عيد الشباب: الملك محمد السادس يصدر عفوه السامي على 591 شخصا    خبير قانوني دولي: مساعدات الملك محمد السادس لغزة تجسد تضامن المغرب الدائم مع الفلسطينيين    إسرائيل تعلن اتخاذ الخطوات الأولى في العملية العسكرية بمدينة غزة    خبير سياسي إسباني: مبادرة ملكية جديدة تعكس ريادة المغرب في دعم غزة    مطلوب من الأنتربول.. أجهزة الأمن المغربية تعتقل دنماركي من أصول فلسطينية    طائرات مغربية تشارك في إخماد الحرائق بإسبانيا    أوزين للحكومة: مليون مغربي سيحرمون من دراجاتهم بسبب المسطرة الجديدة للمراقبة... وعلى الحكومة أن تحميهم    مدينة تمارة تحتضن أضخم حدث فني هذا الصيف        اعتماد الانتقاء عبر الملفات بدل الامتحانات في ولوج الماستر    الخميس تحت الشمس والغيوم.. حرارة مرتفعة وأمطار متفرقة    قمة "تيكاد 9".. المغرب يعزز موقعه الاستراتيجي والجزائر تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة    الرابور مورو يحيي حفل ضخم بالبيضاء بشبابيك مغلقة    تعيين سيدي معاد شيخًا للطريقة البودشيشية: إرادة مولوية سامية ورؤية ربانية    سامويل ولُولي... حين قادهم الطريق إلى بيت الجار            إطلاق ميزة الدبلجة الصوتية بالذكاء الاصطناعي في "فيسبوك" و"إنستغرام"    تحقيق بفرنسا إثر وفاة مدوّن فيديو    توجيهات جديدة لضمان التطبيق السليم للعقوبات البديلة في المغرب    حجز عجول بميناء طنجة .. ومستوردون يوقفون الاستيراد بسبب الرسوم    الملك يهنئ هنغاريا بالعيد الوطني    البيت الأبيض يطلق حسابه الرسمي على منصة "تيك توك" الصينية    إيران تهدد باستخدام صواريخ جديدة    أوروبا تسجل رقماً قياسياً في إصابات الأمراض المنقولة عن طريق البعوض        مقاولات المغرب الصغرى والمتوسطة "تحت رحمة" الأزمة: 90% منها لا تجد تمويلا بنكيا        دراسة: أجهزة السمع تقلل خطر الخرف لدى كبار السن بنسبة تفوق 60%    تقرير: ثلث شباب المغرب عاطلون والقطاع غير المهيكل يبتلع فرص الشغل    شباب الريف الحسيمي يواصل تعزيز صفوفه بتعاقدات جديدة            إطلاق فيديو كليب "رمشا الكحولي" بتوقيع المخرج علي رشاد        للمرة الثالثة: الموقف الياباني من البوليساريو يصفع الجزائر وصنيعتها.. دلالات استراتيجية وانتصار دبلوماسي جديد للمغرب    مدرب تنزانيا: مواجهة المغرب في الشان مهمة معقدة أمام خصم يملك خبرة كبيرة    أمين عدلي ينتقل إلى الدوري الإنجليزي في صفقة ضخمة    إيزاك يخرج عن صمته: "فقدت الثقة بنيوكاسل ولا يمكن للعلاقة أن تستمر"        تمهيدا لتشغيل الميناء.. إطلاق دراسة لاستشراف احتياجات السكن في الناظور والدريوش    مبابي يقود ريال مدريد لتحقيق أول انتصار في الموسم الجديد    المغرب يعزز مكانته كقوة إقليمية في قلب التنافس الدولي بالصحراء والساحل    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفن المعاصر بمدينة ميدلت    حجز 14 طنا من البطاطس بتطوان قبل توجيهها للبيع لانعدام شروط النظافة والسلامة    البطولة الإحترافية 2025/2026: المرشحون والوجوه الجديدة ومباريات الجولة الأولى في إعلان MelBet    بدر لحريزي يفوز بمنصب ممثل كرة القدم النسوية في عصبة الرباط سلا القنيطرة    تكريمات تسعد مقاومين في خريبكة    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    10 أعمال مغربية ضمن قائمة ال9 لأفضل الأعمال في جائزة كتارا للرواية العربية    وزارة الصحة تطلق صفقة ضخمة تتجاوز 100 مليون درهم لتعزيز قدرات التشخيص الوبائي    دراسة: المعمرون فوق المئة أقل عرضة للإصابة بالأمراض المتعددة    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإضراب المواطن- بقلم حسن بويخف
حسن بويخف
نشر في التجديد يوم 27 - 03 - 2012

هل فقد الإضراب مبررات وجوده في المجتمع؟ سؤال لا يجد مبررات طرحه في الأرقام التي تتباكى بها السلطات الحكومية في كل من مناسبة ل»الاحتجاج» على الإضراب أو للنيل من الحق فيه، بإعلان عدد الأيام المؤدى عنها بدون عمل، وعدد ملايير الدراهم الضائعة من المال العام، ومختلف مصالح المواطنين المعطلة. بل يجد السؤال السابق مبرراته الحقيقية في «الانحراف» الفعلي للإضراب عن العمل عن هدفه الحقيقي وتطرف منطقه الفئوي مما تكون له نتائج سلبية مباشرة على المواطنين، و توسله في خدمة مصالح فئاته بالإضرار بمصالح المجتمع والمواطنين.
