أواخر السنة الماضية صدر كتاب "أعلام في الذاكرة: ديوان الحرية وإيوان الكرامة" عن المركز الثقافي العربي ببيروت بالاشتراك مع مؤسسة مؤمنون بلا حدود، لكاتب وباحث شاب في بداية المشوار يدعى محمد طيفوري. جريدة "اشتوكة بريس" حصلت على نسخة من الكتاب، وبعدها التقت بمؤلفه في قريته تدارت إحدى قرى اشتوكة التابعة لأقليم اشتوكة أيت باها عمالة بيوكرى. وكان لنا هذا التقرير عن الكاتب الشاب ابن هذه القرية الصغيرة والباحث الواعد بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس أكدال بالرباط وعن مؤلفه الجديد "أعلام في الذاكرة: ديوان الحرية وإيوان الكرامة". • الكاتب محمد طيفوري: يدعى محمد طيفوري من مواليد قرية تدارت أواخر سنة 1987 تابع دراسته الابتدائية بمدرسة القرية ثم انتقل بعدها إلى إعدادية عبد الله الشفشاوني بجماعة سيدي بيبي الواقعة على بعد حوالي 8 كيلومترات عن قريته لإتمام تعليمه الإعدادي. أما السلك الثانوي فقد كان مقسما ما بين ثانويتي الجولان بيوكرى والخوارزمي بأيت عميرة. التحق بعد حصوله على شهادة الباكلوريا بجامعة ابن زهر، وتحديدا الفوج الأول لدراسة الحقوق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، بعدها بسنة وبشكل متوزاي سوف يحصل على شهادة الباكلوريا في العلوم الإنسانية ويقرر التسجيل - في الفوج الأول أيضا – في شعبة علم الاجتماع بكلية الأداب والعلوم والإنسانية، التي حصلت فيها على دبلوم الدراسات العامة قبل أن يضطره إلى الانتقال إلى الرباط، وتحديدا كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بجامعة محمد الخامس لمتابعة دراساته العليا في العلوم القانونية بعد أن حصل على شهادة الإجازة في القانون الخاص. ذات الكلية التي يتابع فيها الآن تحضيره لأطروحة للدكتوراه بعد حصوله على شهادة الماستر فيها في تخصص العلوم القانونية بالقسم العربي. نشر ابن دوار تدارت العشرات من المقالات بصحف وطنية وعربية، وكذا دراسات محكمة في مجلات دولية من قبيل مجلة "إضافات" المتخصص في علم الاجتماع، و مجلة "سياسات عربية" الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، و مجلة "الحوار". وشارك إلى جانب أساتذة كبار في كتب جماعية "ثورات الربيع العربي مآلات الانتقال السياسي والاقتصادي"، وكذا "جدلية التحول والاستمرار في النظام السياسي المغربي 1998-2011". وشارك في العديد من المؤتمرات والملتقيات في المغرب وخارج المغرب في مواضيع متعددة وقضايا متنوعة. الكاتب يتوسطه منسق اتحاد الأدباء الأردنيين والكاتب الأردني معاد بني عامر في مقر الاتحاد بالعاصمة عمان • كتاب "أعلام في الذاكرة": يتضمن كتاب "أعلام في الذاكرة: ديوان الحرية وإيوان الكرامة" خمسة وعشرين علما من أعلام الفكر والثقافة والأدب والسياسية بالعالم العربي الإسلامي، هم أبعد ما يكونوا عن بعضهم البعض زمنيا ومكانيا وانشغالا فكريا. هذا الكتاب الذي قدم لها إبراهيم أمهال أستاذ مادة الفلسفة، وأحد الطاقات المحلية الفاعلة والحاضرة دائما على الساحة الجمعوية والثقافية والفكرية بمنطقة اشتوكة وبجهة الجنوب بصفة عامة. إن متصفح فهرس الكتاب يتساءل ماذا يمكن أن يجمع المفكر المغربي وعالم المستقبليات المهدي المنجرة بمبدع رائعة موسم الهجرة إلى الشمال الروائي السوداني الطيب صالح. وأيضا ما القاسم المشترك بين عبد الله القاسمي وعبد الكريم خليل من جهة وإدوارد سعيد وبول باسكون من جهة ثانية. هذا السؤال يجيب عنه محمد طيفوري في مستهل الكتاب بتوطئة حمل عنوان "على سبيل الاستهلال" حين يقول: "في هذه الكراسة نحاول استضافة نماذج من المثقفين الذين أشهروا سلاح الكتابة ضد النسيان وضد الرداءة وضد الانسياق، في مغامرة يشكل فيها العقل قاطع طريق أمام المارة الذين لا يتأبطون مصباح التنوير أو لا يحملون شارة النضال، إنها بطاقة تقييم لممارسة الحرية في مجالنا العربي التداولي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا". وعليه يكون الخيط الناظم لهذه الشخصيات هو سمفونية الحرية والتمرد والثورة ضد سلطة من السلط دينية كانت أو اجتماعية أو سياسية... ليحقق صاحبها التفرد في النسق الذي عاش فيه، بل أحيانا تكون حياته مقابلا لهذا الخيار (محمود محمد طه، عبد الرحمان الكواكبي، بول باسكون...). في إحدى الأنشطة الثقافية بقرية تدارت لم يتوقف الكاتب عند اشتغاله على هذه الشخصيات عند التعريف الكلاسيكي بهذه الأسماء كما هو حال بعض المؤلفات التي يطبعها هاجس الكم بقدر ما اعتكف على دراسة وتتبع مسار كل شخصية على حدة من خلال تقديمها ومناقشة ما بعض من قضايا اشتغالها واهتمامها ما يجعله عمله متجاوزا النمط السردي التقليدي إلى تحليل ومناقشة أفكار وطروحاته هذه الرموز الفكرية، وهو أمر ليس بالهين خاصة وأنه يتطلب في بعض الأحيان الانتقال من اختصاص معرفي إلى أخر مختلف كليا عن سابقهن فنجده ينتقل من عبد الرحمان بدوي في الفلسفة إلى عبد الله العروي في التاريخ مرورا بعبد الرحمان منيف في الرواية وصولا إلى محمد أبو القاسم الحاج حمد وعبد الجواد ياسين. "يخبرنا التاريخ أن كل الإنجازات الرائعة في حياتنا تمت بفضل أناس تمردوا في الماضي، وطوال تمردهم كانت السلطة تضطهدهم، تحاربهم، وتقتلهم في بعض الأحيان لأنهم طالبوا بهذه الحرية" بهذه الجمل يشرح الكاتب ضمنا العنوان الفرعي لمؤلفه وفي ذات الوقت يبين للقراء البوثقة التي تنصره فيها هذه الأعلام ذات المشارب المختلف والمتعددة. وقد تكون بشكل من الأشكال مساهمة غير مباشرة في النقاش القائم حول المثقف في عز الربيع العربي، خاصة وأن جزء ممن شكوا خارطة الكتابة شهدوا هذا الحدث الاسثتنائي، وربما تكون أفكار البعض منهم الخميرة التي أججت هذا الحراك. جدير بالذكر أن هذا هو الكتاب الثاني لهذا الباحث الشاب الذي يرسم ملامح طريقه، بعد أن أصدر سنة 2012 كتاب بعنوان "عبد الوهاب المسيري: مفكر عربي في سياق عالمي" عن مركز دراسات الوحدة العربية.