دخل المغرب بشكل رسمي وإلزامي في تجربة تدريس اللغة الأمازيغية كمادة دراسية في المستوى الأول بالمنظومة التربوية ببلادنا منذ الموسم الدراسي 2004/2003، حيث أدرجها بشكل غير معمم على جميع المدارس بالبلاد، وذلك في سياق محاولة رد الاعتبار لهذه اللغة التي يتحدث بها ما يناهز 80 % من مجموع سكان المغرب البالغ عددهم 32 مليون نسمة حسب إحصائيات يناير 2011. فما هي حصيلة تدريس الأمازيغية منذ انطلاقها؟ واختلف الباحثون حول حصيلة تدريس اللغة الأمازيغية في المغرب، بعد مرور ثمان سنوات من بدايتها، وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الحصيلة جد إيجابية بالرغم من كل النواقص التي تعتريها، في أفق تعميم تدريسها في مستويات التعليم التأهيلي والثانوي والجامعي، في حين يرى البعض الاخر أن التجربة تشوبها العديد من العوائق. ويتجدد الجدل عند بداية كل سنة دراسية حول تجربة تدريس الأمازيغية في المؤسسات التعليمية بين مرحب بما حققته هذه التجربة من مكاسب وإيجابيات، وبين متحفظ بخصوص العراقيل التي تقف أمام نجاح تدريس هذه المادة، في ضل الفشل الذي يحدق في كل وقت وحين بالمبادرات التي يراها المهتمين ناجحة في هذا الإطار، واليأس الذي يدب إلى نفوس أصحاب هذه المبادرات في غياب أي تقدير لأعمالهم و منجزاتهم في مجال تدريس الأمازيغية. ويرى بعض المهتمين أن الأمر يعود إلى خلل كبير في الاستراتيجية المتبعة بعد مرور حوالي عشر سنوات من بدايتها، بشأن إدراج الأمازيغية في المدرسة العمومية كغياب مدارس نموذجية و مراعاة نوعية التكوين وظروفه ومحتواه و حسن اختيار المكونين وإعادة النظر في طريقة إعداد الكتب المدرسية. ويرى آخرون أن الخلل الأكبر يعود إلى عدم العمل على ترسيخ قناعة لدى العموم بشأن الدوافع الحقوقية القانونية والنفسية التربوية التي تعزز ضرورة حضور اللغة الأمازيغية كلغة أم ضمن البرامج والمناهج التربوية المغربية. فيما ترى المنظمات المهتمة بشأن الأمازيغية وجود شرخ واضح بين القول والفعل، بين الخطاب المتضمن في المذكرات الوزارية لما ينبغي أن يكون، وبين ما هو كائن في الممارسة اليومية لتدريس الأمازيغية، ويُرجع هؤلاء هذا الشرخ الواضح أو الهوة العميقة إلى عدم قدرة وزارة التعليم على الوفاء بالمخطط الذي قدمته منذ 2003. و بالتالي فهي تتنصل من التزاماتها وتعهداتها بخصوص تدريس اللغة الأمازيغية. ويطالب أغلب الفاعلين بضرورة وفاء الوزارة الوصية بتعهداتها، لاسيما المتعلقة بالتعليم الابتدائي من أجل إنجاح مسلسل تدريس اللغة الأمازيغية. ومن جانب آخر تؤكد تقارير رسمية للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن الفترة الممتدة من 2003 حتى 2009، شهدت تقدما لا يستهان به على مستوى تنميط أبجدية تيفيناغ، وإعداد مراجع في اللغة والمعجم تأليف الكتاب المدرسي للتلميذ ودلائل الأستاذ ومصوغات التكوين وكراسات ودلائل الإدماج بالإضافة إلى وضع مجموعة من الحوامل الديداكتيكية المتنوعة. وعلى مستوى تكوين الموارد البشرية تفيد معطيات رسمية لوزارة التربية الوطنية أن هذه العملية حققت حصيلة مهمة، وتتجلى في استفادة أكثر من (11000) مستفيد(ة) من دورات التكوين المستمر، منهم حوالي 10500 أستاذ و267 مديرا و583 مفتشا و114 من أساتذة مراكز التكوين. كما تم تكوين 75 مكونا للمكونين بكل الأكاديميات للسهر على التكوين محليا، إقليميا، وجهويا.