سجل تقرير لمؤسسة وسيط المملكة أن المتقاعدين الذين تقل معاشاتهم عن الحد الأدنى المقرر للاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض، محرومون من التغطية الصحية بشكل يتعارض مع المبادئ الدستورية ومع التوجه الوطني الرامي إلى تعميم الحماية الاجتماعية. وقالت المؤسسة في تقريرها إنه ومن خلال معالجة عدد من الشكايات ذات الصلة، تأكد وجود حرمان فعلي لهذه الفئة من التغطية الصحية، سواء في صفوف منخرطي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو منخرطي الصندوق المغربي للتقاعد، وقد أظهرت التحريات أن هذا الوضع يجد أساسه في مقتضيات تنظيمية تقر حدودا دنيا للاشتراك أو للمعاش، وهو ما يحول دون استفادة المعنيين من حقهم في التأمين الإجباري عن المرض.
وأضاف التقرير أن هذه الاعتبارات تكشف عن تعارض قائم بين الوضع الراهن لهذه الفئة ومبادئ المساواة والإنصاف التي تضمنتها الوثيقة الدستورية، فضلا عن كونه يمس بمرتكزات ورش تعميم الحماية الاجتماعية، كما نص عليها القانون الإطار رقم .09.21 وهو ما من شأنه أن يهدد بانحراف هذا الورش عن غاياته الشمولية، ويبقي فئات هشة خارج دائرته. وفي هذا الصدد، تقدمت مؤسسة الوسيط بمقترح للحكومة من أجل تعزيز الحق في الصحة وتكريس مبدأ الإنصاف في الاستفادة من أنظمة التغطية الصحية، عبر ضمان ولوج كافة المتقاعدين إلى التأمين الإجباري عن المرض، بغض النظر عن مستوى معاشاتهم. كما يسعى المقترح إلى الإسهام في تحقيق الانسجام التشريعي بين مختلف القوانين ذات الصلة، ودعم استدامة وعدالة نظام الحماية الاجتماعية في شموليته. وقد أوصت المؤسسة باتخاذ حزمة من التدابير الكفيلة بتجاوز هذا الإقصاء، وفي مقدمتها مراجعة النصوص القانونية والتنظيمية ذات الصلة بالتأمين الإجباري عن المرض، بما يتيح استفادة المتقاعدين ذوي المعاشات الضعيفة من هذا النظام، وإدماج الفئة المعنية ضمن النظام الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، مع مراعاة وضعها كفئة متقاعدة، وضمان انسجام المنظومة التشريعية في مجال الحماية الاجتماعية، بما يكفل تكافؤ الفرص في الاستفادة من التغطية الصحية؛ إلى جانب إرساء مبدأ المساواة والعدالة في ولوج خدمات الحماية الاجتماعية، بما يتماشى مع الالتزامات الدستورية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. ونبهت المؤسسة الدستورية إلى أن الحكومة وإلى غاية نشر تقريرها السنوي قبل أيام، لم تتفاعل مع تقريرها الخاص إزاء الحرمان الذي تعيشه هذه الفئة من المتقاعدين. وقد سلطت المؤسسة الضوء أيضا على جملة من الصعوبات التي يعانيها المتقاعدون في المغرب، والتي يأتي على رأسها ضعف مبالغ المعاشات بشكل يسهم في تكريس أوضاعهم الهش، خاصة الذين يتقاضون معاشات متدنية، والتي يتم اقتطاع مبلغ التغطية الصحية منها، مما يقلص من أثرها الفعلي في ضمان الأمن الاجتماعي والكرامة المعيشية.