من عاصمة سوس.. حزب "الحمامة" يطلق دينامية شبابية جديدة للتواصل مع الشباب وتقريبهم من العمل السياسي    "كان" السيدات .. تأهل نيجيريا والجزائر    رفاق حكيمي يسقطون بثلاثية أمام تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    كرة القدم.. "فيفا" يكشف عن قرارات جديدة بخصوص صحة وفترات راحة اللاعبين واللاعبات    صاروخ يقتل أطفالا يجلبون الماء بغزة    اليمين المتطرف في بلدة إسبانية يستغل حادثة للعنف لربط الهجرة بالجريمة    وفاة رئيس نيجيريا السابق محمد بخاري    بناني والحاجي والمرنيسي يحسمون لقب "بطل المغرب" في الفروسية    تشيلسي يتوج بكأس العالم للأندية بعد فوز ساحق على باريس سان جيرمان    أطروحة دكتوراه تكشف محدودية تفاعل المواطنين مع الخدمات الرقمية بالمغرب: فقط 40% راضون        الوزيرة بنعلي تعلن الشروع رسميا في إنجاز مشروع أنبوب الغاز المغرب- نيجيريا    منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتفاعل مع فاجعة 'خزان أولاد يوسف'    انقلاب سيارة يودي بحياة ستيني بضواحي الحسيمة    نشرة إنذارية: موجة حر من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    عودة العيطة إلى مسرح محمد الخامس.. حجيب نجم النسخة الثالثة    لطيفة تطرح الدفعة الأولى من ألبوم "قلبي ارتاح".. أول ألبوم عربي بتقنية "Dolby Atmos"    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    الكوكب يراهن على خبرة الطاوسي في رحلة التحدي الكبير    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مونتينيغرو بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    تيزنيت: للسنة الثانية على التوالي..نسبة النجاح بالبكالوريا تُلامس 80%    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    إصابة أربعة أشخاص في سقوط أرجوحة بمرتيل    متحدية الحصار الإسرائيلي.. سفينة "حنظلة" تنطلق من إيطاليا باتجاه غزة    "فيفا" يُنصف حكيمي: أفضل مدافع في مونديال الأندية بأرقام دفاعية وهجومية مذهلة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يأسف لتطورات اعتصام قصبة تادلة ويحذر من نشر مشاهد صادمة دون ضوابط    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    بملتقى فكري مفتوح حول «السؤال الثقافي: التحديات والرهانات»، بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. الاتحاد الاشتراكي يفتح نقاشاً ثقافياً استعداداً لمؤتمره الثاني عشر    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة        "عدالة" تنبه إلى التدهور المقلق للوضع الحقوقي بالمغرب وتدعو لإصلاح يضمن الحقوق والحريات    انتهاك صارخ لقدسية الأقصى.. مستوطنون يقتحمون قبة الصخرة ويؤدون طقوسًا تلمودية في ذكرى خراب الهيكل    مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة    شفشاون: يوم تواصلي حول تفعيل مضامين الميثاق المعماري والمشهدي لمركز جماعة تنقوب ودوار الزاوية    ألمانيا تدعو إلى إجراء مفاوضات عملية وسريعة لحل النزاع التجاري مع الولايات المتحدة    الرابطة المغربية للشباب والطلبة تختتم مخيم "الحق في الماء" بمركب ليكسوس بالعرائش    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    صحافي أمريكي: الملياردير جيفري إبستين صاحب فضيحة شبكة الدعارة بالقاصرات كان يعمل لصالح إسرائيل    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    صدور كتاب عن قبيلة "إبقوين" الريفية يفكك الأساطير المؤسسة لقضية "القرصنة" عند الريفيين    تقرير: المغرب ضمن 3 دول أطلقت سياسات جديدة لدعم الزراعة الشمسية خلال 2024    يديعوت أحرونوت: موجة هجرة إسرائيلية غير رسمية نحو المغرب في خضم الحرب    طنجة.. إغلاق مقهى شيشة بمحيط مالاباطا بعد شكايات من نزلاء فندق فاخر    من ضحية إلى مشتبه به .. قضية طعن والد لامين جمال تتخذ منحى جديدًا    أسعار الذهب تتجاوز 3350 دولارا للأوقية في ظل التوترات التجارية العالمية    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة    الطبخ المغربي يتألق في واشنطن.. المغرب يحصد جائزة لجنة التحكيم في "تحدي سفراء الطهاة 2025"        بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    علماء ينجحون في تطوير دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لعدة سنوات    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بمخفر الشرطة كان القرار
نشر في التجديد يوم 11 - 07 - 2013

«سليم»، الفتى الطيب، الخدوم بإجماع ساكنة الحي، كان وحيد أبويه لا يتوانى عن تقديم خدماته منذ صغره إلى جميع أهل الحي، وفي غفلة من الجميع تحول مدلل والديه إلى «وحش كاسر»، وعمره لا يتعدى 14 ربيعا.
