أ مقاصد الزكاة بخصوص المزكّي 1 الزكاة تُطَهر صاحبها من الشُّح وتُحرِّرُه من عُبوديَّة المال، وهذان مَرضان من أَخطر الأمراض النَّفسية التي يَنحطُّ معها الإنسان ويشقى، ولذلك قال تعالى: «ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون» سورة الحشر: 9، وقال صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبدُ الدِّرهَم، تَعِسَ عبد القَطيفَة...» رواه البخاري. 2 الزَّكاة تدريبٌ على الإِنفاق في سَبيلِ الله، وقد ذَكر الله تعالى الإِنفاق في سَبيل الله وعلى أنَّه صفةٌ ملازمة للمتَّقين في سرّائهم وضَرّائهم، في سِرّهم وعَلَانيتهم، وقَرنها بالإِيمان بالغيب والاستغفار بالأَسحار، والصَّبر والصدق، والقُنوت، ولا يَستطيع الإِنسان الوصول إلى الإِنفاق الواسع في سَبيل الله، إلّا بعد أن يعتادَ أداء الزكاة، وهي الحدّ الأَدنى الواجب إنفاقه. 3 الزَّكاة شكرٌ لنعمة الله، واعتراف بفضله سبحانه وإحسانه إليه وهي علاج للقلب من حب الدنيا وتزكية للنفس وتحويله إلى الرغبة في الآخرة. قال تعالى: }خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم{ سورة التوبة:104. ب مقاصد الزكاة في الآخذين لها 1 الزَّكاة تحرر آخذها من الحاجة، سواء كانت مادّية كالمأكل والملبس والمسكن أو كانت حاجةً نفسية حَيوية كالزواج أو حاجة مَعنوية فكرية ككتب العلم، لأنَّ الزكاة تُصرف في جَميع هذه الحاجات، وبذلك يَستطيع الفَقير العاجز عن تحصيل حاجاته، أن يشارِك في واجباته الاجتماعية، فالزكاة نماء لشخصية الفقير حيث يشعر أنه ليس ضائعا في المجتمع ولا متروكا لفقره وعوزه ويستمتع بكرامته عندما يأخذ حقه. وربما تكون الزكاة منطلقا ليكون من ذوي اليد العليا يعطي بدوره الزكاة وذلك إذا أعطي له من الزكاة ما يقيم به مشروعا أو زود بأدوات العمل. 2 والزَّكاة تطهِّر آخذها من داء الحَسد والبَغضاء، لأن الإِنسان الفقير المحتاج حين يرى مَن حوله من النّاس يَعيشون حياة الرَّخاء والتَّرف، ولا يَمدُّون له يَد العون، فإنَّه قلما يَسلم قلبه من الحسد والحقد والبغضاء عليهم وعلى المجتمع كله. وهكذا تنقطع أواصر الأخوة، وتذهب عواطف المحبة، وتتمزق وحدة المجتمع. ثم إن الحسد والبغضاء آفات تَنخر في كيان الفَرد النَّفسي والجسمي، وتسبب له كثيراً من الأمراض كقرحة المعدة وضغط الدم، كما أنها آفات تنخر في كِيان المجتمع كله، ولذلك حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم منها فقال :«دَبَّ إليكم داءُ الأُمم من قبلكم:الحَسَدُ والبَغضاء. والبَغضاء هي الحالِقة، أَما أني لا أقول تَحلِق الشَّعر، ولكن تحلِقُ الدِّين »(البزار والبيهقي) ج مقاصد الزكاة وآثارها في المجتمع 1 إن من شأن تنظيم أمر الزكاة وأخذها من جميع أصناف الأموال المشروعة، وممن تجب في حقهم، والسهر الجاد على التوزيع العادل لها، أن يحقق مستوى عال من التضامن الاجتماعي في بلاد المسلمين، كتب الإِمام الزهري لِعمر بن عَبد العزيز عن الزَّكاة: أن فيها نَصِيباً للزمنى والمقعَدِين، ونَصِيباً لكلِّ مِسكين به عاهة لا يستطيع عيْلة ولا تقلُّباً في الأرض، ونصيباً للمساكين الذين يَسألون ويَستَطْعِمون، ونصيباً لمن في السُّجون من أَهل الإِسلام ممَّن ليسَ له أَحد، ونصيباً لمن يَحضر المساجد من المساكين الذين لا عَطاء لهم ولا سَهم أي ليست لهم رواتب منتَظِمة ولا يسألون الناس، ونَصيباً لمن أصابه فَقرٌ وعَليه دين، ونصيباً لكلِّ مسافر لَيس له مأوى ولا أَهل يأوي إليهم... 2 وللزكاة دور مهم في تَنشيط الحركة الاقتصادية، لأن المسلم إذا كَنز ماله فهو مضطر لأن يدفع الزكاة عنه بمقدار أدناه 2.5 % كل سنة، مما يؤدي إلى نفادِه. لذلك فهو حريص على الاتِّجار به حتى يؤدي الزكاة من أرباحه فيكون ذلك سببا لتنشيط الحركة الاقتصادية، وتستفيد طاقات الأمّة كلها من تلك الأموال. 3 وللزكاة دور في تقليل الفوارق بين الناس. بحيث يحدث في كل عام إعادة توزيع لجانب مهم من الثروة تستفيد منه فئات واسعة من المجتمع. 4 وللزَّكاة دور كبير أيضاً في تَشجيع الشَّباب على الزواج، عن طريق مساعدتهم على تكاليفه، وقد قرر الفُقهاء أن الذي لا يستطيع الزَّواج بسبب فقره يعطى من الزَّكاة ما يُعينه على الزّواج لأنه من تَمام الكِفاية. 5 والزكاة علاج عملي لكثير من الآفات الاجتماعية كالبطالة والتسول عن طريق استثمار أموالها في تشغيل القادرين على العمل حتى يصبحوا بدورهم منتجين ومزكين كما أنها من أعظم ما يحقق التواصل والتآلف والمحبة والتآخي بين أفراد المجتمع. د مقاصد الزكاة بخصوص المال كما أنّ الزكاة تزكية للمال نَفسه ونماءٌ له، قال تعالى: }وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه، وهو خير الرازقين{ سورة سبأ:39. وإن الزكاة تكون حافزا للمزكي على استثمار ماله بنفسه و بمشاركة غيره حتى لا تأكلها الزكاة وهذا يعود على المال بالزيادة وعلى رب المال وفقا لسنة الله بأضعاف ما أخذ منه. فهي أمضى سلاح لمحاربة كنز المال و إخراج النقود لتشارك في العمل و الاستثمار ولهذا حرم الإسلام كنز المال قال تعالى: }والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم{ سورة التوبة: 34 .