حين تساءل المؤسسات عن الحصيلة!    الحكومة تجتمع لمناقشة إصلاحات قطاع الصحة وسط ضغط احتجاجات "جيل Z"    الرجاء والوداد يوقعان على الصحوة على حساب الدفاع الجديدي ونهضة الزمامرة    الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب تدين "العنف" ضد مسيرات "جيل Z" وتدعو إلى الحوار            فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين "قمع الاحتجاجات السلمية" وتعلن فتح مشاورات مع قوى ديمقراطية    أمن مراكش يوقف أجنبيا يشكل موضوع أمر دولي بإلقاء القبض    تقديم العشرات من شباب "جيل Z" اليوم الأربعاء أمام النيابة العامة    تجميد مشروع شعبة الإعلام والاتصال بجامعة ابن طفيل يثير خيبة أمل الطلبة والأساتذة    الأداء السلبي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مصرع طفل في حادثة سير ضواحي الخميسات    "أسطول الصمود" يقترب من منطقة خطر الاعتراض الإسرائيلي    مارسيل خليفة يهدي تكريم مهرجان وجدة السينمائي إلى غزة    مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال16 لمعرض الفرس بالجديدة    "فيفا" يعاقب جنوب إفريقيا ويعتبره خاسراً أمام ليسوتو بسبب إشراك لاعب غير مؤهل    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. النرويج تفوز على نيجيريا وفرنسا تهزم جنوب إفريقيا    وزارة ‬الخارجية ‬الأمريكية ‬تبرز ‬مؤهلات ‬المغرب ‬ك»قطب ‬استراتيجي‮»‬ ‬للأعمال ‬والصناعة    نيكول كيدمان وكيث أوربان يصلان إلى الانفصال    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    جيل زد المغربي.. احتجاجات تعيد رسم المخيلة السياسية    اتفاق جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لتعزيز تسويق منتجات الأقاليم الجنوبية    وكالة "فيتش" تؤكد تصنيف المغرب عند "بي بي+" مع نظرة مستقبلية مستقرة    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    بلدية ميلانو تمنح الضوء الأخضر لبيع سان سيرو لميلان وإنتر    "كولومبيا U20" تفوز على السعودية    أسعار الذهب تسجل ذروة قياسية جديدة    بوريطة يترأس في نيويورك مشاورات مع دول الساحل لتفعيل المبادرة الملكية نحو الأطلسي    الصحراء المغربية.. هلال يرد "دون جدال أو عدائية" على تصريح وزير الخارجية الجزائري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    إيقاف شخص يحرض على الخروج للشارع من أجل الاحتجاج    طقس الثلاثاء ممطر في بعض مناطق المملكة    كيوسك الثلاثاء | المغرب الأول بشمال إفريقيا في الحد الأدنى للأجور    رشاوى ‬واختلاسات ‬لمسؤولين ‬جزائريين ‬كبار ‬أمام ‬القضاء ‬الإسباني ‬    "جيل Z" الجزائري يهدد بإعادة الشارع إلى الواجهة... والنظام العسكري في حالة استنفار    المغرب والولايات المتحدة يختتمان مناورات "ماروك مانتليت 2025" لمواجهة الكوارث    ممثلة مطورة بالذكاء الاصطناعي تغضب هوليوود    القوات العمومية تتدخل لمنع تجمهرات مجهولة المصدر دون تسجيل أي إصابات أو خسائر    المجلس الجماعي للجديدة يعقد دورة أكتوبر في جلستين    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم    المغرب يحذر "الإيكاو" من خطورة المناطيد الهوائية على سلامة الطائرات                        القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم    بنسعيد: الراحل سعيد الجديدي أغنى المكتبة الوطنية بإنتاجات أدبية وصحفية قيمة        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي شرعية للزعامات في ظل اختطاف الأحزاب؟
نشر في برلمان يوم 21 - 06 - 2016

لا تتوقف الزعامات الحزبية، حكومة ومعارضة، عن ترديد امتلاكها ل “الشرعية” دون أن تعي أنها تُعلّق نفسها بحبل متآكل سيهوي بها، حيث توجه رسالة مستفزة إلى المجتمع لا تحمل أي بصيص أمل للذين أوصلوها إلى المقاعد التي تحتلها الآن في سياق غير ديمقراطي… فهي لا تعي أن الشرعية ليست مجرد كلمة تطلق في الهواء، بل هي محتوى ومضمون، كما أنها ليست صكّا أبديا للبقاء على رأس أحزابها ولو إلى نهاية ولايتها. وفي هذا الإطار، تحضرني إحدى افتتاحيات صحيفة “نيويورك تايمز“، في عام 1996، تضمنت تعليقا على تصريح للرئيس ” بيل كلينتون”، نعت فيه كاتبه أن هذا التصريح مخالف للقانون، ولو أنه صدر بشكل عفوي دون أن يعي ذلك، حيث ورد في الافتتاحية ما يلي: لقد اختار الشعب الرئيس من أجل أن يحقق له مطالب وأهدافاً محددة، وإذا فشل في ذلك أو أخطأ، فمن حق الشعب أن يزيحه من مقعده، ويأتي برئيس آخر.