البداية فضول
بدأت القصة برغبة «سليم» في تجربة «شرب الدخان» إسوة بزملائه في القسم، حيث سجلت وقائع جنبات المؤسسة التعليمية التي كان يدرس بها أولى الخطوات التي قادته نحو الإدمان .. كانت البداية فضول تذوق سيجارة عابرة..تلتها سجائر ثم الحشيش..القرقوبي..السكر لينتهي بالإدمان على مختلف الموبقات.
بوجه يعلوه حزن دفين، فتح سليم قلبه ل»التجديد» للحديث عن ماض صار يخجل منه، تذكر ذلك الفتى الطموح المحب للحياة، الذي تحول بدون شعور إلى كائن لا يطاق، يقول «سليم» :» كانت البداية بشم نفس أعقاب السجائر، إلا أن رغبتي في تجربة السجائر التي اعتبرتها يوما ما رمزا للرجولة كانت كبيرة، فصرت أشتري علبة السجائر وأدخن في جنبات المؤسسة التي أدرس بها رفقة أصدقاء لي، كنا نتحدى بعضنا من سيدخن أكثر..».
وكأنه يريد أن يعكس نقطة تحول درامي في حياته، تنهد سليم ، وأضاف بحزن اضح أن علبة السجائر تحولت إلى جلسات «حشيش» تم «قرقوبي» وكل أنواع المخدرات. كان يهرب وزملائه من حصص الدراسة إلى مكان بعيد للاستمتاع بلحظات من الهدوء.. وفي ظرف أقل من سنة، «ساءت حالتي النفسية، وأهملت دروسي، وفصلت من
الإعدادية..وغرقت في الإدمان، طردوني من المؤسسة بسبب دخولي يوما وأنا «مبوق»، ومحاولتي التحرش بزميلة لي في الساحة وأمام الملأ».
إشكالية المال
في هذا المستوى المتقدم من «البلية»، كما يعبر كثيرون، لم يعد المال الذي يأخذه «سليم» من والدته كافيا لشراء تلك السموم، فصار يبيع بعضا من ملابسه الغالية من أجل توفير المال الكافي لذلك، حينها إنتبهت الأم أخيرا إلى التغيير الذي طرأ على صغيرها، وبعد مشاداة كلامية في صباح أحد الأيام أصيبت الأم بصدمة حين علمت أن ابنها لا يتعاطى السجائر فقط بل يتعاطى لكل أنواع المخدرات..حينها أعلنت الأم حالة الطوارئ بالبيت، وأخبرت والده الذي اختار أن يكون «حازما» ويطرده من البيت لولا توسل بعض كبار الحي لإرجاعه إليه.
انقطع التمويل عن «سليم» فكانت السرقة وبيع بعض الأشياء الثمينة بالبيت مصدرا لتوفير بعض المال من أجل توفير مصروف ‘'البلية'' كما يحلو له أن يسميها.
مرت سنتان .. تغير «سليم»، وصار شخصا آخر، يقول: « حين يحل المساء أجدني أترنح من اجل إيجاد أي مبلغ مالي لشراء «البلية»، وحين تفشل كل محاولاتي كانت والدتي ملاذي الأخير، أتوسل إليها مرة، وأصرخ في وجهها، وأهددها بالانتحار مرات عديدة، أحيانا كانت ترضخ للأمر الواقع وتمنحني المال وأخرى تبكي من حرقتها أو تضربني مما يجعل مني إنسانا آخر «وحشا كاسرا» أكسر كل ما أجده أمامي، أخرج إلى الحي وأصرخ بأعلى صوتي شاتما الجميع، تم أذهب جريا إلى المقهى عساي أجد من يمنحني ولو نفسا واحدا يهدئ الآلام التي أشعر بها.
