الاتحاد العام للشغالين بالحسيمة يشرف على تأسيس مكتب نقابي لأصحاب سيارات نقل البضائع    منصة "إفريقيا 50" تشيد بالتزام المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس لفائدة التنمية بإفريقيا    الرؤية الملكية في مجال النهوض بالاستثمارات الخارجية مكنت من تحويل التحديات الى فرص    تقرير.. المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وفرت 5212 سريرا إضافيا برسم سنة 2023    محاضر جرائم الأموال تؤرق مسؤولين ومنتخبين بتطوان    القناة الأولى تستحوذ على جوائز مهرجان مكناس    توقيع اتفاق تعاون بين الإيسيسكو وليبيا في المجالات التربوية    "زمن الجراح من الريف الى الحوز" اصدار جديد للكاتب خالد مسعودي    شهر ماي ساخن: تصعيد واسع للجبهة الاجتماعية ضد الحكومة : إضرابات، وقفات واحتجاجات للعديد من القطاعات دفاعا عن مطالبها المشروع    بوريطة يستقبل وزير خارجية مملكة البحرين    قوات الاحتلال الإسرائيلي تداهم رفح وتسيطر على المعبر الحدودي مع مصر    الحكومة تبرر وقف الدعم الاجتماعي المباشر ب"الغش" في المعطيات    طنجة.. ربيع جاكاراندا للمسرح المتوسطي يحتفي بتنوع الثقافات    الرباط: يوم تواصلي تحسيسي لفائدة مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي    كأس الكونفدرالية: تحكيم سنغالي لإياب النهائي بين نهضة بركان والزمالك المصري    توقعات أحوال الطقس غدا الخميس    توقيف شخصين بحي العرفان في حالة تلبس بحيازة وترويج المؤثرات العقلية    السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية    هل له آثار جانبية؟.. "أسترازينيكا" تعلن سحب لقاحها المضاد ل"كورونا" من جميع أنحاء العالم    أسترازينيكا تعلن سحب لقاحها لكوفيد من الأسواق    وسط استمرار القلق من الآثار الجانبية للقاح «أسترازينيكا»..    الجيش الملكي يواجه نهضة الزمامرة لتعبيد الطريق نحو ثنائية تاريخية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    سلا تشهد ولادة عصبة جهوية للألعاب الإلكترونية    مشروع قانون يتعلق بمناطق التسريع الصناعي يحظى بمصادقة مجلس المستشارين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    لوحة الجمال والعار    قرار تحويل "درب عمر" يصطدم بتمرد أصحاب "الطرافيكات"    التقنيون يواصلون احتجاجهم ويستنكرون تغييب ملفهم عن جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    مشاركة البطل الطنجاوي نزار بليل في بطولة العالم للقوة البدنية بهيوستن الأمريكية    الركراكي مدربا جديدا لسريع واد زم    منتخب الصغار يواجه كرواتيا وإنجلترا وأمريكا    2026 هو موعد تشغيل محطة تحلية المياه بالدارالبيضاء    ياسمين عبد العزيز تصدم الجميع بحديثها عن طليقها أحمد العوضي (فيديو)    واشنطن تعلّق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب "مخاوف" بشأن رفح    تشكل موردا ماليا ل 13 مليون فرد وتشغل 40% من اليد العاملة.. الفلاحة في المغرب أمام تحديات كبيرة    النفط يتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية    تأهيل ملاعب فوق عقار تابع لصوناداك يثير الخلاف داخل مجلس جماعة البيضاء    ‮ ‬من أجل توفير الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، اتفاقية‮ ‬شراكة بقيمة ‮ ‬69مليون درهما    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    نادية فتاح تبحث مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية تمويل الحماية الاجتماعية بالمغرب    الصين: انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في أبريل إلى 3,2 تريليون دولار    مجلس الوزراء السعودي يوافق على مذكرة تفاهم مع المغرب في مجال الثروة المعدنية    نور الدين مفتاح يكتب: ثورة الجامعات    بطولة انجلترا: رفض استئناف نوتنغهام بشأن عقوبة خصم 4 نقاط من رصيده    بطولة انجلترا: ثياغو سيلفا ينضم إلى نادي بداياته فلومينينسي في نهاية الموسم    مجلس جماعة فاس يقرر إقالة العمدة السابق حميد شباط من عضوية مجلسه    "من المهم أن تفهم أن آخر شيء أريد فعله هو وضعك في السجن"    المعتقل السياسي نبيل أحمجيق يتضامن من داخل زنزانته مع انتفاضة الطلاب العالمية لنصرة غزة    وقفة تضامن في الرباط تحذر من إبادة إسرائيلية جديدة متربصة بمدينة رفح    غلاء دواء سرطان الثدي يجر "السخط" على الحكومة    وفد من حركة "حماس" في "القاهرة"    حملة بيطرية تختتم "مهرجان الحمار"    وزارة الداخلية السعودية تعلن تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجديد في تقييم الصعود والأفول ـ حول مستقبل الحركة الإسلامية – بقلم محمد الحمداوي
نشر في التجديد يوم 16 - 05 - 2008


