في سياق يؤكد ثبات الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله لبناء مغرب قوي ومتوازن وموجه نحو المستقبل، تمت المصادقة على التوجهات الكبرى لقانون المالية لسنة 2026، الذي يشكل محطة مفصلية في مسار الإصلاحات الكبرى التي يقودها جلالته منذ عقدين. هذا القانون لا يُختزل في أرقام مالية، بل يعكس إرادة سياسية عميقة لترسيخ نموذج تنموي جديد يجعل الإنسان المغربي في صميم الأولويات، ويعزز مكانة المملكة كقوة إقليمية صاعدة في مجالات التنمية البشرية والطاقة النظيفة والتكنولوجيا الدفاعية. في قلب هذه الرؤية، برزت قطاعات الصحة والتعليم كركيزتين أساسيتين لبناء مغرب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. فقد رُصد لهما استثمار قياسي غير مسبوق بلغ 140 مليار درهم، مع إحداث 27 ألف منصب شغل جديد، ما يعكس توجهاً واضحاً نحو تحسين جودة الخدمات وتوسيع التغطية الصحية والتعليمية في جميع جهات المملكة. هذه الخطوة تجسد التزام الدولة بإعادة الاعتبار للمدرسة والمستشفى العموميين، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات، بما يتماشى مع التحول نحو الدولة الاجتماعية التي أرساها جلالة الملك في خطاباته الأخيرة. وفي بُعد آخر يعكس البعد الاستراتيجي البعيد المدى للرؤية الملكية، تمت الموافقة النهائية على تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر كمحور وطني للطاقة النظيفة، في خطوة تعزز تموقع المغرب ضمن رواد الانتقال الطاقي في العالم. المملكة، بما تمتلكه من مؤهلات طبيعية وبنية تحتية قوية، تستعد لأن تكون منصة رئيسية لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر نحو أوروبا وإفريقيا، ما يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار ويؤسس لاستقلال طاقي مستدام ينسجم مع التزامات المغرب المناخية. كما حملت التوجهات الملكية بُعداً جديداً في مجال السيادة التكنولوجية والدفاعية، من خلال إحداث مجلس للبحث العسكري مخصص لتطوير التكنولوجيات الدفاعية والابتكار في الصناعات المرتبطة بالأمن الوطني. هذه المبادرة غير المسبوقة تعكس وعياً ملكياً بضرورة تمكين المغرب من أدوات المعرفة والتصنيع المحلي في مجال الدفاع، وتطوير كفاءاته العلمية والتقنية بما يضمن استقلال قراره الأمني واستباق التحديات المستقبلية. قانون المالية 2026 ليس مجرد ميزانية جديدة، بل هو إعلان عن مرحلة جديدة من التحول العميق نحو مغرب أكثر عدالة، وأكثر ابتكاراً، وأكثر سيادة. رؤية ملكية تجمع بين التنمية البشرية والانتقال الطاقي والسيادة التكنولوجية، لتؤكد مرة أخرى أن المغرب لا يسير مع الزمن فحسب، بل يصنع مستقبله بخطى واثقة تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله.