وفاة مؤرخ المملكة عبد الحق المريني ودفنه اليوم بمقبرة الشهداء    توقعات الأرصاد الجوية لطقس اليوم الثلاثاء بالمملكة    قائد الملحقة الإدارية الرابعة بطنجة يشرف على حملة ضد حراس السيارات بتنسيق مع الدائرة الأمنية الثانية    اتحاد جزر القمر يجدد تأكيد دعمه الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء المغربية    موقف قوي من سيراليون يحرج خصوم الوحدة الترابية للمغرب داخل مجلس الأمن    ضبط 2769 حالة غش في امتحانات الباكالوريا    المغرب يطلق أكبر مشروع لتحديث حافلات النقل الحضري    لاعبو المنتخب الوطني يتوافدون على معسكر المعمورة    الفيفا يكشف عن شعار النسخ الخمس القادمة لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    وزير الداخلية يقدّم معطيات حول سير عمل الشركات الجهوية متعددة الخدمات    بوصوف يكتب: إجماع مغاربة العالم على عدم تأدية شعيرة الذبح... تضامن راقٍ يعكس وعيًا جماعيًا نادرًا    لفتيت :برنامج النقل الحضري بواسطة الحافلات (2025-2029) سيمكن من تغطية 84 مدينة وتكتلا عمرانيا    التوفيق:برنامج التأهيل الطاقي للمساجد.. تجهيز 6255 مسجدا بمعدات النجاعة الطاقية    هاميلتون:مستقبل العلاقات بين المملكة المتحدة والمغرب "واعد اليوم أكثر من أي وقت مضى"    الإجهاض يوقف شخصين في تيكوين    الفيفا يكشف عن شعار النسخ الخمس القادمة لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    انطلاق اشغال الملتقى الاول للمكتبات الوطنية العربية    منتدى مقاولاتي بطنجة يجمع فاعلين اقتصاديين من جهة فالنسيا ونظرائهم المغاربة لتعزيز الشراكة والتعاون    إنجازات مشرفة للمغرب في دورة دولية مرموقة من كأس محمد السادس للكراطي    القضاء الفرنسي يؤجل محاكمة سعد لمجرد بعد ظهور أدلة ابتزاز جديدة    أكثر من 3800 مقاولة جديدة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة خلال الربع الأول من 2025    وقاحة إدريس "البليكي والديبشخي"    الأداء الإيجابي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    مناسبة عيد الأضحى.. الباطرونا تدعو أرباب المقاولات الخاصة لإقرار الإثنين عطلة اسثنائية    موجة حر جديدة تجتاح المملكة خلال الأيام القادمة    أمانديس تدعم شباب الابتكار البيئي بطنجة من خلال رعاية "هاكاثون Code Bleu"    الناقد المغربي حميد لحمداني يفوز بجائزة العويس الثقافية    ماجدة الرومي وزياد برجي وMoBlack وSlimane ينضمون إلى قائمة نجوم الدورة العشرين لمهرجان موازين    أخبار الساحة    أسماء لمنور تتوج بجائزة "أفضل مطربة عربية" في جوائز DAF BAMA Music Awards 2025    انطلاق محاكمة سعد لمجرد بفرنسا    إسبانيا تحقق رقما قياسيا جديدا بلغ 25,6 مليون سائح أجنبي عند متم أبريل الماضي    "وقفات مع العشر".. عنوان حلقة جديدة من برنامج "خير الأيام" عبر يوتيوب    السعودية: إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    محمد الأمين الإسماعيلي في ذمة الله    أسعار المحروقات تعود للارتفاع في المغرب رغم التراجع العالمي    توقيف 79 شخصا خلال احتفالات باريس سان جرمان الفرنسي        أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا    باحثون يطورون أداة لرصد أمراض معدية في أقل من 10 دقائق    تجربة الفنان التشكيلي المغربي: سيمفونية الألوان    ديستانكت يكشف عن ألبومه المرتقب «BABABA WORLD» بمشاركة نجوم عالميين    الاتحاديات والاتحاديون