في تقرير صادر عن شبكة "أفروباروميتر" البحثية، يتضح أن النساء المغربيات ما زلن يواجهن التحرش والعوائق في الوصول إلى المساواة في مجالات التوظيف والسياسة، رغم الإصلاحات القانونية والسياسات الحكومية. وأظهر الاستطلاع، المنشور في نهاية أكتوبر 2025، أن ثلاثة من كل عشرة مواطنين يقولون إن الأزواج أو أفراد العائلة يمنعون النساء من العمل المدفوع الأجر "غالباً" أو "دائماً"، وأن أكثر من أربعة من كل عشرة يرون أن التحرش الجنسي بالنساء في الأماكن العامة يحدث "غالباً" أو "دائماً"، مع مطالبة ثلاثة أرباع المستجوبين بأن تقوم الشرطة والمحاكم بجهود أكبر لحماية النساء والفتيات من التمييز والتحرش.
يأتي هذا في سياق إقليمي يحتل فيه المغرب المرتبة العاشرة من أصل 14 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفق تقرير فجوة النوع الاجتماعي العالمي لمنتدى الاقتصاد العالمي لعام 2025، الذي يصنف المغرب في المرتبة 137 من أصل 148 دولة عالمياً، مما يبرز التحديات الإقليمية الأوسع في تعزيز المساواة بين الجنسين، كما يعكس الالتزامات الدولية للمغرب بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، خاصة الهدف الخامس الذي يدعو إلى مشاركة كاملة وفعالة للمرأة وفرص متساوية للقيادة في جميع مستويات صنع القرار. المغربيات والحرمان من التعليم أُجري الاستطلاع في فبراير 2024 بقيادة شركة "جلوبال فور سورفاي أند كونسالتينج"، حيث تم مقابلة عينة تمثيلية وطنياً من 1200 مواطن مغربي بالغ مع هامش خطأ يبلغ +/-3 نقاط مئوية عند مستوى ثقة 95 بالمائة، ويغطي الاستطلاع جوانب متعددة من تمكين المرأة، بما في ذلك التعليم والتوظيف والقيادة السياسية والتحرش الجنسي، مع التركيز على آراء المواطنين في مواجهة الجهود الحكومية. وفقاً للتقرير، رغم تحقيق النساء المغربيات مساواة مع الرجال في التعليم الثانوي والما بعد الثانوي (58 بالمائة للرجال مقابل 57 بالمائة للنساء)، إلا أنهن أكثر عرضة لعدم الحصول على تعليم رسمي (18 بالمائة مقابل 14 بالمائة)، ويقول 15 بالمائة من المستجوبين إن العائلات تمنع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة "غالباً" أو "دائماً" لأنها تعطي الأولوية لتعليم الأولاد، وهذا الرقم يرتفع إلى 28 بالمائة في المناطق القرىية و33 بالمائة بين الذين يعانون من الفقر المعيشي المعتدل أو العالي. كما يشير التقرير إلى أن 27 بالمائة يقولون إن الفتيات التلميذات يواجهن التمييز أو التحرش أو طلبات للإيحاءات الجنسية من معلميهن "غالباً" أو "دائماً"، وهذا الرأي أكثر شيوعاً بين الفقراء (39 بالمائة) والنساء (32 بالمائة) والشباب (32 بالمائة) والسكان الحضريين (29 بالمائة) والمثقفين عالياً (30 بالمائة). في السياق الدولي، يذكر التقرير أن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لعام 2014 أكد أن تقدم التنمية البشرية لن يتحقق إلا إذا حققت النساء والفتيات حقوقهن الكاملة في جميع مجالات الحياة، بينما في السياق الإقليمي، يعكس تصنيف المغرب المنخفض التحديات المشتركة في