لمح لإجرائه بعد مؤتمر الاستقلال..أخنوش: التعديل الحكومي يخضع للدستور وسنحدد أولويات جديدة    جلالة الملك يهنىء عاهل مملكة الأراضي المنخفضة وصاحبة الجلالة الملكة ماكسيما بمناسبة العيد الوطني لبلادهما    CDG Invest..تحفز تحول اللوجستيات الحضرية نحو حلول خالية من الكربون    من بينهم الرجاء والوداد.. "الفيفا" تمنع 12 فريقا مغربيا من التعاقدات    بنموسى يكشف عن نسبة التلاميذ المدخنين ويتجه نحو منع الظاهرة في المدارس    طلبة الطب يقررون تعليق كل الخطوات الاحتجاجية وفسح المجال للحوار    درنا الرقمنة بكري.. الوزيرة مزور فتحات كونكور مدير التحول الرقمي ومن الشروط تجيب خمس نسخ ورقية من الضوسي باش دفع للمنصب    حزب الاستقلال يعقد مؤتمره محسوم النتيجة    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    أخنوش: رفع الدعم على "البوطا" مرتبط بالحوار الاجتماعي وملف "أساتذة التعاقد" تم حسمه    أسعار النفط ترتفع وتتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    "مكتب الفوسفاط" يجمع ملياري دولار من طرح سندات لتمويل خطته للتحول الأخضر    أخنوش.. هذا ما يمنع الزيادة في أسعار "البوطاغاز"    رغم القمع والاعتقالات.. التظاهرات الداعمة لفلسطين تتواصل في العالم    الصين تتعبأ لمواجهة حالات الطوارئ المرتبطة بالفيضانات    السعودية قد تمثَل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    أخنوش: لا سنة بيضاء في كليات الطب ونهدف إلى إصلاح شامل لمنظومة الصحة    رسميا.. بدر بانون يعود لأحضان فريقه الأم    بطولة إفريقيا للجيدو... المنتخب المغربي يفوز بميداليتين ذهبيتين ونحاسيتين في اليوم الأول من المنافسات    انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس "مولان روج"    الجو غيتقلب.. غيام وشتا رعدية فأقصى جنوب بلادنا ومتفرقة فمرتفعات الأطلس الكبير والصغير    انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا" بالعرائش    جمع أزيد من 80 كيس دم في حملة للتبرع بجرسيف    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    "لمسات بألوان الحياة".. معرض تشكيلي بتطوان للفنان مصطفى اليسفي    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    زلزال استقالات يضرب الخارجية الأمريكية بسبب دعم بايدن لحرب إسرائيل على غزة    عدد العمال المغاربة يتصاعد في إسبانيا    معرض لفلاحة 16 بمكناس كبر وخاصو يتوسع. دورة مقادة كان مشكوك فيها 3 اشهر. اقبال كبير وتجاوب مزيان وحركة دايرة    قفروها الكابرانات على لالجيري: القضية ما فيهاش غير 3 لزيرو.. خطية قاصحة كتسناهم بسبب ماتش بركان والمنتخبات والأندية الجزائرية مهددة ما تلعبش عامين    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    القبض على مطلوب في بلجيكا أثناء محاولته الفرار إلى المغرب عبر إسبانيا    وزير دفاع إسرائيل: ما غنوقفوش القتال حتى نرجعو المحتجزين لعند حماس    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    تسليط الضوء بالدار البيضاء على مكانة الأطفال المتخلى عنهم والأيتام    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    طنجة تحتضن ندوة حول إزالة الكربون من التدفقات اللوجستية بين المغرب و أوروبا    أخنوش: الحكومة تقوم بإصلاح تدريجي ولن يتم إلغاء صندوق المقاصة    نهضة بركان تطرح تذاكر "كأس الكاف"    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    المغرب يستنكر بشدة اقتحام متطرفين المسجد الأقصى    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    الأمثال العامية بتطوان... (582)    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في كلمة توجيهية للحجاج الميامين
نشر في التجديد يوم 21 - 12 - 2005

وزعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شريطا سمعيا لتوجيه حجاجنا الميامين لأداء مناسكهم. وفي هذه الكلمة التوجيهية، قدم الدكتور محمد عز الدين توفيق، خطيب مسجد عقبة بن نافع بالدار البيضاء، إرشادات فقهية وتربوية للحجاج المغاربة وبين فيها شروط الحج المبرور وبعض المحاذير التي يجب تفاديها في أداء هذه الشعيرة الهامة في حياة المسلمين.