قد يفيد الإضراب عن العمل في دول تقدس مصلحة المواطن، فتستبق حكوماتها، أو الإدارات فيها، أي تهديد بالإضراب عن العمل للتفاوض مع الغاضبين والتوافق معهم على حلول مكلفة مقابل عدم المساس بمصالح المواطنين. وفي تلك الدول يكون للحديث عن ضياع أيام العمل معنى، و الحديث عن ضياع المال العام حساسية شديدة. لكن في غير تلك الدول، مثل المغرب مع الأسف الشديد، فإن أيام العمل تضيع على طول السنة بفعل «الإضراب المقنع» الذي تعيش عليه الوظيفة العمومية في أغلب الادارات، حيث تتعطل مصالح المواطنين بتسويف قد لا يكون معه، بالنسبة للمواطنين، فرق بين حالة الإضراب عن العمل وحالة غيابه. ولا يحتاج الحديث عن ضياع المال العام إلى تحقيقات تكشف عنه في ظل انتشار ثقافة الريع والمحسوبية والرشاوى وفي ظل انتشار الصفقات العمومية الصورية التي ما تزال تنظم ل»تحليل» أكل ميزانيات الجماعات والمؤسسات العمومية الكبرى... وفي مثل هذه الثقافة ضعيفة التقدير للمواطن وللمال العام، يفقد الإضراب عن العمل وظيفته السياسية بصفته إحدى أوراق الضغط الحيوية في النضال النقابي أو العمالي بشكل عام. و يصدق على الإدارات العمومية و الخاصة في مثل تلك الثقافات قول القائل « ما لجرح بميت إيلام». و الشيء الوحيد الذي يدفع المسؤولين إلى التجاوب مع الإضراب، سلبا أو إيجابا، هو الخوف، ليس على مصالح المواطنين، بل الخوف على الاستقرار السياسي فقط. ولا تتحرك الحكومة إلا حين تبلغ آثار الإضراب في قطاع من القطاعات مستوى يندر برد فعل مجتمعي ضدها. وهذه المعادلة تحول الإضراب عن العمل، عن قصد أو عن غير قصد، من وسيلة موجهة ضد الإدارات المعنية إلى سياسة تستهدف عموم المواطنين لتوظفهم، خلال حرمانهم من الخدمات العمومية التي هي من المقدسات الوطنية في الدول الديموقراطية، للزيادة من قوة الضغط على الادارات وليتحول الاضراب عن العمل في قطاع من القطاع إلى قضية سياسية تفرض التدخل العاجل. فينتقل الإضراب في إطار تلك الثقافة من تضحية المناضلين إلى التضحية بحقوق المواطنين و مصالحهم. حتى أصبحنا نسمع من يبرر هذا «الانحراف» بالحديث عن واجب التضامن!
قد يكون من المفيد استعراض بعض الأمثلة التي تعري «الانحراف» الذي أصاب منطق الإضراب. والمثال الأول في هذا الصدد هو إضرابات عمال النظافة، والذي تكون نتيجته الفعلية والتلقائية هي تراكم الأزبال في الأحياء الشعبية إلى درجة عزلها، وما يعنيه ذلك من الإضرار بالصحة العامة والبيئة. وهو ما دفع بالمواطنين في عدد من المدن إلى الاحتجاج إما بجمع الأزبال أمام مقرات الجماعات المحلية أو برميها أمام مساكن المسؤولين أو بعثرتها في الشوارع. وهو ما ينذر بعدم الاستقرار ويفرض التدخل العاجل للجهات المعنية لحل المشكل. لكن إذا كان بإمكان المواطنين الضغط من جهتهم لرفع الظلم اللاحق بهم بسبب مثل هذا الإضراب، فإن كثيرا من الحالات لا يكون ذلك ممكنا أو ميسرا فتستمر معاناتهم وتتكرر باستمرار، فتلحق بالمواطنين أضرار بليغة بمصالحهم دونما إمكان تنظيم رد فعل من طرفهم. وفي هذه الحالة يمكن الحديث عن إضرابات موظفي الجماعات المحلية وإضرابات موظفي قطاع العدل، وإضرابات موظفي الصحة إلى غير ذلك. وهناك حالات يلجأ فيها المواطنون إلى بدائل لحماية مصالحهم، غير أن تلك البدائل لا تكون آمنة، كما هو الشأن في اللجوء إلى النقل السري «الخطافة» وقت إضرابات سائقي سيارات الأجرة والحافلات.
إن «الانحراف» الذي وقع في منطق الإضراب عن العمل ومنهجه لا يبرر بأي شكل القول بمنعه أو بالحد من الحق فيه، بل يطرح السؤال حول سبل جعله أكثر مواطنة، بحيث لا يسقط في الإضرار بالمواطنين أو في توظيفهم لتحقيق مصالحه الفئوية. ويمكن القول أن ذلك «الانحراف» نتج عن وضع يعاني فيه المواطن من غياب الحماية نتج عن أسباب رئيسية ثلاثة، الأول يتعلق بما سبقت الإشارة إليه من ضعف تقدير المواطن ومصالحه من طرف الدولة والسلطات الحكومية من جهة ومن طرف النقابات من جهة ثانية، مما يجعل تداعيات الإضراب تلحق بالمواطنين مباشرة. والثاني يتعلق بانسحاب الأحزاب السياسية من تحمل مسؤولية الدفاع عن المواطنين وحماية مصالحهم، وذلك لكون أغلب النقابات تابعة لأحزاب سياسية، أو لوجود حسابات انتخابوية ضيقة. وثالث تلك الأسباب ضعف المجتمع المدني المختص في حماية المستهلك و تركيز منظماته على المعارك الموجهة ضد السلطات العمومية.
إن الحاجة ماسة إلى إعادة النظر جذريا في فلسفة الإضراب عن العمل وأشكاله بما يحفظ الحق فيه ويعززه وبما يجعل من الإضراب عن العمل سلوكا مواطنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.