"الأحرار" يثمن جهود الحكومة في تنزيل الأوراش الاجتماعية وتنفيذ التزامات الحوار الاجتماعي    "الأحرار" يطلق جولة تواصلية جديدة ويشيد بالحوار الاجتماعي وبمكتسبات الشغيلة    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    أولاد تايمة.. حجز أربعة أطنان و328 كيلوغراما من مخدر الشيرا داخل ضيعة فلاحية    إسرائيل تقحم نفسها في اشتباكات بين السلطات السورية والدروز    لماذا أصبحت فلسطين أخطر مكان في العالم على الصحفيين ؟    "هِمَمْ": أداء الحكومة لرواتب الصحفيين العاملين في المؤسسات الخاصة أدى إلى تدجينها    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة نيجيريا وسط شكوك حول مشاركة الزبيري وأيت بودلال    مشروع محطة تحلية مياه البحر في الداخلة سيمكن من سقي 5200 هكتار    أكادير… توقيف شخص يشتبه في ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في التهريب الدولي للمخدرات وحجز أربعة أطنان و328 كيلوغراما من مخدر الشيرا    فريق طبي مغربي يجري أول عملية استئصال للبروستاتا بالروبوت عن بعد بمسافة تجاوزت 1100 كلم    تنظيم يوم وطني لخدمات الأرصاد الجوية والمناخية الاثنين المقبل بالرباط    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    ألمانيا تهتز على وقع حادث دموي في شتوتغارت.. سيارة تدهس حشداً وتصيب 8 أشخاص    الحكم بالسجن 34 سنة في حق رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض    كبرى المرافئ الأميركية تعاني من حرب ترامب التجارية    تونس تسجن رئيس الوزراء السابق العريض 34 عاما بتهمة تسهيل سفر جهاديين لسوريا    أجواء حارة مرتقبة اليوم السبت بعدة أقاليم    كيوسك السبت | الحكومة تكشف بالأرقام تفاصيل دعم صغار الفلاحين و"الكسابة"    الموت يغيّب المنتج المصري وليد مصطفى    زيارة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت تعزز "العلاقات الممتازة" بين الولايات المتحدة والمغرب (الميداوي)    قصف منزل يخلف 11 قتيلا في غزة    قيادات "الأحرار" تلتئم بالداخلة.. تنويه بمنجزات الصحراء وحصيلة الحوار الاجتماعي    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    الأميرة للا أسماء تترأس بواشنطن حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز طنين من الشيرا بمعبر الكركارات    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    رئيس برلمان دول الأنديز : أحب المغرب .. رسالة مؤثرة من قلب مراكش إلى العالم    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من لم يكفر عصيد فهو كافر: من فتاوى المؤدلجين للدين الإسلامي...!!!
نشر في أزيلال أون لاين يوم 28 - 05 - 2013

من لم يكفر عصيد فهو كافر: من فتاوى أساتذة التربية الإسلامية في التعليم الثانوي، المؤدلجين للدين الإسلامي...!!!