الشرط الثالث: الخلو من الإثم
أيها الحاج الكريم، أيتها الحاجة الفاضلة: أما الشرط الثالث من شروط الحج المبرور فهو أن يكون خاليا من الإثم بأي وجه من الوجوه، حتى لا تزاحم هذه الآثام ما فعله من عبادات ومناسك وذكر.
لا مكان في هذه العبادة للفسوق ولا مكان فيها للجدال ولا للرفث، قال الله تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقوني ياأولي الألباب). والله سبحانه وتعالى الذي فرض الحج عندما نهى الحاج عن الرفث والفسوق والجدال فلكي يصون حجه، فلا يضيع منه ثوابه.
إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس؟. قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال عليه الصلاة والسلام: المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج وصدقة وبر، ويأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأكل من مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته أخذت من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.
فيا أيها الحاج الكريم، إنك معرض أن تكون من هؤلاء المفلسين الذين يقعون في الاعتداء على الأنفس والأعراض والأموال، فتضيع منك حسناتك، ويذهب ثواب حجك، فعندما تضرب بغير حق وعندما تسب وتشتم، وعندما تزني وتغتاب، وعندما تسرق وتغصب، وعندما تأخذ مالا ليس لك، فإنك تضيع ثواب حجك، لأن هذه مظالم وحقوق سيأخذ أصحابها حسناتك عوضا عن حقوقهم ومظالمهم.
إنك ستحتك في الحج بأنواع من الناس فيهم الحجاج وفيهم البعثة الإدارية والعلمية والصحية التي تكون معك وفيهم المسؤولون عن الحج من تلك البلاد، ومنهم سكان تلك البلاد، التجار والمسؤولون عن العمارات والمساكن، فانتبه. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم: المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه، وقال في حجة الوداع: ياأيها الناس إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل بلغت؟.
من حسن الخلق في الحج
ومن حسن الخلق في هذه الرحلة المباركة أن تعطي الأسبقية للنساء والعجزة في الحافلة والطريق وفي المطاف وفي المسعى، وإذا استطعت أن تعين تائها فأعنه، وإذا استطعت أن تسعف جريحا أو ضعيفا أو مريضا، فلا تبخل إذا كنت قادرا على تقديم المساعدة.
لا تروع مسلما ولا تحمل في الزحام ما يؤذي الناس، كن سهلا لين الجانب كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان في سفره وفي صحبته وفي عشرته خير الناس، هذا الحج مدرسة، والتلاميذ في كل مدرسة بين متفوق ومتوسط وضعيف.
إن في الحج فوائد، ولكن لا يعود الحاج بهذه الفوائد إلا إذا كان حريصا، وإذا كان السفر يكشف عن معادن الرجال، فليكشف سفر الحج عن معدنك النفيس، ويبرهن أن معدنك ليس من النوع الرخيص.
إن الله تعالى يقول عن بلده الحرام عن مسجده الحرام وعن بيته الحرام :(ومن دخله كان آمنا)، فلا تعاند إرادة الله تعالى، واحرص على سلامة غيرك مثلما تحب أن يحرص الغير على سلامتك، اتبع التعليمات سواء تلك الآتية من المكلفين بك والمسؤولين عنك، أو تأتي من المسؤولين في تلك البلاد.
لا حرج أن تطلب حقك، ولكن اطلبه برفق ولا تطلبه بعنف، وإذا كان هذا الحق هينا يسيرا، فتسامح فيه، وكن مؤثرا لأخيك، وإذا كان غيرك أحق منك فانصفه واعدل معه.
حسن خلقك في مطار بلدك وعلى متن الطائرة وعند الوصول وفي الفندق وفي المسجد وفي السوق وفي مكة وفي منى وفي عرفات ومزدلفة والمدينة المنورة وفي كل مكان.
راقب نفسك وحاسبها باستمرار، فهذا العدو الذي يريد أن يفسد عليك حجك أو يضعف أجرك فادفعه، واسمع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، قال: إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم، فقد يحتقر الحاج جدالا أو مراء أو يحتقر كل ما لا يلقي له بالا، فيسب أو يقذف أو يغتاب، يحقر في عينيه شيئا يقوله أو يفعله، والشيطان فرح بذلك مسرور به، فاحذروه على دينكم واسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم :إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم، فتأمل هذا الكلام النبوي، إنك أتيت تريد بهذه المناسك وجه الله تعالى، فالشيطان عندما عجز أن يمنعك فإنه يحرش بينك وبين أخيك، وإن أكثر ما تفعله الشياطين في هذا الموطن هو التحريش بين المؤمنين. قال تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم).
