أخنوش: التنظيم المشترك لمونديال 2030 عامل تسريع لتحول استراتيجي للمغرب    ميناء الحسيمة : انخفاض طفيف في كمية مفرغات الصيد البحري خلال النصف الأول من العام الجاري    انطلاق الموسم الصيفي لصيد الأخطبوط عقب فترة راحة بيولوجية    التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 عامل تسريع لتحول استراتيجي للمغرب (أخنوش)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    العثور على جثة طبيبة شابة بضواحي تازة والزوج في دائرة الاتهام    390 محكوما ب"الإرهاب" بالمغرب يستفيدون من برنامج "مصالحة"    البيت الأبيض يكشف: ترامب مصاب بمرض مزمن في الأوردة الدموية    بأمر من المحكمة الجنائية الدولية.. ألمانيا تعتقل ليبيا متهما بارتكاب جرائم حرب وتعذيب جنسي    نادي الهلال السعودي يجدد عقد ياسين بونو حتى 2028    فيلدا : كل التركيز منصب على الفوز ومالي تطورت كثيرا    اتحاديو فرنسا يرفضون إعادة إنتاج "الأزمة" داخل الاتحاد الاشتراكي    حرارة الصيف تشعل أسعار الدجاج وتحذيرات من الأسوأ    إحداث أزيد من 6200 مقاولة مع متم ماي الماضي بجهة الشمال    سقوط من أعلى طابق ينهي حياة شاب في طنجة    هولندا.. مصرع امرأة بعد اعتداء داخل منزلها وتوقيف شريكها للتحقيق    كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الكتاب والأدباء والإعلاميين وصناع المحتوى..    ترامب يهدد صحيفة أمريكية بالقضاء    حزمة عقوبات أوروبية تستهدف روسيا        حرب خفية على المنتجات المغربية داخل أوروبا.. والطماطم في قلب العاصفة    إحباط تهريب الشيرا ضواحي الجديدة    قاضي التحقيق يودع ثلاثة موظفين سجن عكاشة بملف سمسرة قضائية    "البيجيدي": تهديدات أخنوش ضد تيكوكين غير مسؤولة وتمس بمبدأ استقلالية الجماعات الترابية    اشتباكات بين عشائر ومقاتلين "دروز"    "أنا غني".. سجال هاشم يستعد لإشعال صيف 2025 بأغنية جديدة    مدينة تيفلت تفتتح سهرات المهرجان الثقافي الخامس بباقة موسيقية متنوعة    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        بلاغ صحفي تمديد استثنائي لآجال التصريح والأداء عبر بوابة "ضمانكم" برسم شهر يونيو 2025    جيش الاحتلال الصهيوني يواصل مجازره ضد الفلسطينيين الأبرياء    بورصة البيضاء .. أداء سلبي في تداولات الافتتاح    مجلس النواب ينتظر صدور قرار المحكمة الدستورية بشأن دستورية قانون المسطرة المدنية    رحيل أحمد فرس.. رئيس "فيفا" يحتفي بالمسيرة الاستثنائية لأسطورة كرة القدم الإفريقية    افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية        لوفيغارو الفرنسية: المغرب وجهة مثالية لقضاء عطلة صيفية جيدة        بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    محمد أبرشان كاتبا إقليميا للحزب بالناظور، وسليمان أزواغ رئيسا للمجلس الإقليمي    مغني الراب سنوب دوغ يدخل عالم الاستثمار الكروي عبر بوابة سوانسي سيتي الانجليزي    الرابطة المغربية تنظم لقاء دوليا بمالقا لمواجهة تصاعد خطابات الكراهية ضد المهاجرين    البنك الدولي: 64% من المغاربة تعرضوا لكوارث طبيعية خلال السنوات الثلاث الماضية    ميتا تخطط لتطوير ذكاء اصطناعي يتجاوز قدرات العقل البشري    سانشيز: "الهجرة تساهم بشكل إيجابي في الاقتصاد الإسباني"    بطولة إيطاليا: انتر يسعى لضم النيجيري لوكمان من أتالانتا    فرحات مهني يُتوَّج في حفل دولي مرموق بباريس    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    "حزب الكتاب" يدافع عن آيت بوكماز    وزير الثقافة يعزي في وفاة الفنانين الأمازيغيين صالح الباشا وبناصر أوخويا    وداعا أحمد فرس    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوصلة الإصلاح
نشر في الرأي المغربية يوم 17 - 01 - 2017

يعيش المغرب منذ أزيد من خمس سنوات تجربة إصلاح سياسي فريدة ومتميزة في منطقة انتكست فيها تجارب تمخضت عن حراك شعبي واسع، لكنها أخطأت طريقها نحو تحقيق التغيير المنشود، وأخفقت، إذا استثنينا التجربة التونسية، في تحقيق آمال وتطلعات شعوبها نحو التحرر والعدل والكرامة. ولم تدم فرحة هذه الشعوب إلا مرحلة وجيزة عادت بعدها قوى الفساد والاستبداد لبسط هيمنتها وفرض واقع جديد أضحى أكثر سوء وأبشع حالا مما كان عليه الأمر من قبل.
