فرنسا تتصدر قائمة مداخيل السفر نحو المغرب في 2024    في طريق المونديال..أسود الأطلس على موعد مع مباراة مصيرية أمام النيجر    10 مليارات درهم عمولات سنويّة.. "الأوليغوبول البنكي" قد يعرقل دخول بنك "رفولي" الرقمي بخدماته المجانية السوق المغربية    المغرب يعزز أسطوله الجوي ب10 مروحيات متطورة    مجلة ذي إيكونوميست .. المغرب بقيادة جلالة الملك يرسخ مكانته كقوة تجارية وصناعية    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    الولايات المتحدة: دونالد ترامب يريد تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب    ارتفاع أسعار الذهب    إقصائيات مونديال 2026 'المغرب-النيجر': مجمع الأمير مولاي عبد الله يفتح أبوابه في الساعة الرابعة عصرا    بعد الأرجنتين والبرازيل والإكوادور.. تأهل أوروغواي وكولومبيا وباراغواي لنهائيات كأس العالم 2026    ملعب الأمير مولاي عبد الله.. إشادة جماهيرية بتحفة رياضية غير مسبوقة    أمير المؤمنين يأمر بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في الزكاة        رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني            بلاغ: أمير المؤمنين يصدر أمره المطاع إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    تحويلات مغاربة الخارج تسجل رقما قياسيا    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين        موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا        غياب التدابير الاستعجالية لمواجهة أزمة العطش تجر بركة للمساءلة    كيوسك الجمعة | أكثر من 8 ملايين تلميذ يلتحقون بمدارسهم    شاب يلقى حتفه طعنا إثر خلاف حول نعجة    ليلة إنقاذ بطولية بحي إبوعجاجا بعد سقوط حصان في بئر    جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف            معتقلو حراك الريف بسجن طنجة يدينون رمي رجال الأمن بالحجارة.. إصابات واعتقالات    "زرع الأعضاء المطيلة للعمر والخلود"… موضوع محادثة بين شي وبوتين        غانا.. مواجهات وأعمال عنف قبلية تخلف 31 قتيلا وتهجر حوالي 48 ألف مواطن    كوريا والولايات المتحدة واليابان يجرون تدريبات عسكرية مشتركة في شتنبر الجاري    شي جين بينغ وكيم جونغ أون يؤكدان متانة التحالف الاستراتيجي بين الصين وكوريا الشمالية    "النكبة الثانية": 700 يوم من الإبادة في غزة… أكثر من 225 ألف شهيد وجريح    الرباط تستقبل صحافيين وصناع محتوى    فضائح المال العام تُبعد المنتخبين عن سباق البرلمان القادم    التصفيات الإفريقية.. مباراة النيجر حاسمة للتأهل إلى مونديال 2026 (لاعبون)    اتحاد طنجة ينهي المرحلة الأولى من البطولة الوطنية لكرة القدم الشاطئية بفوز عريض على مارتيل    دياز يوجه رسالة مؤثرة بعد لقائه محمد التيمومي    ملايين الأطفال مهددون بفقدان حقهم في التعلم بنهاية 2026    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    عفو ملكي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف    إصابات في صفوف رجال الأمن واعتقالات على خلفية أعمال شغب أعقبت جنازة الزفزافي    اجتماع حاسم بوزارة الصحة يرسم خريطة طريق لإصلاح قطاع الصيدلة بالمغرب    النباتات المعدلة وراثياً .. الحقيقة والخيال    الحكومة تصادق على مشروع قانون جديد لتعويض ضحايا حوادث السير... 7.9 مليار درهم تعويضات خلال 2024    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    حكاية لوحة : امرأة بين الظل والنور    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    غاستون باشلار: لهيب شمعة    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسييد دونية المرأة في المجتمعات البشرية
نشر في برلمان يوم 21 - 06 - 2016

الدونية لم تنته، ولن تنتهي في المجتمعات البشرية، بإلغاء استبداد الأسياد، والإقطاعيين، والرأسماليين، والحكام، بالمجتمعات البشرية؛ لأن تحقيق الديمقراطية، بمفهومها الليبرالي، أو حتى بمفهوم الليبرالية الجديدة، لا يمكن أن يؤدي إلى انعتاق المرأة من دونيتها، ولأن إسقاط الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ولأن تمتيع الناس بالحقوق الإنسانية، كما تفهمها الأنظمة الاستغلالية، لا يعني القضاء على النظرة الدونية للمرأة؛ لأن السبب في تكريس دونيتها، لا زال قائما في المجتمعات البشرية. وهذا السبب، هو الاستغلال المادي، والمعنوي للمرأة، والرجل على حد سواء، واستغلال الرجل للمرأة في البيت، الذي تصير سجينة فيه بصفة أبدية، أو بعد عودتها من العمل، والتي لا تعترف قوانين الشغل، والقوانين الأخرى، في كل بلد، بالعمل الذي تقوم به المرأة في البيت، سواء كانت سجينة فيه، أو تعمل خارجه.
