"نقاش نووي" يجمع المغرب وأمريكا    أخنوش يمثل الملك في مؤتمر بالأردن    ميناء طنجة المتوسط يترقب رقما قياسيا جديدا بمعالجة 9 ملايين حاوية في 2024    غرفة التجارة بجهة طنجة تبحث عن تعزيز الشراكة مع نظيرتها الإيطالية    بورصة البيضاء تستهل تداولات الثلاثاء على وقع الارتفاع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    رئيس الحكومة يمثل الملك محمد السادس في المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة    العمراني يستعرض بواشنطن تجربة المغرب في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية    حماس تعلن قبولها قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار وبلينكن: هذه بادرة تبعث على الأمل    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    اجتماع يُنهي أزمة فريق المغرب التطواني    العصبة تعلن عن برنامج الجولة الأخيرة من بطولة القسم الثاني    إقصائيات كأس العالم.. عموتة يتطلع للانتصار على السعودية والانقضاض على صدارة المجموعة    نصف نهائي كأس العرش.. تغيير موعد مباراة الرجاء ووجدة    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب والكونغو    وليد الركراكي: هدفنا هو البقاء على رأس مجموعتنا والاقتراب من التأهل    أمطار رعدية بالريف والجهة الشرقية اليوم الثلاثاء    الداكي: النيابات العامة استقبلت خلال سنة 2023 ما مجموعه 35 ألف و355 طفلا    "سم الفئران" ينهي حياة مدير وكالة بنكية    كيوسك الثلاثاء | ثلث الشباب المغاربة يفكرون في الهجرة    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الحكومة التركية تدرس ضريبة جديدة    مهارة الاستماع للآخر    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    اسعار الاضاحي تفسد فرحة العيد وأسر تفكر في الاستغناء عن شعيرة الاضحية    مديرية الحموشي توضح بشأن فيديو "ابتزاز شرطي لمبحوث عنه"    استطلاع: ثقة المغاربة في مؤسستهم الأمنية تصل الى 80 في المائة    الحج ب "التهريب": "اضطررنا إلى التحايل لأداء الفريضة"    الركراكي يتقدم بطلب خاص للصحافة قبل مواجهة الكونغو    اليمين المتطرف يحقق مكاسب "غير متوقعة" في انتخابات البرلمان الأوروبي    من طنجة.. أطباء وخبراء يدقون ناقوس الخطر حول أوضاع مرضى السكري بالمغرب    سيدة أعمال تعلن ترشحها لانتخابات الرئاسة الجزائرية    ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي للأحداث    "الأسود" يختتمون التحضير للقاء الكونغو    جمهورية إفريقيا الوسطى تعرب عن تشبثها بالوحدة الترابية للمملكة المغربية وتعتبر    مجلس الأمن يتبنى قرارا أمريكيا بوقف إطلاق النار بغزة وحماس ترحب    المعارضة تشتكي "التضييق" عليها وتنتقد الاعتماد على برامج "ظرفية وهشة" للتشغيل    الأمثال العامية بتطوان... (621)    الحكومة تدرس حل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب    الحصيلة العددية لانتخابات البرلمان الأوروبي تضع القارة وسط "زلزال سياسي"    الأحمر يُغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    أطباء يستعرضون معطيات مقلقة حول مرضى السكري بطنجة    الناظور.. لقاء تشاوري حول مستقبل الأمازيغية بالمغرب    «شهادة أداء مناسك الحج» ثانية للحجاج المغاربة، وحواجز ومداهمات وعقوبات على المخالفين    مجلس الحكومة يدرس إعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن عن صرف معاشات المتقاعدين    العشرات يشاركون في كاستينغ المهرجان الوطني للمسرح والكوميديا ببنسليمان    يوسف القيدي مبادرة فردية شديدة التميز في مجال الفن التشكيلي    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة.. الفيلم الكونغولي «متى يحل عهد أفريقيا» لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    أعراض داء السكري ترفع خطر الإصابة بالكسور العظمية    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة " البريكولاج " للأمين العام لحزب العدالة والتنمية في المؤتمر الاستثنائي بالرباط

خلال كلمته في المؤتمر الاستثنائي بالرباط يوم السبت 28/05/2016 ، قال الامين العام لحزب العدالة والتنمية السيد عبد الاله بن كيران امام المؤتمرين : "هناك اشخاص بيننا يريدون " البريكولاج " و المناصب ويتبعون الهوى … وانا انصحهم بالخروج من الحزب "
فما هي بعض الاستنباطات و الرسائل ، التي ينبغي التقاطها من هذه الكلمة ذات القيمة الاستدلالية و التصحيحية القوية في أن واحد ؟ و التي يمكن اعتبارها نوعية بالنظر الى مصدرها و مناسبة القائها ، و الاطار الزمني المؤطر لها .
