لم يسبق للشاب عثمان زولاتي أن تجاوز حدود المغرب عندما قرر في أحد الأيام وهو ابن العشرين عاما خوض مغامرة استثنائية استمرت أربع سنوات و قادته لقطع أزيد من 30 ألف كيلومترا عبر 24 بلدا في القارة الافريقية. وبأقل من ألف درهم في جيبه، غادر عثمان المغرب وبحوزته حقيبة ظهر وكاميرا صغيرة مستعارة وانطلق في رحلة عجيبة صوب أعماق القارة، مستعينا ب "الأوطوستوب" تارة، وبالأقدام أو الدراجة تارة أخرى. بعد سبع سنوات على انطلاق هذه المغامرة، يعود عثمان ابن مدينة الجديدة وفي جعبته فيلم وثائقي نتاج ثلاث سنوات من العمل بعنوان "أفريقيا وأنا"، والذي يحكي فيه طيلة ساعة ونصف أبرز القصص التي عاشها خلال هذه الرحلة. وبدأ عرض الفيلم الوثائقي يوم 5 غشت على منصة Showmax وهو من إنتاج شركة Both Worlds. موقع القناة الثانية تواصل مع الشاب المغربي عثمان زولاتي ويقدم إليكم الحوار التالي:
ماهي القصة التي تريد أن تحكيها للعالم عبر وثائقي "إفريقيا وأنا"؟ ركزت في الوثائقي على نقطتين أساسيتين أردت إيصالهما للمشاهد، الأولى تتمثل في رغبتي في إعطاء صورة مغايرة للقارة الافريقية، لأنني اكتشفت زيف الاعتقادات التي تكونت لدينا حول هذه القارة، فبعدما تم تحذيري قبل الانطلاق في مغامرتي من أنني سأواجه "قارة مظلمة" تنخرها الجريمة والأمراض واليأس، تفاجأت خلال أسفاري بالعكس تماما، حيث وجدت قارة تنبض بالحياة والألوان، ومليئة بالجمال والضيافة والمفاجآت، وهي الأشياء التي نادرا ما نراها في وسائل الإعلام، أما النقطة الثانية التي ركزت عليها، والتي أريد أن يستلهمها الجميع من هذا الفيلم الوثائقي، فتتجسد في إظهار أن كل شيء يمكن تحقيقه، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك، وعدم الاستسلام، وهو ما تعكسه رحلتي إلى جنوب افريقيا التي استمرت أربع سنوات، والتي تعد ثمرة الكثير من المجهود والمثابرة.
كيف كانت ردود الفعل تجاه الفيلم الوثائقي حتى الآن؟ تابع الآلاف رحلتي عبر منصات التواصل الاجتماعي، وأتوصل يوميا بعشرات الطلبات بخصوص فيلمي الوثائقي، فالجميع مندهش للقصص التي يحكيها الفيلم، وبالطريقة التي يعتمدها لرواية هذه القصص، بالإضافة إلى جودة التصوير والتقنيات المستعملة، وهذه التعليقات التي أتوصل بها تثلج صدري، لأنها تدل على نجاح هذا العمل، والذي يعد كذلك نجاحا لجميع الأشخاص الذين ساهموا في إخراجه إلى حيز الوجود، وبالتالي جعل الحلم حقيقة.
ما الذي تعتقد أنه يميز وثائقي "أفريقيا وأنا"عن الأفلام الوثائقية المماثلة؟ ما يميز الفيلم هو ببساطة مقاربته لموضوع افريقيا بنظرة متجددة ومتخلصة من الأفكار والأحكام المسبقة، فهو فيلم وثائقي يحكي قصة شاب يخوض تجربة متفردة تقوده لسبر أغوار القارة السمراء، دون التسلح بأي خطة أو معدات أو رعاة أو طاقم التصوير، ويستطيع من خلالها إظهار إفريقيا بمظهر مختلف وبعيون شاب افريقي. كما يجب ألا ننسى أن الموسيقى لعبت دورا مهما في تميز الفيلم عن باقي الأفلام الوثائقية التي عالجت موضوع القارة الافريقية، حيث أمضينا شهورا في تأليف موسيقى تصويرية من الصفر، تعكس الإيقاعات الخاصة بكل بلد، والتي تتميز بالمزج بين المعاصر والتلقيدي، من أجل خلق مشهد سمعي مذهل.
كيف كان شعورك بالعمل مع أشخاص آخرين من أجل إخراج "أفريقيا وأنا" إلى الوجود"؟ على الرغم من كون الفيلم الوثائقي يحكي قصتي إلا أنني أدركت منذ البداية أنني سأحتاج إلى مساعدة من طرف أشخاص آخرين لتوجيه وإنتاج هذا الفيلم، لأنه تبين أنني لن أستطيع العمل عليه بمفردي. اشتغل معي فريق مكون من مخرجين ومنتجين ورواة قصص ومهندسو صوت سبق لهم التتويج بعدة جوائز في مجالات اشتغالهم، وهو ما ساعدني على تحديد أفضل اللقطات التي ستجد مكانا في العمل النهائي، وهي المهمة التي لم تكن سهلة علما أنه كان بين أيدينا أزيد من 220 ساعة تصوير، و ما زاد المهمة صعوبة هو تعلقي العاطفي بالعديد من القصص، التي لم يكن من المنطقي تضمينها في الفيلم كلها، لكن سمح لي هذا التجمع الرائع من الأشخاص المهرة من تحديد أفضل الصور والقصص التي ستظهر في الفيلم، وبالتالي فأنا أشعر أنني محظوظ جدا.
ما هي العراقيل التي واجهتك أثناء إنتاج الفيلم الوثائقي؟ كان أكبر تحد واجهني هوالعثور على شركة إنتاج لتولي هذا المشروع، فبعد مرور ما يقرب من عام من البحث وإطلاق حملات للتمويل الجماهيري عبر منصة kickstarter، والتي لم يكتب تنجح، التقيت أخيرا بالمنتج تييري كاسوتو خلال حضوره لمعرض الصور الخاص بي، الذي نظمته في كيب تاون. أما التحدي الثاني فكان تحويل 220 ساعة من التصوير إلى فيلم وثائقي مدته 90 ذقيقة، بالإضافة لعدة تحديات أخرى يضيق الزمن لذكرها جميعها، لكن المهم هو أننا تغلبنا عليها وتمكنا من البقاء إيجابيين، وهذا كله راجع لأنني كنت جزء من فريق مثالي ساهم في إخراج المشروع في حلة رائعة.