توسعت ظاهرة الاعتداء على رجال ونساء التعليم وتنامت بشكل مقلق مؤخرا، فلا يمر يوم دون وصول خبر تعرض أستاذ أو أستاذة لاعتداء، سواء بالعنف الجسدي المبرح أو اللفظي، ناهيك عن الاستفزاز والتحرش وأحيانا الاغتصاب في حق الأستاذات. ورغم التنديد والشجب المتواصل ضد هذه الاعتداءات إلا أن دار لقمان، كما يقال، ما تزال على حالها. إن الأغرب في الظاهرة هو انخراط من يجب عليه توفير الحماية لرجال ونساء التعليم في ممارسة العنف ضدهم، كما حصل أخيرا مع إحدى المعلمات بمراكش حينما هاجمهما شرطيان، وكما حصل أول أمس الثلاثاء ببلدة الشماعية باليوسفية حيث انهال باشا المدنية بالضرب والركل في حق حارس عام كان في مهمة المداومة الذي صادف يوم عطلة بمناسة عيد الاستقلال ، وذلك بسبب مطالبة هذا الأخير للباشا بضرورة احترام القانون قبل الولوج إلى المؤسسة لأخذ صور لمختلف مرافقها. تقرير لمنظمة تعليمية منظمة التضامن الجامعي المغربي سجلت في آخر تقرير لها وقوع حوالي 203 حالة اعتداء في حق رجال ونساء التعليم على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربوية والتكوين في المغرب. وأوضح التقرير أن حالات التعنيف بلغت 105 حالة داخل المؤسسات التعليمة، و98 حالة في محيط المؤسسات التربية، بينما سجل الوسط الحضري 156 حالة مقابل 47 في الوسط القروي. وتصدرت جهة الدارالبيضاء الكبرى، وفق المصدر، الجهات المغربية، حيث سجل بها 29 حالة اعتداء على رجال التعليم، بينما سجلت 16 حالة بجهة طنجةتطوان، ولم يسجل التقرير بالأقاليم الجنوبية للمغرب أية حالة. وبخصوص ماهية "الاعتداء" كشفت المنظمة التي تعنى بالدفاع عن موظفي القطاع وتكوينهم، أن الاعتداءات المسجلة تتضمن عنف جسدي، ويهم القتل آو الضرب وبلغت 119 حالة، بالإضافة للاغتصاب وبلغت 35 حالة، والتحرش الجنسي ب 31 حالة و18 حالة عنف لفظي. كما أشار التقرير إلى أن اغلب الحالات لا تتعلق بالمجال التربوي، إذ يبقى الاعتداء من قبل أطراف تربوية ضئيل ولم يسجل إلا 59 حالة اعتداء من قبل الطلاب و9 حالات بين الإداريين والأساتذة .كما كشف التقرير أن 191 حالة اعتداء في حق الأطر التربوية تمت من قبل غُرباء، أضحى الفضاء المحيط بالمؤسسات التربوية والتعليمية وجهة لهم. إعفاء نائب التعليم بسبب الاعتداء على استاذة فضيحة اعتقال المعلمة نعيمة رجاح من داخل الفصل وأمام أعين تلامذتها بإحدى مؤسسات مدينة مراكش تابعها الرأي العام محليا ووطنيا بشكل غير مسبوق، خصوصا وأن نائب الوزارة بمراكش أمزيان سبق أن أوقفها "توقيفا احترازيا" غير مسنود لا بملف تربوي ولا إدار ، ومما زاد الطين بلة استدعاء النائب لرجال الأمن ليتمّ اعتقالها من داخل المؤسسة التعليمية التي تشتغل بها مما جعل النقابات التعليمية الخمس تتوحد وتتضامن كما دخلت منظمات حقوقية على الخط ليتم في الأخير إعفاء النائب من طرف الوزير رشيد بلمختار وذلك بسبب الاعتداء الذي تعرضت له أستاذة في 57 من عمرها. اعتداء مدير بآلة حادة على استاذ مدير مجموعة مدارس مريحلة التابعة لدائرة تسية إقليمتاونات سبق ان اعتدى بالضرب على أستاذ بحديدة أصابته في مؤخرة رأسه في اجتماع تربوي، و وصل الملف إلى القضاء وتمت إدانة المدير بالحبس النافذ والغرامة، لكن اعتداء هذا المدير ازداد بعدما رفضت الوزارة ومعها اكاديمية الحسيمة إعفائه من مهامه، بل تمت إعادته إلى نفس المؤسسة بعد توقيف لستة أشهر. نقل الظاهرة للبرلمان قبل أيام أثارت مجموعة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ظاهرة الاعتداءات التي تطال رجال ونساء التعليم بمجلس المستشارين، و التمست المجموعة من وزير التربية الوطنية ضرورة التدخل لحماية رجال ونساء التعليم، وقدمت المجموعة عددا من النماذج التي أثارتها الصحافة الوطنية و شددت على ضرورة تفعيل الدورية المشتركة بين وزارات التعليم والعدل والداخلية، وهي الدورية التي تنص على توفير الأمن في محيط المؤسسات التعليمية وتخصيص رجال الأمن ورجال القوات المساعدة أمام أبواب المؤسسات التعليمية. لكن ورغم هذا تبقى هذه الإجراءات غير كافية بدليل ارتفاع ظاهرة الاعتداءات داخل وخارج المؤسسات التعليمية، علما أن عددا من المؤسسات نهجت طريقا آخر عن طريق التعاقد مع شركات للأمن الخاص طلبا للأمن للتلاميذ وللأساتذة على السواء. الكتابة الوطنية للجامعة الوطنية لموظفي التعليم بدورها وقفت خلال اجتماعها الأسبوع المنصرم على الاعتداءات التي بات يتعرض لها بعض أفراد الأسرة التعليمية داخل وخارج المؤسسات التعليمية واستنكرتها بشدة، وطالبت بالتصدي لتنامي ظاهرة هذه الاعتداءات، ودعت كل المتدخلين المعنيين إلى الانخراط الجماعي قصد الحفاظ على حرمة المؤسسات، والأطر التربوي. ناهيك عن محاربة كل مظاهر الانحلال والميوعة داخل وفي محيط المؤسسات التعليمية.