سعداء بحزبهم    قدم أداء مقبولا ويحتاج إلى مزيد من العمل.. الوداد يتعثر من جديد قبل انطلاق كأس العالم للأندية    سفينة من "أسطول الحرية" محملة بمساعدات إنسانية تبحر إلى غزة من إيطاليا    دورة سادسة للمهرجان الدولي للفيلم الكوميدي بالرباط    الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة    وقفة احتجاجية بآسفي تجسّد مأساة عائلة النجار في غزة    المغرب تحول إلى عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية (رؤساء أربعة برلمانات إقليمية بأمريكا اللاتينية)    أطباء بلا حدود تحمّل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى أثناء توزيع المساعدات في رفح    الفيضانات في غرب الصين تدمر عشرات المنازل والطرق    79 معتقلا في احتفالات سان جرمان    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    









انتخابات نيابية من دون معارك انتخابية

امتلأت شوارع المدن السورية باللافتات والصور الخاصة بالمرشحين «المستقلين» إلى الانتخابات التشريعية القادمة التي من المقرر أن تجري في 22 نيسان (ابريل)، ولا وجود لأي تنافس على البرامج بين المرشحين وإنما التنافس ينحصر على مدى «الوسامة» التي يظهر فيها المرشح في الصورة أو على كبر وقوة الحملة المتمثلة في اللافتات والدعاية الانتخابية.فالمرشحون بالنسبة إلى السوريين هم عبارة عن وجوه تتشابه وتتنافر، تتشابه من حيث منظرها العام (ربطة العنق - الابتسامة - تكرار العبارات...) وتختلف من حيث غزارة انتشارها في الطرقات وكبرها وهو ما تحدده القدرة المالية للمرشح.
في البداية لا بد أن نذكّر بأن هذه الانتخابات تجري في ظل عدم تغيير في قانون الانتخابات وفي الهيئة المشرفة على الانتخابات وفي توزيع الدوائر الانتخابية وهو ما يجعلها انتخابات بلا معنى، ويجعل السوريين منكفئين تماماً عن المشاركة فيها أو حتى الاهتمام بمجرياتها.ويمكنك قياس ذلك بأشكال عدة، بسؤال عينة عشوائية من السوريين أو سائقي التاكسي الذين يعتبرون حالة مثالية لمقياس الشارع، ستجد الجواب ذاته: «لن أصوّت لأحد»، «جميعهم يعمل لنفسه»، «ماذا أستفيد منها»، وبعضهم يخبرك أنه لم يمارس التصويت والانتخاب في حياته.وعلى هذا تبدو هذه الانتخابات خالية من المعارك التقليدية التي غالباً ما ترافق العملية الانتخابية، مثل متابعة خلفيات المرشحين وبرامجهم والتكتلات الانتخابية ذات البرامج السياسية أو التنموية وغير ذلك، ويعود سبب ذلك بشكل رئيسي إلى «فهم الجميع على الجميع»، أي أن النخبة السياسية الحاكمة تعرف أن هذه الانتخابات لن تفرز تغييراً حقيقياً ولا حتى شكلياً، والمرشحون أنفسهم يدركون هذه الحقيقة المسلم بها، وبالتأكيد يعرف الجمهور السوري هذه الحقيقة أيضاً ويعيشها يومياً، ولذلك يتعامل الجميع معها بحجم «أهميتها» المفترضة. وهو ما يفسر اللامبالاة الكاملة التي تسود الانتخابات، ويمكن لمس هذه الحقيقة البسيطة عبر تعليقات السوريين على الانترنت كونها المنفذ الحقيقي والحر لتعليقاتهم، ويمكن تلمس ذلك أيضاً عبر النكات السياسية الشعبية التي تعكس ذلك وتظهره بدقة.فالنكات اليوم تزدهر تعليقاً على صور المرشحين وأسمائهم وعباراتهم، وهو ما يدعو للسخرية. خذ مثلاً عينة من هذه العبارات إذ يذكر أحد المرشحين إلى جانب صورة ضخمة له عبارة «سورية :الحضارة المتجددة» وكأن انتخابنا له سيعيد لنا المجد الغابر الذي عاشته سورية منذ آلاف السنين، وآخر يذيل صورته بعبارة «سورية أمي وأبي» ويظهر مدى البُعد العاطفي الرغبوي في الانتخابات أكثر من قيامها على برامج سياسية، وآخر يضع فوق صورته عبارة «حلويات الشرق»، وهو المحل الذي يملكه وكأنه يجري دعاية مجانية لماركته من دون دفع الضرائب الضرورية.