الملك محمد السادس يهنئ إيمانويل ماكرون بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    أثنار رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق: شيراك اقترح علي تسليم سبتة ومليلية للمغرب أثناء أزمة جزيرة ليلى    مؤسسة وسيط المملكة تعتزم إطلاق برنامج وطني تحت شعار "نحو إدارة المساواة"    بورصةالبيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    ماسك: الذكاء الاصطناعي سيتفوق على البشر خلال عامين    الدولي المغربي الشاب ياسين خليفي ينضم إلى سبورتينغ شارلروا    طقس حار ورياح قوية بعدد من مناطق المملكة اليوم الإثنين    مهرجان الشواطئ لاتصالات المغرب يعود في دورته ال21 ب113 حفلا موسيقيًا في 6 مدن ساحلية    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    المغرب يستعرض حصيلة 3 سنوات من إطلاق التأشيرة الإلكترونية (E-Visa)    فرحات مهني يكتب: الجزائر تعيش فترة من القمع تفوق ما عاشته في عهد بومدين أو الشاذلي أو بوتفليقة    الرحّالة الرقميون: جيل جديد يُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بهدوء    ماليزيا تشدد قيود تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي الأمريكية    رحيل تييري أرديسون .. أحد أبرز وجوه الإعلام الفرنسي عن 76 عاماً    نيجيريا تعلن حدادا وطنيا لسبعة أيام    تنظيم حملة توعوية بمخاطر السباحة في حقينات السدود        معهد الجيوفيزياء يكشف ترددات زلزال جنوب إسبانيا في شمال المغرب    ويحمان يكشف خبابا نشر رسالة الفقيه البصري حول تورط الاتحاديين في المحاولةالانقلابية- فيديو    "البتكوين" تتجاوز ال 120 ألف دولار    الرباط تحتضن "ليلة العيطة" بمشاركة حجيب والزرهوني    غارسيا هدافا لكأس العالم للأندية 2025    تشيلسي يحصد 125 مليون دولار بعد التتويج في كأس العالم للأندية    لويس انريكي بعد خسارة نهائي كأس العالم … !    ثقة مجموعة البنك الدولي في الاقتصاد الوطني متواصلة    تأهيل ‬المناطق ‬المتضررة ‬من ‬زلزال ‬الحوز ‬    عزلة ‬النظام ‬الجزائري ‬تكتمل ‬و ‬الخناق ‬يشتد ‬عليه    ترامب يعلن أن واشنطن ستسلم أوكرانيا منظومات "باتريوت" للدفاع جوي    الاقتصاد ‬الوطني ‬يحافظ ‬على ‬زخمه.. ‬بنمو ‬بلغ ‬نسبة ‬4,‬8 %    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    خطة أمنية جديدة لمواجهة تصاعد الاعتداءات في الشوارع المغربية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    كيوسك الإثنين | "كان 2025″ و"مونديال 2030".. المغرب يمر إلى السرعة القصوى            لو يي شياو تبهر الجمهور بإطلالة تحاكي نساء هويآن في حقبة الجمهورية الصينية: سحر الماضي يلتقي بجمال الحاضر    مونديال الأندية.. الإنجليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب    أيت بوكَماز.. حين تصرخ الهضبة السعيدة في وجه التهميش        فيفا يعلن إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين وتنظيم فترات الراحة    "السيبة" في أصيلة.. فوضى في الشوارع وغياب للسلطات    طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    "كان" السيدات .. تأهل نيجيريا والجزائر    منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرازيل المسلمة!
نشر في الصحيفة يوم 11 - 04 - 2022

إذا كانت البرازيل تعيش اليوم كبلد مزدهر وموحد حول نظام فيدرالي يعكس تنوعها الثقافي والديموغرافي، فهي تدين بصعودها إلى سلسلة من الأحداث الاجتماعية والسياسية، المؤلمة في بعض الأحيان، والتي شكلت تفردها، ولعل الإسلام واحد منها.