فالكلمة صدرت من الرجل الاول في الحزب ، وفي مؤتمرٍ جَمَع كلَّ ممثلي أعضاءه على امتداد التراب الوطني ، وعلى بُعدِ بضعة أشهر من الاستحقاقات الانتخابية وما تعرفه من تهافت البعض على المقاعد في البرلمان والوزارات. وهي في عمومها رسالة صريحة للقطع مع ممارسات استغلالية لبعض المنتسبين للحزب ، والذين يؤكد الامين العام وجودهم وأطماعهم المصلحية للوصول الى المناصب بأية طريقة .
ان الكلمة بطبيعة الحال ، ومن منطلق المناسبة والحيثيات ، مقصودة من الامانة العامة للحزب و مبنية بدقة ، وتحمل رسائل متعدد واضحة أو مشفرة و ضمنية ، الى كل من الداخل الحزبي و خارجه .
لن اقف في هذا المقال على الرسائل الموجهة لخارج الحزب من عموم المواطنين أو الاحزاب وباقي الهيئات ، انما سأحاول ابراز بعض النقط التي تخص الفئة الأولى ، اي الحزب بكل أعضائه وأجهزته و هياكله الموازية .
ان الجزء الاكبر من كلمة الامين العام ، رسالة موجهة بشكل مباشر وصارم الى فئة المصلحيين داخل التنظيم ، إما لتغيير سلوكاتهم وأطماعهم ، ومراجعتها على أساس القيم المؤسسة للحزب ، أو مغادرته والبحت عن وجهة أخرى . وأكيد أنهم التقطوا الرسالة وأصبحوا غير مرتاحين بعدها .
كما أن هناك جزءا أخرمهما من الرسالة متضمَّنٌ وان كان بشكل غير صريح ، لكونه مسألة مبدئية و محسومة ، وهي موجهة لكل أعضاء التنظيم للحرص على قيم ومبادئ الحزب ، ونقدِ كل ما يخالفها ، احياء لواجب النصح ، واقامة لشرط المعافاة المستدامة ، الا وهو التصحيح الداخلي لكل خلل او انحراف دون سكوت أو خوف او مراء.
إن هاتين الرسالتين المتضمنتين في كلمة الامين العام ، تعطيانها دلالة قوية واضحة لا يشوبها أي التباس أو تأويل . قوةً تقريريةً و تصحيحيةً في آن واحد ، لواقع بدأتْ تظهر تجلياته مند بدأت أيادي الحزب في تسيير مجموعة من الجماعات الترابية وتتولى المسؤوليات و ظهرت معها الامتيازات . وإن كانت هذه التمظهرات محدودة في بدايتها ، إلا أن خطورتها ضلت قائمة ، وتزداد حدة حينما لا يتم الحديث عنها في أروقة الحزب الداخلية على المستويات المحلية ، و يتم على العكس من ذلك طمس المؤشرات الدالة عليها . مع العلم أن المستوي المحلي في الحزب هو مركز العمل و الاحتكاك بالمواطنين ومصالحهم في مختلف المجالات وعلى مستوى الهيئات الموازية .
