وزير الخارجية الاسباني: المغرب شريك أساسي في خفض الهجرة غير النظامية    حقينة سدود المغرب تواصل الانخفاض رغم التحسن النسبي في معدل الملء    كرة القدم بين ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة    تنظيم جديد للسفر من "طنجة المتوسط"    تقلب الجو يوقف الصيد بمياه بوجدور    عدد قتلى حوادث السير في المدن المغربية يرتفع بنسبة 48% خلال يوليوز    خبيرة غذائية تبرز فوائد تناول بذور الفلفل الحلو    ماكرون يرفع سقف المواجهة مع الجزائر ويدعو حكومته لنهج أكثر صرامة    رسمياً.. الرئيس الفرنسي يتخذ تدابير "صارمة" ضد الجزائر    تكريم كفاءات مغربية في سهرة الجالية يوم 10 غشت بمسرح محمد الخامس    المحكمة الدستورية تعلن عدم دستورية عدة مواد في قانون المسطرة المدنية    مصرع شخصين واصابة ثلاثة اخرين بجروح خطيرة في حادثة سير نواحي الناظور    الوداد يعبر مباشرة إلى دور ال32 من كأس "الكاف"    بادس.. ذاكرة شاطئ يهمس بحكايا التاريخ    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الأربعاء إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة                    عشرات المهاجرين يحاولون الوصول إلى سبتة سباحة    توقيف أفارقة متورطين في تزوير جوازات سفر وشهادات مدرسية أجنبية ووثائق تعريفية ورخص للسياقة    المغرب... تضامن مستمر ومتواصل مع فلسطين بقيادة الملك محمد السادس    رئيس الفيفا جياني إنفانتينو: دعم الملك محمد السادس جعل المغرب نموذجاً كروياً عالمياً    دقيقة صمت في هيروشيما إحياء لذكرى مرور 80 سنة على إلقاء القنبلة الذرية عليها    حين ينطق التجريد بلغة الإنسان:رحلة في عالم الفنان التشكيلي أحمد الهواري    النجمة أصالة تغني شارة «القيصر» الدراما الجريئة    كتاب طبطبة الأحزاب    نتنياهو يتجه نحو احتلال قطاع غزة بالكامل    حزب الله يرفض قرار الحكومة اللبنانية تجريده من سلاحه    معاذ الضحاك يحقق حلمه بالانضمام إلى الرجاء الرياضي    مقتل وزيرين في غانا إثر تحطم طائرة    قراءة ‬في ‬برقية ‬الرئيس ‬الأمريكي ‬دونالد ‬ترامب ‬إلى ‬جلالة ‬الملك ‬    نشوب حريق في شقة سكنية بمدينة الفنيدق    أكلو : إلغاء مهرجان "التبوريدة أوكلو" هذا الصيف.. "شوقي"يكشف معطيات حول هذه التظاهرة    ابن الحسيمة "بيتارش" يلتحق بالفريق الأول لريال مدريد    نقل جندي إسباني من جزيرة النكور بالحسيمة إلى مليلية بمروحية بعد إصابته في ظروف غامضة    المديرية العامة للأمن الوطني تطلق حركية الانتقالات السنوية    أشبال الأطلس يستعدون للمونديال بمواجهتين وديتين ضد منتخب مصر    طفل يرى النور بعد ثلاثين عامًا من التجميد    غزة.. انقلاب شاحنة مساعدات يخلف 20 قتيلا ومستوطنون يهاجمون قافلة معونات قرب مخيم النصيرات    الموثقون بالمغرب يلجأون للقضاء بعد تسريب معطيات رقمية حساسة    "وصل مرحلة التأزم البنيوي".. 3 مؤسسات رسمية تدق ناقوس الخطر بشأن أنظمة التقاعد    الهند تعزز شراكتها مع المغرب في سوق الأسمدة عقب تراجع الصادرات الصينية    بطولة فرنسا: لنس يتوصل لاتفاق لضم الفرنسي توفان من أودينيزي    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد اجتماعاً حاسماً لدراسة تعديلات قانونية وهيكلية    مراكش والدار البيضاء أفضل الوجهات المفضلة للأمريكيين لعام 2025    الذهب يتراجع متأثرا بصعود الدولار    «أكوا باور» السعودية تفوز بصفقة «مازن» لتطوير محطتي نور ميدلت 2 و3    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية تزييف للوعي وسط حزب المصباح .. أسئلة كاشفة
نشر في الرأي المغربية يوم 14 - 04 - 2017

أقدر أن عملية تزييف للوعي تتم داخل حزب العدالة والتنمية. تساهم فيه، بوعي وسابق تخطيط أو بدون وعي وبحماسة غير متبصرة، فعاليات حزبية وفعاليات أكاديمية وفعاليات إعلامية.
سنتوقف عندها هذا التزييف، الذي مكنت له بالخصوص وسائل التواصل الاجتماعي، عبر سلسلة مقالاتنقدية لن نهتم فيها بذكر أسماء الأشخاص والهيئات إلا ما كان ضروريا، لنركز على الظاهرة التي ساهموا في تشكيلها، وتسجيل وقفة للتاريخ مع مخاض يرفع شعارات كبيرة لكن بدون بوصلة، ويعاني من صناعة تجعل سلبياته أكبر من حسناته.
الحلقة (1): داء التحدي
عملية تزييف الوعي داخل حزب العدالة والتنمية بدأت مند مدة طويلة، لكن سوف نركز فقط على المرحلة الأخيرة ذات العلاقة المباشرة مع الانتخابات التشريعية الأخيرة وتشكيل حكومتها، حيث تحول ذلك التزييف إلى ظاهرة يمكن رصدها بسهولة.
بدأت عملية شد الحبل حول الانتخابات التشريعية الأخيرة بين حزب المصباح والجهة المتحكمة في المسلسل لانتخابي وما يرتبط به من استحقاقات، من فترة وضع قوانينها، وخاضها حزب المصباح بمنطق الحفاظ على الأغلبية الحكومية في تدبير تنازلاته. غير أن النقطة الحساسة في تدبير ملف تلك الانتخابات بطريقة شد الحبل وبشكل علني كان حول تاريخ إجرائها في علاقته بمستقبل الأستاذ ابن كيران فيها. ومعلوم أن تاريخ اجراء تلك الانتخابات نقلته وزارة الداخلية بدون سبب مقنع إلى ما بعد التاريخ المقرر لعقد مؤتمر الحزب، ومعلوم أيضا أن الأستاذ ابن كيران، وفق قوانين الحزب، لا يحق له العودة إلى قيادة الحزب لولاية ثالثة وبالتالي سيفرض احترام ما اصطلح عليه بالمنهجية الديموقراطية تعيين الأمين العام الجديد رئيسا للحكومة إذا تصدر الحزب نتائج الانتخابات. وفهم الجميع أن أم الوزارات ومن يقف خلفها تراهن على التخلص بشكل سلس من الأستاذ ابن كيران، وتمت تسريبات إعلامية، حتى من "محيط الملك" في مراحل متقدمة من لعبة شد الحبل، تزعم أن شخص ابن كيران غير مرغوب فيه. فماذا كان رد فعل حزب المصباح؟
أثير نقاش كبير حينها حول الموضوع أفرز توجهين داخل الحزب، توجه يرى تعديل قوانين الحزب للسماح للأستاذ ابن كيران بولاية ثالثة، وتوجه ثان يرى تأجيل مؤتمر الحزب لما بعد الانتخابات، وهو ما تم في النهاية. وهذه المرحلة كرست شخص الأستاذ ابن كيران محورا للعبة شد الحبل. وراهن عليه الحزب بقوة بصفته شخصية للمرحلة التي لا شخصية بعدها. وهذه الأمر مهم جدا في فهم وتفسير كل التطورات بعد ذلك، ويعتبر عدم استيعابها أحد عوامل تزييف الوعي الكبيرة داخل الحزب وفي محيطه.
بالطبع للحزب الحق في تدبير شؤونه الداخلية كما يراها، لكن ماذا كانت دلالة تأجيل تاريخ انعقاد المؤتمر إلى ما بعد الانتخابات في اتجاه الجهة المتحكمة حقيقة في الأجندة السياسية؟
باختصار شديد اعتبر قرار الحزب بتأجيل تاريخ مؤتمره بكونه تحد للجهة المتحكمة، وتأكيد من الحزب على أنه من خلال الانتخابات سوف يتم فرض الأستاذ ابن كيران رئيسا للحكومة ضدا على رغبتها.
