1. الرئيسية 2. تقارير أنباء متضاربة عن مقتل 27 سجينا حرقا ب"سجن الحوت" العراقي من بينهم مغاربة.. وسفارة المغرب ببغداد ترفض التعليق الصحيفة - خولة اجعيفري الثلاثاء 12 غشت 2025 - 13:56 طالبت "التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين في سورياوالعراق" وزارة الشؤون الخارجية المغربية وسفارة الرباط في بغداد بتوضيحات عاجلة حول مصير عدد من المعتقلين المغاربة في العراق، على خلفية أنباء متداولة عن مقتل 27 سجينا حرقا داخل سجن الناصرية المركزي، المعروف باسم "سجن الحوت"، بمحافظة ذي قار جنوب البلاد. البلاغ الصادر عن التنسيقية، والذي جاء بعد تداول تقارير إعلامية وحقوقية بشأن الحادثة، عبّر عن "قلق بالغ" إزاء الوضع، خاصة مع ورود معلومات عن وجود معتقلين مغاربة ضمن نزلاء السجن، فيما أكدت التنسيقية أن ما جرى، في حال تأكدت صحته، يشكل "جريمة مكتملة الأركان وانتهاكا صارخا لكافة المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ومعاملة السجناء"، محمّلة السلطات العراقية، ووزارة العدل، وإدارة السجن المسؤولية الكاملة عن سلامة المعتقلين كما دعت إلى تشكيل لجنة دولية محايدة للتحقيق في ملابسات الحادث، والكشف عن أسماء الضحايا، وضمان سلامة بقية السجناء، وفي مقدمتهم المعتقلون المغاربة. التنسيقية ناشدت، في سياق متصل السفارة المغربية في بغداد والأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، التدخل العاجل واتخاذ خطوات عملية لتسريع عملية تسليم المعتقلين المغاربة إلى المملكة، حماية لأرواحهم وصونا لكرامتهم، مذكّرة بأن استمرار احتجازهم في ظروف محفوفة بالمخاطر يعرض حياتهم لخطر داهم، خصوصا في بيئة كالسجون العراقية التي تشهد بين الفينة والأخرى حوادث مثيرة للجدل. الأزمة أخذت بعدا أكبر بعد أن أصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق بيانا قالت فيه إنها تمتلك "معلومات دقيقة ومؤكدة" عن وقوع حريق مروّع داخل سجن الحوت، أودى بحياة 27 معتقلا حرقا ووصفت ما حدث بأنه "جريمة إبادة جماعية جديدة" نفذت وسط "تكتم متعمد" من السلطات، ومنع للإعلام والمنظمات الحقوقية من الوصول إلى مكان الحادث كما ذهبت الهيئة إلى اتهام السلطات العراقية ب"التواطؤ مع جهات أمنية وميليشيات تسيطر فعليا على السجون"، مشيرة إلى أن سجن الحوت تحوّل إلى "مسلخ بشري" تمارس فيه الإعدامات خارج نطاق القضاء، إلى جانب انتهاكات جسيمة بحق السجناء. في المقابل، أصدرت وزارة العدل العراقية بيانا نفت فيه بشكل قاطع وقوع أي حريق أو حادث داخل السجن، ووصفت بيان هيئة علماء المسلمين بأنه "كاذب" و" يهدف إلى بث الفتنة وتشويه مؤسسات الدولة"، والوزارة أكدت أن مؤسساتها الإصلاحية "تخضع لرقابة داخلية وخارجية وتعمل وفق القوانين المرعية"، كما أعلنت نيتها ملاحقة الجهات التي تروج لهذه الأخبار قضائيا. وسعت "الصحيفة"، في إطار تتبعها لتطورات الملف إلى التواصل المباشر مع سفارة المملكة المغربية في بغداد، بهدف الاستفسار عن طبيعة التحركات الدبلوماسية التي قد تكون باشرتها البعثة المغربية هناك، سواء من خلال فتح تحقيق ميداني أو عبر التواصل الرسمي مع السلطات العراقية المختصة، من أجل الوقوف على المعطيات الدقيقة المتعلقة بمصير المعتقلين المغاربة في سجن الحوت، وما إذا كانت السفارة قد تلقت تقارير أو إفادات رسمية بهذا الخصوص. ورغم محاولات الاتصال المتكررة، سواء عبر القنوات الهاتفية أو المراسلات الإلكترونية، فإن البعثة الدبلوماسية لم تصدر أي تعليق أو رد رسمي حتى لحظة إعداد هذا التقرير، ما يترك علامات استفهام إضافية حول مستوى الانخراط الفعلي للقنوات الرسمية في