محكمة الاستئناف بالحسيمة تُعدل أحكام قضية هتك عرض قاصر        الخنوس في التشكيلة المثالية للجولة الرابعة من البوندسليغا    الجمعية العامة للأمم المتحدة.. انطلاق المناقشة العامة رفيعة المستوى بمشاركة المغرب    حموشي يمنح ترقية استثنائية للشرطي الذي توفي متأثرا بجروح أصيب بها إثر حادث سير بالقنيطرة            بنك المغرب يُبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 2.25%    المغرب يتفوق على إسبانيا ويصبح ثاني أكبر مورد للطماطم إلى الاتحاد الأوروبي    ماكرون يُجبَر على السير نصف ساعة بعد منعه من المرور بسبب موكب ترامب    وفاة المصور الصحفي مصطفى حبيس بالرباط    إنريكي أفضل مدرب ودوناروما أفضل حارس مرمى    بونو فخور بترتيبه بين أفضل الحراس    بمقر الأمم المتحدة.. 6 دول جديدة تعلن اعترافها بدولة فلسطين    تدشين مصنع لصناعة المركبات المدرعة القتالية WhAP 8×8 ببرشيد    حتى "الجن"، حاول الهرب من الجزائر    توقيع برنامج عمل لتكوين السجناء في الحرف التقليدية واتفاقية إطار لتنزيل قانون العقوبات البديلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    بوريطة يجدد بنيويورك في لقاء مع دي ميستورا تأكيد ثوابت المغرب بشأن قضية الصحراء    دعم مغربي رفيع المستوى يعزز مكانة مهرجان "مينا" السينمائي بهولندا    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    صيادلة المغرب يعودون من جديد إلى التصعيد ضد وزارة الصحة..    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    اضراب وطني يشل الجماعات الترابية باقليم الحسيمة    الجزائر بين الاعتقالات والهروب: صراع الأجهزة الأمنية يبلغ ذروته    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    نيويورك: الباراغواي تعترف بسيادة المغرب على صحرائه وتعتزم فتح قنصلية في الأقاليم الجنوبية    حقوقيون يستنكرون التضييق المتزايد على الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي بالمغرب    الذهب عند ذروة جديدة وسط رهانات على مواصلة خفض الفائدة الأمريكية    والد لامين جمال: حرمان ابني من الكرة الذهبية "أكبر ضرر معنوي يمكن أن يلحق بإنسان"    أيت منا يرد على احتجاج الرجاء بخصوص مشاركة الوردي في ديربي الأمل    وكالة الأدوية الأوروبية ترد على ترامب: لا صلة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد        مورو: تحديات الشيخوخة والديمغرافيا والإدماج الاجتماعي "مسؤولية جماعية"    فوز الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي في دورتها 13    بوريطة يبرز من نيويورك مكانة المغرب ودور إمارة المؤمنين في صون الإرث النبوي.. في الذكرى ال1500 لميلاد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية    أكنوش: بنكيران يوظف الإشاعة لضرب حكومة أخنوش    رئيس مجلس جهة الشرق ورئيس جامعة محمد الأول يتفقدان أشغال إنجاز دار إفريقيا وتوسيع المركب الرياضي بجامعة محمد الأول بوجدة            غزة.. دول غربية تعرض المساعدة في علاج المرضى        توقيف فرنسي من أصول تركية بمطار محمد الخامس مطلوب دولياً في قضايا نصب وتبييض أموال    هدف حاسم لنايف أكرد ضد باريس سان جيرمان يلحق أول هزيمة للباريسيين هذا الموسم    عثمان ديمبلي بعد الفوز بالكرة الذهبية.. يشكر 4 أندية ويدخل في نوبة بكاء            الدكتور أومالك المهدي مديرًا جديدًا للمستشفى المحلي بأزمور... كفاءة طبية وإدارية لتعزيز العرض الصحي    حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    معرض "كريماي 2025" .. المغرب يفوز بكأس إفريقيا والشرق الأوسط للطاهيات    مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكم الخطابي الشرعية التي تحولت إلى مزابل ومراحيض عمومية!