هزة ضمير
تجربة مرة عاشها سليم لمدة سنتين، إلا أنها انتهت بحمد الله، ولم تعد إلا «ذكرى أليمة»، يقول سليم موضحا: « في إحدى نوباتي الهستيرية، طلبت من والدتي بعض المال إلا أنها رفضت منحي ولو درهما واحدا، صرخت كعادتي، دخلت المطبخ وكسرت بعض الأواني ربما يرق قلبها الحنون لحالتي، إلا أنها أصرت على تجاهلي. دخلت غرفتها لسرقة محفظة نقودها إلا أني تفاجأت بها تدخل الغرفة وبعد مشاداة كلامية ويدوية استطعت سرقة النقود، وخرجت مسرعا إلى أول «سمسار» لشراء الحشيش، أخذت جرعتي العادية و تسمرت في مكان خالي من الساكنة وحيدا أتحسر، لكن لأول مرة لم يفلح هذا الدخان في جعلي أطير بعيدا عن هذا الواقع المر، صورة والدتي وهي تبكي لم تفارق خيالي، مما دفعني إلى أخذ جرعة أخرى من المخدر.. حينها غبت عن الوعي لأجدني بعد ذلك في المستشفى العمومي، قيل لي أن شخصا وجدني ملقى على الأرض فأخبر الأمن..».
كان «سليم» يرتعش خلال حكيه لهذه المرحلة بالضبط، بعد صمت طويل..قال: «أعتبر دخولي إلى مخفر الشرطة بعد أن استفقت من غيبوبة بداية جديدة لحياتي، لا ولن أنسى الصوت الصاخب لذلك الشرطي، كان يؤنبني على إدماني للمخدرات، حدثني عن أسرتي وعن مستقبلي... لدرجة أنه صفعني مرتين دون أن أنبس بكلمة..لم أكن أقوى على قول شيئ، ورغم تعامله العنيف معي كنت أشعر أنه يعاملني وكأنني ابنه، وتأكد لي هذا الأمر حين حضرت والدتي إلى مخفر الشرطة في الوقت الذي رفض فيه والدي الحضور بدعوى أنني «شوهت» صورته أمام الناس .. سقطت والدتي أرضا تطلب من الشرطي العفو عني، كانت تبكي وتتوسل إليه من أجل ألا يزج بي في السجن .. منظر مؤثر جدا جعلني أندم على تصرفي الأخير معها وعلى كل تصرفاتي السابقة وهي التي كانت تعاني الأمرين بين «جبروت» والدي و»طيشي»..
حين تعالج الشرطة
بعد لحظات من صمت حزين، استرجع سليم مشاعره نحو الشرطي المنقذ. وحكى عن الدور الذي لعبه ذلك الشرطي الذي أصر-حسب ما قاله لوالدتي- على إعادتي إلى المخفر من أجل أن يثنيني عن هذه الطريق المظلمة التي اتخذتها بدون تفكير..وعدته ألا أعود إلى تلك السموم، ووعدني أن يكون أبا وصديقا لي حين أحتاج لمساعدة أو تضيق بي الحياة..خرجت من المخفر أقبل رأس ويد والدتي وذهبنا مباشرة إلى معالج نفسي من أجل الإقلاع نهائيا عن تلك الآفة.
اليوم، وبعد علاج دام لشهور، ومعاناة عاشتها والدة «سليم» استطاع هذا الأخير أن يعيش حياة هادئة كالآخرين، يتابع دراسته في مؤسسة خاصة وابتعد بشكل نهائي عما أسماهم رفقاء السوء، وكل أمله أن يتفهم والده -الذي لا يزال غاضبا منه-أن التعاطي للمخدرات هو بمتابة مرض يصيب الإنسان. هذه آخر عبارة آخر ما قالها «سليم» وهو يقاوم دموعا تمردت وخطت على خديه شهادة ندم عميق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.