قديما قالوا: (عش رجبا ترى عجبا). وهذا العجب، الذي صار يتوالد كالفطر، يتمثل، بالخصوص، في أن كل من أطال لحيته، يتحول إلى مفتي الديار، التي يعيش فيها، وفي المجال الذي يتحرك فيه، حتى وإن كانت تلك الديار، وذلك المجال، لا يتجاوزان دوارا من عشرين، أو ثلاثين أسرة، أو لا يتجاوز مكان العمل، الذي قد لا يتجاوز مستوى الحجرة الدراسية، إن كان مسدل اللحية أستاذا، أو قد لا يتجاوز مساحة المؤسسة التعليمية، إن كان صاحب اللحية المسدلة مسؤولا عنها. فلعل إسدال اللحية، هو الطريق إلى أن يصير صاحبها نبيا، أو رسولا، من الله إلى عباده، الذين يرتبط بهم صاحب اللحية في الدوار، أو حتى في المدينة. وفي أحسن الأحوال، يصير (عالما)، والعالم من صفات الله تعالى، الذي لا تخفى عليه خافية، انطلاقا من إيماننا به، لا من معرفتنا لذاته، لأنه لا يعرف إلا بالصفات، كما يقول علماء الكلام القدامى. أما في القرءان الكريم، فلا نجد فيه إلا قوله تعالى: (قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد)، وقوله: (ليس كمثله شيء)، وقوله: (وسع كرسيه السماوات والارض). وخلاصة هذه الآيات، وغيرها، أن الله لا يعرف إلا بالإيمان، لا بالحواس، وبالصفات، كما يقول علماء الكلام، وعلمه ليس كمثله شيء، لأنه (يعلم السر وأخفى)، كما جاء في القرءان الكريم، أما صيرورة صاحب اللحية عالما، فذلك من باب التجاوز، ومن باب النسبية، لا من باب العلم المطلق، الذي هو علم الله، الذي يصير من باب المستحيلات، حتى وإن كان المدعي للعلم أستاذا للتربية الإسلامية، وحتى إن كان حاصلا على الدكتوراه؛ لأنه إن علم شيئا، غابت عنه أشياء. وإلا، فلماذا اختلاف التخصصات في التدريس، ولماذا لا يكلف أساتذة التربية الإسلامية بتدريس الفلسفة، أو العلوم الفيزيائية، أو العلوم الطبيعية، التي صاروا يسمونها علوم الأرض؛ لأن الإنسان يعرف من خلال اعتماده الوسائل، التي تمكنه من ذلك، بعد امتلاكه لأدوات استعمال تلك الوسائل. وهو بذلك لا يتجاوز المحسوس، والملموس، وصولا إلى المعقول، المقبول منطقيا؛ لأنه ليس علام الغيوب. فعلام الغيوب هو الله تعالى، الذي لا يرقى إليه بشر، انطلاقا مما نومن به؛ لأنه إذا صار علام الغيوب، فسوف يصير مقامه كمقام الله تعالى، في حين أنه يأكل، ويشرب، ويتسوق كبقية البشر، ويتزوج، ويلد، ويقضي حاجته، ويتنظف، ويتوضأ، كما يفعل سائر المومنين بالدين الإسلامي. وما هو مطلوب منا دينيا، كمومنين، ومسلمين، هو معرفة أمور الدين الإسلامي، كما جاءت في الكتاب، والسنة الصحيحة، والثابتة، التي لا خلاف حولها، وصولا إلى معرفة العبادات، وطرق أدائها، باعتبارها ثابتا، ومعرفة الشرائع، كيفما كانت، باعتبارها متحولا. والمومن المسلم الحقيقي، هو من يميز بين الثابت، والمتحول في الدين الإسلامي، الذي يجمع بين العقيدة، والشريعة، من منطلق أن العقيدة، وما يترتب عنها من عبادات، هي شأن فردي، انطلاقا من الشهادتين، حتى أداء الركن الخامس من العبادات، بالنسبة لمن استطاع إليه سبيلا: ( ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)، كما ورد في القرءان الكريم، في حالة الإيمان بالدين الإسلامي، الذي ليس قسريا، كما جاء في القرءان: (فمن شاء فليومن، ومن شاء فليكفر). وكلمة من شاء، لا يمكن أن تفيد إلا كون الإيمان بالدين الإسلامي اختيار فردي، والكفر به كذلك اختيار فردي، ومن منطلق أن الشريعة جاءت لتنظيم المجتمع، في دار الهجرة، بعد الهجرة إلى يثرب، بعد ظهور الإسلام في مكة، للحفاظ على سلامة المومنين بالدين الإسلامي، وبعد أن آمن الأوس، والخزرج به، وقام في واقع