بعد جلسة مجلس الأمن وزيارتو للجزائر.. بوگدانوڤ استقبل السفير المغربي فموسكو    أكادير : هددت بالتصعيد.. نقابة تطالب بإرجاع الأساتذة الموقوفين و"السحب الفوري" لكل الإنذارات والتوبيخات    المساواة والرفع من نسبة تمثيلية لمرا جمعات قاضيات مغربيات بوزيرة العدل المكسيكية    هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟    أمريكا تفرض عقوبات على أحد المقربين من وزير إسرائيلي وكيانين جمعا أموالا لمستوطنين "متطرفين"    بمشاركة قرابة ألف شخص.. "أسطول الحرية" يستعد للإبحار نحو غزة    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و49 شهيدا منذ بدء الحرب    أسود الفوتسال: هدفنا الاول بالتأهل للمونديال حققناه ودابا مركزين على فينال كوب دافريك    تفاصيل تغيير مفاجئ في برنامج المنتخب المغربي قبل تصفيات المونديال    برنامج وتوقيت مباريات اليوم السبت في البطولة الإحترافية    رسميا.. المنتخب المغربي يشارك في كأس العالم ل"الفوتسال" أوزبكستان 2024    المنتخب المغربي للفوتسال يبلغ النهائي على حساب ليبيا ويتأهل للمونديال    هشام الدكيك: "النهائي سيكون صعبا أمام منتخب أنغولي سيلعب بدون ضغوط"    نهضة بركان عندهم كلمة وحدة: إما الجزائر تحترم قانون الكاف ونلعبو بتوني خريطة المغرب المعتمد أو ما نلعبوش    بوليسي فتازة تيرا بالقرطاس على شخص تعدا على الناس بجنوية    طقس السبت... أمطار رعدية بكل من الأطلسين الكبير والمتوسط والريف والسايس    بتنسيق مع DST.. الفرقة الوطنية تطيح بشبكة ل"التسويق الهرمي"    تنامي هجرة القاصرين إلى سبتة    مياه الفلتر المنزلي ومياه الصنبور، أيهما أفضل؟    المهندسون يهددون بالهجرة إلى خارج المغرب بعد تجاهل مطالبهم    شاب يسكب البنزين على نفسه أمام منزل حبيبته بعد رفضها الزواج به ونقله إلى المستشفى    قريبا.. تعيين 600 معلم جديد لتدريس الأمازيغية في المدارس المغربية خلال الموسم الدراسي القادم    شخص يضرم النار في نفسه أمام المحكمة التي يمثل أمامها ترامب بنيويورك    إيران لإسرائيل: الرّد ديالنا التالي غايكون على أقصى مستوى    جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنساني    هشام العلوي: استفحال اقتصاد الريع في المغرب ناتج عن هشاشة سيادة القانون والنظام يخشى الإصلاح الاقتصادي الجوهري (فيديو)    دراسات لإنجاز "كورنيش" بشاطئ سواني    ندوة تلامس السياق في الكتابات الصوفية    لاعبو بركان يتدربون في المطار بالجزائر    نقابة: نسبة إضراب موظفي كتابة الضبط في دائرة آسفي فاقت 89% رغم تعرضهم للتهديدات    المكسيك – موجة حر.. ضربات الشمس تتسبب في وفاة شخص وإصابة العشرات    إعلام عبري.. نتنياهو صرخ في وجه وزيرة خارجية ألمانيا: نحن لسنا مثل النازيين الذين أنتجوا صورًا مزيفة لواقع مصطنع    المغرب يسعى لاستقطاب مليون سائح أمريكي سنويا    العرض السياحي بإقليم وزان يتعزز بافتتاح وحدة فندقية مصنفة في فئة 4 نجوم    الجدارمية د گرسيف حجزوا 800 قرعة ديال الشراب فدار گراب بمنطقة حرشة غراس    صلاح السعدني .. رحيل "عمدة الفن المصري"    وزير الفلاحة المالي يشيد بتقدم المغرب في تدبير المياه والسدود    المغرب وروسيا يعززان التعاون القضائي بتوقيع مذكرة تفاهم    الأمثال العامية بتطوان... (577)    تسجيل حالة وفاة و11 إصابات جديدة بفيروس كورونا خلال الأسبوع الماضي    المعرض الدولي للكتاب.. بنسعيد: نعمل على ملائمة أسعار الكتاب مع جيوب المغاربة    مؤشر ثقة الأسر المغربية في وضعها المالي يتحسن.. وآراء متشائمة في القدرة على الادخار    "لارام" و"سافران" تعززان شراكتهما في صيانة محركات الطائرات    ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوعي المعرفي والقوة الذاتية
نشر في الصحيفة يوم 18 - 06 - 2021


1
حقائق الوجود الاجتماعي تُمثِّل نظامًا إنسانيًّا قادرًا على تأويلِ الأنساق الثقافية وتجميعِ الإفرازات المعرفية، وتركيزِها في بؤرة الأفكار التي تتفاعل مع تفاصيل الحياة اليومية . وإذا انتقلت الظواهرُ النظرية ذات الطبيعة الفلسفية من التَّجريد إلى الواقع، فإنَّ معايير جديدة ستنشأ في المجتمع ، وتُعيد صياغته وفق أساس عقلاني أخلاقي ، يُوازن بين الشعور المعنوي باعتباره ماهيَّةً وجوديةً للتماسك الاجتماعي ، وبين المصلحة المادية باعتبارها قُوَّةً دافعةً لأحلام الفرد وطاقاتِ الجماعة . وعمليةُ التوازن بين الشعور المعنوي والمصلحة المادية هي الضمانة لحفظ المجتمع كَجِسْم حَي وفَعَّال، يملك القُدرةَ على مُمارسة أنشطته الحيوية، وتحقيق الاستقرار الذاتي في المشاعر الإنسانية والأفعال الإبداعية والتطبيقات الواقعية ، بدُون الحاجة إلى إسناد خارجي ، أو البحث عن شرعية خارج حدود المجتمع ، لأن المجتمع الحَيَّ والفَعَّال هو مانح الشرعية لِنَفْسه ، وواضع القوانين لنظام حياته ، ولا يَنتظر الشرعية مِن أحد ، ولا يأخذ القوانين مِن غَيره. وهذه هي فلسفة الوجود الاجتماعي النابعة مِن طبيعة كِيانها ، والعارفة بحدوده ، والمُدرِكة لأبعاده .