وتبدو عبارات «معاً نبني الوطن - بالكفاءة والنزاهة نبني الوطن...» الأكثر تكراراً ومجانية في الاستخدام، إذ لا وجود لبرامج أو حتى شعارات تلامس هموم الناس وطموحاتهم. فعلى قاعدة «فهم الجميع على الجميع» يدرك الجميع أن لا معنى لهذه العبارات الجوفاء، ولا تقدم ولا تؤخر.تعود سياسة اللامبالاة الشعبية بشكل رئيسي إلى أن الدور المناط بمجلس الشعب هو دور متواضع وشكلي، إذ يستطيع رئيس الجمهورية أن يحلّ مجلس الشعب، كما أن الحكومة السورية لا تنال ثقتها من المجلس منذ عام 1970، ولا يستطيع المجلس أن يحجب الثقة عن الحكومة. كما لم يحدث أن حجب البرلمان الثقة عن أي وزير أو قام باقتراح مشاريع قوانين لمناقشتها، وإنما تحال عليه القوانين من الحكومة لمناقشتها، فضلاً عن أن مجلس الشعب ليس له أي دور في صناعة السياسة الخارجية، ولا يستطيع مناقشة قضايا حساسة ومحورية كالعلاقات السورية اللبنانية أو العراقية، وبالتالي يبقى دوره شكلياً.وبما أنه لم يجر تعديل حقيقي لقانون الانتخاب، وإنما تجري الانتخابات في ظل قانون الانتخابات السابق ذاته، مع أنه جرى تعديل شكلي جزئي للغاية يتعلق بحجم الأموال التي تنفق في الحملة الانتخابية، ولا يمت إلى صلب العملية الانتخابية التي يفترض أن تفضي إلى انتخابات ديموقراطية شفافة ونزيهة.وفضلاً عن قانون الانتخابات هناك مآخذ جوهرية تتعلق بالدوائر الانتخابية وافتراض كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، الأمر الذي يفترض مسبقاً عدم قدرة أي شخص سواء أكان مستقلاً أم ينتمي إلى حزب آخر غير حزب البعث على الوصول إلى قبة البرلمان، لأنه من المستحيل القيام بحملة انتخابية في محافظة مثل ريف دمشق مساحتها توازي مساحة لبنان. وهذا يؤكد عدم التمثيل الشعبي الحقيقي، وبذلك يكون تمثيلاً ساكناً لا يعبر عن الناخب بشكل حقيقي لأن مساحة المحافظة تكون أكبر من قدرة الناخبين على اختيار ممثلهم الحقيقي.أما موضوع الإشراف على العملية الانتخابية فيعد من أهم المآخذ على عدم شفافية الانتخابات ونزاهتها، إذ لا وجود لآلية شفافة وواضحة فيما يتعلق بالإشراف القضائي والقانوني على الانتخابات، وتكتمل الصورة تماماً عندما نعرف أن ثلثي أعضاء مجلس الشعب هم من أعضاء حزب البعث والمتحالفين معه من أحزاب الجبهة (167 عضواً من أصل 250 هو عدد أعضاء مجلس الشعب)، وهؤلاء ينجحون بالتزكية من دون أي منافسة انتخابية ولم يذكر مرة سقوط أي منهم منذ عام 1974 رغم حصول بعضهم على أدنى الأصوات لكنه يخرج في مقدمة أسماء الناجحين والأمثلة أكثر من أن تكرر.كل ذلك يفسر النسبة المنخفضة جداً للمشاركة في الانتخابات التي لم تتجاوز في الدورة السابقة 7 في المائة، رغم أن النسبة الرسمية المعلنة كانت 63 في المائة وهي نسبة ضئيلة جداً، وتكشف ليس فقط فقدان الثقة بالعملية الانتخابية وإنما فقدان الثقة بالنظام السياسي، فالسوريون غير مقتنعين بالمشاركة في العملية الانتخابية، لأن هناك انعداماً للصدقية، ويكون التعبير الشعبي عن ذلك تكرار المقولة التي تسمعها يومياً أن المشاركة أو عدم المشاركة يؤديان إلى النتيجة نفسها.كاتب سوريحركة القوميين العربE-mail :raouf-b@mail.sy

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.