بوانو: من العار الإبقاء على القاسم الانتخابي والمقاربة العقابية في القوانين الانتخابية غير مقبولة    ولد الرشيد: الأوراش المهيكلة التي تعرفها مدن الصحراء المغربية تفتح آفاقا واسعة للتنمية المستدامة    افتتاح المنتدى الإفريقي لبرلمان الطفل    معدلات التضخم في بلادنا مستمرة في منحاها التنازلي وفق المندوبية السامية للتخطيط    النفط يواصل التراجع وسط ضغط أمريكي لإبرام اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا    بعد الهدنة في لبنان.. حصيلة دموية ثقيلة إثر استهدافات الإسرائيلية    أطباء مغاربة يهبون للتطوع في قطاع غزة.. وتنسيقية تتوصل بأزيد من 130 طلبا    من 28 نقطة… النص الحرفي لخطة ترامب لوقف الحرب في أوكرانيا    حكيمي وبن صغير في القوائم النهائية لجوائز "غلوب سوكر"    "النهج الديمقراطي" يحمّل الدولة مسؤولية وفاة "رضيع الترامواي" ويطالب بمحاسبة المسؤولين    لوحة بورتريه لفريدا كاهلو تصبح أغلى عمل فني من إنجاز امرأة    اختتام مهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور وتتويج أبرز الأعمال    التجمع الوطني للأحرار يصادق على تصوره لمقترح الحكم الذاتي استعداداً لرفعه إلى الملك    القوة الجوية المغربية تقتني 10 مروحيات "إتش 225 إم" من إيرباص    "الأول يكشف تفاصيل استنطاق "بوز فلو".. الرابور أمام القضاء بسبب اتهامات مرتبطة بمضامين أغانيه    المجلس الأعلى للسلطة القضائية ينظم دورات تكوينية للقاضيات الراغبات في تولي مناصب المسؤولية    أمل موكادور لكرة القدم الشاطئية بطلا للمغرب لسنة 2025    مونديال أقل من 17 سنة.. في مواجهة حاسمة المنتخب المغربي يلاقي البرازيل اليوم الجمعة وعينه على حجز مقعد في نصف النهائي    قرعة الملحق الأوروبي لمونديال 2026.. مواجهات نارية في طريق آخر أربعة مقاعد    "الشباب": حمد الله غير مقيد قانونيا    توقع فتح بحث قضائي بعد نشر المهداوي فيديو مسرب من مداولات لجنة التأديب بالمجلس الوطني للصحافة    الاتحاد العام للفلاحين يتدارس ملف إعادة تشكيل القطيع الوطني    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    تتويج سفير المغرب لدى الأرجنتين ضمن "قادة التحول في أمريكا اللاتينية"    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بتطبيق الضريبة على القيمة المضافة    المغرب يرتقي إلى المرتبة السادسة عالميا في مؤشر الأداء المناخي 2026    المغرب يرأس المجلس الدولي للزيتون لعام 2026    المغربي إدريس علواني يحصد الميدالية البرونزية في بطولة إفريقيا للدراجات    مدرب مارسيليا: أكرد لاعب لا يعوض.. وعلينا التأقلم مع غيابه    30 دولة تعارض مسودة اتفاق "كوب30"    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يفتتح فعالياته معززاً مكانة قطر في المشهد السينمائي العالمي    بوعياش: تبادل إطلاق النار بحي بوسلامة ينتهي بتوقيف أحد المشتبه فيهم    مراكش: استئناف هدم مساكن العسكريين وقدماء المحاربين... وتعويضات تشمل بقعاً أرضية ومساعدات للبناء    اعتداء خطير بمستعجلات مستشفى بني ملال يخرج النقابة الوطنية للصحة للاحتجاج والتصعيد    كيوسك الجمعة | المنظومة المؤطرة للانتخابات تهدف إلى تخليق العملية الانتخابية والسياسية    خطف 52 تلميذا من مدرسة بنيجيريا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    سيراليون تجدد دعمها للوحدة الترابية للمغرب وتعبر عن ارتياح بالغ باعتماد القرار التاريخي 2797    وسام حمادة والدة "هند رجب" في افتتاح الدوحة السينمائي:    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    زلزال بقوة 5,5 درجات يضرب بنغلادش    المكسيكية فاطمة بوش تتوَّج ملكة جمال الكون بعد جدل واسع    اليوم.. فتيان الأطلس يواجهون البرازيل بأمل المرور إلى نصف نهائي المونديال    مهرجان الذاكرة المشتركة بالناظور يتوج أفلاما من المغرب وبولندا وأوروبا الغربية    توقيف "مولينكس" ونقله إلى طنجة للتحقيق في ملف مرتبط بمحتوى رقمي مثير للجدل    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    ( الحب المر)... فيلم يكشف الوجه الخفي للنرجسية داخل الأسرة المغربية    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    في الحاجة إلى فلسفة "لا"    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غوانتنامو البوليساريو
نشر في شعب بريس يوم 05 - 12 - 2010