يثرب مجتمع المسلمين، فاحتاجوا إلى تنظيم مجتمعهم، فكانت الشرائع الواردة في الآيات المدنية، الواردة في القرءان الكريم، والتي تدعم بما ورد في السنة، لتنظيم ذلك المجتمع في ذلك الزمن، وفي ذلك المكان، ولتصير مرجعا يرجع إليه المسلمون في كل زمان، وفي كل مكان، لوضع الشرائع التي تناسبهم، بدون أن يقال عنهم: إنهم خالفوا الدين الإسلامي، أو خالفوا الشريعة الإسلامية، خاصة، وأن الدين الإسلامي كعقيدة ثابت، وكشريعة متحول. وإلا، فلماذا نجد أن الأحكام الفقهية، التي تنطلق من نفس المرجع: (الكتاب والسنة)، تختلف من مكان إلى مكان، ومن زمن إلى زمن، كما تشهد بذلك العديد من الكتب الفقهية، التي نجد فيها: أن الأحكام الفقهية في صدر الإسلام، ليست هي الحكام الفقهية في عهد بني أمية، وليست هي الحكام الفقهية في عهد العباسيين، وليست هي الأحكام الفقهية في العراق، أو في الشام، أو في مصر، أو في الأندلس، أو في المغرب، وهو ما نستنتج منه أن الشريعة ليست ثابتا، بقدر ما هي متحول. وهذا التحول، هو الذي يمكننا من القول: بان اعتماد عمر بن الخطاب دواوين الفرس، في تنظيم شؤون الدولة، لم يخرجه من الدين الإسلامي، وأن اعتماد القوانين الغربية المتقدمة في تنظيم شؤون المسلمين، في دول المسلمين، لا يعني الخروج عن الدين الإسلامي؛ لأن الثابت، والمتحول، قائمان في الدين الإسلامي، شاء من شاء، وكره من كره من أصحاب اللحى، الذين يفتون في الأمور التي لا شأن لها بالمتحول، كما لا شأن لها بالثابت في الدين الإسلامي.
ومن الفتاوى التي تفتقت عنها عبقرية مسدلي اللحى، والتي يروجونها في المجتمع المغربي، وخاصة في الحجرات الدراسية، في مختلف الثانويات الإعدادية، والتأهيلية بالخصوص، فتوى: (من لم يكفر عصيد فهو كافر). وهذه الفتوى، هي البرهان القاطع، على أن مؤدلجي الدين الإسلامي، مهما كانت هويتهم الأيديولوجية، والسياسية، يؤسسون لأحد أمرين:
الأول: دعم، ومساندة، وتأبيد الاستبداد القائم، الذي شرعن وجودهم الحزبي، والسياسي، على أرض الواقع المغربي، ومكنهم من الوصول إلى مراكز القرار، للمساهمة الفعلية، في تأبيد الاستبداد القائم، وضمان استمراره، وقمع كل الحركات الاحتجاجية السلمية: الديمقراطية، والحقوقية، والمطلبية، وإصدار المزيد من القوانين القمعية، للاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
والثاني: التخطيط، والتنفيذ، من أجل تجييش مجموع أفراد المجتمع، في ظل راية أدلجة الدين الإسلامي، في أفق القضاء على الاستبداد القائم، والعمل على فرض استبداد بديل، وفي جميع المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وباسم إقامة الشريعة الإسلامية.
ومؤدلجو الدين الإسلامي، يستغلون كل المناسبات، من أجل تربية المجتمع على الخضوع، والتجييش، مستغلين في ذلك أمية، وجهل غالبية أفراد المجتمع، وكونهم لا زالوا في طور التعلم، وتدينهم النابع من صدق إيمانهم بالدين الإسلامي، لشد انتباه المجتمع، للخطر الذي يتهدد الدين الإسلامي، من خلال ما يمارسه العلمانيون، بالمعنى القدحي للعلمانية، بفتح العين، وكسرها. مع أن الحقيقة: أن العلمانية هي الانطلاق من الواقع المادي، في التعامل مع مختلف جوانب ذلك الواقع، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمعتقدية، من أجل إفساح المجال أمام الإبداع الفردي، والجماعي، المتحرر من كل القيود، التي تعرقل المسيرة في اتجاه التطور، الذي لا حدود له، وفي إطار احترام تعدد المعتقدات، وحماية تلك المعتقدات، التي تبقى شأنا فرديا، بعيدا عن ممارسة القمع، وفرض تحكم معتقد معين، بعد أدلجته.
