تعددت مؤخرا صور الانسلال والهرولة نحو الملك ، من طرف أشخاص يتحينون الفرصة للوصول حيث يقف جلالته ، سواء داخل المساجد أو أثناء مروره بالشارع العام منفردا، أو في موكبه الرسمي ، ولعل الحدث الأخير الذي وقع بمدينة خريبكة ، والذي أطاح بالعديد من حراس الملك الشخصيين ، وكذا رجال الأمن بالمنطقة لخير دليل ، أما الشريط الذي شاهده ملايين المغاربة أمس الجمعة والذي يطرح أكثر من تساؤل واستفهام ،ويحيل إلى أكثر من دلالة ورمزية، حول دوافع هؤلاء للوصول بين يدي جلالته . الشاب الذي بدا مضطربا وهو يتحين الفرصة ، قبل أن ينطلق كالسهم في محاولة للوصول إلى حيث يقف ملك البلاد ، وجد نفسه محاصرا برجال أمن بلباس التقوى " فوقية" ،والحراس الشخصيين، كان المسجد مملوء حرسا شديدا ، طوقوه فورا وبدل أن يوصل مظلمته وشكايته ، أوصلته رجلاه السريعتان إلى دهاليز رجال المخابرات والاستعلامات ، ودخل المسكين دوامة السين والجيم ، فماهي الدوافع التي جعلته ينطلق كالصاروخ من مكانه بسرعة البرق؟ العديد من تعليقات الظرفاء ذهبت إلى كون الشاب من المبهورين بعاهل البلاد محبة واجلالا وتعظيما ، كما العديد من المواطنين ، وربما كان يود أن يسلم على جلالته ليس أكثر ، بعض الحاذقين في أساليب الطمع اتفقوا على أن الشاب يود أن يطلب حاجة من حوائج الدنيا ، هي له مطمح وغاية ، لأن الحرمان قهر وظلمات ، تلك إذن مظلمة لن ينصفه غير ملك الفقراء، الذي كلما تقرب من شعبه أكثر ، ازدادت مطامع ضعاف النفوس التي لا تشبع ، ومن متاع الدنيا لا تقنع. بعض السوداويين ممن يتوجس شرا من لاشيء ، وضع يده على قلبه خوفا وهلعا على ملك البلاد من أن يصيبه مكروه من شاب أعزل من كل شيء ، إلا من مظروف محمول تحت ثنايا ملابسه ، فيه أمنية وطلب ورجاء ورفع مظلمة ما ، صحيح أن الشاب خضع كباقي المصلين لتفتيش دقيق قبل ولوج المسجد ، ولكن قلبه ظل بعيدا عن كل رقابة وتمحيص ، وربما ذاك القلب الولهان بحب الملك من حمله على الجري بطريقة في نظري لاشعورية ، وغيري رآها هيستيرية ، جنونية لامسؤولة ،و لاأخلاقية ، طائشة وغبية وتوالت التعليقات ومازالت . أما فئة المتقين الورعين ممن شاهد الشريط أو حضر الصلاة ،فأعاب على الشاب انتهاك رحمة المسجد طبقا لقوله تعالى "وأن المساجد لله ..."، وذهابه بالسكينة والوقار الذي ينشده رواد المساجد ، الشاب ليس ممن "لغى فلا جمعة له" ، ولكن ممن أراد أن يبلغ ليبلغ للملك أمرا ما ، فحوائج الدنيا البخسة أهم من ثواب وأجر الصلاة لديه ربما ، صحيح أن المساجد للعبادة ، ولكن التاريخ حافل بحوادث شتى وقعت في رحاب المساجد ، وقرب المنابر ، ففي المسجد قتل الفاروق عمر غدرا على يد أبي لؤلؤة المجوسي ،وتبول أعرابي جهلا أمام الرسول بأحد الأركان ، ووضعت خطط الغزوات الإسلامية في عهد النبي ، وسفكت الدماء إبان الفتنة الكبرى بين المسلمين . آخر التعاليق المرحة قالت : أن الشاب كان حريا به أن يشارك في الملتقيات الرياضية ، وسيبلو فيها بلاء حسنا ، بنيله لميداليات ذهبية عديدة في المسافات القصيرة ، مما سيجعل الملك يستدعيه بكل كرامة بدل الهرولة المخيبة لكل الآراء ، بينما أضاف آخر : ستكون هذه آخر هرولة للمسكين / المرحوم ربما، أما العارفون في التحليل النفسي والحس حركي فركزوا أكثر من غيرهم على حركات الشاب قبل الجري وحركة صفوف المصلين الذين تواجدوا خلف وأمام الصف الذي كان الشاب يجلس فيه ، كما حللوا بكثير من الوصف والتمحيص ملابسه وحركات الوجه واليدين ، من قال أن المغاربة ليسوا محللين فهو مخطئ، لكن الذي أثار اهتمامي أكثر هو جرأة أحد المعلقين الذي صرح أنه لن يتردد في تكرار ما فعله الشاب إذا سنحت له الفرصة مستقبلا . هكذا نجد أن هرولة المغاربة نحو محمد السادس ، يمكن اختزالها في ثلاثة أنواع لا أكثر : هرولة الطامعين ، هرولة الخاشعين ،هرولة المبهمين الغامضين . الحسين العمراني Dimofinf Player شريط الشاب / الحدث بمسجد الحسن الثاني يوم الجمعة