تسريبات من داخل المخيمات تكشف الحقائق المرعبة لجحيم تندوف

صحراء قاحلة، وطقس قاس، وفياف موحشة، ووجوه شاحبة قهرها الجوع والمصير المجهول، وعبودية تطل برأسها من خيام تعيش باستمرار تهديد الانهيار بزحف الرمال، وسكان يفضلون الجحيم على البقاء طويلا فوق الجمر، هكذا هو جزء من الحياة لآلاف الصحراويين بتندوف. ى"المشهد تفتح الكتاب المظلم للبوليساريو من خلال تسريبات غير مسبزقة لمعلومات وصور من داخل المخيمات تكشف حقيقتها المؤلمة...

ذبحوه لأنه وحدوي

أنهى أحمد بونا ولد العالم دراسته الثانية بتفوق، كان نموذجا للطالب النجيب والمتخلق وكان تفوقه مدعاة فخر أفراد العائلة، وحافزا قاده إلى الحصول على نتائج جيدة خلال دراسته الجامعية بلاس بالماس.
توالت النجاحات تباعا، إلى أن أصبح بونا ولد العالم واحدا من أهم المسؤولين السياسيين. الذين كانت تعتمد عليهم موريتانيا بمنطقة وادي الذهب، لكن بقدر ما شهدت سنة 1979 حدثا تاريخيا مهما بالنسبة للمغرب ، بقدر ما كانت سنة مظلمة بالنسبة لولد العالم، إذ فيما غادرت موريتانيا تراب إقليم وادي الذهب، كانت ميليشيات البوليساريو تخطط لاختطاف المسؤول المغربي، الذي أعلن وقتها، جهارا وحدويته ورفضه للأطروحة الانفصالية وتأييده لاسترجاع المغرب جزءا من صحرائه.

"اختطفوه من أمام منزله سنة 1979 إلى تندوف وعذبوه بسجن الرشيد، ودامت فترة الاعتقال إلى حدود سنة 1982"، يحكي العالم محمد عالي، شقيق الضحية ،ل"المشهد"، موضحا "اعتقدنا أن الفرج آت، وأن شقيقي سيطلق سراحه ، لكن سرعان ما تناهي إلى علمنا خبر وفاته". وفاة بشعة حتى أضحيات العيد تذبح برفق، ذبحوه وقطعوا أجزاء جسمه وكأنه خروف العيد"، يؤكد شقيق الضحية.


السجن – المقبرة

قصة بونا ولد العالم هي واحدة من عشرات القصص المماثلة التي عاشها وما تزال تعيشها عدد من أفرادها الوحدويين".. لكن ما هي مواصفات ما يسمي ب"سجون البوليساريو"؟ وكم هو عددها؟

التسريبات التي حصلت عليها "المشهد" وتتبعت خيوط صدقيتها لدى أكثر من مصدر، حددت مجموعها في ثلاثة سجون رئيسية :"الرشيد" و"أدخل" و"بيلا".. يقع الأول شرق تندوف ب32 كلم، زنزانة، عبارة عن حفر توجد تحت الأرض، لا تتجاوز مساحة الزنزانة الواحدة المتر المربع فيما يخصص السجن الثاني للمعتقلات من النساء والثالث لما يسمى ب"المعتقلين الاحتياطيين".