وهذا التحدي أدركه الجميع، وكان من اللبنات الأساسية المغرية في خطاب الحزب. وكانت مقاربات الحزب يغلب عليها اطمئنانه لشعبيته الانتخابية، وأنه سوف يفوز بالمرتبة الأولى إذا لم تزور صناديق الاقتراع، وأكد هذا بمناسبات عدة منها الجدل حول "الكوطا" حين إعداد مشاريع القوانين الانتخابية. ولما فاز بالرتبة الاولى وب 125 مقعدا انتشر نفس التحدي في أوساط البيجيديين من القمة إلى القاعدة.
ومن نقطة تأجيل المؤتمر انخرط الحزب في منطق فشل فيه الحزب في تدبير جرعة التحدي كمنطق عاطفي مغامر، مقابل التدبير السياسي المطلوب في حزب مشارك والذي يفترض التحرر من ردود الفعل ومنطق التحدي مع جهات غير واضحة وغير محددة للرأي العام، ويعلم أنها أقوى منه بقدر يفوق الخيال.
ومنطق التحدي في ممارسات الجهة المتحكمة في الانتخابات نجده واضحا في كل المراحل بدأ من تصريح وزير الداخلية بمناسبة الافراج عن النتائج الأولية للانتخابات الذي لمز فيه حزب المصباح بشكل فج، وانتهاء بإعفاء الأستاذ ابن كيران من مهمة تشكيل الحكومة، مرورا بالاشتراطات الغريبة للسيد عزيز أخنوش التي كانت بمثابة العصى التي أوقفت عجلة تشكيل الأغلبية الحكومية. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى قولة التحدي الشهيرة للأستاذ ابن كيران ضد آخر ورقة اعتمدها التحكم في "البلوكاج" حين قال ما معناه "إلى دخل الاتحاد الحكومة راني ماشي ابن كيران". وباقي قصة التحدي معروفة. ومعروف أيضا قصة رقم 37 وكيف تعامل معه الأستاذ ابن كيران، وكيف أن صاحب ذلك الرقم هو الذي أوقف عجلة صاحب رقم 125. هذا هو منطق التحدي في إطار موازين قوة غير متكافئ.
وفي التقدير فإن منطق التحدي الذي انزلق إليه الحزب ووقع في أسره هو ما حكم ردود فعل الأستاذ ابن كيران خلال بحثه عن الأغلبية، وأيضا بعد تعيين حكومة العثماني، ويرجح أن يحكم تصرفاته فيما يستقبل من الأيام.
ومن المعلوم أن منطق التحدي يعتمد على قوة الاكراه التي لا تدع فرصة لما هو وسط، فيما النضال والمقاومة يعتمدان على قوة الالتزام السياسي، الذي يتأسس على تدبير موازين القوة بالممكن في إطار الشرعية القانونية والانتخابية. ومن الزيف الذي انتشر مقاربات عاطفية ترى بمنظار ثنائي حدي: إما أن تمارس التحدي الذي يقرن بالكرامة، أو تمارس الانبطاح الذي يقرن بالرضى بالذل! وهذا ما جعل لأية تنازلات حساسية كبيرة يخرجها من منطق تدبير الممكن في إظار موزين القوة إلى منطق يستسهل الاتهام باليع والشراء و القبول بالذل والهوان.
فهل كان طريق التحدي هو الطريق الأوحد في تدبير المرحلة؟ وهل كان الحزب في وضع يسمح له به؟ وهل منطق التحدي سليم في تدبير ملف متعدد الأطراف؟ وهل كانت تعبئة الرأي العام الداخلي على أساسه موفقة؟
ومن أكبر الزيف الذي انتشر داخل الحزب وفي محيطه القريب هو الاطمئنان الزائف إلى أن الحزب، بحكم نتائجه الانتخابية، وخاصة التشريعية، باستطاعته فرض شروطه. وهذا في واقع حال المشهد السياسي اليوم من أكبر الأوهام.
(إلى حلقة مقبلة بحول الله)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.