أكد مركز Stratfor الأمريكي أن توسع السريع للاستثمارات المغربية في القطاع المصرفي في القارة الإفريقية أصبحت تؤشر على أن المغرب أصبح في طريقه لاحتكار القطاع المالي في القارة السمراء. وقال المركز الأمريكي في تقرير خاص عن الاستثمارات المغربية في القارة الإفريقية، إنه في السنوات الأخيرة، أدى النمو الثابت في التصنيع، والسياحة، وقطاعات الطاقة، بجانب التوسع الحثيث للقطاع المالي، إلى دفع عجلة تطوير اقتصادٍ مغربي شديد القوة. ومع الاختفاء التدريجي للبنوك الأوروبية التي طالما هيمنت على إفريقيا، يضيف المركز الأمريكي، ''فإن المغرب يستغل قوته الاقتصادية الجديدة في إظهار نفوذه عبر أنحاء القارة، أملا في أن يصبح دولة أوفر ثراء وذا مزيد من التأثير على المسرح الدولي." وأشار المركز إلى أن البنوك المغربية التي أصبحت تملك حاليا مصارف فرعية وأسهما في أكثر من 20 دولة إفريقية، معظمها في غرب إفريقيا، أصبحت الآن تركز على التوسع عبر أرجاء أخرى من القارة. "إن صفقة شراء أكبر البنوك المغربية، التجاري وفا، لبنك Barclays مصر عام 2016، كانت المؤشر الأول على تخطيط البنوك المغربية للتوسع في أرجاء القارة. ومنذ ذلك الحين، أتمت البنوك المغربية صفقات شراء وصلت حتى جزيرتَي موريشيوس ومدغشقر. إضافة إلى ذلك، فإن ممثلي عديد من البنوك المغربية، بما فيها ثاني أكبر البنوك من ناحية الأصول، البنك الشعبي المركزي، قد أشاروا إلى وجود خطط بالتغلغل في القطاع المالي لدول شرق إفريقية مثل رواندا، وكينيا، وحتى إثيوبيا التي تنهج سياسة مالية صارمة،" يضيف المركز. وأوضح المركز الأمريكي أن توسع البنوك المغربية عبر القارة الإفريقية أصبح يمهد توسع للشركات المغربية الكبيرة ومتوسطة الحجم الساعية هي الأخرى لإيجاد فرص في أسواق إفريقيةٍ واعدة. وفي هذا الصدد، ذكر المركز الأمريكي أنه في وقت سابق من هذا العام، أفادت اتصالات المغرب عن زيادة سنوية في قاعدة مستخدميها بلغت 9.7 بالمائة ليصل إلى 60 مليون مستخدم، ينتشر جميعهم في أكثر من نصف دول وسط وغرب أفريقيا. كما وقع جلالة الملك محمد السادس، يضيف المركز، مؤخرا اتفاقا مع الرئيس النيجيري محمد بخاري لإنشاء خط أنابيب الغاز الذي يمتد عبر الخط الساحلي بين نيجيريا والمغرب. إضافة إلى ذلك، يردف نفس المصدر، فقد دخل المكتب الشريف للفوسفاط في شراكة مع إثيوبيا لبناء أكبر مصنع للأسمدة في القارة بتكلفة إجمالية تبلغ 3.6 مليار دولار. كما كان المغرب يخطط في البداية لإنفاق أموال لتعديل ميناء مزدحم في جيبوتي حتى يتمكن من التعامل مع شحنات حامض الفوسفوريك العادية، لكن السلام الذي تم مؤخرا بين إريتريا وإثيوبيا قد يسمح للموانئ الإريترية بالعمل كبديل، وفق نفس المصدر. لكن المركز حذر من أن الإقدام في تنفيذ خطة التوسع القاري في القطاع المالي قد ينطوي على مخاطر كبيرة. وذكر المركز أن البنوك الأوروبية قد تجنبت التوجه نحو أفريقيا لأسباب منها زيادة التشريعات الخاصة بالأصول عالية المخاطر وانخفاض أسعار السلع، وقد أثر هذا التطور على العديد من الاقتصادات الأفريقية. وأوضح نفس المصدر بأن البنوك المغربية بتوسعها هي تعرض نفسها لسندات سيادية محلية منخفضة الدرجة في البلدان التي تعتمد على صادرات السلع. ويمكن أن يُعزى هذا السلوك جزئيا، يقول المركز، إلى السوق المغربي المحلي التنافسي، والذي لا يوفر مساحة كبيرة للنمو الطموح للمملكة. وأشار المركز إلى تقرير سابق لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني التي كشفت في 2017 أن حرص البنوك المغربية على الاستثمار في البلدان الأفريقية، وانخفاض مخزوناتها الرأسمالية وجودة أصولها الضعيفة تجعلها عرضة بشكل خاص للتقلبات الاقتصادية. "في الوقت الحالي، يتم توليد ما يقرب من ثلث إجمالي أرباح البنوك المغربية من الشركات التابعة في جميع أنحاء أفريقيا. وحتى لو بقيت أسواق رأس المال المحلية في المغرب قوية وظلت ديونها العامة منخفضة، فإن أي ركود مستقبلي سيعرض البنوك لخسائر كبيرة ويضع المغرب في وضع أقل راحة مما كان عليه قبل عقد من الزمان،" يحذر المركز الأمريكي.