طوال تاريخ هذا البلد ذي الأبعاد القارية، منذ رسو سفينة بيدرو ألفاريس كابرال على ساحل أراضي أمريكا الجنوبية عام 1500، لعب المسلمون، بمن فيهم المغاربة ، دورا هاما في تطوير البرازيل وتشكيل الهوية البرازيلية.
لقد ذهب المؤرخون إلى أبعد من ذلك، زاعمين أن البحارة المسلمين كانوا قد اكتشفوا البرازيل قبل فترة طويلة من المستكشف البرتغالي. في محاضرة ألقاها عام 1958، تناقلتها الصحف البرازيلية على نطاق واسع، قال المؤرخ البارز يواكيم ريبيرو أن العرب المسلمين، الذين برعوا في الملاحة وبناء السفن، نزلوا بالشواطئ البرازيلية قبل فترة طويلة من البرتغاليين، ناهيك عن العديد من البحارة الذين رافقواا كابرال.
بالإضافة إلى تأكيد وتوثيق هذه الحقائق، يشير الكاتب والخبير البرازيلي في شؤون الأقليات، جيلبرتو فراير ، في إحدى كتاباته إلى "المساهمة المهمة للعرب المسلمين في تشكيل الهوية البرازيلية. وجودهم في شبه الجزيرة الأيبيرية منذ ذلك الحين أي منذ القرن التاسع، على الأقل، يعني أن العرب والمغاربة والمسلمين شاركوا أيضا في اكتشاف هذا البلد الجديد (...) وأصبحوا على الفور جزءا لا يتجزأ من الأمة مع توطيد عملية الاختلاط العرقي ".
في كتابه "البرازيل: عالم جديد في المناطق الاستوائية"، يوضح فراير أن كلمة "مورو" تستخدم في اللغة البرتغالية للإشارة إلى العمل الشاق والمضني، تماما كما كان يفعل العرب المسلمون الذين كانوا مزارعين ونجارين وحدادين وخياطين وبنائين وغيرهم.
واعتبر مدير الشؤون الإسلامية في اتحاد الجمعيات الإسلامية، الشيخ المغربي الصادق العثماني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هناك العديد من المؤرخين الذين سلطوا الضوء على مساهمة المسلمين في تاريخ البرازيل. المغاربة على وجه الخصوص، الموروس كما كان ي طلق عليهم وقتئذ، أثروا بعمق في المجتمع البرازيلي على مر القرون، ولا تزال كلمة "مورو" جزءا من اللغة البرتغالية، إذ تعتبر مرادفا للعمل.
ويستشهد العثماني أيضا، من بين أمثلة التأثير المغربي في البرازيل ، ب "كسكوز" ، وهو طبق وطني في هذا البلد وهو السليل الشرعي للكسكس المغربي، على الرغم من إدخال بعض التعديلات فرضتها المكونات المحلية. ويشير إلى أن "هذا الطبق هو أحد المظاهر البليغة للتأثير العربي الإسلامي والأمازيغي المغربي على التراث الثقافي للبرازيل".
في الواقع، حدثت اللقاءات الأولى بين البرتغاليين والمسلمين قبل فترة طويلة من البرازيل. وقد وصف باحثون مثل روي ناش في كتابه "غزو البرازيل" أولى اللقاءات بين البرتغاليين والمسلمين وخاصة المغاربة بالقول: "لقاء بين شعب مهزوم وشعب مهيمن ذي بشرة بنية، أكثر ثقافة ويتمتع بحساسية فنية أكثر دقة. لقد كان شرفا عظيما لرجل أبيض أن يتزوج أو يختلط بالطبقة الحاكمة" في الأندلس، يؤكد السيد العثماني موضحا أنه كانت في الواقع مسألة شبه إعجاب بالنسبة للبرتغاليين تجاه المسلمين، وأحيانا بمستواهم الثقافي. وفي تقدير العثماني فقد ظل البرتغاليون في البرازيل متأثرين بالثقافة الإسلامية، كما يتضح ذلك من خلال الآثار المعمارية في العديد من مناطق البرازيل ، ولا سيما في ولاية "باهيا" ، أو في مدينتي ريسيفي وريو دي جانيرو، ولعل الأبواب والنوافذ والساحات الداخلية ونوافير المياه والأزقة تذكرنا بمدينة فاس المغربية. في سلفادور دي باهيا على وجه التحديد حيث 80 بالمائة من السكان ينحدرون من أصل إفريقي مسلم، ترك المسلمون بصماتهم في التاريخ ، لا سيما خلال حقبة العبودية المظلمة و تشهد الوثائق التاريخية على دورهم الريادي في الثورات والانتفاضات ضد ممارسات الرق.