إضافة إلى ذلك، فل “الشرعية” دلالات رمزية، أهمها شعور الرئيس بأنه آمن وسط شعبه. وفي هذا الإطار، تحتفظ الذاكرة التاريخية بمشهد وقع في فيينا، تحدثت عنه صحف العالم حينذاك، حيث نشرت أن رئيس جمهورية النمسا كان يغادر قصر الرئاسة، راكبا على متن دراجة، متجهاً إلى بيته القريب من القصر، والمواطنون يشاهدونه راكباً دراجته، في مشهد بدا عاديا لا يثير الانتباه. كما تنتشر في موقع الفيسبوك، في أيامنا هذه، صور عديدة مماثلة، منها صورة رئيس وزراء هولندة وهو يتوجه إلى مقر وزارته على متن دراجة، دون أن يسترعي انتباه أحد، أو يطارده أحد، وصورة المستشارة الألمانية ” أنجيلا ميركل” وهي تصعد درج العمارة التي تقطنها، متجهة إلى شقتها التي لم تغيرها رغم وصولها إلى قمة هرم السلطة في هذا البلد، الخ. وهي مشاهد يتداولها المغاربة روادُ هذا الموقع، الذين بلغ عددهم اليوم 7 ملايين عضو فيه. في المقابل، أصبحت الزعامات الحزبية في المغرب تتعرض للاحتجاجات كلما حضرت تظاهرة أو تجمعات شعبية، لدرجة أنها صارت تحيط نفسها بحراس حتى في اجتماعاتها الحزبية الداخلية…
يعني ذلك أن الزعيم السياسي عندنا قد تأكد من وجود سخط عام على أدائه. علما أن هذا السخط في نهاية المطاف لا يعدو أن يكون ترجمة للقاعدة الدستورية القائلة بأن الشعب هو مصدر السلطات.
