يعرف قطاع نقل المسافرين مؤخرا احتقانا كبيرا أدى بأرباب النقل إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة النقل يوم 28 أكتوبر، وتوجيه رسالة للوزير الوصي. عن أسباب هذا التوتر يتحدث عبدالرزاق الذهبي، الكاتب العام لاتحاد أرباب النقل الطرقي للأشخاص، ل”أخبار اليوم”، داعيا وزير النقل عبدالقادر اعمارة إلى فتح حوار جدي للتوصل إلى شراكة لحل مشاكل القطاع. نظمت أربع هيئات تمثل أرباب النقل وقفة احتجاجية أمام وزارة النقل يوم الاثنين 28 أكتوبر، وبعدها وجهتم رسالة لوزير النقل والتجهيز، ما سبب هذا التصعيد؟ كمهنيين وممثلين للمهنيين هدفنا هو إيجاد حلول لمشاكل القطاع التي تعود لسنة 2011. لقد نفذنا إضرابا 24 شتنبر 2014 عندما تبين أن باب الإدارة مغلق أمام الحوار، لأن الإدارة اتخذت موقفا سيئا حينها بعدم تجديد رخص النقل أو ما يسمى التجديد السباعي، أي كل سبع سنوات. وقد اعتبرنا أن هذه سياسة هدفها إخضاعنا للأمر الواقع، حتى تتمكن الإدارة من تمرير ما تراه من عقد برنامج، أي لجأت إلى الضغط علينا بتوقيف تجديد الرخص. وبالتالي، فكل صاحب حافلة انتهت رخصته يتم الامتناع عن تجديدها، ولهذا توقف عدد من أرباب النقل عن العمل، ما أدى إلى إضراب وطني شامل، اضطرت معه الإدارة بعد تدخل وزارة الداخلية مشكورة، لحل المشكل، من خلال الوالي السابق للدار البيضاء السيد محمد سفير، الذي استقبل المهنيين، وتم حل المشكل يوم الأحد، حيث تم استدعاء الموظفين لتوقيع الرخص في يوم عطلة. ونحن نأسف لما وقع، فَلَو تم فتح باب الحوار لما وصلنا لما وصلنا إليه، ونحن نحمل المسؤولية، أساسا، للوزير السابق نجيب بوليف. هل لازالت مشاكل أخرى مطروحة اليوم؟ اليوم لازالت عدة ملفات أخرى مطروحة، كان يمكن معالجتها بطريقة بسيطة، ولكن الإدارة تستعملها للضغط على المهنيين للتوقيع على العقد البرنامج. لقد طرحت علينا الوزارة العقد البرنامج الثاني في 2018، بعد العقد الذي طرح في 2013، وقد جاء إضراب ثان في 2018، أدى إلى شل حركة النقل واضطرت معه وزارة الداخلية للتدخل من جديد، وإجبار الوزارة للجلوس على الطاولة وفتح حوار مع الكاتب العام لوزارة التجهيز والنقل، بحيث انتقل الملف من كاتب الدولة، نجيب بوليف، إلى الوزارة الوصية. وفعلا، بدأ الحوار ووضعنا حوالي 20 من المطلب تتعلق بالسائقين والمهنيين، ووقعنا على محضر مع الكاتب لعام للوزارة واستمررنا ثمانية أشهر في نقاش هذه المطالَب دون الوصول إلى نتيجة، ولم ينفذ أي مطلب من مطالبنا، فأعلنا فشل الحوار، ولم نعلن توقيفه. لكن الإدارة قامت برد فعل، وهو استدعاء بعض الهيئات المهنية التي أصلا لم يعد لها وجود لأنها لم تجدد مكاتبها، ونحن هنا لا نطعن في هؤلاء المهنيين ولو أنهم لا يمثلون سوى قلة من المهنيين، لكن الإدارة اعتبرتهم ممثلي المهنيين وفتحت معهم الحوار. من تقصد بالضبط؟ هؤلاء يمثلون الشركات الكبرى للنقل في المغرب، والذين لا يشكلون سوى 2 في المائة في القطاع، مثل شركة CTM. وSATAS، وSUPRATOUR، STCR، و”الغزالة”، أي خمس شركات كبرى تشكل 2 في المائة من قطاع نقل المسافرين، في حين أن 15 في المائة تشكلها الشركات المتوسطة، و83 في المائة تشكلها المقاولات الصغيرة. الشركات الكبرى هي التي لها فوق 40 و50 حافلة، والمتوسطة يصل أسطولها إلى أقل من 30 حافلة، والصغرى ما بين حافلة وخمس حافلات. وما المشكل في أن تحاور الوزارة هؤلاء المهنيين؟ الوزارة اعتبرت أنها تحاور جميع المهنيين، في حين أنها تحاور مديري الشركات الكبرى فقط، وهؤلاء لا يمثلون سوى نسبة قليلة، ويريدون فرض إصلاح القطاع من خلال هؤلاء، وهذا غير ممكن. ما هي مطالبكم بالتحديد؟ نحن نطالب الوزارة فقط، بحل المشاكل العالقة، لأن العاملين في القطاع يعانون، ومنهم من وضعوا بيوتهم رهنا من أجل الاستثمار في القطاع. ثم لا يجب أن ننسى أن قطاع النقل يعد من القطاعات المهمة التي يجب أن تدعمها الدولة، مثل التعليم والصحة. فكيف أن أرباب النقل يستثمرون ولا يحصلون على تحفيزات، نحن نتعرض للتضييق بدل أن يتم تشجيعنا. لماذا تشتكون من الرخص الاستثنائية في قطاع النقل؟ لأن هذه الرخص يستفيد منها فقط، بعض هذه الشركات الكبرى، وعندما سئل عنها كاتب الدولة السابق في البرلمان تحدث عن الرخص الاستثنائية التي تكون في المناسبات، وهذه لا تثير لدينا مشاكل لأنها تتعلق برخص تمتد ليوم أو يومين أو حتى عشرة أيام، ولا مشكلة لنا معها، بل لنا مشاكل مع رخص سلمت في عهد الوزير السابق بوليف ولم يسبق أن سلمت في عهد أي وزير آخر، لفائدة شركات معينة وهي رخص تمتد لسنة أو سنتين. هذه الرخص الأخيرة في الأصل كان الهدف منها هو ربط الأقاليم الصحراوية بباقي جهات الوطن، وقد قلنا مادام النقل منتظم من مدن الشمال إلى حدود مدينة طانطان، فإنه يمكن منح رخص من طانطان جنوبا، وليس من مدن شمال طانطان. لذلك لا نقبل منح رخصة استثنائية تربط وجدة بالعيون أو الدارالبيضاء بالعيون أو الجديدة بالعيون. هذا غير معقول لأن هناك رخصا تُمارس النقل في هذه الخطوط. هل تقصد أن هناك مشكل المنافسة؟ نعم، هذه الرخص الاستثنائية ضيقت على الرخص الأصلية، مثلا إذا كانت هناك رخصة تربط الدارالبيضاءبطانطان يكلف شراؤها مبلغا يصل إلى مليار سنتيم، مع اقتناء حافلتين ب600 مليون سنتيم لتأمين النقل في هذا الخط، فكيف تسلم الوزارة ترخيصا استثنائيا لشركة في الخط نفسه، لشركات معينة. أليس هذا ريعا؟ هذه منافسة غير شريفة. هل يمكن أن تقدم مثالا على هذا المشكل؟ مثلا شركة “سوبراتور” أصبحت منافسا قويا لشركات النقل بسبب حصولها على الرخص الاستثنائية، فهذه الشركة التابعة للمكتب الوطني للسكك الحديدية لها رخص تكميلية للربط بين خطوط السكك وبقية المدن التي يصلها القطار، مثل الربط بين مراكش وأكادير.. فهذا منطقي. لكن بأي منطق تمنح الوزارة للشركة خطا يربط بين فاس وبني ملال؟ وقد سمعنا مؤخرا أنه أعطيت لسوبراتور والساتيام، رخصا للسفر في كل الاتجاهات، وهذا أمر خطير، وقد منحت الرخص الاستثنائية لهم لمدة سنة وسنتين، وهذا غير مقبول، ونحن لنا رخص لمدة سبع سنوات وخاضعة للتجديد. فما الفرق بين رخصنا ورخصهم؟ والأخطر أن هذه الرخص تعطى بالمواقيت، أي تحدد فيها ساعة الخروج من المحطة، رغم أن هناك رخصا أخرى تعمل في الساعة نفسها والخط نفسه. ما هي الملفات العالقة الأخرى؟ هناك عدة ملفات تتعلق بتجديد الرخص وتفويتها ورخص العمل وقضايا تتعلق بتنفيذ الأحكام النهائية، ومشكل الخطوط القصيرة. حاليا، فإن 25 في المائة من الرخص متوقفة بسبب عدم مردوديتها، لأن مداها لا يتعدى 200 كلم، وتعاني من منافسة الحافلات الحضرية، والطاكسيات الكبيرة التي باتت تتجاوز المسافة القانونية المحددة في 50 كلم. فلماذا لا يتم إنقاذ الرخص القصيرة التي تعاني ويتم تجميعها ومنحها رخصا طويلة، حينها سيتم تشجيع أصحابها على الاستثمار. مثلا “سوبراتور” لها رخصة نقل من مراكش إلى الصويرة جندت لها عشر حفلات، علما أن هذا الخط يعمل فيه عشر حافلات أصلا، فكانت النتيجة أن أصحاب هذه الحافلات توقفوا عن العمل لأنهم لا يستطيعون المنافسة. أيضا، فإن الرخص الموسمية لم تعد تعطى للناقل، بل لشركات نقل المستخدمين، والنقل المدرسي والسياحي. لهذا تفاقمت المشاكل. بعد وقفة للمهنيين أمام وزارة النقل، وجهتم رسالة لوزير النقل، ماذا تطلبون فيها؟ في 28 أكتوبر نظمنا وقفة أمام الوزارة، والجديد فيها هو انضمام هيئتين نقابيين لنا تابعتين للاتحاد العام للشغالين والاتحاد الوطني للشغل، تمثل الخطوط القصيرة. نحن نطلب فتح حوار من جديد، لكن لا يجب أن يكون حوار الطرشان. نريد حلا للمشاكل. نريد أن نعرف هل نواصل الاستثمار في القطاع أم نتوقف؟ إذا لم يرغبوا في أن نواصل العمل في القطاع، فليعطونا تعويضات وسنغادر القطاع. لكن الحكومة تدعم القطاع واقترحت منحة تجديد الحافلات ومنحة التكسير؟ نعم، اقترحت الحكومة تعويضات في إطار تجديد أسطول الحافلات ب50 مليون، لكن شريطة اقتناء حافلة جديدة، تصل قيمتها إلى أكثر من 200 مليون. هذا التعويض غير كاف حتى لأداء الضريبة على القيمة المُضافة. فليعفونا فقط، من الضريبة عن القيمة المُضافة. سابقا، اقترحت الوزارة تعويض أصحاب الرخص، لكن تم رفضه، وهو مقترح غير مقبول، فكيف يتم تعويض أصحاب رخص ريعية. بل إن الوزارة شجعت مستثمرين على شراء بعض الرخص، وعندما تم الشراء وقعت مشاكل ولم تتحمل الوزارة مسؤوليتها في حلها. نحن نناشد الوزير الوصي أن يجد حلا لمشاكل القطاع، بفتح حوار حقيقي، واحترام تمثلية القطاع، فنحن لا نعارض الإصلاح لكن نريد أن يتم ذلك في إطار تشاركي، عبر خلق لجنة تقنية تضع برنامج شراكة للنهوض بالقطاع في إطار توافقي.