يوضح السيد العثماني أن العديد من المسلمين تم جلبهم بالفعل منذ عام 1538 إلى البرازيل كعبيد. كانوا يقرأون القرآن الكريم المكتوب بالخط العثماني برواية ورش. من أنغولا لوحدها، تم استقدام حوالي 600 ألف مسلم أسود البشرة إلى الأراضي البرازيلية، ومن مناطق إفريقية مختلفة. وأثناء عبور الأطلسي كان يلقى في البحر بالعبيد المرضى أو المتمردي.
كتب فراير: "كان هؤلاء المسلمون السود عنصرا نشيطا ومبدعا، ويمكننا القول إنهم كانوا من بين أنبل من دخلوا البرازيل (...) لقد لعبوا دورا حضاريا رائدا".
ويشير مدير الشؤون الإسلامية في اتحاد الجمعيات الإسلامية إلى أن "البرازيل مدينة لهم بالكثير في تطوير زراعة قصب السكر والبن والقطن والحبوب ، وحتى في استخراج المعادن، مبرزا أن بعضهم كان مسؤولا عن المراسلات مع الأوروبيين لأن العديد من أسيادهم كانوا أميين. بعد أن نمت أعدادهم واكتملت قوتهم، أطلقوا ثورة تحرر عرفها المؤرخون بثورة "العبيد المسلمين" في منطقة باهيا ضد الطبقة السياسية التي احتكرت الاقتصاد والإدارة.
ويشير السيد العثماني إلى أن "عمليات التنصير القسري ومحاولات تغيير أسمائهم إلى أسماء مسيحية لم يضعفهم في شيء على مدى سنوات" ، مسجلا أن العديد من الثورات الأخرى، مثل ثورة مالي عام 1935، كانت أيضا قمعا دمويا. لقد تم استهدافهم بعمليات التفتيش المنتظمة وحظر الرموز الدينية، كل شيء كان مباحا من أجل إخضاع المجتمع الافريقي المسلم.
وتحت وطأة القمع، يتابع العثماني، تفرق المسلمون منذ ذلك الحين، وتمكن بعض الناجين من العودة إلى إفريقيا، وتم تجنيد آخرين لاحقا في الجيش خلال الحرب ضد الباراغواي، التي ق تل خلالها ثلثا العبيد المسلمين.
بالنسبة العثماني ، كان حظر العبودية في عام 1888 متأخرا للغاية، حيث فقد العديد من المسلمين هويتهم بعد ثلاثة قرون من القهر والظلم. وأشار إلى أن "الاتصالات الدبلوماسية بين المغرب والولايات المتحدة في عهد السلطان محمد الثالث والرئيس جورج واشنطن لعبت دورا هاما في إقناع السلطات البرازيلية بوضع حد لممارسة الرق".
كل هذه الأحداث التاريخية، المتناقضة في بعض الأحيان، قد ولدت ثقافة التعايش والتسامح في البرازيل، أرض الترحيب والهجرة حيث يعيش أزيد من 5ر1 مليون مسلم، مندمجين تماما في مجتمع اختار أن يحتضن بشكل كامل تنوعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.