لقد عرفت هذه التجربة المتميزة التي حصل الإجماع على وصفها بالاستثناء المغربي مخاضات حقيقية ونقاشات واسعة على مدى هذه السنوات، مرتبطة تارة بمدى احترام تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، وتارة أخرى بمناسبة إطلاق أوراش إصلاح رافقها جدل واسع، ولم تر النور إلا بما يشبه ولادة قيصرية حرصت جهات على محاولة إجهاضها والسعي إلى إفساد كل محاولات تحسين ظروف وشروط تنزيلها.
وبصرف النظر عن تفاصيل كل ما يمكن أن يقال بشأن تقييم هذه المرحلة، فإن الوطن خرج منها مرفوع الرأس وقد تعزز رصيده السياسي بانتخابات جماعية وجهوية وتشريعية غير مطعون في نزاهتها على الرغم من المحاولات المجنونة للإفساد والتوجيه التي رافقتها. وارتفع خلالها منسوب ارتباط واهتمام المواطن العادي بالشأن السياسي، وأصبح في كثير من الحالات متابعا لمفردات وتفاصيل النقاش السياسي والاقتصادي التي ظل الاهتمام بها لسنوات حكرا على نخبة المجتمع. كما فتحت خلالها أوراش إصلاح ظلت عصية على الحكومات المتعاقبة التي نأت بنفسها حتى على مجرد الاقتراب منها متبنية للمثل القائل: كم حاجة قضيناها بتركها. وقد مكنت هذه الإصلاحات من تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية والتحكم في عدد من المعطيات غير المنضبطة التي كانت تمسك بخناق الاقتصاد الوطني وتوشك أن تصيبه بسكتة قلبية بين لحظة وأخرى.
كما ساهمت هذه الإصلاحات من جهة أخرى في تحسين صورة المغرب وتعزيز مكانته الدولية وإشعاعه القاري.
إن تقديرنا الموضوعي لهذا المسار بنجاحاته وإخفاقاته، التي لاشك أنها أيضا موجودة، يقتضي تضافر الجهود من أجل أن يستمر ويتواصل، ومن أجل أن يستمر الأمل الذي انطلقت جذوته منذ خروج المغاربة في مدن وقرى المملكة مطالبين بالإصلاح ومحاربة الفساد والاستبداد مع المحافظة على الاستقرار وعدم المساس بالمؤسسات.
إن تطوير وترسيخ أسس البناء الديمقراطي تتطلب وتستلزم نفسا طويلا يستحضر الخط التصاعدي العام لهذا البناء، ولا يلتفت لبعض التفاصيل والجزئيات، ولا يأبه حتى لبعض التراجعات الظرفية التي قد تحصل بفعل قوة قاهرة أو ظرف استثنائي والتي لا تخل بأساس وجوهر تطور العملية الديمقراطية.
ولعل المتفحص لتجارب الانتقال الديمقراطي عبر العالم لن يفوته دون شك الانتباه لحجم المخاض الذي رافق البدايات الأولى والمراحل التأسيسية لهذه التجارب، والذي يتطلب التعاطي معه قدرا كبيرا من الحكمة وحسن التقدير والاستحضار الدقيق للمعطيات المحلية والإقليمية والدولية وتوازنات المشهد السياسي وحجم المعاناة لدى مراكز المقاومة التي لا تستسيغ توسع وتزايد مساحات التحرر والاستقلالية المزعجة لمصالحها، مع الحرص على تفويت الفرصة عليها في تقويض مسار الإصلاح، واتخاذ المواقف المناسبة والمحسوبة حسب ما تقتضيه تطورات الأحداث في ارتباط بمعطياتها الموضوعية، وبما يضمن استمرار الإمساك ببوصلة الإصلاح التي ستتواصل محاولات هذه المراكز من أجل كسرها أو على الأقل التشويش على اتجاهها السليم.
وينبغي ونحن منغمسون في خضم الأحداث والتطورات اليومية المتسارعة التي يحبل بها مشهدنا السياسي، ومهمومون بتداعياتها المؤلمة في كثير من الأحيان، أن تظل، ماثلة وحاضرة في أذهاننا، إيجابيات ودلالات اللحظة التاريخية التي يمر منها بلدنا والتي تنم عن وعي جديد أضحى يترسخ ضمن قناعات ووجدان المواطن الذي – مهما كان حجم المناورات التي تتوهم في كل مرة أنها بصدد كسب جولة من جولات صراعها مع إرادته وطموحه في الإصلاح- سيظل يقظا فطنا متوثبا لإفشال، ولو بعد حين، هذه المناورات الرامية إلى الالتفاف على إرادته، مثلما أفشل في محطة الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، بكيفية فاجأت وأذهلت قوى التراجع والنكوص، مخططات كانت تتوهم، واثقة من حساباتها، قدرتها على ضبط الأمور والأحداث والتحكم في مجرياتها.
لقد انكسرت هذه المخططات على صخرة هذا الوعي الجديد الذي يلزم الحذر من الخطأ في تقديره، والذي أصبحت له أدوار حاسمة في تطورات مشهدنا السياسي باعتباره استمرارا للروح التي شكلت بداية هذا المسار منذ أزيد من خمس سنوات وتجليا من تجليات الإصرار والصمود والتضحية من أجل مواصلته، والوقوف أمام كل من يعتقد أن هذا المسار مجرد قوس فتح عن طريق الخطأ يمكن تحين الفرصة لغلقه بدل اعتباره تجربة فريدة وفرصة نادرة أمام الوطن ننجح فيها جميعا أو نفشل فيها لا قدر الله جميعا بدون استثناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.