إضافة إلى هذه السجون، هناك سجن "الرابوني" ونقطة التعذيب الموجودة بما يسمى "مقر الإدارة العامة للأمن الوطني". "الرشيد ليس سجنا، إنه مقبرة حقيقية"، يؤكد أحمد محمد خر، أول معتقل صحراوي سياسي لدى البوليساريو، ل"المشهد" ويضيف موضحا "13 سنة من الاعتقال والتعذيب قضيتها داخل حفرة تحت الأرض، مغطاة بقطعة من الزنك تتحول إلى مبرد شتاء، وإلى فرن حقيقي صيفا، كنت اضطر إلى قضاء حاجتي داخل أواني كنت استعملها للأكل، وكنت أضطر إلى تحمل روائحها الكريهة لما يفوق 24 ساعة".


وحشية.. جنازة المختطفين

ذبح وحشي، وانتقام شبيه بأفلام الرعب، ومصير مجهول لآلاف المحتجزين الصحراويين وأساليب تعذيب لا تزداد إلا سوءا وقساوة بل غنها أساليب لم تستعملها حتى الدولة الرومانية في غزواتها، يؤكد عارفون بتفاصيل التعذيب..

"كان يجري بتر يد أحد السجناء، ويطوفون بها، وهي تقطر دما، على وجوده باقي السجناء، وكان يجري تقطيع أجزاء السجين من أسفله إلى رأسه إلى أن تتوقف نبضات قلبه، مثلما كان يجري ربط الرجل اليمني للسجين بجمل، والرجل اليسرى بجمل آخر، ويديه بجمل ثالث ثم يضرب الجمال الثلاثة التي تضطر للفرار فيؤدي ذلك على تمزيق أطرافه" ، تشرح مصادر "المشهد"

"اللي جات نوبتو كنصليو عليه صلاة الجنازة ، لأن لا أمل في عودته"، يجزم محمد حمو بلوح شقيق أحمد حمو بلوح أحد المختطفين الصحراويين نهاية السنة الماضية (16 نونبر 2009)، ساردا ل"المشهد" تفاصيل الاختطاف "اختطفه مرتزقة البوليساريو في واضحة النهار، أمام الملأ، وأودعوه أحد سجونهم، ثم حاكموه عسكريا لأنه كان جنديا وعرضوه للتعذيب النفسي والجسدي، قبل أن تنقطع عنا أخباره، فنحن نجهل إن كان ما يزال حيا أم أنه أصبح في عداد الأموات"، يقول الشقيق المكلوم.


عجز جنسي

محمد سالم ولد السالك، أحد الفارين من سجون البوليساريو والمدمج حاليا بوظيفة عمومية بالعيون، يري ل"المشهد" تفاصيل ما حدث "بعد أن زج بي في سجن الرابوني وأنا مكبل اليدين بسلاسل حديدية، موريت علي حصة من الضرب ليلا مع سكب الماء البارد على جسدي، وتعريضي للسوط بحبال مصنوعة من العجلات المطاطية للسيارات.. وبعد ستة أشهر حملت على متن شاحنة للعمل في الحفر، تارة بدعوى التنقيب عن الماء وتارة بدعوى حفر الخنادق، ناهيك عن الضرب والشتم"، وأضاف "في الليل كان يزج بنا في حفر عارية عبارة عن خنادق يحيط بها سور عال، يوجد في أحد أركانه برج الحراس. وبعد مرور شهور عديدة ، تقرر نقلنا إلى السجن في مكان عار قرب بئر الرابوني المسمى بئر بوجمعة، الذي يزود تندوف بالماء، لقد اعتقدت أنني سأصبح في عداد الأموات لكن سرعان ما تمكنت من الفرار بعاهتي المستدامة".

سالم ولد السالك الذي قضى 12 سنة بين غياهب سجون البوليساريو يعاني اليوم عجزا جنسيا تاما بعد أن "استعمل مرتزقة البوليساريو سلكين "زائد وناقص" لبطارية كهربائية بجهازه التناسلي".
800 محتجز صحراوي مجهول المصير بجبهة البوليساريو هو العدد الذي حدده الداهي أكاي، رئيس جمعية المفقودين الصحراويين بسجون البوليساريو، في حديثه ل"المشهد" مشيرا إلى أن "الجمعية رفعت إلى منظمة العفو الدولية 22 ملفا موثقا بالصور والمعطيات والبيانات الشخصية للمحتجزين".