لا يختلف سائر المتتبعين على أن الانتقال الديمقراطي في بلادنا قد فشل، وأننا لم نصل بعد إلى مرحلة الاستقرار السياسي والدستوري. وهي مرحلة تقتضي توافقا بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية، وعدم انفراد إحداها دون الأخريات بوضع قواعد الانتقال إلى مرحلة “الاستقرار”. في هذه الوضعية، يكون التوافق اختيارا ضروريا للبناء الديمقراطي… لكن ذلك يفترض وجود أحزاب وتعددية فعلييين، وهو ما لا نتوفر عليه في بلادنا، حيث لم يعد خاف على أحد أن تدخل السلطة في الحياة الحزبية والمجتمعية قد جعلها قادرة على تنصيب زعاماتها بأساليب شتى، ما جعل هذه الزعامات مجرد دمى في يدها. ولكي تصل السلطة إلى هذه النتيجة، فقد أنفقت وقتا طويلا وصرفت مجهودات كبيرة وسخرت إمكانيات ضخمة…
لقد التزمت الزعامات الحزبية إبان حملاتها الانتخابية بالوفاء بوعودها، لكنها لم تفعل، بل أجهزت “الحكومة”على حقوق الشعب المغربي وعمقت معاناته ورجعت به القهقرى، كما لجأت “المعارضة” إلى بعض المناوشات الشكلية لإخفاء مسايرتها ل “الحكومة”، حيث لم تطرح الأسئلة الحقيقية التي تفرضها الأوضاع المؤسسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ببلادنا. ويعود ذلك إلى أنه لا وجود عندنا لمعارضة ولا لأغلبية لأنهما، لا تتمتعان بالاستقلال عن السلطة، وتخدمان المؤسسات المالية الدولية في المقام الأول، بل إن ما يصدر عنهما هو مجرد صراخ خال من أي معنى وليس له أي مصداقية، إذ هو مجرد خداع ونفاق وكذب وبهتان… وبذلك تحول “البرلمان” إلى مجرد سرك كبير يكشف قدرة السلطة على ترويض الزعامات الحزبية ومسخها…
لقد تم اختراق الأحزاب السياسية في المغرب بغية تجهيل زعاماتها من أجل التحكم فيها واتخاذها مطية لتمرير القرارات المرغوب في اتخاذها… لكن ما تتجاهله السلطة هو أن تجهيل الحقل الحزبي يفضي إلى تجهيل المجتمع والدولة ومؤسساتهما، ما قد ينعكس سلبا على السلطة ويصيب كافة المؤسسات بالتكلس والجمود، فيضعف الوطن والمجتمع والسلطة في آن. فعندما تتآكل مؤسسات المجتمع، لن تصير هناك دولة ولا سلطة، إذ لا يمكن أن تكون هناك دولة بدون أحزاب سياسية وتنظيمات مجتمعية، كما أنه ليس هناك سلطة ولا نظام بدون مجتمع ولا مؤسسات…
تبعا لذلك، لن يخدم القضاء على المأسسة، السلطة ولا الدولة ولا الشعب ولا الوطن في شيء، لأن المأسسة لا تنهض على الجهل أو الفراغ أو التضليل. وبما أن السياسة التي تنهجها السلطة عندنا هي ضد المأسسة، فإن ذلك قد يحُول بينها هي نفسها وبين أن تصير مؤسسة بالمعنى الحقيقي والعصري للكلمة. فلكي تكون كذلك، لابد لها من أن تقبل وتوفر الشروط لوجود مؤسسات فعلية أخرى وإشراكها في كل القرارات التي تهمها لكي تتحول التنظيمات السياسية والمجتمعية إلى قواعد اجتماعية قوية ودعامات صلبة للنظام السياسي… بدون ذلك، لن يكون هناك انتقال إلى مرحلة الاستقرار السياسي والدستوري…
عندما يتم تجهيل الزعامات الحزبية والمجتمعية، فهي تصير عاجزة عن الإنتاج الفكري والتأطير، فتتحول التنظيمات السياسية والمجتمعية إلى بنيات فارغة، بدون لحمة توحد نسيجها ولا فكر ولا قيم ولا مشروع يجمعها. هكذا أصبحت الزعامات عندنا خاوية الوفاض بدون قواعد اجتماعية، حيث غادرتها الفئات الوسطى والمثقفون…، فأصبحت تلجأ إلى شراء الأصوات في كل المناسبات الانتخابية، وإلى دفع الأموال لضمان حضور الناس في تظاهراتها، وإلى شراء الذمم داخل أحزابها لكسب أصواتهم بهدف البقاء على رؤوس أحزابها، ما جعل الفيل يدوس الوردة دون أن يعي أن الطبيعة ستنتقم منه…. وبذلك، غابت المبادئ والقيم، وأصبحنا أمام فراغ سياسي مرعب قد تكون له عواقب وخيمة – لا قدر الله – ما لم نبادر بحماية استقرارنا ووطننا وأنفسنا عن طريق التحديث والبناء الديمقراطي الفعليين…
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن مواقف صاحبها ولا تلزم موقع برلمان.كوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.