الادخار الوطني بلغ 29,3 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي خلال الفصل الثاني من 2025 (مندوبية)    الأداء السلبي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    "أسطول الصمود" يقترب من منطقة خطر الاعتراض الإسرائيلي    "نشرة حمراء" وراء توقيف فرنسي بمراكش        مارسيل خليفة يهدي تكريم مهرجان وجدة السينمائي إلى غزة    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. النرويج تفوز على نيجيريا وفرنسا تهزم جنوب إفريقيا    وزارة ‬الخارجية ‬الأمريكية ‬تبرز ‬مؤهلات ‬المغرب ‬ك»قطب ‬استراتيجي‮»‬ ‬للأعمال ‬والصناعة    مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال16 لمعرض الفرس بالجديدة    القضاء يتابع 35 شابا من "جيل Z" عقب الاحتجاجات الأخيرة    "فيفا" يعاقب جنوب إفريقيا ويعتبره خاسراً أمام ليسوتو بسبب إشراك لاعب غير مؤهل    نيكول كيدمان وكيث أوربان يصلان إلى الانفصال    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    أسعار الذهب تسجل ذروة قياسية جديدة    الدبلوماسية ‬المغربية ‬تطوي ‬المرحلة ‬الأخيرة ‬بدينامية ‬فائقة ‬السرعة    رشاوى ‬واختلاسات ‬لمسؤولين ‬جزائريين ‬كبار ‬أمام ‬القضاء ‬الإسباني ‬    "جيل Z" الجزائري يهدد بإعادة الشارع إلى الواجهة... والنظام العسكري في حالة استنفار    المغرب والولايات المتحدة يختتمان مناورات "ماروك مانتليت 2025" لمواجهة الكوارث    ترامب يعلن خطة لإنهاء حرب غزة وسط تشكيك محللين في جدواها    تصعيد ‬عسكري ‬جزائري ‬ضد ‬المغرب    حين يسأل الملك... وتصمت الدولة    بوريطة يترأس في نيويورك مشاورات مع دول الساحل لتفعيل المبادرة الملكية نحو الأطلسي    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    شباب المحمدية يفصح عن نواياه مبكرا بثلاثية في مرمى أمل تزنيت    بلدية ميلانو تمنح الضوء الأخضر لبيع سان سيرو لميلان وإنتر    "كولومبيا U20" تفوز على السعودية    احتجاجات "جيل زد": دينامية اجتماعية بلا سياق سياسي واضح!    الصحراء المغربية.. هلال يرد "دون جدال أو عدائية" على تصريح وزير الخارجية الجزائري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    القوات العمومية تتدخل لمنع تجمهرات مجهولة المصدر دون تسجيل أي إصابات أو خسائر    إيقاف شخص يحرض على الخروج للشارع من أجل الاحتجاج    طقس الثلاثاء ممطر في بعض مناطق المملكة    كيوسك الثلاثاء | المغرب الأول بشمال إفريقيا في الحد الأدنى للأجور    جيل زد المغربي.. احتجاجات تعيد رسم المخيلة السياسية    اتفاق جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لتعزيز تسويق منتجات الأقاليم الجنوبية    ممثلة مطورة بالذكاء الاصطناعي تغضب هوليوود    وكالة "فيتش" تؤكد تصنيف المغرب عند "بي بي+" مع نظرة مستقبلية مستقرة    المجلس الجماعي للجديدة يعقد دورة أكتوبر في جلستين    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم    المغرب يحذر "الإيكاو" من خطورة المناطيد الهوائية على سلامة الطائرات                        القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم    وجدة تحتفي بالسينما المغاربية والدولية في الدورة 14 للمهرجان الدولي المغاربي للفيلم    بنسعيد: الراحل سعيد الجديدي أغنى المكتبة الوطنية بإنتاجات أدبية وصحفية قيمة        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نشر الصور المنافية للآداب العامة بالمغرب..بين الحظر القانوني والممارسة الواقعية وغياب المسؤولية