خلصنا في المقالة السابقة إلى أن فلسفة الأطوار والمراحل المتداخلة التي تحكم الظواهر الطبيعية (مرحلة النشأة، مرحلة الصعود، مرحلة الأوج والازدهار، مرحلة الأفول، مرحلة الكمون) هي ذاتها تحكم منطق تطور الظواهر الحضارية والتاريخية والمجتمعية، والحركة الإسلامية باعتبارها ظاهرة حضارية ومجتمعية تخضع لنفس تلك الفلسفة، ومقتضاها أن الحركة الإسلامية لا تعيش مرحلة صعود مستقلة عن مرحلة الأفول والتراجع، بل تلك القوانين كامنة في جميع الأحوال. وإن شئنا أن نستحضر مثالا حول هذه المسألة، لكانت تجربة جماعة الإخوان المسلمين بغناها ورصيدها التاريخي الهام أكثر دلالة على ما نقوله، فقد عرفت طور التأسيس مع الشيخ حسن البنا بأفكارها المؤسسة، شروطا مختلفة عن طور التضييق الذي مارسه النظام الناصري على الجماعة، ثم دخلت الجماعة طورا جديدا خلال فترة السادات عرفت فيه مراحل صعود وأوج وتراجع، وبالتأكيد أن الجماعة قد دخلت طورا جديدا اليوم أهلها لتكون المنافس السياسي الأول في معارك الإصلاح المجتمعي، والثابت ضمن هذه التجربة الطويلة أن الجماعة قد مرت بأطوار، وأن كل طور قد عرف مراحل في النمو، لا يمكن أن نفهمها فقط ضمن ثنائية الأفول والصعود الحدية. ولذلك فالحركات الإسلامية ذات المنهج التجديدي، لا تهتم بسؤال الصعود، دون الوعي بقانونين الأفول، ولا تهتم بسؤال التراجع، دون العناية بعوامل الصعود من جديد، بل هي تهتم أكثر بالبحث في كيفيات تفاعلها مع شروط وقوانين تطورها صعودا أو أفولا بطريقة تركيبية. وفي هذا الصدد ينبغي الانتباه إلى أن مرحلة الصعود والنجاح في سلم تطور التنظيمات، يقتضي الاشتغال وفق المنهجية الاستيعابية، عن طريق تدارك أي فتور أو تراجع مهما بدا صغيرا أو بطيئا وعدم الانشغال فقط بالنجاحات والطمأنينة للخيارات، ، مما سيسهم في تحقيق آفاق أوسع في الكسب والعطاء والاجتهاد، تحافظ على المكاسب في مرحلة ما يمكن الاصطلاح عليه ب قمة الصعود وتمديدها، خاصة وان هذه اللحظة هي الأخطر في حياة التنظيمات البشرية، وعدم القدرة على تمديدها قد يؤدي إلى النزول المفاجئ. وفي المقابل، ينبغي الانتباه إلى أن مرحلة التراجع، تقتضي عملا استثنائيا لاستعادة المبادرة وتجنب حالات الإحباط والانهيار والاستسلام، ؛ فالاستعداد النفسي والتربوي يقوم على تثبيت معاني الصبر والأمل والحافزية، ، مما يسهم في تأكيد حقيقة أساسية وهي أن التراجع ليس حتميا وليس أبديا، بل يمكن التغلب عليه، ببذل المزيد من الجهد وتطوير القدرات والاستعدادات، أما الاستعداد الفكري فيستلزم عملية تجديد شاملة في الأفكار والوسائل والمنهجيات، بهدف عدم الارتهان لنفس عوامل الصعود في الطور السابق، لأن القاعدة تقتضي أن لكل طور عوامل صعوده وعناصر أفوله. إن هذه الاستعدادات الفكرية والنفسية ، تمكن التنظيمات من الاستئناف السريع لوظيفتها وحيويتها وفعاليتها ، خاصة وأن مرحلة التراجع يتبعها مباشرة كمون يسبق مسارين حتميتين؛ إما الزوال بالنسبة للحركة التي لا تجدد ذاتها بشكل مستمر، وإما استئناف الصعود بالنسبة للحركة التجديدية التي تقوم على التواضع والمراجعة المستمرة للتجربة وعناصر القوة والضعف. وإذا حاولنا أن نصف الوضعية الحالية لحركة التوحيد والإصلاح ، فيمكن أن نتكلم عن مرحلة صعود في طور التنظيم الرسالي، بعد انتهاء طور التنظيم الجامع الذي امتد خلال الثمانينيات والنصف الأول من التسعينيات . وتعتبر الوحدة الاندماجية بين تنظيمين إسلاميين نقطة انطلاق طور الرسالية الذي شكلت فيه المشاركة السياسية رافعة نوعية للتفاعل مع الخصوصية المغربية، وانعكس ذلك بشكل عميق على الإستراتيجية التنظيمية للحركة والتي تبلورت ضمن ما نسميه فكرة التخصصات.. وكما شرحت ذلك في السابق، فإن مرحلة الصعود في حالتنا، تقتضي العمل على إطالة المرحلة في أفق الدخول في دورة جديدة في العمل الإسلامي التجديدي، وفي ظل هذا الوعي التاريخي دخلت الحركة منعطف التخطيط الاستراتيجي ليصونها من التفكير بمنطق اليومي، وأطلقت مبادرة السؤال، التي تسهم في الوقوف عند التحديات الكبرى والتفكير في سبل الاستجابة لها، واستباق كل حالات الانسداد قبل وقوعها، أو لتجاوز حالات التراجع المتوقعة التي قد تظهر بعض بوادرها، وهو ما حاولت ندوة مجلس الشورى الأخيرة ملامسته من خلال تقييم خيار المشاركة السياسية والنظر في آفاق هذا الخيار وسبل تطويره. وهي كلها آليات تنطلق من منهج المراجعة والتجديد والتطوير المستمر، وتبتغي تحقيق المزيد من العطاءات والمكاسب، تفاعلا مع مرحلة الصعود والعمل على تمديدها، واستباقا لمرحلة الأفول والعمل على تقليصها. وهي رهانات لا يمكن تحقيقها إلا بتقوية عملية إعداد وتخريج العضو الرسالي المتفاعل بشكل إيجابي، مع تلكم المراحل (صعود أم أفول) والمنخرط بإرادة قوية وتفاؤل في النجاح.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.