وفي هذا السياق، نجد أن الدين الإسلامي، ذو طبيعة علمانية، كما ورد في العديد من الآيات الكريمة. ومن ذلك قوله تعالى: (قل يأيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا انتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم، ولي دين)، وقوله تعالى: (فمن شاء فليومن، ومن شاء فليكفر)، وقوله تعالى: (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا، ,بينكم أن لا نعبد إلا الله)، وقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)، وهي آيات بينات، كما يقول المقرئون، إن كانت توحي بشيء، إنما توحي بأن الدين الإسلامي في أصله، وفصله، هو دين علماني، يقر التعددية الدينية، كما يقر اختيار عدم الإيمان بأي دين. وهو، لذلك، يترك الحرية للناس، إن شاءوا آمنوا به، وإن رفضوا الإيمان به، فلا ضير عليهم، ولا يعادي المعتقدات الأخرى، ويجعل شؤون الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من شأن الشعوب. فهي وحدها التي تقرر مصيرها في كل ذلك، مما لا علاقة له لا بالاعتقاد، ولا بالتشريع. وإذا قال البعض بأن التشريع الوارد في الكتاب، والسنة، اقتضته الدولة (الإسلامية)، في طور التأسيس، نقول له بأن ذلك التشريع رهين بشروط تاريخية معينة، كانت قائمة خلال نزول الوحي، ويمكن القول: بأنها استمرت لعقود، إلا أنها لا يمكن أن تستمر إلى أبد الآبدين، كما يقولون. وهو ما يعني أن التشريع الوارد في الكتاب، والسنة، مما له علاقة بتنظيم المجتمع، يجب إن يصير تاريخيا، ولا يصح أن يفرض على المجتمع، حتى في المكان الذي نزل فيه الوحي على الرسول ص، نظرا للتطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي صارت تعرفه البشرية في جميع بقاع الأرض، بما في ذلك الجزيرة العربية، ويستحيل أن يتطور المجتمع، في جميع المجالات، دون أن يتطور التشريع.
وإذا كان الدين الإسلامي جاء لتحقيق وحدة المقدس، الذي هو الله تعالى، فإن تعدد المقدسات الدينية، في ظل الإيمان بالدين الإسلامي، لا يمكن أن ينتج إلا تعدد الآلهة، الذي يعتبر تخلفا، ولا علاقة له بالدين الإسلامي. فقد جاء في القرءان الكريم، قوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)، ومحمد ص، باعتباره رسولا من الله تعالى إلى الناس كافة، ليس مقدسا، وهو لو كان حيا بيننا، ويتلقى الوحي من الله، لا استنكر كون المسلمين يقدسونه، كما نزل عليه الوحي في ذلك، لنفي القداسة عنه. قال الله تعالى، موجها إليه الخطاب: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي)، ولو كان مقدسا كالله تعالى، ما عاتبه الله، حين نزل عليه الوحي بقوله تعالى: (عبس، وتولى، أن جاءه الأعمى، وما يدريك، لعله يزكى، أو يذكر، فتنفعه الذكرى). وإلا، فلماذا يحتاج إلى دعاء المومنين الأحياء، كما جاء في القرءان الكريم: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه، وسلموا تسليما). وكون الرسول ص غير مقدس، فإن كلامه المروي بطريق الآحاد، يعتبر، كذلك، غير مقدس، وما دام الأمر كذلك، فإن من حق أي مومن، مسلم، أن يبدي فيه رأيه؛ لأن كلامه، لو كان مقدسا، لصار بمثابة الله، ولكنا نحن كمسلمين، كما قال اليهود والنصارى: (إن الله ثالث ثلاثة)، الله والرسول، وكلام الرسول. وهي مقدسات ثلاثة، وقد يقول البعض، أن القرءان أيضا مقدس، فنرد عليه، بأن قداسة القرءان الكريم، امتداد لقداسة الله، ولذلك، لا داعي لأن نعتبره كمقدس، مفصول عن الذات الإلهية. ومع ذلك، فقد جاء في القرءان نفسه، قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرءان)، والتدبر، لا يعني، في العمق، إلا إعمال العقل، الذي يعتبر شرطا لوجود المسلم المومن؛ لأن الإيمان بدون إعمال العقل، لا قيمة له، ومن حق الأستاذ أحمد عصيد، الذي ليس من حقنا أن ننفي عنه إيمانه بالدين الإسلامي، لا يمكن أبدا أن نعتبر رأيه فيما يدرس للتلاميذ، والطلبة، في مختلف المستويات التعليمية: العامة، والخاصة، في قول الرسول ص: (أسلم تسلم)، كفرا بالدين الإسلامي؛ لأن المشكلة، ليست في عبارة (أسلم تسلم)، بل في التفسيرات، التي يعطيها مؤدلجو الدين الإسلامي، لهذه العبارة، والتي تساهم في تربية التلاميذ على الإرهاب، ونحن جميعا كآباء، نسمع من أبنائنا، ما يتلقونه عن أساتذتهم، في المؤسسات التعليمية، والذي لا يمكن أن يقبله عقل المومن السليم، والمسالم، الذي عليه أن يعمله فيما يرى، وفيما يقرأ، وفيما يسمع؛ لأن إعمال العقل، وإبداء الرأي، مكفولان لكل مومن مسلم. وتهديده بالقتل، واعتباره كافرا، خروج عن الدين الإسلامي. وكل من يعمل على تكفير المسلم المومن، ليس إلا خارجا عن الدين الإسلامي.