وهذه الدونية، التي صارت سائدة في المجتمعات البشرية، عرفتها مختلف التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية الاستغلالية، التي عاشتها البشرية في تاريخها، حيث نجد أنه:
1) في التشكيلة العبودية نجد مستويين:
ا مستوى سيادة الرجل السيد، على المرأة السيدة.
ب مستوى سيادة السيدات، والأسياد على العبيد، والإماء، الذين، واللواتي يصيرون، ويصرن تحت رحمة السيدات، والأسياد.
ج أن المرأة السيدة تنجب الأسياد، والسيدات.
د أن المرأة الأمة، لا تنجب إلا الإماء، والعبيد، حتى وإن كان الأب سيدا.
ه أن المرأة الأمة، يفرض عليها الإكثار من البنات الإماء، ومن الأبناء العبيد، للزيادة في ثراء السيدات، والأسياد. وهو أمر يترتب عنه استنزاف طاقة الإماء، بخدمة السيدات، والأسياد، وبخدمة الأزواج من العبيد، وبكثرة ولاداتها، ما دامت لا تختلف عن الغنم، والأبقار، التي ترعاها الإماء، أو يرعاها العبيد؛ لأن الأمة كالنعجة، والبقرة، قيمتها في كثرة ولاداتها.
2) والأمر في التشكيلة الإقطاعية، لا يختلف كثيرا عن التشكيلة العبودية، حيث نجد كذلك:
ا أن على المرأة القنة، أن تخدم الإقطاعي، وزوجته، أو زوجاته، وبناته، وأبنائه في البيت، تعبيرا عن الولاء والإخلاص للنظام الإقطاعي.
ب أن عليها أن تخدم زوجها القن في البيت، وأن توفر له كل شروط الراحة النفسية، والجسدية، وان تكون رهن إشارته في البيت، حتى تبرهن عن حرصها على سلامة أسرة القنة، والقن.
ج أن عليها أن تعمل كقنة، إلى جانب زوجها القن، في أراضي الإقطاعي، من أجل إنتاج المزيد من الخيرات المادية، التي تؤول إلى الإقطاعي، ولا تنال منها القنات، والأقنان، إلا الأكل، والشرب، واللباس، الذي تدعو إليه ضرورة الحياة في الإقطاعية، التي يرتبطون بها، كقنات، وكأقنان، لضمان استمرار حياتهن وحياتهم.
د أن عليها الإكثار من الأولاد، ذكورا، وإناثا، ليصير ذلك في خدمة تكاثر القنات، والأقنان، الذي يعبر على أن الإقطاعي متفوق على باقي الإقطاعيين.
ه أن على المرأة القنة، أن تلتزم بقوانين الإقطاعيين، غير المكتوبة، والتي تتغير حسب المصلحة في كل إقطاعية على حدة، حتى لا تتعرض إلى العقاب الذي قد يأتي على حياتها، نظرا للسلطة المطلقة التي يتمتع بها كل إقطاعي في إقطاعيته.
3) وإذا تعلق الأمر بالتشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية، فإننا نجد أن المرأة تعاني من مستويين:
المستوى الأول: رفع شعارات حقوقية مغرية، بهدف تلميع النظام الرأسمالي، الذي لا يهتم إلا بالربح، الذي يتزايد باستمرار، ولا علاقة له لا بحقوق الإنسان، ولا بحفظ كرامته، لتبقى المرأة معانية من الحرمان من كل حقوقها، أو من بعضها.
