1. الرئيسية 2. اقتصاد خاص - بما يناهز 2.5 مليار درهم .. محطة تحلية الداخلة تصل إلى 85% من نسبة الأشغال وتقترب من خط النهاية الصحيفة - خولة اجعيفري الثلاثاء 12 غشت 2025 - 17:38 علمت "الصحيفة"، أن ورش محطة تحلية مياه البحر العملاقة شمال مدينة الداخلة بلغت نسبة إنجازه الإجمالية حوالي 85 في المائة إلى حدود صبيحة اليوم الثلاثاء، مع هدف واضح هو الإغلاق النهائي للأشغال قبل متم دجنبر المقبل، وفق ما أكدته مصادر مسؤولة في المشروع الذي تحول إلى استثمار استراتيجي يرسم ملامح مستقبل الأقاليم الجنوبية على مستوى الأمن المائي، والتنمية الفلاحية، والتحول نحو الطاقات النظيفة. المصادر المسؤولة، التي تحدثت ل"الصحيفة" أكدت أن مزرعة الطاقة الريحية المدمجة في المشروع، والتي ستوفر الطاقة الكاملة لتشغيل وحدة التحلية، اكتملت بنسبة 100 في المائة وبدأت في الإنتاج الفعلي، بينما وصلت أشغال شبكة الري المخصصة لمساحة 5000 هكتار إلى نسبة إنجاز مماثلة، وهذه الأرقام تعني أن المنطقة تستعد لاستقبال 37 مليون متر مكعب من المياه سنويا، منها 7 ملايين مخصصة لتزويد الداخلة وضواحيها بالماء الشروب، والبقية ستذهب لري أراضٍ فلاحية عالية الإنتاجية عبر شبكة بطول 113 كيلومترا وبمعدل تدفق يصل إلى متر مكعب في الثانية. صور لتقدم أشغال محطة مياه البحر لمدينة الداخلة (خاص) وتؤكد المصادر ذاتها، أن الأشغال الحالية منصبة في ورش تحلية المياه، بعدما اكتملت الاشغال في شبكة الري الفلاحية، فضلا عن ورش الألواح الريحية الذي شرع منذ ماي الماضي في الاشتغال رسميا. وتعتمد المحطة، أحدث تقنيات التناضح العكسي وتتضمن سلسلة متكاملة من التجهيزات بما فيها منشآت بحرية لجلب وضخ وتصريف المياه، وحدات للتصفية والترشيح، منظومة لإعادة التمعدن، خزانات بسعة 2500 متر مكعب، وصهاريج ضخمة للري بسعة 87 ألف متر مكعب لكل واحد، إلى جانب محطة كهربائية فرعية لضمان إمداد مستمر للطاقة، وحقل ريحي بطاقة 60 ميجاواط سنويا. فكرة المشروع تعود إلى سنة 2013، حين دقت الدراسات المنجزة من طرف وكالة الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب ناقوس الخطر بشأن وضعية المياه الجوفية في الداخلة، التي اتضح أنها غير متجددة ومعرضة للاستنزاف السريع بسبب التوسع الزراعي ورغم أن بعض التوصيات ذهبت إلى وقف تطوير الزراعة، فضّلت الدولة مقاربة تقوم على استمرار الاستثمار الفلاحي، خاصة في المنتجات عالية القيمة الموجهة للتصدير، مع التحول إلى مورد مائي بديل هو مياه البحر المحلاة. وتبلغ تكلفة المشروع 2.5 مليار درهم، لكن رهاناته أكبر من مجرد أرقام مالية، إذ يعِد بجذب استثمارات إضافية بنفس القيمة في القطاع الفلاحي، وتأمين استقرار الإنتاج وتوسيع فرص الشغل، فضلا عن انعكاساته الإيجابية على قطاعات أخرى مثل السياحة والصناعات الغذائية. موقع المحطة، على بعد 130 كيلومترا من الداخلة، يمنحها بعدا استراتيجيا لتمديد التنمية شمال الجهة. المشروع يندرج ضمن خطة وطنية أوسع لمواجهة الجفاف وضمان الأمن المائي، حيث