متابعة هذا الملف الحساس الذي يمس حياة مواطنين مغاربة محتجزين في ظروف غامضة. وسجن الحوت، الذي يُعد من أكبر السجون العراقية وأكثرها تحصينا يضم آلاف النزلاء، معظمهم محكومون بالإعدام أو السجن المؤبد في قضايا تتعلق بالإرهاب والانتماء لتنظيم "داعش" وجرائم كبرى. ومنذ سنوات، تتواتر التقارير الحقوقية المحلية والدولية عن ظروف احتجاز توصف بأنها "قاسية وغير إنسانية"، مع اكتظاظ شديد ونقص حاد في الرعاية الطبية، وانتشار مزاعم التعذيب وسوء المعاملة، فضلًا عن تسجيل وفيات وصفتها المنظمات الحقوقية ب"الغامضة" أو "المريبة". وكانت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية أدرجت السجن في تقاريرها كأحد أخطر أماكن الاحتجاز في العراق، فيما ترفض السلطات العراقية هذه الاتهامات وتعتبرها "محاولات لتشويه صورة البلاد" أو "تسييس لملف حقوق الإنسان". وملف المعتقلين المغاربة في العراق ليس جديدا، إذ يضم قائمة بأسماء مواطنين اعتقلوا خلال أو بعد الحرب على تنظيم "داعش" في سورياوالعراق، بعضهم صدرت بحقهم أحكام بالإعدام أو السجن المؤبد، بتهم الانخراط في أنشطة إرهابية أو تقديم دعم لوجستي للتنظيمات المسلحة. وعائلات هؤلاء المعتقلين نظمت مرارا وقفات احتجاجية أمام البرلمان ووزارة الخارجية في الرباط، مطالبة بإعادتهم إلى المغرب لمحاكمتهم وفق القوانين الوطنية، خاصة أن المغرب والعراق وقّعا في وقت سابق اتفاقية لتبادل السجناء، إلا أن تنفيذها ظل محدودا لأسباب سياسية وقانونية وأمنية. وباتت القضية تكتسب بعدا قانونيا وحقوقيا دوليا، إذ أن المعايير الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا)، تفرض على الدول حماية حياة المحتجزين وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية، وحظر التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية، وتوفير ظروف احتجاز صحية وإنسانية كما تفرض هذه المعايير على الدول التحقيق الفوري والمستقل في أي حوادث وفاة أو إصابات خطيرة تقع داخل السجون، وإشراك الهيئات المستقلة والمراقبين الدوليين في متابعة النتائج. وتاريخ سجن الحوت يزخر بحوادث أثارت جدلا، منها تقارير عن وفيات بسبب الإهمال الطبي، وحالات انتحار مشبوهة، فضلًا عن شهادات من معتقلين سابقين تحدثوا عن تعذيب ممنهج وانتزاع اعترافات تحت الإكراه ففي 2017، أثيرت ضجة بعد وفاة عدد من السجناء خلال فترة وجيزة، ما دفع منظمات محلية للمطالبة بالتحقيق، لكن السلطات اكتفت بنفي وجود "انتهاكات ممنهجة". على المستوى السياسي، تضاعف هذه الحادثة الضغط على الدبلوماسية المغربية، التي تجد نفسها أمام معادلة معقدة تكمن في حماية مواطنيها المعتقلين في الخارج وضمان حقوقهم، وفي الوقت نفسه الحفاظ على العلاقات الثنائية مع العراق، الذي يعتبر أي إثارة علنية لهذه القضايا مسًّا بسيادته. ويعني ذلك أن تحرك الرباط سيكون محكوما بمسارين متوازيين هو مسار هادئ وغير معلن للتواصل مع السلطات العراقية بهدف الحصول على ضمانات أو تسويات، ومسار حقوقي وإعلامي لتأمين تضامن دولي مع ملف المعتقلين المغاربة، دون الدخول في مواجهة مباشرة قد تؤثر على فرص الحل. وهذه الواقعة، سواء ثبتت صحة الرواية الحقوقية أو تأكد النفي الرسمي، تكشف هشاشة منظومة الاحتجاز في بيئات النزاع وما بعدها، وتعيد طرح أسئلة أوسع عن دور الرقابة الدولية في السجون العراقية، ومدى استعداد بغداد للسماح بآليات تفتيش مستقلة تضمن الشفافية كما تضع المجتمع الدولي أمام تحدي فرض المعايير الحقوقية على أنظمة سجون تتهمها المنظمات بأنها مغلقة أمام التدقيق الخارجي، ما يترك المعتقلين، بمن فيهم الأجانب، عرضة لمخاطر مضاعفة.