إنها أيام معدودات
اذكر أيها الحاج أنها أيام معدودات وأيام قلائل، وبقليل من الصبر تنتصر بعون الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حج فمن لم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه . وقال الله تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج). فكيف تصل إلى الذي ظلمته وقد اتجه إلى بلده، واتجهت إلى بلدك؟
ومن أجل ذلك كن متسامحا، فأخلاقك هي التي ستزين حجك، وتصون ثوابك، إنك تمثل بلادك، إنك تمثل إسلامك، فاذكر قوله تعالى:(إنما المومنون إخوة)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: مثل المومنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
لا تنس أنك في جهاد
لا تنس أنك في جهاد من أول السفر إلى آخره، فالحج جهاد غيرأنه لا سلاح فيه ولا قتال، وعندما يكون المسلم في جهاد فإنه لا يكثر من شروط الترفه، فإنه لا يصرخ ولا يتفوه بسوء، وإذا طالب بحقه طالب به برفق وهدوء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، فاملك نفسك عند الغضب، فإنما هو طعام دون طعام، وسكن دون سكن، وأيام قلائل، وإياك أن تزدري نعمة الله عليك، واذكر من هم دونك من الحجاج، وإذا كانت لك رفقة فأحسن صحبتها، وإذا كان لك أمير فأطعه واسمع له، فإن طاعته في المعروف من طاعة الله ورسوله.
وإن من حسن الخلق في هذا السفر أن تعتمد على نفسك، فلا تكثر سؤال الناس فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس، وقد تحتاج إلى أخيك فلا حرج أن تستعين به، ولكن اعتمد على نفسك ولا تسأل إلا عند الحاجة، حتى تعتمد على نفسك. ولا تكثر من سؤال الناس فخذ ما تحتاجه من لباس ونفقة ونقود. وعندما تكون هناك، فتصرف في ما لديك من مال وزاد برشد حتى لا تستعجل بإنفاق ما في يدك، وتشتغل بشراء الهدايا في الأيام الأولى، ثم لا تجد ما تنفقه على نفسك وما تنفقه لشراء هديك أو الركوب والانتقال، فحضر قبل أن تسافر لوازم السفر، إذا كان الشيء ضروريا فلا تتركه، وإذا لم يكن ضروريا ولا تحتاجه فلا تثقل به نفسك، فإن من الحجاج من يثقل نفسه بلباس زائد وطعام زائد وأوان زائدة، ومنهم من يغفل عن أخذ ما هو في حاجة إليه. فما تحتاجه فخذه، وما لا تحتاجه فاتركه وهذا يعينك في الاعتماد على نفسك، ويجنبك كثرة سؤال الناس.
فضل المدينة مثل فضل البلد الحرام
أيها الحاج الكريم، أيتها الحاجة الكريمة، سواء كانت زيارتك للمدينة المنورة قبل الحج أو بعده، فإن لهذه المدينة حرمة مثلما لمكة، ولها فضل مثلما للبلد الحرام، فهي مدينة نبينا صلى الله عليه وسلم، وهي مهبط الوحي، وهي ملتقى المهاجرين والأنصار، وهي موطن الذين تبوؤوا الدار والإيمان، وهي دار الهجرة وفيها قبر الرسول عليه الصلاة والسلام. إنها أفضل بقاع الأرض بعد مكة، وهي حرم آمن مثلها، فإبراهيم عليه السلام حرم مكة المكرمة، ونبينا صلى الله عليه سلم حرم المدينة المنورة.
وزيارتها ليست من مناسك الحج، ولكنها زيارة مشروعة، فالصلاة في المسجد النبوي أفضل من ألف صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام، فإذا أكرمك الله تبارك وتعالى واتجهت لزيارتها، فاحرص أثناء مقامك على مسجدين وثلاثة مقابر؛ أما المسجدان فهما المسجد النبوي ومسجد قباء، وأما المقابر: فالحجرة النبوية ومقبرة البقيع ومقبرة شهداء أحد، فإذا وصلت المدينة المنورة وعرفت مسكنك، واسترحت قليلا، فاتجه إلى المسجد، وصل تحية المسجد أو فريضة من الفرائض، واتجه إلى الحجرة الشريفة.