"كل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان والبوليساريو تتفاخر أمام المنتظم الدولي باعتبارها تصون تلك الحقوق، كيف لا وهي الجبهة التي تمنع من تأسيس الجمعيات داخل المخيمات ألا يعد ذلك خرقا سافرا لحقوق الإنسان؟". يقول مقرب سابق مما يدعى ب"القيادة".

المادة 31 مما يسمى "دستور البوليساريو" الذي حصلت "المشهد" على نسخة منه، لا تسمح بتأسيس الجمعيات والتعددية الحزبية بذرائع واهية.. إذ تنص المادة ذاتها ، المندرجة ضمن ما يسمى ب"باب الحقوق والضمانات والواجبات الدستورية"، على أن "حق إنشاء الجمعيات والأحزاب السياسية معترف به ومضمون فيها بعد الاستقلال".


أكذوبة "أمن البوليساريو"

آلاف المحتجزين بمخيمات لحمادة محاصرون بالأسلاك الشائكة والدبابات والأسلحة المستقدمة من الجزائر، تحسبا لأي انفلات أمني..، كما تدعي؟ وهل لها من الإمكانيات اللوجستيكية ما يكفي لذلك؟ وكيف هي هيكلة هذا "الجهاز"؟

أسئلة نقلتها "المشهد" على عدد من القادة، الذين تقلدوا مسؤوليات أمنية "سامية" بالجبهة، قبل أن يعودوا إلى أرض الوطن، فأجمعت شهاداتهم على أن "قيادة البوليساريو" تعتمد أسلوب الإثارة من خلال استعمال مصطلحات "جهاز امني وجهاز عسكري وأقسام الشرطة والفيالق من أجل الترويج لأطروحتها وترهيب الخصوم".

ففي الوقت الذي تتفاخر البوليساريو بما تسميه "قوة ومتانة جهازها الأمني" يكشف مصدر مقرب من عمر حضرمي، المدير العام سابقا لما يسمى ب"أمن البوليساريو"، العائد إلى أرض الوطن، أن هذه الادعاءات "أكذوبة حقيقية" موضحا أن انتفاضة 1988 التي اعتقل خلالها الحضرمي تسببت في ضعف الجهاز، الذي كان شبيها ب"الأخطبوط" بحكم شبكاته، التي كانت منتشرة في كل مكان.

ولأن المسؤول الأول على "أمن البوليساريو" كان واحدا من زعماء الانتفاضة وأول من صرح بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان في سجونها قررت "قيادة البوليساريو" الانتقام منه عبر اعتقاله واعتماد هيكلة أمنية وأساليب جديدة لم تؤت أكلها، إذ يكشف المقرب من الحضرمي ل"المشهد" أن "الجبهة ارتكبت خطأ تاريخيا حين قررت توظيف أشخاص غير مكونين أمنيا، الأمر الذي فرض أن تكون وصاية الجزائر على هذا القطاع واضحة للعيان".

أسرار.. "الهيكلة الأمنية"

العارفون بأسرار ما يسمى ب"الجهاز الأمني" يقسمونه إلى جزأين اثنين يتمثل الأول في ما يسمى ب"الشرطة الوطنية" والثاني في ما يسمى ب"الشرطة السياسية" إذ يجري تقسيم المخيمات إلى ما يسمى ب"ولايات" تضم كل "ولاية" 6 مخيمات تتوفر على ما يسمى ب"أقسام الشرطة وأبراج المراقبة في الاتجاهات الأربعة".

تتولى "الشرطة الوطنية" عبر دوريات مراقبة عمليات الدخول والخروج إلى كل "ولاية" من خلال طلب البطاقة وما يسمى ب"الرخصة".

أما الشرطة السياسية، وهي التي تعد "الأخطر" بحسب المصادر فتختص بمراقبة كل ما يقال داخل المخيمات إذ تتخذ خيمة كبيرة مقرا لها داخل كل منطقة تضم 10 خيمات.