والمستوى الثاني: وقوعها تحت طائلة الاستغلال المتعدد الأوجه.
وهذه المعاناة المضاعفة، التي تتعرض لها المرأة في التشكيلة الرأسمالية، تنم عن نظرة مختلفة عن النظرة في التشكيلة العبودية، وفي التشكيلة الإقطاعية، مما يجعلنا نعمل على إقرار أن المرأة تعاني من:
ا عملها في البيت، حيث تقضي يومها في الأشغال الشاقة، وبدون أجرة تذكر، وبحكم العادات، والتقاليد، والأعراف، التي لها قوة القانون.
ب اهتمامها بتربية الأطفال، تغذية، ووجدانا، وعقلا. وهو ما يستغرق منها الكثير من وقتها.
ج عملها الذي عليها أن تعطي فيه أكثر، حتى تضمن استمرارها فيه.
د تعرضها للتحرش في المجتمع الرأسمالي، خلال ممارستها للعمل، من رب العمل، أو من المكلف بالإشراف عليها، بالإضافة إلى التحرش الذي تتعرض له في الشارع.
ه تحولها، مع مرور الأيام، إلى مجرد مستهلكة للبضائع التي تنتجها المؤسسات الرأسمالية، وخاصة تلك المتعلقة بالمظهر الخارجي، الذي يوهم المرأة بالتمتع بكل حريتها.
ومعلوم أن التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية، عندما تبنت مبدأ الحقوق الإنسانية، كما تتصورها من وجهة النظر الليبرالية، فإنها، بذلك، لا تسعى إلا إلى التغطية على الاستغلال الهمجي، الذي تتعرض له العاملات، والعمال، كما يتعرض له المجتمع برمته، الذي يستهلك البضائع الرأسمالية، بالقيمة التي يحددها النظام الرأسمالي.
ومن خلال ما رأينا، نجد أن المرأة تتعرض إلى معاناة عميقة، في مختلف التشكيلات الاستغلالية، وأن انعتاقها، وتمتعها بحقوقها الإنسانية، والنوعية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة بصفة خاصة، وحقوق العاملات والعمال، كما هي في مدونة الشغل، على علاتها، وفي الإعلانات، والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، لا يتم إلا بانخراطها في النضال الحقوقي، والنقابي، والسياسي، من أجل التمتع بكافة الحقوق الإنسانية، ومن أجل تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، ومن أجل استئصال جذور الاستغلال، بعد التخلص من الاستعباد، والاستبداد، وبعد استئصال كافة أشكال الفساد المادي، والمعنوي، ومن أجل تحقيق العدالة في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ويجب هنا أن لا ننسى، أن تسييد دونية المرأة في التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية، مرتبط ارتباطا جدليا بالتعاليم الدينية، التي تدعم تكريس دونية المرأة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، في الوقت الذي تبرهن فيه المرأة عن كفاءة عالية، في المجال الاقتصادي، كما في المجال الاجتماعي، كما في المجال الثقافي، كما في المجال السياسي، الأمر الذي يقتضي الانطلاق من إقرار المساواة الكاملة بين النساء، والرجال، وعلى جميع المستويات، لولا عناد النظام الاستغلالي، ولولا عناد التعاليم الدينية.
عوائق النضال من أجل انعتاق المرأة من دونيتها:
وحتى تستمر الدونية التي تعاني منها المرأة على أرض الواقع، ومن أجل أن لا تنفتح الآفاق أمام التحرر منها، فإن التشكيلات الاستغلالية: العبودية، والإقطاعية، والرأسمالية، أغرقت المرأة في مستنقع التخلف، حتى لا تستيقظ يوما، لتجد نفسها متحررة منها، ورغم ادعاء الأنظمة التي تشملها التشكيلة الرأسمالية، بأنها مكنت المرأة من كافة حقوقها، إلا أنها لا زالت تغرقها في مستنقعات التخلف، التي لا حدود لها، من خلال تسليعها، باسم حريتها الشخصية، ومن خلال تقديم العديد من البضائع المغرية للمرأة، ومن خلال الاحتفاظ بالعديد من مظاهر دونية المرأة في المجتمع الرأسمالي.
