أكدت محكمة العدل الدولية، الأربعاء، أن الاحتلال الإسرائيلي ملزم بموجب القانون الدولي تسهيل إيصال المساعدات إلى غزة، وتوفير « الحاجات الأساسية » لسكان القطاع المحاصر والمدمر بعد عامين من الحرب. وبينما دعا الفلسطينيون العالم إلى ضمان امتثال إسرائيل للقرار، رفضت الدولة العبرية الرأي الاستشاري الصادر عن أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، معتبرة أنه « محاولة لفرض إجراءات سياسية » عليها. وأصدرت محكمة العدل الدولية هذا الرأي البالغ الأهمية فيما تسعى المنظمات الإنسانية إلى تكثيف دخول المساعدات الحيوية لأكثر من مليوني شخص في غزة، منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر. ومع أن الرأي الاستشاري ليس ملزما قانونيا، تعتبر المحكمة أن له « أهمية قانونية وسلطة أخلاقية كبيرتين ». وقال رئيس المحكمة يوجي إيواساوا إن « المحكمة ترى أن إسرائيل ملزمة قبول وتسهيل برامج المساعدات التي تقدمها الأممالمتحدة وكياناتها ». ومن بين المنظمات وكالة غوث وتشغل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي حظرت إسرائيل عملها على أراضيها بعد اتهام بعض موظفيها بالمشاركة في الهجوم الذي شنته حماس واعتبرت محكمة العدل الدولية أن إسرائيل لم تثبت صحة اتهاماتها. ورفضت إسرائيل التي لم تشارك في جلسات الاستماع، رأي المحكمة. وكتب الناطق باسم وزارة خارجيتها أورين مارمورشتاين عبر إكس « ترفض إسرائيل قطعيا الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية والذي كان متوقعا تماما منذ البداية بشأن الأونروا »، مضيفا أن « هذه محاولة سياسية أخرى لفرض إجراءات سياسية ضد إسرائيل تحت ستار القانون الدولي ». أما المندوب الفلسطيني لدى المحكمة عمار حجازي فقال للصحافيين في لاهاي « حان الوقت ليواجه المجتمع الدولي هذا التحدي، لأننا نعلم… أن إسرائيل لن تلتزم ولن تتحمل هذه المسؤوليات التي حددتها المحكمة ». وأضاف « من هنا، تقع المسؤولية على عاتق… المجتمع الدولي للتمسك بهذه القيم وإلزام إسرائيل بالامتثال لهذه القوانين ». وتعقيبا على قرار المحكمة، أعلنت النرويج التي تقف وراء مشروع القرار الأممي الذي طلب من المحكمة تقديم الرأي الاستشاري، أنها ستقدم مشروع قرار جديد للأمم المتحدة لإلزام الدولة العبرية برفع القيود عن المساعدات. وقال وزير الخارجية النرويجي اسبن بارت ايد إن بلاده « تعتزم الآن متابعة هذا القرار بقرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ». وعشية قرار المحكمة، قالت الناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي عبير عطيفة إنه منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، دخلت 530 شاحنة تابعة للبرنامج إلى غزة، محملة بأكثر من 6700 طن من المواد الغذائية، وهو ما اعتبرته « يكفي لإطعام نحو نصف مليون شخص لمدة أسبوعين ». وأضافت أن حوالى 750 طنا من المساعدات تدخل حاليا إلى غزة بشكل يومي. وفي حين أن هذا الرقم أكبر مما كان عليه قبل الهدنة، يبقى أقل بكثير من هدف البرنامج البالغ حوالى ألفي طن يوميا لتلبية حاجات السكان الذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة. ورأت محكمة العدل أن « إسرائيل ملزمة لكونها قوة احتلال، ضمان الحاجات الأساسية للسكان، بما في ذلك الامدادات الأساسية لبقائهم على قيد الحياة ». وذكرت « بواجب إسرائيل عدم استخدام تجويع السكان المدنيين كوسيلة حرب ». وطلبت الأممالمتحدة من محكمة العدل الدولية توضيح التزامات إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، تجاه المنظمة الدولية وغيرها من الهيئات « بما في ذلك ضمان وتسهيل توفير الإمدادات العاجلة والضرورية » من دون عوائق لبقاء الفلسطينيين على قيد الحياة. وأعرب مسؤول أمريكي خلال جلسات عقدتها المحكمة عن « مخاوف جدية » في شأن نزاهة الأونروا، واتهم حماس باستخدام منشآتها. وقال المسؤول الأمريكي جوش سيمونز إن إسرائيل « ليست ملزمة السماح للأونروا تحديدا توفير مساعدات إنسانية »، مضيفا أن الأونروا ليست الخيار الوحيد لإيصال المساعدات إلى غزة. إلا أن محكمة العدل الدولية أكدت أنه « من غير الممكن الاستعاضة عن الأونروا على المدى القصير ». والقضية التي أصدرت المحكمة قرارها بشأنها منفصلة عن أخرى تواجهها إسرائيل مرتبطة بشأن الحرب في غزة. كما يدرس قضاة المحكمة اتهامات جنوب إفريقيا لإسرائيل بانتهاك اتفاقية الأممالمتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها من خلال عملياتها العسكرية في قطاع غزة.