إن الجميع يدرك من خلال ابسط المسلمات المتعارف عليها في علم السوسيولوجيا ، أن أي كيان اجتماعي كيفما كانت مرجعيته الفكرية ، وأدبياته السياسية والأخلاقية ، يبقى تجمعا بشريا فيه النزهاء كما فيه المتسلقين ، فيه أصحاب المبادئ و الغيورين عليها كما فيه أصحاب المطامع والمصالح الشخصية والعائلية و" البروكولاج" . والتساؤل الذي يطرح الآن نفسه هو : لماذا يتم التستر على هذا النوع من الافراد والممارسات ؟! أنحتاج في كل مرة الى كلمة الزعيم أو القيادة لننتبه إلى مبادئنا التي اجتمعنا عليها أول يوم ؟!
أمَّا وقد تحدت الان الامين العام عن هذه المسألة بوضوح وواقعية وهدوء ، فالسؤال الموالي هو :هل لمثل هؤلاء بعد اليوم مكانٌ خاصة في بعض مستويات المسؤولية ؟ و ما دور القاعدة في كل هذا ؟ وهي التي تُعتبَر الشريان النابض لأي تنظيم ، و الفئة الضاغطة والضامنة لاستمرار العمل داخل الحزب وتدفق قيمة وعطائه ، والمحافِظة على مبادئه والتزاماته وتعهداته وسمعته ونهجه العام .
إنني اليوم أتحدث من خلال هذا المنبر الاعلامي ، بعيدا عن أي تعصب لحزب أو انتصار لهذا أو ذاك ، مستحضرا عُلُوَّ القِيم على الجميع و اقتباسَ الحق أينما كان ، وهو نهجي ومبدئي في الحياة ، لعل هذه الكلمة تصل إلى أكبر عدد من الإخوة المناضلين في حزب العدالة والتنمية أو في باقي المواقع الحزبية والتنظيمية ، سواء الذين أعرفهم ولامست فيهم نقاء فكرٍ و ويد ، و وُسْعَ ثقافة وصفاءَ روح ، أو الذين لا أعرفهم و أتقاسم معهم نفس الهم والأرَق .
لقد طفَت عفويتي اليوم ، وانسابت غيرتي على بعض قيمنا الكبرى ، من قيم الديمقراطية والنزاهة والعدالة والأخوة بمفهومها الأعم ، لأخْترق الحدود بين الاحزاب المختلفة دون انتظار تأشيرة منها ، وجناحيَّ المواطَنَةُ والأُخُوة ، تحت دافع هم ثقيل ووَجَعٍ قاس مشترك ، بين حُلم متفَق عليه بالإجماع و واقع مخالِف له بالجملة .
المشكل المطروح اليوم ، هو كيف سنعرف في كل الأحزاب هؤلاء المصلحيين الذين يبحتون بيننا و بِنا عن مصالحهم الشخصية تحت غطاءات شريفة ، في حين يُضْمِرون ممارسات مقيتة ؟ كيف سنُعرِّيهم ونحن لا زلنا نستحيي أو نخاف من قول كلمة الحق والمجاهرة بها في حق بعضنا البعض ؟!!
لقد فهمنا الاخوة فهما أعوجا ، أولاً لأن المبادئ هي التي على اساسها تُصنَع الأخوةَ وتَفرِض رقابتها عليها وليس العكس . وثانيا لاختزالنا مفهومها في انتماءات حزبية ضيقة ونسينا الوطن . و كما قال الدكتور سعد الدين العتماني أمس في نفس المؤتمر" الوطن أولا .. والحزب ثانيا " ، نعم للوطن أولا بالغَيْرة على شعبه و قِيمه و ثوابته ومصالحه و مستقبله ، ثم الحزبُ بعد ذلك (أيُّ حزبٍ كيفما كان ) . إلا أنني أرى أننا لا زلنا للأسف نعاني من اختلال في إدراك واحترام هذا الترتيب داخل أحزابنا. لست أقول الجميع و أعمِّم ، لكن الظاهرة بدأت تأخذ مساحات كبيرة بيننا ، حتى أصبح كل مخالف صادق غيور فاعل ، متألمٍ حرقةً على هذا الوطن و قيمه ، أو على مبادئ تنظيمه السياسي ونهجه ، لا يجد من يسمع له ، بل تكون أبواب الإقصاء والتجاهل هي الاقرب إليه . فتجده إما منشَقّاً ليُكوِّن تنظيما جديدا ، فتتناسل بذلك التنظيمات الحزبية و تتشقق في كل مرة . أو تراه يستسلم اضطراراً لحالة من الركود المبكِّرة و العزوفِ التام عن السياسة ، بسبب سوء تدبير الخلافات ، وعدم احترام روح الديمقراطية والنزاهة ، وانتشار المصلحية والاحتكار والاستبداد .