2
الوجودُ الحقيقيُّ يقوم على رُكْنَيْن: الوَعْي المعرفي الذي يُكوِّن ضوابطَ التغيُّر الاجتماعي في ضَوء التطورات الثقافية ، والقُوَّة الذاتية التي تُجسِّد الشَّرعيةَ والمَشروعيةَ، شَرعية الحُلْم الإنساني ومَشروعية تطبيقه على أرض الواقع. والوَعْي والقُوَّة مُتلازمان ومُندمجان ، يُوجَدان معًا ، ويَغيبان معًا . وإذا حدث انفصال بينهما ، فهذا دليل على عَجْز المجتمع الإنساني عن تَوليدِ أنساق معرفية إبداعية ، وتحويلِ الكلام إلى فِعْل ، وتأسيسِ مبادئ منطقية تَحكم السلوكَ الفردي ، وتتحكَّم بقوانين الجماعة . لذلك ليس غريبًا أن يكون الوَعْي هو قُوَّةَ الفرد ، والقُوَّة هي وَعْي الجماعة ، وهذا الترابط المركزي هو أساس التلاحمِ الإنساني، والالتحامِ بين مُكوِّنات النسيج الاجتماعي. ولا يُمكن تشييد البناء الاجتماعي على قاعدة الحرية والتحرر ، حرية التفكير والتحرر من الخَوف، إلا بتجسيد الوَعْي في خصائص المجتمع الإنساني ، لحمايته مِن التفكك والصراع مع العناصر الداخلية والصدام مع العناصر الخارجية . وبما أن الاستقرار شرط للإبداع ، والإبداع طريق النهضة ، كان لِزَامًا إنتاج أنساق ثقافية وظواهر اجتماعية ، تُدرِك قيمةَ الوَعْي وأهميته ، وتُوفِّر له حاضنةً شعبيةً ، كي يصيرَ أسلوبَ حياةٍ وثقافةَ مُجتمعٍ . وعندما يحتضن الشعبُ فكرةً ما ، فإنَّه سيُدافع عنها ، ويَحميها مِن الاندثار ، ويَمنحها شرعيةَ الوجود في قلب التفاعلات الاجتماعية . وبذلك تُصبح للفِكرة سُلطة قائمة بذاتها ، وتأثير في المصالح الشخصية والمنافع العامَّة . وعندما تمتلك الفكرةُ سُلطةً ذاتية ، تستغني عن سياسةِ الأمر الواقع ، وسُلطةِ المعرفة المُستمدة من الإسناد الخارجي.والفِكرةُ الحقيقية هي التي تستطيع الصُّمودَ في الزمان والمكان وحيدةً، بدُون عوامل خارجية ، ولا مُسلَّمات افتراضية ، ولا حماسة المُدافعين عنها . وكُل ضوء لا يَنبع مِن ذاته ، فمصيره الانطفاء عاجلًا أَمْ آجِلًا ، ومَن انتظرَ طَوْقَ النَّجَاة مِن الآخرين فقد حَكَمَ على نَفْسه بالغَرَق ، ومَن كانت شرعيةُ وجوده مُستمدةً مِن وُجود الآخرين ، فسيجد نَفْسَه في نهاية المَطَاف وَحِيدًا بلا وُجود ولا شرعية.
3
العلاقاتُ الاجتماعية لَيست كُتَلًا وجودية صَمَّاء ، أو قوالب حجرية جاهزة مُسْبَقًا ، وإنما هي تيارات واعية ومنطقية، تُدرك طبيعةَ ذاتها ، وتتدفق باستمرار في صَيرورة التاريخ ، الذي ينتقل من الإدراك الشُّعوري إلى الفِعْل المادي . ووظيفةُ العلاقة في إطار التواصل الاجتماعي هي تأسيس منطقها الخاص ، وتشييد طريقة التفاعل المُتَّزن والمُتوازن مع الإنسان والبيئة واللغة . وهذا يُسهِّل عملية تكوين نُظُم فكرية قادر على التَّكَيُّف معَ الظروف الصعبة التي تضغط على الحُلْم الإنساني ، وتُهدِّد وُجودَه ، وتُشكِّك في شرعيته ومَعناه وجَدْواه . وإذا استطاعت النُّظُمُ الفكرية استثمارَ منظومة الوَعْي والقُوَّة بكل تفاصيلها الزمنية وانعكاساتها المكانية ، مِن أجل صناعة حالة اجتماعية عامَّة وشاملة تؤمن بأن الوَعْي هو قُوَّة الحُلْم الإنساني ، والقُوَّة هي الوَعْي بالحُلْم الإنساني ، فإنَّ الأحلام ستدخل في دائرة الحقائق الاجتماعية ، والمشاعر ستدخل في حيِّز الأفعال التطبيقية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.