نشر في التجديد يوم 15 - 08 - 2005

هل المشكل في القوانين والشرائع؟ أم أن المشكل في الأشخاص الذين لا يلتزمون بها أو الذين يطبقونها بسوء نية؟ الدافع إلى طرح هذه الأسئلة هو إثارة موضوع حساس تختلط فيه الرؤية الشرعية مع توجه القانون الوضعي والممارسة الواقعية، بالإضافة إلى اختلاف رؤية الناس إليه. إن المسألة تتعلق بنشر وتوزيع الصور والأفلام المنافية للآداب العامة كما يصفها القانون في المغرب. سوف لن نقحم الشريعة الإسلامية في هذا الموضوع، حتى لا نعطي لأي أحد ذريعة اتهامنا بنصب محاكم التفتيش أو محاربة الفن أو إعداد المجانيق لرجم هذا التيار أو ذاك. سيقتصر الأمر فقط على استفتاء بعض آراء الناس فيما ينشر أو يعرض أو يذاع من أعمال أقل ما يمكن أن نقول عنها أنها منافية للآداب العامة وفق الاصطلاح القانوني. إذا كان القانون صريحا في تجريم كل ما من شأنه أن يخدش الحياء العام، فلماذا هذا التواطؤ حول السكوت عن إثارة أشياء تتجاوز الخطوط الحمراء، هل تطبع الناس مع هذه المشاهد الخليعة ولم يعد هناك أي وخز ضمير أو غيرة في النفس تدعو إلى الاستنكار أو الإدانة، أم أن الناس سكتوا ولم يعد لهم أي أمل في التغيير، أو هو الخوف من إثارة الموضوع حتى لا يتهم
أحد بالتطرف والرجعية إلى آخره.
إعطني كشكا أشخص لك بلدك
جولة صغيرة في مدينة كالرباط، سيلفت نظر الزبون، وهو يمر على أكشاكها، تلك المرأة التي تتصدر إحدى الجرائد المغربية، وهي تجلس في وضع غير محتشم، تعرض كل ما لديها للقارئ أو المار أو الزبون. بجانب الجريدة، توجد مجلة مغربية فركنفونية، تحتوي على صور بل تعرض وضعية جنسية صادمة بين رجل وامرأة، في جرأة تخدش من له الحياء. أكيد أن الاطلاع على كشك ما سيعطيك حالة البلاد التي يوجد بها، فهو مجمع صغير لكل الأفكار والتيارات والنوازع، بل ولكل المتناقضات التي ينبض بها قلب المجتمع، وربما سيصدق هذا المثل: إعطني كشكا أشخص لك بلدك. كان الأمر سهلا بالنسبة لهذا الاستطلاع، وهو أن نقف بجانب كشك ما، لنستطلع آراء الناس حول مسألة معينة، وهي لماذا لم يعد المغاربة يحتجون على رؤية ما يمس حياءهم، سواء ضد ما ينشر أو يعرض على الشاشة؟
محمد يحمل عاهرة
اشترى محمد، رجل في الخمسين من عمره، جريدة تتصدر صفحتها الأولى امرأة شبه عارية، لم يتحمل الرجل السؤال حول السبب الذي دفعه إلى شراء الجريدة؟ أسقط في يد الشيخ قبل أن يتمالك نفسه ويجيب بأنه أثاره الموضوع وليس الصورة، رغم أن السؤال كان عاما، إلا أنه فهم القصد بسرعة، مبديا امتعاضه لعرض الصورة، لكنه رحب بالموضوع، الذي يتحدث عن الدعارة بالمغرب. تفهم محمد أننا لا نتحامل ضد أي جريدة أو أي جهة معينة، وإنما نقوم بمهمة صحفية، لرصد التحولات التي عرفها مجتمعنا في تعامله مع الصورة العارية. بادر الرجل، متقاعد وصادف أن كان يوم استخلاص معاشه الشهري، من تلقاء نفسه قائلا لقد تغيرت عادات عديدة بالمغرب منها عرض الصور الفاضحة، وأنا أخجل أن أذهب بمثل هذه الجرائد إلى البيت وأفضل أن أقرأها في المقهى، مؤكدا استنادا إلى تاريخه الشخصي ورصيده المعرفي، أن المغرب تغيرت فيه كثير من القيم، وأنه كان من شبه المستحيل أن يرى مثل الصورة التي يحملها، حتى في العقود الأخيرة من تاريخ البلد. وبالنسبة لمحمد، لم يعد هناك أي فرق بين الصورة الجامدة والأخرى المتحركة في الشارع، وربما أنه كانت هناك نية لجعل الصورة الأولى تفضي حتما إلى
الثانية، إلا أن الشيء المؤكد عند الرجل هو أن التحول حصل منذ دخول الحماية الفرنسية إلى المغرب.