وحتى نستعرض عوائق النضال من أجل انعتاق المرأة من دونيتها، فإننا يجب أن نقر، أن هذه العوائق تختلف من التشكيلة العبودية، إلى التشكيلة الإقطاعية، إلى التشكيلة الرأسمالية، كما تختلف فيما بين دول التشكيلة الرأسمالية وفيما بين دول الرأسمالية التابعة، والمتخلفة.
وإذا كان العائق الأول في التشكيلة العبودية، هو استبعاد المرأة، إلى جانب استبعاد الرجل، مما يحول دون انعتاقهما معا، من دونية العبودية، ودون انعتاق المرأة من عبوديتها للرجل، فإن العائق في التشكيلة الإقطاعية، الذي يحول دون انعتاق المرأة، والرجل معا، من عبودية الأرض، أو من قنانة الإقطاعي، ومن تبعية المرأة للرجل. وهو ما جاءت الأديان السماوية لتشرعنه في القرون الوسطى، مما يجعل المرأة ضحية الأرض، والسماء، على حد سواء.
وإذا كانت التشكيلة الرأسمالية تظهر رؤيتها للمرأة، على أنها تختلف عن التشكيلتين: العبودية، والإقطاعية، فإن تلك الرؤية، هي نتيجة للممارسة الليبرالية التقليدية، التي اعتمدت أساسا لبناء النظام الرأسمالي، ولإطلاق حرية المرأة الليبرالية، لفسح المجال أمام تسليعها، كما تم تسليع الرجل، من أجل أن تصير تحت طائلة الاستغلال الرأسمالي، كما هو الشأن بالنسبة للرجل، وحتى تساهم عضليا، وفكريا، في النمو الرأسمالي، لصالح الرأسماليين، في مستوياتهم المختلفة، سواء تعلق الأمر بالدول الرأسمالية، المتقدمة، أو بالدول الرأسمالية التابعة المتخلفة.
وانطلاقا من الاختلاف المشار إليه، بين عوائق النضال ضد دونية المرأة في الدول المتقدمة، وبين عوائق النضال ضد دونية المرأة في الدول المتخلفة، فإن هذا الاختلاف يتجسد في:
1) كون الدول الرأسمالية المتقدمة، تضمن نفس الحقوق للنساء، والرجال على حد سواء، إلى درجة أن المرأة لا تشعر أبدا بأفضلية الرجل عليها.
2) كون الدول الرأسمالية التابعة، والمتخلفة، لا تضمن نفس الحقوق للرجال، والنساء، كما لا تضمنها لا للرجال، ولا للنساء، نظرا للاختلاف بين الدول المتخلفة التابعة، والدول المتقدمة.
3) أن العلاقات القائمة بين الناس في الدول المتقدمة ذات طابع علماني، لا يسمح بتدخل الدين في المعاملات بين الأشخاص، في الوقت الذي نجد فيه أن العلاقات القائمة بين الناس في الدول المتخلفة، لا تكون إلا بشرعية الدين، الذي لا علاقة له بالعلمانية، لا من قريب، ولا من بعيد، خاصة وأن العلمانية في البلدان المتخلفة، تعتبر كفرا، وإلحادا، مع شيوع أدلجة الدين الإسلامي في بلدان المسلمين، وفي بلدان غير المسلمين. هذا الشيوع الذي لعبت فيه الجمعيات، والنقابات، والأحزاب، التي قامت على أساس استغلال الدين في الشؤون السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، دورا كبيرا.
4) أن العلاقات بين الناس، في الدول المتقدمة، محكومة بالعلم، والمعرفة، وبامتلاك المهارات، والقدرات، بعيدا عن إقحام الدين في تلك العلاقات، في الوقت الذي نجد فيه أن نفس العلاقات في الدول المتخلفة، محكومة بالعادات، والتقاليد، والأعراف، التي تقيد الفكر، والسلوك معا، سواء تعلق الأمر بالأفراد، أو بالجماعات، خاصة، وأن تلك العادات، والتقاليد، والأعراف، لا تكون إلا بمرجعية غيبية، وقد تكون هذه المرجعية دينية، كما قد تكون غير ذلك.