"الإشاعات المتداولة داخل الخيمات العشر ومضامين نشرات أخبار إذاعات وقنوات المغرب، كلها تستأثر باهتمام الشرطة السياسية التي تعرف باسم الفروع السياسية أو مجموعة العارفات"، تقول المصادر ذاتها، مؤكدة أنهم بمثابة "جواسيس علنيين".. (انظر تفاصيل هيكلة ما يسمى ب"الجهاز الأمني".


"عسكر" أم جواسيس

كيف هي هيكلة ما يسمى ب"الجهاز العسكري"؟.. مصادر "المشهد" تقسمه، هو الآخر، إلى جزاين اثنين: ما تسميه ب"الشرطة العسكرية"، المتعارف عليها ب"PM"، او "Police militaire"، التي تتوفر على ما يسمى ب"محافظة الجيش، التي تلعب الدور ذاته، الذي تلعبه مركزية التوجيه والتكوين السياسي في المخيمات لدى المدنيين".. فيما يتمثل الجزء الثاني في ما يسمى ب"المحافظة المركزية السياسية للجيش التابعة لما يسمى بوزارة الدفاع، التي يشرف عليها محمد لمين البوهالي، كابتان سابق بالجيش الجزائري، الذي يتولى حاليا منصب ما يسمى بوزير الدفاع". العارفون بخبايا هذا "الجهاز" يكشفون ل"المشهد"، أن هذه المحافظة تتوفر على ما يدعى ب"فليق" ةأو "كتيبة" أو "فصيل" أو "ناحية عسكرية" يشرف عليه ما يسمى ب"المحافظين السياسيين" يقومون بدور "جواسيس" مكلفين بنقل تقارير يومية إلى "المحافظة المركزية".


دمى الاستخبارات الجزائرية

"ميليشيات البوليساريو هم مجرد دمى تحركها الاستخبارات الجزائرية بتنسيق مع ما يسمى بالجهاز الاستخباراتي بالجبهة"، يؤكد مسؤول "امني" سابق عائد إلى أرض الوطن.. لكن كيف يجري هذا التنسيق؟ تستفسر "المشهد" فيجيب المصدر ذاته "كل التعليمات الصادرة من البوليساريو أو الواردة من الجزائر تعطي عن طريق ما يسمى بالسفارة في الجزائر، التي يوجد مقرها بدار النصر في شارع ديدوش مراد بالجزائر العاصمة"، كاشفا أن "المنسق الحالي هو الكولونيل بناصر ومساعده الكومندار الذيب، وهما المكلفان أيضا، بمهام الإشراف على تنظيم ما يسمى بالبعثات الدبلوماسية وتهيئة جوازات السفر والتنسيق مع السفارات المعتمدة في الجزائر".

المسؤول ذاته الذي فضل عدم ذكر اسمه ، كيف ل"المشهد"، أيضا، أن الاستخبارات الجزائرية كانت وما تزال تتخذ قرارات تبدأ بالتهميش وتنتهي بالاعتقال والتعذيب في حق كل من كان يبدي معارضة لأفكارها ويقترح حلولا أخرى بديلة لما يسمى ب"تقرير المصير" ، مشيرا إلى ان البشير مصطفى السيد، الذي كان بمثابة "المحرك الأساسي للبوليساريو" ؟، همشته السياسة بالجبهة"، لدى عودته من المفاوضات مع الملك الراحل الحسن الثاني بمراكش، عن آراء ومواقف اعتبروها حلولا "تخدم" المغرب.

مصدر "المشهد" أكد أن "البشير مصطفى السيد كان مقتنعا ألا حل بديلا عن الحكم الذاتي لقضية الصحراء، سنوات قبل أن يعلن عنه المغرب".


"التعليم" ثلاث مراحل

الصور التي حصلت عليها "المشهد" تؤكد في جزء كبير منها الواقع الحقيق للحياة بالمخيمات.. صحراء قاحلة وطقس قاس وفياف موحشة ووجوه قهرها الجوع والمصير المجهول، لكن كيف هو وضع ما تسميه البوليساريو ب"منظومة التعليم"؟

العارفون بخبايا هذه "المنظومة" يقسمونها إلى ثلاث مراحل، الأولى تمتد من 1976 إلى 1979، إذ يجري الاعتماد في تدريس التلاميذ على سلسة إقرأ لأحمد بركماخ التي كانت معتمدة في المغرب.. ظروف مأساوية كان وما يزال يدرس خلالها هؤلاء التلاميذ.. "الآباء يرفضون دخول أبنائهم إلى المدرسة ومن أسعفه الحظ، منهم في الالتحاق بها، يعاني الأمرين إذ يكتب بالفاخر على الكارتون ويجري العمليات الحسابية على الرمل".