نشر في اليوم 24 يوم 15 - 11 - 2013

بلغة التاريخ عمرها ليس متقدما، إلا أن معظمها تعرض للضياع، ضياع واضح للعيان بل لم يعد بها ما يوحي إلى مزاولة مهنة كان المقاوم والقاضي "محمد بن عبد الكريم الخطابي" يزاولها في مليلية المحتلة، قبل أن يرفع البندقية في وجه المحتل الاسباني.
إنها عشرات المحاكم الشرعية التي تنتشر بالريف من غربه إلى شرقه ومن شماله إلى جنوبه.والمعلوم حسب المتواتر بين الناس وما تؤكده بعض المصادر التاريخية المكتوبة، فأن هذه المؤسسات التي أسسها مولاي محند في إطار سياسة تأسيس المحاكم الريفية لأجل تحكيم ما كان يسمى ب "الشرع"، أي القانون وبالتالي القضاء على قانون الثأر والانتقام الذي كان سائدا بين تناحر القبائل الريفية، ومن ثم إحلال الوئام بعدما أصبحت المحاكم تقوم بدورها في القضاء ولم يعد الفرد هو الذي يأخذ حقه بيده عن طريق الثائر والانتقام.
في مهب الريح
منذ شهرين من الآن تعرضت المحكمة الشرعية ببلدة "بودينار" (إقليم الدريوش)، لتخريب وصفه المتابعون ب"الفظيع"، لقد أدى الجشع حول استغلال الأرض إلى هدم أسوارها وانجاز حفر عملاقة ببهوها، فانقطع الاتصال التاريخي بالبلدة أمام انهيار أخر معلمة كان العارفون بها يتذكرون بواسطتها أمجاد عشرينيات القرن الماضي، عندما كان الرصاص يلعلع في ساحة القتال، فيما المحاكم الشرعية تدبر شؤون المواطنين، "عندما علمنا بالحادث توجهنا أولا إلى الموقع، لكن بعد فوات الأوان" يقول إدريس وهو أحد أبناء المنطقة الذي سبق أن طالب رفقة آخرين من المجلس الجماعي الحفاظ على تلك المعلمة في وجه العابثين، من جانبها جمعية "أدهار اوبران" بتمسمان كشفت أن "أشخاص محسوبين على دوار أخشاب أومغار مكان تواجد المحكمة، هم الذين تسببوا في العمل التخريبي".
"المحكمة التي كان على رأسها الباشا (حمادي بن الحاج سعيد)، تحت نظره القياد القائمون بخط الدفاع في مرسى سيدي ادريس ب"تمسمان"، وبمدشر "امعلاطن" في بني سعيد، وبزاوية بني وليشك مع القائد المكلف بالدفاع قرب تيزي عزا وبالمحل المعروف ب (فرني) وبعزيب ميضار في ايث توزين، يرجع أمورهم لباشا المذكور ومن يخلفه بعده بانتخابات" يقول أشرف بلعلي رئيس نادي اليونسكو لحماية التراث بالريف، قبل أن يضيف في تصريح ل"اليوم24"، أن "جميع المحاكم الواقعة بالمنطقة تعاني وضعا كارثيا لا يليق البتة بمجاهد مثل محمد بن عبد الكريم الخطابي".
على مشارف تارجيست بالجهة الغربية من الريف تقع محكمة أخرى من هذه المحاكم، عندما وصلت إليها "اليوم24"، رفقة رفيق وسكرتير محمد بن عبد الكريم الخطابي بالقاهرة أحمد المرابط بمناسبة الاحتفال بخمسينية رحيله، لم يبقى منها سوى بعض الأحجار التي استعملت في تشييدها، متناثرة هنا وهناك، قبل أن يباغت شريف أدراك رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف رفيق عبد الكريم بالقول "هذا ما تبقى من محكمة رفيقك"، وهو يشر بيده إلى بعض الأحجار وانتشار الأزبال في محيط المكان.