ومعلوم، أن ما تعرض له العديد من المفكرين، والسياسيين المسلمين، من اغتيالات، وتهديدات بالقتل، والتكفير، إنما هو من صنع مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين عملوا على إيجاد إسلام آخر، متعدد المقدسات، التي لا يمكن أن تصير إلا أيديولوجية، والتي جاءت نتيجة لتأويلاتهم الأيديولوجية للنص الديني: الكتاب، والسنة، ليصيروا بذلك بعيدين عن حقيقة الإيمان، وعن حقيقة الإسلام: أي عن حقيقة الدين الإسلامي، كما هو في الكتاب، والسنة، وليس كما هو في تأويلاتهم الأيديولوجية، التي صارت بفعل خداعهم للمسلمين، وتضليلهم، هي الدين الإسلامي البديل، الذي لا ينتج إلا الإرهاب الفكري، والأيديولوجي، والسياسي، والجسدي، مرورا بالإرهاب الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي.
وانطلاقا من هذا الإسلام البديل، لحقيقة الدين الإسلامي، يصير القتل الفردي، والجماعي جهادا.
فلتطمئن على سلامة تفكيرك يا أستاذ أحمد عصيد.
ولتعلم أن كل من يكفرك، إنما يعلن عن كفره بحقيقة الدين الإسلامي، من خلال خندقة نفسه في خانة أدلجة الدين الإسلامي، التي ليست إلا تحريفا للدين الإسلامي.
ولتستمر في نقدك للبرامج التعليمية، التي لا تنتج إلا الإرهاب النفسي، والفكري، والجسدي، الذي يمتد إلا الإرهابيين، من خريجي البرامج التعليمية، المعتمدة في المدارس العمومية، والخصوصية على حد سواء.
ولتعلم، أننا ضد كل ممارسة إرهابية في الواقع المغربي، وكيفما كان المستهدف بها.
ولتدرك أن استهدافك بالتكفير، إنما يسعى إلى تجييش المسلمين، باسم الدفاع عن الدين الإسلامي، من أجل دعم، ومساندة الاستبداد القائم، أو من أجل الوصول إلى مراكز القرار، لفرض استبداد بديل.
فمؤدلجو الدين الإسلامي، لا تقوم قائمتهم إلا على سفك الدماء، وباسم الدين الإسلامي، وما أنتجه ما يسمى بالربيع العربي، وهو ما لا يمكن وصفه إلا بهمجية مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين لا يتجاوزون أن يصيروا كالأعراب، الذين نزل فيهم قوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا، قل لم تومنوا، ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)؛ لأن الإسلام بالنسبة إليهم، ليس إلا وسيلة لتحقيق أهداف معينة، وكذلك يفعل مؤدلجو الدين الإسلامي، الذين لا يتقنون إلا إرهاب كل من خالفهم الرأي، وخاصة، عندما يروجون لفتواهم، التي تفتقت عن أدلجتهم للدين الإسلامي: (من لم يكفر عصيد فهو كافر).
محمد الحنفي
[email protected]
ابن جرير في 19 / 5 / 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.