تحريف للتاريخ والجغرافيا

المرحلة الثانية تمتد، بحسب المصادر ذاتها ، من 1979 إلى 1982 حيث تقرر الاستغناء عن تلاوة" بوكماخ" في التدريس، وجرى تحريف التاريخ والجغرافيا.. "لقد أرادوا أن ندرس التلاميذ تاريخا غير حقيقي كأن تاريخ الصحراء بدأ من سنة 1945، وأن البوليساريو هي امتداد للحركة الجنينية للطالب الصحراوي محمد باصيري، الذي كان ينادي من السمارة باستقلال الصحراء، في حين أن الأخير لا علاقة له بالبوليساريو"، يشرح ل"المشهد" سعد بوه، أحد مؤسسي ما يسمى ب"المنظومة التعليمية بالبوليساريو" والعائد على أرض الوطن كاشفا أنه "حتى لما تقرر إحداث داخلية ضمت حوالي 2000 تلميذ، من السنة الأولى ابتدائي إلى السنة التاسعة إعدادي، التي عين على رأسها حمتي الرباني، وهو حاليا عامل ملحق بوزارة الداخلية بعد عودته للمغرب، ازدادت الأوضاع سوءا إذ انتشرت ظاهرة فرار التلاميذ من الداخلية قاصدين المخيمات في اتجاه ذويهم".

وهم - تجييش وتسييس

التجييش والتسييس عنوانان بارزان للمرحلة الثالثة مما يسمى ب"نظام التعليم" التي تمتد من 1986 على حدود اليوم، إذ أصبح يفرض على "الأساتذة

اعتماد برنامج يعلم التلاميذ حمل السلاح والرماية وارتداء لباس عسكري وكأنهم داخل ثكنة أطفال المخيمات أصبحوا، خلال هذه المرحلة مطالبين أيضا، بتقديم تقارير حول أساتذتهم.. "ما الذي قام به؟ مع من تحدث؟ وإلى أين خرج؟.." هذا الوضع الذي وصف ب"الخطير" أثر سلبا على علاقة المعلم بتلاميذه إذ أصبح التلميذ يشعر أنه أفضل من الإطار الذي يدرسه. كانوا يريدون خلق مجتمع يتجسس فيه الجميع على الجميع.

وضعية التعليم المأساوية التي يعانيها التلاميذ داخل المخيمات لا تقل عنها سوءا تلك التي يعانيها من يتابع منهم دراسته بدول أخرى كالجزائر (3000 تلميذ بمدن بشار والعين الصفراء والشلف والسعيدة وتوكرت ووركلة وغرداية، فيما تدرس البنات بآفلو ولاية الأغواط وحاسي بحباح ومسعد بولاية الجلفة)، وكوبا (4200 تلميذ أغلبيتهم بجزيرة الشباب ومدن هافانا و"ثييكو دي أبيلا" و"ماطانسا" إضافة إلى الكليات العسكرية"، وليبيا (2600 تلميذ، خاصة بمدن البيضاء ومصراطا وكوت الشعال وأقدامس وبوهريدة ، فيما تدرس البنات ببنغازي ، إضافة إلى الكليات العسكرية)

حجاب سكن ونسل

يتخذ أغلب سكان البوليساريو الخيام مقر للسكنى ما يفرض حالة استنفار دائمة تواجه أفراد العائلة الواحدة أمام الزوابع الرملية والتلوث فحتى اللحظات الحميمية بين الرجل وزوجته تحصل وراء حجاب يفصل بين الزوجين وباقي أفراد العائلة، التي يكون شغلها الشاغل هو الكفاح ضد الظروف المناخية القاسية.
بعض العائلات تعيش داخل ما يشبه "منازل" مبنية بما يسمى ب"الآجور" يتهددها الانهيار في كل وقت.
مقابل هذه العشوائية في السكن لا تعرف عدد من عائلات المخيمات مفهوم "تحديد النسل"، "كتلقى مرا والدة 8 ديال الدراري وما زال حاملة بالتاسع"، يؤكد بعض الذين عاشوا داخل المخيمات قبل عودتهم لأرض الوطن.

الشهادات التي استقتها "المشهد" حول الحقيقة "المؤلمة" لمخيمات العار، أجمعت على أن هذا الوضع الكارثي هو الذي يدفع الجزائر والبوليساريو إلى محاولات يائسة للتغطية عليه باللجوء إلى مناورات ومقامرات وخيارات انتحارية، مثلما جرى في العيون، لصرف أنظار السكان عن الحقيقة الوحيدة، التي باتت ترعب الانفصاليين وهي أنه لا حل بديلا عن مقترح الحكم الذاتي الذي تراه أعداد متزايدة من سكان المخيمات " حلا يرضى جميع الأطراف ، من خلال صونه كرامة الصحراويين والمغاربة وصونه ثقافة وتراث البيئة الصحراوية".


محنة المنحة

المطلعون على خبايا ما يسمى ب"التعليم بمخيمات العار" يكشفون أن القيادة تشجع على استكمال أبناء المخيمات دراستهم بدول أخرى كوسيلة للتحايل على الدعم المادي المقدم لهم في شكل منح نقدية. 5 ملايير سنتيم جزائري سنويا، هو مبلغ المنحة المعلن، الذي تخصصه الجزائر لتلاميذ المخيمات، الموجودين على ترابها، 25 في المائة فقط هي التي يستفيد منها الطلبة، فيما ترصد ال75 في المائة المتبقية إلى مديرية المالية، التي كانت تابعة لما يسمى بالكتابة العامة للبوليساريو، إحصائيات وهمية تقدم للمنظمات الحقوقية بخصوص عدد تلاميذ المخيمات بكوبا والجزائر وليبيا، بهدف الاستفادة من نسب عالية من المنح، إذ فيما كانت تروج الجبهة أن عددهم يفوق ال75 ألف تلميذ، تكشف مصادر عليمة بما يسمى "الشأن التربوي بالبوليساريو" أن هذا العدد لا يتجاوز 33 ألفا ."نسب الرسوب تعد مرتفعة جدا في مدارس المخيمات فالتلاميذ ينقصهم الحماس والأساتذة ينقصهم التكوين، هم أنفسهم بحاجة إلى من يدرسهم"، يوضح سعد بوه.. مستقبل مجهول في انتظار التلاميذ، فحتى الوظائف التي تعد، بالنسبة إليهم مهمة لا يحصل عليها غلا ذوو الحظوة من أبناء قيادي الجبهة وأفراد عائلاتهم.

العارفون بأسرار هذه "المنظومة التعليمية" يؤكدون ل"المشهد" أيضا، أن الجزائر تشترط على من يرغب في استكمال دراسته الجامعية بكلياتها من أبناء المخيمات دفع رسوم تسجيل تقدر ب2 مليون سنتيم جزائري (3000 درهم مغربي)، ما يشكل حجر عثرة تحول دون مواصلة عدد من الطلبة دراستهم وبالتالي انقطاعهم عنها.




عبد العزيز المراكشي.. باطرون المرتزقة

محمد عبد العزيز المراكشي قائد ما يسمى "جبهة البوليساريو" و "باطرون المرتزقة" كما يصفه عدد من مقربيه، العائدون إلى أرض الوطن.. واش عندو شي شرعية داخل المخيمات؟ تتساءل "المشهد".. "قيادة البوليساريو لم تعد في مستوى احترام السكان لأنه لا هي على أرض الواقع عيشا كريما داخل المخيمات"، يقول سعد بوه ل"المشهد" مضيفا "لقد أصبح السكان واعين جدا أنهم صاروا بمثابة الذخيرة والمتاع والزاد، الذي تروج به القيادة قضيتها في المحافل الدولية". القيادي السابق بالبوليساريو يكشف أيضا، أن "آخر ما يسمى بجاليات الشمال من تندوف وبشار، لا على أصوات سكان المخيمات، إنه يستمد قوته من الجزائر واستخباراتها "، مشيرا إلى أن "جاليات الشمال تكون رهن إشارة عبد العزيز كلما احتاجها في الانتخابات كما في الاحتفالات".