المنطقة، حيث تظل الفجوات في المشاركة الاقتصادية والتمكين السياسي كبيرة رغم الالتزامات بمعاهدات دولية مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. المرأة والعمل والسياسة في مجال التوظيف، يبرز التقرير فجوة كبيرة بين الرجال والنساء في سن العمل (18-65 عاماً)، حيث يعمل الرجال بدوام كامل بنسبة 47 بالمائة مقابل 12 بالمائة للنساء، وبدوام جزئي 23 بالمائة مقابل 6 بالمائة، بينما 69 بالمائة من النساء غير موظفات وغير يبحثن عن عمل مقارنة ب18 بالمائة من الرجال، ومن بين النساء في سن العمل، يعرفن أنفسهن كربات بيوت بنسبة 54 بالمائة وكطالبات بنسبة 20 بالمائة، وفقاً لأفروباروميتر. أما العوائق الرئيسية أمام دخول النساء سوق العمل وتقدمهن فيه، فيرى 30 بالمائة من النساء و37 بالمائة من الرجال أن النساء لا يواجهن عوائق خاصة، بينما يقول 21 بالمائة من النساء و27 بالمائة من الرجال إن عدم قبول المجتمع لعمل المرأة هو العائق الرئيسي، و14 بالمائة من النساء يشيرن إلى نقص الترتيبات العملية المرنة أو عن بعد، و13 بالمائة إلى نقص رعاية الأطفال، و10 بالمائة إلى نقص التعليم أو المهارات اللازمة، و8 بالمائة إلى تفضيل أصحاب العمل توظيف الرجال. كما يؤكد التقرير أن 30 بالمائة من المواطنين يقولون إن النساء يُمنعن من العمل المدفوع الأجر "غالباً" أو "دائماً" من قبل أزواجهن أو أفراد عائلتهن، وهذا الرقم يرتفع إلى 42 بالمائة في المناطق القروية، و45 بالمائة بين غير المتعلمين رسمياً، و49 بالمائة بين الذين يعانون من الفقر المعيشي المعتدل أو العالي، بينما ينخفض إلى 20 بالمائة بين ذوي التعليم ما بعد الثانوي وذوي الفقر المعيشي المنخفض أو غير الموجود. يربط التقرير هذه النتائج بالجهود الحكومية، مثل إطلاق الإطار الاستراتيجي لخطة الحكومة للمساواة 2023-2026، الذي يشمل برنامج تمكين المرأة اقتصادياً لزيادة مشاركتها في قوة العمل، ويركز على ثلاثة محاور رئيسية، بما فيها تعزيز الإدماج الاقتصادي للمرأة وريادتها، ومنع العنف القائم على النوع الاجتماعي ومكافحته، وتعزيز القيم المتساوية بين الجنسين في المجتمع، وتم تطوير الخطة بالتشاور مع الوزارات الحكومية والجهات المعنية في المجتمع المدني، ويشرف عليها اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، كما أنشئت لضمان تنسيق السياسات والمساءلة. في السياق الإقليمي والدولي، يشير التقرير إلى أن هذه العوائق تعكس الفجوات الأوسع في المنطقة، حيث يؤكد برنامج الأممالمتحدة الإنمائي على استراتيجية المساواة بين الجنسين 2022-2025، التي تهدف إلى إعادة التفكير في الأنظمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية لجعلها شاملة ومستدامة، بينما في المغرب، يعزز دستور 2011 هذه الالتزامات بتكريس المساواة بين الرجال والنساء وحظر التمييز وتفوق الاتفاقيات الدولية المصادق عليها على القوانين الداخلية، كما ذكر التقرير نقلاً عن الشبكة اليورو-متوسطية لحقوق الإنسان. أما في مجال القيادة السياسية، فيشير التقرير إلى أن النساء يشكلن تقريبا نصف سكان المغرب لكنهن يتحصلن فقط 24 بالمائة من مقاعد البرلمان. ويقول 65 بالمائة من المواطنين إن النساء يجب أن تكون لهن فرصة متساوية مع الرجال في الانتخاب للمناصب العامة، مقابل 30 بالمائة يرون أن الرجال قادة أفضل ويجب أن يُعطوا الأولوية في الصناديق الانتخابية. وهذه الآراء مستقرة على مدى العقد الماضي (من 2013 إلى 2024)، مع فارق كبير بين الجنسين حيث يؤيد 82 بالمائة من النساء المساواة مقابل 49 بالمائة من الرجال، كما تختلف الآراء حسب الديموغرافيا: 68 بالمائة في المدن مقابل 60 بالمائة في القرى، و71 بالمائة بين الشباب (18-35 عاماً) مقابل 55 بالمائة بين كبار السن (56 عاماً فما فوق)، و74 بالمائة بين ذوي التعليم ما بعد الثانوي مقابل 55 بالمائة بين غير المتعلمين، و72 بالمائة بين ذوي الفقر المعيشي المنخفض مقابل 61 بالمائة بين ذوي الفقر المعتدل أو العالي، وفقاً لأفروباروميتر. مطالب بالحماية من التحرش بالنسبة للتحرش الجنسي، يقول التقرير إن 43 بالمائة من المغاربة يرون أن النساء يتعرضن للتحرش الجنسي في الأماكن العامة مثل الأسواق أو الشوارع أو وسائل النقل العام "غالباً" أو "دائماً"، مقابل 38 بالمائة يقولون "نادراً" و16 بالمائة "أبداً"، وهذا الرأي أكثر شيوعاً بين النساء (48 بالمائة مقابل 38 بالمائة للرجال) والسكان الحضريين (51 بالمائة مقابل 26 بالمائة في القرى) والشباب (46 بالمائة مقابل 34 بالمائة لكبار السن)، كما يرتفع مع مستوى التعليم من 32 بالمائة بين غير المتعلمين إلى 50 بالمائة بين ذوي التعليم ما بعد الثانوي. أما إذا قدمت النساء أو الفتيات شكاوى حول التمييز أو التحرش في أماكن مثل المدارس أو أماكن العمل أو الأماكن العامة، فيقول 62 بالمائة إنهن "من المحتمل جداً" (22 بالمائة) أو "من المحتمل إلى حد ما" (40 بالمائة) أن يُصدقن، مقابل 35 بالمائة يقولون "غير محتمل جداً" أو "غير محتمل"، وهذا الرأي متساوٍ بين الجنسين (62 بالمائة لكل)، لكنه يرتفع مع التعليم من 56 بالمائة بين غير المتعلمين إلى 66 بالمائة بين ذوي التعليم الثانوي. ومع ذلك، يطالب 75 بالمائة من المغاربة الشرطة والمحاكم ببذل جهود أكبر لحماية النساء والفتيات من التمييز والتحرش، بما في ذلك 28 بالمائة يقولون "جهود أكبر بكثير" و48 بالمائة "جهود أكبر إلى حد ما"، وهذه المطالبة أعلى بين النساء (79 بالمائة مقابل 71 بالمائة للرجال) والسكان الحضريين (78 بالمائة مقابل 69 بالمائة في القرى) وذوي التعليم العالي (78 بالمائة-80 بالمائة مقابل 66 بالمائة-72 بالمائة لذوي التعليم الأقل). كما يخلص التقرير إلى أن تمكين المرأة في المغرب عمل قيد التنفيذ، حيث تتطابق النساء مع الرجال في التعليم العالي لكنهن متخلفات كثيراً في سوق العمل بسبب الأعراف الاجتماعية والتحيزات في التوظيف، ودعم الفرص المتساوية في القيادة السياسية واسع لكنه غير إجماعي خاصة بين الرجال، والتحرش الجنسي في الأماكن العامة بما في ذلك المدارس مصدر قلق كبير، مع ثقة في أن الشكاوى ستُصدق لكن مطالبة باستجابة أكثر فعالية من الشرطة والمحاكم.