وإذا كنت أمام القبر الشريف، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقل: السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يارسول الله ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك أديت الأمانة وبلغت الرسالة ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده حتى أتاك اليقين وجزاك الله خيرا عنا وعن هذه الأمة خير ما جزى به نبيا عن أمته ورسولا عن قومه. تقول هذا أو غيره، فالمهم أن تكون زيارتك للمسجد وزيارتك للحجرة زيارة شرعية خالية من البدع والمحدثات، فإنه صلى الله عليه وسلم علمنا كيف نزور المقابر، ما نقول وما نفعل، وإذا فرغت من السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم على أبي بكر الصديق وسلم على عمر بن الخطاب، الخليفتين الراشدين والشيخين الجليلين رضي الله عنهما وأرضاهما، وادع لهما كما دعوت للنبي صلى الله عليه وسلم.
إنما يستغاث بالله تعالى
إياك أن تستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإياك أن تدعوه من دون الله تعالى، أو تسأله من الحاجات ما يسأل من الله عز وجل. قال صلى الله عليه وسلم:إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله تعالى، وقال في وصيته لعبد الله بن عباس رضي الله عنه: إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله. إنه سبحانه وتعالى يقول: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).
ولا ترفع صوتك في المسجد النبوي، ولا ترفع صوتك أمام الحجرة، فقد وجب له صلى الله عليه وسلم بعد مماته ما وجب له في حياته. قال تعالى: (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم).
أيها الحاج الكريم، أيتها الحاجة الكريمة، كان ذلك الشرط الثالث للحج المبرور وهو أن يكون خاليا من الإثم.
وبقي الشرط الرابع وهو أن يكون هذا الحج من نفقة طيبة.
الشرط الرابع:
أن يكون من نفقة طيبة
إن الحج عبادة بدنية ومالية، لا يؤدى في نفس البلد كما الشأن بالنسبة للصلاة، ولكنه يؤدى بمكة وبالمشاعر حولها، وهذا يحتاج إلى مال. لذلك جعله الله تعالى مشروطا بالاستطاعة، والاستطاعة هي صحة البدن ووفرة المال اللازم للسفر، فلا يجوز أن يحج بالمال الحرام، لأن الحج عبادة، والله تعالى لا يمحو السيئة بالسيئة، لكنه يمحو السيئة بالحسنة: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، فيكون المال الذي يحج به الحاج نفقة طيبة خالية من الحرام والشبهة.
وإن مما يجب على الحاج فعله قبل سفره، إذا كانت عليه ديون أن يردها إلى أصحابها، وإذا كان لا يقدر فإنه يكلمهم ويطلب منهم التأجيل، ويخبرهم عن سفره، فإذا عاد من حجه أدى ما لهم عليه، ويخبرهم بالذي سينوب عنه في تسديد ديونه إذا توفاه الله تعالى، ويكتب ذلك في وصيته، أو يعهد بذلك إلى بعض أقاربه أو أصدقائه حتى يعلم ديونه، فإذا عاد سددها، وإذا قدر الله تعالى عليه الوفاة علم أصحابه بمبالغ ديونه، فنابوا عنه في إيصالها إلى مستحقيها.
الحج لا يحلل الحرام
ليعلم الحاج أن الحج ليس وسيلة لتبييض الأموال حتى يظن أنه إذا ولغ في الأموال واختلسها وأخذها بغير وجهها سرقة أو رشوة أو نهبا أو ربا أو غير ذلك، أنه إذا حج يمحو الحج عنه ما فعل، وتصير تلك الأموال المحرمة محللة في يده بالحج، فإن الله تبارك وتعالى طيب لا يقبل إلا طيبا.
ومن تمام حجته، أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى ولا تستكمل التوبة شروطها حتى يندم على ما فات، ويقلع عما كان يفعل مما حرم الله عليه، وأن يعزم في المستقبل ألا يعود. وإذا تعلقت التوبة بحقوق الناس، عليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها.
أنت مأجور إن شاء الله
أيها الحاج الكريم، أيتها الحاجة الفاضلة هذه هي الشروط الأربعة للحج المبرور: أن يكون خالصا لله تعالى، وأن يكون تاما غير منقوص، وأن يكون خاليا من الإثم، وأن يكون بنفقة طيبة، فإذا كان حجك هكذا، فإن ما أصابك منه من ظمإ أو نصب أو جوع، وكل خطوة تخطوها وكل نفقة تنفقها، وكل واد تقطعه فهو مكتوب لك، فلا تكثر الشكاية، ولا تتكلم بعد العودة بما ينفر الناس، بل ما رأيت من خير فانشره، وما رأيت من سوء فاستره، فإنك مأجور على كل ما مر بك، مثاب على كل ما أصابك.
في ضيافة الرحمان
أيها الحاج، أيتها الحاجة،إنك في ضيافة الرحمان، فتوكل على الله، وامض في هذه العبادة، ولا تخف إلا من الله عز وجل، ولا تسمع للكلام الذي يرعب قلبك ويخيف نفسك، فإن الله تعالى أخبرنا أن ابراهيم عليه السلام بنى هذا البيت ودعا، ودعوته مستجابة إلى يوم القيامة، وقد أتى عليه السلام بزوجته هاجر ومعها ابنها إسماعيل وتركهما بمكة، وليس بمكة يومها أحد، وكان عندها طعام قليل وماء قليل، وعندما سألته: ألله أمرك بهذا؟. قال: نعم. قالت: إذن، لا يضيعنا الله.
فتأمل كلام هذه المؤمنة الصالحة تقول هذا، وليس بمكة أحد، معها زاد قليل وماء قليل. وعندما نفد زادها وماؤها أتى الملَك، وضرب بطرف جناحه الأرض، فخرج ماء زمزم فشربت وأرضعت وأتى الناس في ما بعد، وسكنوا، وصارت مكة آهلة بعد أن كانت خالية. فإذا هاجر تقول:إن الله لا يضيعنا، ومكة خالية، فماذا يقول الحاج ومكة بحمد الله تعالى آهلة وفيها من وسائل الراحة ما فيها، وفيها ما يحتاجه الحجاج في الطعام والشراب واللباس والدواء والسكن. وعاما بعد عام، تتحسن الخدمات، وكل ذلك من دعوة هذا النبي الكريم: (ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون).
عند الرجوع
أيها الحاج الكريم، أيتها الحاجة الكريمة:عندما ترجع إلى بلدك، وتعود إلى ديارك فتشبث بهذه التوبة ما استطعت، فإن من علامات الحج المبرور أن يكون حال الحاج بعد الرجوع أحسن منه قبله، وذلك من أمارات القبول.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل حجك مبرورا وسعيك مشكورا وذنبك مغفورا، وأن تذهب وتعود سالما غانما، وألا يكون حجك آخر عهدك بهذه البقاع المقدسة، وهذه الأودية المباركة.
وأسأل الله تعالى أن يحفظ حجاجنا في سفرهم وإقامتهم في ذهابهم وإيابهم، إن الله تبارك وتعالى سميع قريب مجيب.
لبيك اللهم لبيك
حين وقف إبراهيم عليه السلام في مكان مقفرلا ماء فيه ولا زرع، لم يكن ليسمعه أحد. لكن الله أمره أن يرفع القواعد من البيت مما يعني أن البيت كان موجودا من قبل وقد حج إليه آدم عليه السلام، وعليه فالبيت وضعه الله وإبراهيم مع إسماعيل رفعا القواعد فقط ليرتفع بناء البيت، ولما فرغا من البناء أمره أي إبراهيم أن يؤذن بالحج، لم يسأل إبراهيم ربه بعدم وجود من يسمعه، بل أسرع بتنفيذ الأمر الإلهي، فعليه التنفيذ وعلى الله البلاغ:(وأذن بالناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامرياتين من كل فج عميق)، وهكذا وصل النداء إلى كل أرواح المؤمنينن وهم في أصلاب أجدادهم حتى قبل ولادتهم، لذلك حين نصل إلى الميقات في طريقنا تنطلق الحناجر: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك و الملك لا شريك لك، استجابة لهذا النداء الإبراهيمي الخالد ومعناه: ها نحن قادمون إليك وحدك يارب، تاركين وراءنا كل شيء: الأهل والأولاد والوطن والأموال متجردين من كل شيء إلا من إيمان صادق وخرقة ثوب بيضاء غيرمخيطة، فلك الحمد ولك الشكرعلى ما يسرت لنا من حج وما رزقتنا من صحة ومال حلال، يمكناننا من أداء هذه الفريضة، فأنت وحدك لا
شريك لك من وفقتنا لهذا، فلك الحمد على ما أنعمت علينا ولك الحمد على ما ستنعمه علينا بعد الحج.. .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.