دورة المجلس الوطني ( السبت 17 ماي ) : بيان المجلس الوطني    تشديد شروط الهجرة: عقابٌ للمهاجرين أم تراجعٌ عن المبادئ؟    وانطلق قطار المؤتمر الوطني الثاني عشر    أعوان الحراسة والنظافة بزاكورة يحتجون رفضاً للهشاشة ويطالبون بالإدماج في الوظيفة العمومية    جامعة محمد الخامس تحتفي بالابتكار الهندسي في الدورة الرابعة لليوم الوطني للابتكار التكنولوجي    المغرب ‬يسعى ‬إلى زيادة ‬صادراته من ‬السيارات ‬نحو ‬مصر    الرباط تستضيف أشغال الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين    مليونا شخص يتضورون جوعا في غزة    مكتب بايدن يعلن إصابته بسرطان البروستاتا وانتقال المرض إلى العظام    نتانياهو يؤكد أن إسرائيل ستسيطر على قطاع غزة بالكامل    سفارة الصين بالمغرب: فيديو الملك الراحل الحسن الثاني وهو يدافع عن الصين بالأمم المتحدة حصد أكثر من 100 ألف إعجاب خلال يومين فقط على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية    التلفزيون الجزائري في قلب فضيحة دعائية: بث مشاهد إسبانية كمزاعم عن "نفق سري" بين المغرب والجزائر    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة .. وهبي: "اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل"    أنشيلوتي: مودريتش سيقرر مصيره بهدوء.. وهذه نصيحتي لثلاثي المستقبل    مباريات السد.. السوالم يواجه أولمبيك الدشيرة والحسنية تلاقي رجاء بني ملال    المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة يحرز فضية كأس أمم افريقيا    توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين    مديرية الأمن الوطني توفر لموظفيها خدمات تفضيلية من "رونو" المغرب    تيزنيت : شركة نجمة سكن ترد على مقال "فضائح المشاريع السكنية بتيزنيت.."    السينما الصينية تتألق في مهرجان كان: جناح خاص يعكس ازدهار الإبداع السينمائي الصيني    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    وهبي: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم    إيران ترفض اتهامات تجسس بريطانية    زعيم كوريا الشمالية يزور مقبرة شخصية عسكرية بارزة في ذكرى وفاته    قادة "البام" يكرمون الراحل فضلي    .    النصيري يسكت صافرات استهجان    وزيرة ثقافة فرنسا تزور جناح المغرب في مهرجان "كان" السينمائي    ارتفاع حركة المسافرين بمطار الحسيمة بنسبة 19% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    توقيف شخصين بفاس والبيضاء بشبهة حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    "حماة الوطن عيون لا تنام".. شريط فيديو يستعرض دور الأمن الوطني في حماية الوطن والمواطنين (فيديو)    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    نهائي "كان" أقل من 20 سنة.. المغرب يخسر أمام جنوب إفريقيا بهدف دون رد    اتحاد يعقوب المنصور يحقق إنجازا تاريخيا بالصعود للقسم الأول لأول مرة    ابتداء من 25 مليون.. فرصة ذهبية لامتلاك سكن بمواصفات عالية في الناظور    انقلاب حافلة محملة بكمية كبيرة من مخدر الشيرا (صور)    الجواز المغربي في المرتبة 67 عالميا.. وهذه قائمة الدول التي يمكن دخولها    إحباط محاولات اقتحام جماعية لمدينة سبتة    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    أخنوش يمثل أمير المؤمنين جلالة الملك في حفل التنصيب الرسمي للبابا ليو الرابع عشر    عروض تفضيلية لموظفي الأمن الوطني لشراء السيارات بموجب اتفاقية جديدة مع رونو المغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    الحسيمة تحتضن مؤتمرًا دوليًا حول الذكاء الاصطناعي والرياضيات التطبيقية    حموشي يوقع اتفاقية مع "رونو المغرب" لتوفير عروض تفضيلية لموظفي الأمن    رقمنة القوة: دور الشركات الكبرى في السياسة الدولية    الجديدة : انطلاق تصوير الفيلم الجديد ''ياقوت بين الحياة والموت'' للمخرج المصطفى بنوقاص    الهابيتوس عند بيار بورديو بين اعادة انتاج الاجتماعي ورأس المال الثقافي    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    متحف أمريكي يُعيد إلى الصين كنوزاً تاريخية نادرة من عصر الممالك المتحاربة    تنظيم الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 23 إلى 25 ماي الجاري    ندوة ترسي جسور الإعلام والتراث    بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج
نشر في التجديد يوم 06 - 03 - 2017

جاء انعقاد المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، في اسطنبول، في 25 و26 فبراير من عام 2017، كشافاً لما تواجهه الساحة الفلسطينية من خلافات وانقسامات، ولما يسود من مناهج في معالجة الأحداث. تمكن المؤتمر من أن ينعقد بحوالى خمسة آلاف مشارك ومشاركة، وأن يُصدر بياناً عبّر عن اتجاهه العام، وأرسى هياكل كما يفعل كل تنظيم أو جمعية أو مؤتمر يريد لأهدافه أن تنزل إلى التطبيق.
