة وما يزال حاضرا بنفس الثقة.. ثقة التغيير القادم.. فتابعوا كيف يفكر وزير قطاع يحظى بانتقادات حادة بذات حظوته بالمتابعة من طرف شريحة واسعة من الجمهور والرأي العام. - المنتخب: الوزير يدون بعد مباراة تانزانيا كباقي الجمهور العادي على لوحة حائطه بالفيسبوك عبارات كشفت حجم الشعور بالمرارة عقب المباراة المهزلة، هل هي سنة أم تقليد أم تراها ردة فعل مواطن مقهور؟ محمد أوزين: سموها كما شئتم، ولأنني أدرك تمام الإدراك إهتمامكم الكبير بالرياضة الوطنية وكرة القدم الوطنية على وجه الخصوص، بل تابعت التغطية التي أقدمتم عليها لما بعد المباراة وأمكنني التوصل لحقيقة واحدة وهي أننا كلنا نتشارك في حجم الخطب وفي حجم الإنكسار الذي لا نستحقه كشعب رياضي وصادق في حبه لمنتخب بلاده. دعني أقول لك باختصار مفيد لكل غاية: لقد فعل الإحباط فعلته بي وهو ما جعلني أدون التغريدة بكل تلقائية. - المنتخب: دعنا نضع الجمهور في الصورة ما دمنا نتحدث عن ردات فعل تلقائية وعفوية، بعد الكان كان تفاؤلك كبيرا واستعرت قولة غاندي الشهيرة وهي أن السقوط ليس معنى للنهاية، لأن سقوط المطر هو أجمل بداية، هل سقوط دار السلام يندرج ضمن هذه البدايات التي تأخرت؟ محمد أوزين: لا وأنا أسحب الإستعارة هذه المرة، حاولت قدر المستطاع عدم تصديق الواقع، لأن هذا الواقع يكون في كثير من الأحيان مؤلما ويفرض تعاملا بنوع من التحايل معه.. اليوم تعرت الكثير من الأشياء، والهزيمة بتلك الطريقة جاءت لتعكس جملة من الأشياء سبق وأن صرحت بها ولم تعجب البعض، وهي أننا لا نتوفر على أمجاد كبيرة في كرة القدم وأغلب الإنجازات الفردية التي جاءت عبر فترات متباعدة من الزمن لا تمثل شيئا كبيرا ولا قاعدة. علينا تصديق حقيقة أننا تأخرنا كثيرا عن الركب والعيش على أطلال الماضي لم يعد مجديا. - المنتخب: كيف تفاعلت مع المباراة ولو أنها ذكرى للنسيان في كل الحالات وموقظة للمواجع؟ محمد أوزين: لا يمكن وأنا أتابع مباراة تغري شعبا بأكمله أن أتجرد من الشعور بالمواطنة كأي مغربي بسيط لم يعجبه الوضع وخرج مذهولا حتى لا أقول مصدوما ومصعوقا لهول ما شاهد. شعرت بالإهانة التي أعقبت المرارة وشعرت بانكسار كبير لم أتخلص منه إلا متأخرا، لأن العلم الوطني بكل حمولاته ودلالاته يتطلب منا أن نتفاعل معه كلما كان حاضرا في منتدى أو مباراة وخسارة تانزانيا ليست نهاية العالم ولا وصمة عار لأنها جزء من اللعبة، لكن الطريقة كانت غير مقبولة بكل الخراب والهشاشة التي ظهرنا عليها. - المنتخب: لكنها معالي الوزير لم تكن لهجتك خلال الكان أو حتى بعده؟ محمد أوزين: بطبعي أميل للتفاؤل وأميل كثيرا للتروي والتريث وعدم إصدار أحكام قيمة متسرعة، لذلك حاولت طمأنة الجمهور من موقعي الشخصي بضرورة مساندة ودعم هذا المنتخب على ضوء الإنطباع الذي خرجت به بعد مباراة جنوب إفريقيا، وقلت أنها ربما تمثل لنا الإنطلاقة وبداية تصحيح ما يمكن تصحيحه.. للأسف خاب ظني وخاب حدسي ولست متحملا للوضع الذي عايناه جميعا بتانزانيا.. - المنتخب: قبل أن نطوي صفحة هذه المباراة المشؤومة، من برأيك يتحمل المسؤولية في المصير الدراماتيكي الذي انتهى إليه الأسود؟ محمد أوزين: لست مخولا من الناحية التقنية أن أصد أحكاما لكوني لست ضليعا بفن الخطط والتكتيك، ومع ذلك ودون أن أحتاج لكثير نباهة وفطنة يمكنني التأكيد على أن إجراء تغييرات راديكالية إن أمكن القول على اللائحة وكثرة التجريب، هما من مسببات الخسارة، وهذا عايناه جميعا من خلال الإنهيار الكبير في الجولة الثانية التي تكون عادة جولة تعامل تعكس ما يتلقاه اللاعب بين الشوطين. أظن أن التعامل كان سيئا مع المباراة من الناحية الفنية وهذا بإجماع كل الجمهور المغربي العاشق للكرة. - المنتخب: وعدت وبشرت بالتغيير منذ فترة ولا شيء راوح مكانه منذ ذلك اليوم، هل يمكن للسيد الوزير أن يطلعنا عن أسرار وقوف دابة الشيخ في العقبة كل مرة؟ محمد اوزين: هي الإكراهات والأجندة التي كانت لا تتيح أمامنا إلتقاط الأنفاس، ولم يكن ممكنا في كل المرات السابقة أن نتدخل حتى لا يكون هناك اهتزاز أو تأثير على توازن المنتخب المغربي على وجه الخصوص. اليوم الشرعية تفرض علينا تعاملا صارما ولن نقدم بشأنها تنازلات مهما كان حجم الإكراه الذي سينتصب أمامنا لأننا أخرجنا الإطار الأول الممهد للتغيير وهي ترسانة القوانين الجديدة. - المنتخب: أنت بهذا تجرني لدغدغتك أكثر والتركيز على توضيح أكبر للواضحات؟ محمد أوزين: اليوم (الجمعة) إنتهينا من إخراج مسودة القانون النهائي للتربية البدنية في حلته الجديدة، بعد مروره من بعض المساطر والإجراءات الشكلية حتى ينقح ويصير مكتملا في النسخة العربية سيعرض في الجريدة الرسمية. على المتتبع أن يميز بين (القوانين والمراسيم ثم المقررات) وهذه شكليات تتطلب بعض الوقت، والمهم أنها خرجت من الأمانة العامة للحكومة وستمثل لنا أرضية للإشتغال بشكل صحيح. التغيير قادم، متى؟ لا يمكن الحسم لكن قريب وقريب جدا. - المنتخب: ما يهم الجميع هو واقع جامعة الكرة باعتبارها أحد أكبر الأوصياء على المنتخب الوطني ومن تم النتائج السلبية المحصل عليها؟ محمد أوزين: لا أريد أن يعتبر البعض أن جمع الجامعة هو سدرة المنتهى، بل انطلاقة التصحيح، ومؤخرا كان لي لقاء بعلي الفاسي الفهري للتشاور والتنسيق، ويجب على المتتبع المغربي أن يكون مدركا أنه لا أحد يسره الوضع الحالي، لأنه باختصار وضع جالب للصداع وجالب لضجيج وانتقاد لاذع. ليطمئن الجميع على أن الجمع العام سيلتئم في القريب العاجل، وما نتمناه هو أن يكون هناك انخراط جماعي لإنجاح الإقلاع القادم حتى لا نسقط في نفس الأخطاء ونعود بعدها للبكاء من جديد. - المنتخب: لو قلت لك أن كثرة الشكليات التي أثرتها تصيب المتتبع بالقلق وتجعله فاقدا للثقة، كيف تعقب؟ محمد أوزين: لن أستغرب ولن أصاب بالذهول، ما دام إدمان الإنتكاسات تكرر وتولد معه شعور بانعدام الثقة، وهذا أمر بديهي وطبيعي، وفور الخروج من هذا النفق المظلم ستعود الأمور لمجراها الطبيعي ولو أن ما قلته في سؤالك جد خطير بانعدام جسور الثقة بين الرأي العام ومحيط الجامعة أو الوزارة والكرة بشكل عام، لذلك علينا التحلي بالجرأة والإحساس بالمسؤولية والتحلي بكثير من الشجاعة الأدبية لقبول النقد الذاتي. - المنتخب: نتركك في كلمة مفتوحة تعكس انشغالات المرحلة؟ محمد أوزين: لا أملك غير مشاطرة جميع المغاربة وخاصة الذين لهم غيرة كبيرة على ألوان القميص الوطني، شعورهم بالحسرة وتفهم مواقفهم المطالبة بالتغيير، وأقول لهم صدقونا فإننا نقترب بالتدريج من ملامسة مكمن العلة والداء. حاوره: