كثيرة هي الأسئلة المؤرقة التي يتوجب على فقيه الكفايات وعالم المقاصد أحمد الريسوني أن يجد لها إجابات كافية، وفتاوى جامعة مانعة، وهو يعالج -شرعا وفقها- قضية نجلة أخيه هاجر، المتابعة في قضية إجهاض غير شرعي وحمل من سفاح واستعارة لإسم مغلوط. ففقيه المقاصد مُطالب بالرد على العديد من الأسئلة والاستفسارات، التي تتباين مخرجاتها بحسب النوازل التالية: هل تُعامل هاجر شرعا معاملة القاتل ويحق فيها حد القتل؟ وهل تجب عليها الدية في الجنين المجهض في الحياة كما قال عموم الفقهاء في وجوب دية القتل؟ وهل يمكن أن يتحمل الدية عنها عمّها أحمد الريسوني ما دام أنها معتقلة ومعوزة ولها أب متوفي؟ وهل تُطبق أحكام موانع الإرث في هذه القضية ما دام أن القاعدة الفقهية تمنع القاتل من ميراث المقتول؟ فهذه الأسئلة وغيرها ليس من وحي كاتب هذه السطور، وإنما هي مستمدة من مداخلة سابقة للفقيه المقاصدي، الذي تحدث بلسان جموع العلماء وأفتى بوجوب الدية في قتل الجنين عن طريق الإجهاض! فمن تحقّ عليه الدية إذن في قضية هاجر الريسوني؟ هل تتحملها قاتلة الجنين؟ أم عمّها فقيه الكفايات؟ أم يتحملها الأمن الذي أجهض محاولات الإفلات من العقاب بعدما صارت أجنّة العائلة تساق زُمراً نحو قنوات الصرف الصحي، تحفّها دعوات التبريك والتحليل التي ينثرها الفقيه المقاصدي على رؤوس الأشهاد. أنت أكبر فواجعنا أيها الفقيه، لأنك تفتي في البعيد بغير ما تمليه على القريب، ولأنك تجعل الدين على مقاس الطلب، ولأنك تريد أمنا حسب الهوى، يرصد معاصي الآخرين باسم الدين والشرع والقانون، ويبارك زلاّت ذوي القربى، ويسكت عن آثامهن، باسم الحقوق والحريات الوضعية المفترى عليها. فالاأمن، هو أن يعبث فقهاء المقاصد بالجانب الروحي للمغاربة، يفتحون لهم باب سعير جهنم عندما تكون الأجنّة في أحشاء وأرحام باقي المغربيات، أما إذا كان الرحم الذي يأوي جنين السفاح (بكسر السين) تجمعه آصرة القرابة مع الفقيه، فإنك تجده جزوعا عجولا يبارك زواج الفاتحة ويحلّل شفط الأرحام. والاأمن هو أن تحظَّ المغاربة على تحريم الجسد عن الشهوة إلا في وجوب العقد الشرعي والإشهار العلني، وتستل من معينك كل عبارات الترهيب والوعيد لتذكّرهم بكبائر الإثم والعدوان، بينما تسمح لنفسك بالشفاعة لقريبتك التي ضاعت منها حتى أسماء آباء الأجنة المجهض حقها في البقاء، والتي يُفتي علماء الأمة بعدم قتلها باسم حفظ النسل وتكثير سواد الأمة. ولئن كان الأمن يرصد ويتربص بزلاّتنا في الدنيا، كما تزعم أيها الفقيه المقاصدي، فاعلم أن المتربص بالآثام والمعاصي هو الله سبحانه وتعالى، الذي جعل عليك حفظة يحصون ويعدّون مواقفك المتلونة بحسب الطلب، والتي تختلف بحسب القرب والبعد من رهطك وعائلتك. فماذا تقول اليوم أيها الفقيه أمام خبرة الأطباء ذوي الاختصاص، الذين أكدوا أن جنينا كان يسكن رحم هاجر قبل أن يطاله ملقاط الطبيب، وقبل أن تغدر به مشيمة الأم، وأنت الذي كنت تقول دائما بلسان يوسف القرضاوي ” إذا قال الأطباء هذا ضار فليقل الفقهاء هذا حرام”. فأين مجاهرتك بالحرام بعدما كشف الطب وقوع الإجهاض؟ إنك فعلا مدعاة للشفقة، أن تصير إلى أرذل العمر وأنت تحمل في صحيفتك أوزارا دينية ويافطة معلقة إلى أردافك مكتوب عليها بالبنط العريض ” مُحلّل ووسيط في النكاح”.