قوبِل المؤتمر، بسبب ضخامة المشاركة فيه، بمواقف تأييدية واعتراضية، وحظي باهتمام واسع. وإن كان التأييد قد فاق الاعتراض كثيراً ولا سيما مع صدور بيانه، ومع انجلاء أهدافه ومراميه. صدر اعتراض سريع وغاضب من سلطة رام الله ومن أنصارها، اعتبر أن انعقاد المؤتمر أُريدَ منه تشكيل م.ت.ف موازية، أو بديلاً للتمثيل الفلسطيني. وهذان لم يخطرا ببال أحد فيه، لا قبل المؤتمر ولا بعده.
بل أُريدَ فيما أُريد من المؤتمر أن يسهم في الضغط لإعادة بناء م.ت.ف التي أطاح بها اتفاق أوسلو. وهو موقف يتفق من هذه الزاوية مع مواقف الفصائل المعبَّر عنها منذ العام 2005 في القاهرة. فالاعتراض هنا لا أساس له عدا اعتبار الضغط على الذين بيدهم إعادة المجلس الوطني موقفاً ممنوعاً أو عملاً مشبوهاً.
لهذا فإن كل اعتراض لا يستند إلى ما جاء في البيان، بلا تأويل، يدخل في باب التشكيك والأوهام، وسيجد نفسه على قارعة الطريق وقد طاشت سهامه. فالمؤتمر تحرُّك شعبي هدفه تفعيل فلسطينيي الخارج لإعطاء دفع جديد للقضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني فليس من حق أحد من الفلسطينيين أو العرب أو المسلمين أو أحرار العالم، أن يعتبره منافساً، أو يعترض عليه، ويرى فيه عملاً سلبياً موجهاً ضده.
وقد أوضح ذلك منذ الأسطر الأولى في بيانه الشعبي. فليُقرأ البيان كاملاً فليس فيه من باطن. ومن يبحث عن باطن ويبني عليه فقد عجز أن يقارع الحجّة بالحجّة. صدر اعتراض آخر تناول المؤتمر من زاوية أخرى، إذ اعتبر مجرد تشديد بيان المؤتمر على حق الشعب الفلسطيني في فلسطين من النهر إلى البحر، وعلى حقه في تحريرها وإقامة دولته الفلسطينية على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس بأنه "صيغة إنشائية بلاغية عاطفية انتحارية".
واعتبر هذه "الكلمات" تتساوى مع فكرة أن الفلسطينيين "لا يريدون السلام وما هي إلاّ هدية غالية الثمن تقدّم مجاناً، ووصفة سحرية لاستمرار الاحتلال والدفع بالحصول على مباركته من القوى الدولية وإدانة مجانية للشعب الفلسطيني بأنه لا يرغب بالسلام". هذا الاعتراض كان يمكن أن يُقال قبل تجربة اتفاق أوسلو وتداعياته. وذلك بالرغم من خطيئته قبل هذه التجربة.
أما أن يقال بعد تجربة اتفاق أوسلو فيدخل من باب تجريب المجرّب. ويا لهول من لا يتعلم من التجربة، ولا سيما حين تأتي النتائج كارثية وأكثر. هذا التوجّه راح ينخر في بعض عقول القيادات الفلسطينية بعد الخروج من الأردن عام 1971. وكان واحداً من الأسباب لمسلسل التنازلات، تحت حجّة الإظهار للقوى الدولية "أن الشعب الفلسطيني يرغب في السلام" حتى يكافئوه بإعطائه دولة. وها هو ذا راح ينخر من جديد بالرغم من التجربة المريرة التي انتهى إليها الوضع الفلسطيني تحت رايات السلام والتسوية السلمية، حتى وصلنا إلى أن يُطلب من الشعب الفلسطيني أن يعترف بيهودية الدولة ليقدم ورقة اعتماد جديدة بأنه "محب للسلام ويرغب فيه"، أي التخلي عن سرديته الفلسطينية للمشكلة وللحقوق والثوابت في فلسطين ويسلّم بالسردية الصهيونية التي تعتبر فلسطين هي "أرض إسرائيل" وقد اغتصبها المسلمون والمسيحيون العرب منذ آلاف السنين.
وباختصار، إن المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج إذ يُخرج مثل هذه "الجواهر" من مكنونات هذا الاعتراض يجب أن يُرى ناجحاً وفي مكانه وزمانه وأوانه، ولا حاجة إلى قول المزيد هنا. أما الاعتراض الثالث، والمناقض لتوجّه الاعتراضَيْن السابِقَيْن، فقد جاء من جانب عدد من الأصدقاء الذين نحترم شجاعتهم ومواقفهم. ولكنهم في هذه المرّة لم يصيبوا الهدف بدليل أن كل ما تضمنه بيان المؤتمر ومخرجاته جاء على عكس ما بنوا عليه اعتراضاتهم. الأمر الذي يوجب بداية تذكيرهم بمقولة لفردريك أنجلز تقول إن "المخاوف ليست برهاناً نظرياً".