تستهدف الحكومة تعبئة 1.7 مليار متر مكعب من المياه المحلاة سنويا بحلول 2030، وحاليا، يشغل المغرب 17 محطة تحلية بطاقة إجمالية تبلغ 320 مليون متر مكعب، فيما يجري العمل على أربعة مشاريع كبرى جديدة ستضيف 532 مليون متر مكعب سنويا، أبرزها محطة الدارالبيضاء التي ستصبح الأكبر في إفريقيا بطاقة 300 مليون متر مكعب سنويا. صور تخص تطور المزرعة الريحية التي ستستخدم لتوليد الطاقة بمحطة تحلية مياه البحر بالداخلة (خاص) كما تمت برمجة 13 محطة جديدة على طول السواحل المغربية، تشمل مدنا حيوية كالرباط وطنجة وكلميم والصويرة، إلى جانب مشاريع توسعة لمحطتي الجديدة وآسفي بالشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط. وإضافة إلى ذلك، يجري تنفيذ برنامج وطني لاقتناء 244 محطة متنقلة لتحلية المياه في المناطق القروية، تم تسليم 89 منها، على أن تدخل البقية الخدمة خلال العام الجاري. المصادر المسؤولة شددت ل"الصحيفة" على أن محطة الداخلة ليست فقط استثمارا في الماء، بل هي رسالة سياسية وتنموية قوية، تجسد الإرادة الوطنية في دمج الأقاليم الجنوبية في مسار تنموي متكامل ومستدام، واستثمار مؤهلاتها في الطاقات المتجددة، انسجاما مع التوجيهات الملكية الأخيرة التي دعت إلى تسريع وتيرة مشاريع التحلية لمواجهة التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف، وبهذا المعنى، يتحول المشروع من ورشة تقنية إلى مشروع دولة، ومن محطة تحلية إلى رافعة استراتيجية للأمن المائي، وضامن لجذب الاستثمار، ومحفز لتحريك عجلة التنمية في واحدة من أكثر مناطق المملكة حيوية وإمكانات. ومع اقتراب المحطة من بلوغ خط النهاية في أفق دجنبر المقبل، تبدو الداخلة على موعد مع تحول نوعي في أمنها المائي ومستقبلها الاقتصادي فالمشروع الذي انطلق التفكير فيه منذ أكثر من عقد، أصبح اليوم نموذجا حيا على قدرة المغرب على تحويل التحديات إلى فرص، عبر الجمع بين التكنولوجيا الحديثة والطاقات المتجددة، في استجابة ذكية لضغط ندرة الموارد. ويراهن الفاعلون المحليون والدولة على أن تتجاوز مكاسب هذا الورش حدود تزويد 5000 هكتار من الأراضي الزراعية ومئات الآلاف من السكان بمياه الشرب، إلى تحريك عجلة استثمارات إضافية في قطاعات الفلاحة والصناعة والسياحة، مدعومة بضمان استدامة التزويد بالماء، وهو ما يمنح ثقة أكبر للمستثمرين المحليين والدوليين كما أن ارتباط المشروع بمحطة ريحية بطاقة إنتاجية تصل إلى 60 ميغاواط، يضعه في صدارة التجارب العالمية التي تراهن على مزاوجة الأمن المائي بالطاقة النظيفة، في انسجام تام مع التوجهات الاستراتيجية للمملكة نحو اقتصاد أخضر يقلص الكلفة البيئية ويعزز تنافسية الجهات. وفي وقت تتسارع فيه أشغال محطات أخرى على طول السواحل المغربية، تبرز الداخلة كنقطة مرجعية في هذه الخطة الوطنية الطموحة، ليس فقط لما تحققه من أرقام قياسية في نسب الإنجاز، ولكن أيضًا لما تحمله من رمزية كبرى في معادلة السيادة المائية والأمن الاستراتيجي للمغرب في ظل التغيرات المناخية.