محكمة النقض
هي محكمة تقع على بعد 10 كلم غرب الحسيمة، بالمحاذاة من المدينة التاريخية المسماة "المزمّة"، في هذه المحكمة التي لم يتبقى منها هي الأخرى إلا بعض الأسوار كان يمارس محمد بن عبد الكريم الخطابي القضاء، أو إليه تستأنف الأحكام الصادرة عن باقي المحاكم، كانت على حد تعبير بلعلي "محكمة النقض"، وهي بهذه الصفة وبالنظر إلى المشرف عليها كانت أحكامها تنفذ في الحين، وضعها الحالي لا يختلف كثرا عن أي محكمة أخرى، حولها بعض المارة والمتسكعين إلى مرحان عمومي، أثارت وما يزال يثير الكثير من التسؤولات حول السبب في بقاء هذه المعلمة مهملة وممنوعة في نفس الوقت على أبناء المنطقة من العاملين في حقل التراث لترميمها.
قبل فوات الأوان!
"المحاكم الخطابية" في الحقيقة لا تنفرد وحدها بهذا الوضع، فالسجن الإسباني بدوار "إغشامن"، والموقع "تشا" الفنيقي الذي يعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، ضمن (المينوغرافية التي تم إنجازها سنة 2004)، ومقر المقيم الاسباني بتارجيست التي ألقى منها الراحل محمد الخامس خطابه بعد الاستقلال، الى ساكنة حاضرة صنهاجة وباقي القبائل، تعرف تهميشا كبيرا، إلى درجة أن بناية تارجيست سُخّر لها مجموعة من المنحرفين لطمسها ليلا للاستفادة من البقعة الأرضية التي تقع عليها.
في هذا السياق يؤكد بلعلي على أن "الاهتمام بالمواقع الأثرية والمعمارية والتاريخية ببلاد الريف بصفة عامة، ليس المقصود به التغني بالماضي، أو ترويجها كمنشات سياحية بدون أدنى مضمون حضاري وثقافي، بل هو مرتبط أساسا بقضايا حفظ الذاكرة الجماعية وصونها من الزوال والموت".
ووفق نفس المتحدث فمن خلال "المتابعة والتفاعل مع المشهد الثقافي والتراثي ببلاد الريف، الملاحظ أن ثمة واقع وقاسم مشترك وحيد لمجمل هذه المواقع الأثرية والمعمارية والتاريخية، ألا وهو الإهمال والتهميش والتلاشي"، تهميش يطال بالأساس وفق نفس المصدر "المواقع والممتلكات الثقافية التي أحدثها الخطابي والمرتبطة بحرب الريف 1921-1926" في إشارة إلى المحاكم الشرعية، هذه المحاكم التي يرى بأن "جل الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال عملت جاهدة على طمس معالمها الحضارية و الثقافية، وتحاول ربطنا بالمقابل بمشروع ثقافي مشرقي، نحترمه رغم اختلافنا معه، و لن نقبله أبدا كعنصر محدد لبناء هويتنا و شخصيتنا الريفية الغنية بتنوعها وروافدها الأفريقية و المتوسطية".
ونظراً لكون الاتفاقيات والتوصيات والقرارات الدولية القائمة والمتعلقة بالممتلكات الثقافية والطبيعية تبين الأهمية التي يمثلها لكافة شعوب العالم قمن الواجب وفق نفس المتحدث "إنقاذ هذه المواقع الفريدة والتي لا تعوض، و تمثل أهمية استثنائية توجب حمايتها باعتبارها عنصرا من التراث العالمي للبشرية جمعاء"، لأن ضياع هذه المواقع لم يكن وفق بلعلي ب"الأسباب التقليدية للاندثار فحسب، وإنما أيضا بالأحوال الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة التي تزيد من خطورة الموقف بما تحمله من عوامل الإتلاف والتدمير الأشد خطرا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.