وذلك بمعنى أن الذي يبني موقفه على مخاوف وشكوك أو على تقدير لا يقوم على حقائق ملموسة، يفتقر إلى البرهنة على صحته. طبعاً لا أحد يستطيع أن يتخلى عن المخاوف والشكوك، فذلك أمرٌ لا مفرّ منه في العقل الإنساني. ولكن يجب أن يكون حذراً، خصوصاً إذا أصدر حكماً أو اتخذ موقفاً. البعض عارض المؤتمر وحرمه من مشاركته الإيجابية بسبب انعقاده في تركيا.
وحجته أن "تركيا تعترف بإسرائيل" وهي "عضو في الناتو"، فضلاً عن سياساتها عموماً. وهو اعتراض له ما يسوّغه لو أن تركيا تدخلت في المؤتمر وفرضت وصايتها عليه، أو فرضت بياناً غير الذي صدر، أو لو حتى ظهر مسؤول واحد في جلساته. فتركيا سمحت بعقد المؤتمر من دون أن تضع أي شرط على من يحضره (الأغلبية جاءت بلا تأشيرة)، ويشارك فيه، أو على قراراته أو بيانه. ومن يدقق في بيان المؤتمر ومخرجاته المختلفة، وما أُلقي من خطابات أو ما جرى في ورش العمل، فلن يجد أثراً لأي تدخل أو إملاء خارجي، أو محاولة تدخل في شأن المؤتمر. وبهذا تكون التهمة قدمت شهادة لتركيا وليس عليها.
وليلحظ مثلاً كيف يؤدي الموقف الخاطئ المبني على المخاوف والشكوك إلى أن يضع الحَبّ في طاحونة من يعتبره خصماً. وإذا تركنا كل ذلك فماذا سيقول الذين اعترضوا على المؤتمر بسبب مكان انعقاده حين يقرأون أنه أوصى بجعل مقره الدائم في بيروت. وأولى جلسات أمانته الموسّعة الأولى بعد المؤتمر في بيروت أيضاً. مشكلة الذين ذهبوا بعيداً في الاعتراض على المؤتمر سيجدون بيانه قد حصر نفسه بالشأن الفلسطيني في ما يتعلق بقراءة أساس القضية الفلسطينية باعتبار الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق في فلسطين، وفي تقرير مصيرها وفي تحريرها وإقامة دولته على كامل ترابها من النهر إلى البحر، كما حقه باستخدام اختيار أي شكل من أشكال النضال (الاستراتيجية والتكتيك) لتحريرها والعودة إليها.
وكما مرّ أعلاه، شدّد المؤتمر على إعادة بناء منظمة التحرير وتشكيل مجلس وطني بما يلتقي مع مواقف كل الفصائل. كما ركز على نقد اتفاق أوسلو وإدانته، والمطالبة بالتخلص من آثاره وتداعياته ونتائجه (أي لا مفاوضة ولا اعتراف ولا صلح). وأكد المؤتمر، استناداً إلى المنطلقات والمواثيق الأولى، وإلى التجربة الفلسطينية، على ضرورة النأي عن المحاور العربية والدولية المتصارعة أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والدول كافة. وهذه الموضوعة كانت دائماً في الساحة الفلسطينية نقطة خلافية في تقريرها كما في تطبيقها.
والمؤتمر انحاز إلى تأكيد الالتزام بها. ولا سلطان له على من يأخذ بالرأي الآخر ويطبقه. والحكم الفيصل دائماً بالنتائج المترتبة على كل سياسة، ولا سيما في ساحتنا الفلسطينية. وإن المعيار هنا مَنْ يجعل بوصلته فلسطين ونضاله المباشر ضد من يحتل فلسطين. وأخيراً إن المؤتمر يفتح ذراعيه لكل فلسطيني (كنت أتمنى لو لكل عربي ومسلم وحرّ في العالم) يوافقه على بيانه أن يشارك فيه. وهو مفتوح لكل من اعترض ثم وجد في بيانه وتوجهاته صواباً.
فعندنا انتفاضة في القدس والضفة الغربية، وعندنا مقاومة جبارة في قطاع غزة وتعاني حصاراً وتواجه أخطار حربٍ جديدة. هذا وينتظرنا ترامب بتهديداته ووعيده، الأمر الذي يفرض على المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أن يُسهم في تفعيل فلسطينيي الخارج في دعم فلسطينيي الداخل جنباً إلى جنب مع الفصائل والحراكات الشبابية وكل من يحمل كتفاً في المواجهة الراهنة والقادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.