هل القانون متطرف؟
بدأت تتسرب مثل هذه الصور رويدا إلى العلن، يصرح موظف بوزارة العدل، ويمكن القول إنه في كل مرة كانت هناك جرعة زائدة من الجرأة في عرض الصور غير المحتشمة، مثل ما يعرض على شاشات القناتين المغربيتين من لقطات خليعة، لقد أصبح هناك نوع من التطبع التدريجي مع رؤية المناظر غير المحتشمة، يضيف ي.س، معبرا عن التحول الذي عرفته الشاشة الصغيرة في عرضها للأفلام الغربية والمدبلجة. ويضرب لذلك مثلا آخر هو القبلة بين الجنسين التي كانت في وقت من الأوقات تخضع للرقابة، ويتم حذفها، أما الآن فقد زاد الأمر عن القبلة، حسب الموظف المذكور، وتحولت بعض الأفلام إلى عرض لقطات خليعة بين الرجل والمرأة، وفي وضعيات مختلفة ومخجلة. ويتوقع ي،س، حسب المعطيات والتطورات الحالية أن تصبح قنوات متخصصة في عرض الأفلام الجنسية. وفي إجابته عن سؤال إن كان يشاهد بعض الفلتات الفاتنة صحبة أسرته، قال الموظف إن الأمر غالبا ما يقع أثناء مشاهدة الأفلام العربية، التي بدورها تخطت حدود الحشمة.
أما بالنسبة لجمال، شاب في مقتبل العمر، اعتبر أن تساؤلنا حول مسألة عرض الصور الخليعة، هو في حد ذاته تشدد من قبلنا وأن إثارة هذا الموضوع هو إحياء لمحاكم التفتيش القديمة وتسلط على اختيارات الأشخاص، واستغلال ديني من قبل البعض في حسابات سياسية ضيقة. وحسب رأيه، ينبغي أن لا نتشدد في الأمر، لأن المسألة عادية وترتبط بمعايير نسبية، فما هو ممنوع في هذا المجتمع قد لا يكون كذلك في بيئة أخرى، كما أن الحياة عرفت تحديثا في كل شيء وليس من المعقول أن نبقى حبيسي عهود الظلام. لم نكن نتصور أبدا أن يثير هذا الموضوع مثل هذه الحساسية، وقد أبدى الشاب جمال، وهو صاحب مطعم، رعونة كبرى، في مناقشته لفكرة منع عرض الصور أو الأفلام المنافية للآداب العامة، لكن المسألة التي لم يستطع أن يقبلها وهي أن المنع منصوص عليه في القانون المغربي، وأن المسألة متعلقة بتطبيق القانون لا غير، ولم نطرحها حتى على خلفية التحريم الشرعي أو الديني.
وجهة نظر مختلفة
لكن عائشة، ربة بيت وذات ثقافة واسعة ومجازة في الشريعة وتفتخر بالتزامها الديني، لها وجهة نظر مخالفة لجمال، ورغم أننا قدمنا لها الموضوع من الوجهة القانونية الصرفة، إلا أنها أكدت أن الجهات المسؤولة لا تقوم بواجبها في منع كل ما هو مخالف للأخلاق الحميدة والآداب الإنسانية المتعارف عليها، وأنه ليس عيبا أن نقول إن بعض الجرائد والقنوات التلفزية أو بعض المنشورات بصفة عامة تقوم بانتهاك مبادئ ديننا الحنيف أولا ثم بخرق دستور البلاد ثانيا، الذي يعتمد الشريعة الإسلامية كمصدر من مصادر التشريع. ولا توافق جمال الرأي حول فكرة نسبية الأخلاق، بل تعتبرها منسجمة مع فطرة الإنسان بصفة عامة، هذه الأخيرة تمج كل ما يخدش الحياء العام، حتى في البلدان غير المسلمة. وتعتبر عائشة أن ما يعرض أو ينشر من صور خليعة يمس بالشعور الديني للأفراد ويسبب ضررا بالغا لهم، بالإضافة إلى تأثيره على التربية السليمة للأطفال، نحن نعيش فعلا حصارا قويا من كل جانب في البيت والشارع والكشك... وأن الجميع مسؤول عن هذه الحالة، تضيف عائشة، معبرة عن وجهة نظر غالبية المغاربة التي تستمد أفكارها وسلوكها اليومي من موروثها الحضاري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.