وباء وشبه أدوية

سنة 1976 عاشت مخيمات لحمادة كارثة صحية حقيقية نتيجة انتشارا وباء شبيه ب"الكوليرا" حصد أرواح أزيد من 700 طفل في شهر واحد.. البوليساريو اتهمت ، آنذاك بعض المتعاونين الأوروبيين من "أطباء بلا حدود" بالتسبب في الكارثة لكن مصادر "المشهد" فندت تلك الادعاءات، مؤكدة أن الوباء نجم عن تسريب عدد من الحقن المسمومة.. 200 طفل صنفوا آنذاك في عداد المفقودين غذ كانت العائلات تفضل أن يموت الطفل في خيمتها على أن تنقله إلى ما يسمى ب"المستشفى" التي كانت ترفض تسليهم الجثث، بل وحتى تفقدها. عشوائية كبيرة في التطبيب كانت سببا في وفاة العشرات من أبناء المخيمات فلا الأطباء مؤهلون لممارسة المهنة ولا التشخيص يكون حقيقيا.

مرت عقود من الزمن ولم تستفد المخيمات من التطورات التي شهدها العالم في مجال التطبيب، ففي سنة 2004 تكررت الكارثة ذاتها حين انتشر وباء جديد راح ضحيته أزيد من 250 شخصا.. الوباء نتج عن اختلاط ماء الآبار بمياه الصرف الصحي. وماذا عن الأدوية والصيدليات؟ "لا أحد ينكر توفر كميات كبيرة من الأدوية فالمساعدات الإنسانية المقبلة من أوربا وبلجيكا وهولندا وإسبانيا وسويسرا والنمسا وغيرها من الدول تتكفل بتوزيعها". تؤكد مصادر عاشت لفترة طويلة داخل المخيمات "كانت تباع 3 أرباع تلك الأدوية في أسواق الجزائر وموريتانيا بأقل من ثمنها الحقيقي، فيما لا يصل منها إلى المخيمات إلا الربع".

هذا التحايل المفضوح أدى إلى ارتفاع أثمنة الأدوية ما اضطر عددا من أهالي المخيمات إلى الاعتماد على طرق أخرى في العلاج والتطبيب، كاللجوء إلى الأعشاب أو ما يصطلح عليه هناك ب"الحجاب" وانتشرت ما يسمى ب"صيدليات الأعشاب" بشكل كبير ابتداء من سنة 1995.


طيش وتنويم مغناطيسي

طيش الشباب وحب المغامرة ودعايات "التضحية في سبيل الوطن ضد الإسبان" و"مقاومة الاحتلال الإسباني من خلال الالتحاق بالبوليساريو" و"الجدل الدائر حول ارض الصحراء"، كانت كلها اسبانبا قادت ، بحسب سعد بوه، عددا من المغاربة على مغادرة الوطن في اتجاه المصير المجهول. "كنا نقول في أنفسنا اللهم نعيشوا في أرض أخرى تكون ملكنا بدل أن تتقاسم اسبانيا معنا صحراء المغرب، قبل أن يتبن لنا العكس".

القيادي السابق ب"الجبهة" يوضح أيضا، أن "خلايا سرية تابعة للمرتزقة كانت تمارس على عدد كبير من المغاربة في مدن الصحراء التنويم المغناطيسي للعقول، إذ لم نستفق غلا ونحن بين فيافي صحراء موحشة ووجوه متجهمة ومستقبل مجهول".مشيرا إلى أن " ما كانوا يروجون له داخل المخيمات من إشاعات ضد المغرب كانت تضحكنا، أحيانا كثيرة، كأن يقال إن الموت تحت عجلات شاحنة حمراء من نوع "بيدفورد" هو مصير أي شخص يعود من البوليساريو للمغرب، وإن الدولة المغربية تروج إعلاميا لعودته قبل أن تقتله لأنها لن تسامحه".

"واخا مشينا للبوليساريو كانت دماء المغرب ما تزال تجري في عروقنا، وكنا ننتفض في دواخلنا بعد أن انتابنا الندم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.