إن المبادئ هي التي نقيس بها الرجال وليس العكس ، فلا زال هناك بيننا من يجسد المبادئ في الاشخاص كيفما كانت تصرفاتهم التنظيمية ، وهو نوع من اتباع الهوى و المصالح . حتى أصبحنا في بعض الأحيان لا نُمثِل الا أنفسنا !! بعيدا عن القواعد تواصلا واحتضانا و تأطيرا و تكوينا لقيادات واعدة ..
إن الأمر يحتاج منا أكثر من مراجعة لسلوكاتنا التنظيمية ، فنحن من يعطي الفرصة للمصلحيين والانتهازيين للوصول .
إننا نحتاج إلى رص للصفوف بالنزهاء من إخوة لنا غادروا و يغادرون قَصْرا و اضطرارا ساحة النضال ، قلوبُهم محبة للعطاء و شوق للتضحية ، متعالين عن المصالح الشخصية . لكن ليس هناك من يستوعبهم بصدر رحب و فكرٍ قابل للتنوع و التدافع و الاختلاف . هذا الاختلاف النعمةُ الذي جعل الله فيه الخير الكثير ، كمصدر للاستمرار ومُرتكز للتجديد . فكم فقدنا من هؤلاء الاخوة المناضلين الشرفاء وفقدتهم الحركة السياسية والنقابية المغربية عموما خلال السنوات الاخيرة ! وهم عزيزون علينا و عزيز عليهم وطنهم و نهجهم و مبادؤهم ، بل منهم من أعطى كثيرا لسنوات طوال ، حتى وجد نفسه فجأة غير مرغوب فيه !
كل هذا و نحن نغض الطرف و نستحيي من ذكر الداء ، علَّنَا نواري بصمتنا عيبنا ..هيهات هيهات !!! لقد اصبحنا في حالة مُرعبةٍ و مُخجلة ، حيت الخوفُ من النصح والتصويبِ وابداءِ الراي هو سيدُ الموقف .. و من تجرَّأ ونطق ليصلح ما استطاع ، انتُهكت امانته و كفاءته ، وطُعن في قصده وأُهمِل رأيُه واسْتُهجِنت حركيته أو أُقصي بدكاء . فأين نحن مما ندعوا إليه و نعمل من أجله ؟!
لقد انتشرت المصلحية و طُمست حقائق وزُورت اخرى ، و سَقط العدل أحيانا في مواقف مُثيرة .. فكيف يَرفع العدلَ في حياتنا من لم يُقِمه في نفسه ؟! إن العدل حالة نفسية وسلوكية شخصية قبل أن تكون قوانين وحالة اجتماعية شاملة .
هذا جزء مما خبأه قلبي من وجعٍ و حَمَله من حنين لسنوات .. أثارته كلمة الأمين العام لحزب العدالة و التنمية ، وأنا أتابع بعض مجرياته من بيتي ، وأقارنها بما نعيشه في واقع حالنا ، و أتأمَّل البوْن الشاسع خاصة في جهتنا ، وأتساءل : أي نزاهة نتحدث عنها ؟ أي ديمقراطية و أي نقابة وأي سياسة وأي إصلاح نأمل في غياب الصدع بكلمة الحق؟! والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ) الدين النصيحة. قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله و لائمة المسلمين و عامتهم ) فلنبدأ بدواتنا ، وننطلق من قواعدنا .. والله الموفق .
ذ عبد العزيز والمكصور
استاذ التعليم الثانوي التأهيلي كلميم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.