وانطلاقا من هذا الاختلاف الواضح، فإن العوائق التي تحول دون القطع النهائي مع دونية المرأة، في الدول الرأسمالية المتقدمة، تتمثل في:
1) تسليع المرأة، مما يجعلها عرضة لتكريس الدونية، بفعل السقوط في الظهور المغري، الذي تمتلئ به شوارع المدن، والقرى، في الوقت الذي لا يمارس فيه الرجل أي مظهر من المظاهر المغرية.
2) التعامل معها، على أساس تبعيتها للرجل بشكل، أو بآخر.
3) استغلالها على مستوى الإشهار للبضائع المختلفة. وهو ما يعتبر إساءة للمرأة في المجتمع الرأسمالي.
4) اعتبارها أساسا لتربية الأولاد، نظرا لخصوصية المرأة.
وهذه العوامل التي تحول دون وضع حد لدونية المرأة، مبعثها حاجة النظام الرأسمالي المتقدم، إلى إنهاك المرأة، والاستمرار في ممارسة الاستغلال المزدوج عليها، خاصة وأن النظام الاستغلالي، يبقى نظاما استغلاليا، حتى وإن كانت كل قوانين النظام، متلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى وإن بدا للمجتمع، أن جميع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يتمتعون بحقوقهم، وأن جميع النساء يتمتعن بالحقوق الإنسانية، وبالحقوق الخاصة بالنساء.
أما العوائق التي تحول دون القطع النهائي مع دونية المرأة، ودون تعرضها للاستغلال المزدوج، فتتمثل في:
1) أن هذه الدول الرأسمالية التابعة، قائمة أساسا على قمع نصف المجتمع، المتمثل في النساء، اللواتي تمارس في حقهن كافة أشكال المهانات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من منطلق دونيتها، التي صارت أصلا فيها.
2) تحكم العادات، والتقاليد، والأعراف، التي صارت تحسب جزءا لا يتجزأ من الدين، بمفهومه الشعبي السائد، في هذه الدولة التابعة، أو تلك، مع العلم أنها من صنع الإنسان، الذي تعود عليها، أو ورثها عن أسلافه، أو تعارف عليها، بدون الحاجة إلى أي مرجعية دينية. وهذه العادات، والتقاليد، والأعراف، تتخذ شبه جامد، بالإضافة إلى كونها ملتصقة بالمجتمع، وليست مرتبطة بمؤسسات معينة، مع العلم أن مختلف المؤسسات القائمة، في أي دولة تابعة، تأخذها بعين الاعتبار.
3) الاستعباد، والاستبداد ،والاستغلال القائم في مختلف الدول الرأسمالية التابعة، في ظل غياب الديمقراطية، نظرا لغياب دساتير ديمقراطية شعبية، وفي ظل غياب التحرير الكامل للإنسان من الاستعباد، وفي ظل عدم وضع حد للاستغلال في هذه الدول. وهو ما يمكن اعتباره عائقا أساسيا، يحول دون استئصال دونية المرأة من المجتمع.
4) انتشار الفساد في مختلف مؤسسات الدولة التابعة، التي يوكل إليها العمل على الحد من دونية المرأة. وهذا العائق يحتل نفس مرتبة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، في مستوى إعاقة استئصال دونية المرأة، من المجتمعات البشرية، في الدول الرأسمالية التابعة في تحولها، وبارتباطها بأنظمة البيترو دولار، و وقيام مسؤوليها بنهب ثروات الشعوب، لا يمكن أن تنتج لنا إلا تكريس التراجعات الخطيرة، التي أصبح تعرفها الدول الرأسمالية التابعة، ومنها المغرب، على مستوى التضييق على الحريات العامة، وعلى مستوى التراجع عن مكتسبات حقوق الإنسان العامة، والخاصة بالمرأة.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن مواقف صاحبها ولا تلزم موقع برلمان.كوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.