تحقيق لمركز دراسات أمريكي بواشنطن: جبهة البوليساريو حليفة للإرهاب الدولي وتهدد أمن المغرب والمنطقة وأوربا    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو للمشاركة في احتجاج "حماة المال العام" ضد "الفساد"    هشام بلاوي رئيس النيابة العامة يُحيل تقارير "الحسابات" على الشرطة القضائية    سمو الأميرة للا حسناء تمثل الملك في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات    انعقاد مجلس الحكومة بعد غد الخميس    10 قتلى في إطلاق نار داخل مدرسة بالنمسا    زخات رعدية محليا قوية مرتقبة اليوم الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    عملية أمنية مشتركة تسقط شبكة لترويج الكوكايين والأقراص المهلوسة بين تيفلت والخميسات    بتعليمات ملكية.. مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق عملية "مرحبا 2025"    البوجدايني يقود وفدا سينمائيا رفيعا بمهرجان آنسي لتعزيز إشعاع سينما التحريك المغربية    مؤشرات السوق النقدي المغربي.. انخفاض عجز السيولة وتوقعات بزيادة تدخلات بنك المغرب    زخات رعدية مصحوبة ببرد متوقعة اليوم الثلاثاء بالمنطقة الشرقية والريف    "لاراثون": ضبط أموال وسجائر مهربة على متن حافلة انطلقت من الناظور        بين فوز باهت وقلق متصاعد.. الجماهير المغربية تضع أداء الركراكي تحت المجهر    لانقبل هذا داخل المنتخب الوطني المغربي … !    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية البرتغال بمناسبة العيد الوطني لبلاده    مسرح رياض السلطان يستقبل الصيف بعروض فنية تجمع بين الإبداع والموسيقى والتأمل    بطولة إيطاليا.. الكرواتي تودور سيبقى في منصبه مدربا ليوفنتوس    حادث سير مروع بين سيارة أجرة وسيارة خفيفة بإقليم شفشاون.    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    مراكش: ارتفاع ليالي المبيت السياحية ب9% حتى فبراير 2025    الركراكي: التغييرات كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين    المنتخب المغربي لكرة القدم يرتقي إلى المركز 11 عالميا    تندوف مزرعة للتطرف يهدد أمن أوروبا والساحل    البقالي يكشف المستور في قضية دعم استيراد الأغنام وتداعياتها على مجلس النواب    مسلم يعتلي صدارة "الطوندونس" المغربي ب"خمري"    ليلى الحديوي تثير الجدل بتصريحات جريئة    المغرب يتصدر إفريقيا في مراكز البيانات            وفد رجال الأعمال الموريتانيين يتجه إلى الصين لتعزيز الشراكة الاقتصادية الإفريقية الصينية    دروس مستخلصة من عيد الأضحى "الغائب الحاضر"    ريال مدريد يقرر تمديد عقد نجمه البرازيلي فينيسيوس حتى 2030    أعمال الشغب في لوس أنجليس.. ترامب يأمر بنشر ألفي جندي إضافي من الحرس الوطني    إسرائيل تعلن ترحيل الناشطة غريتا تونبرغ بعد توقيفها على متن سفينة مساعدات لغزة    انتعاشة غير مسبوقة للسياحة العالمية في 2024: الشرق الأوسط يحقق قفزة نوعية والمغرب الأبرز إفريقياً    2050.. الصين تُلهم العالم بنموذجها الاقتصادي وإفريقيا أمام فرصة للتحول    مجلة إسبانية: المغرب قطب تكنولوجي حقيقي    من روان الفرنسية إلى طنجة.. رحّالة فرنسي يقطع نحو 2200 كلم على دراجته لنشر التسامح    من يوقف هذا العبث؟ حركات بهلوانية مميتة بشوارع العرائش… والخطر يهدد الأرواح    حاكم كاليفورنيا: ترامب رئيس ديكتاتوي    هجوم "ضخم" بمسيرات روسية يستهدف كييف وأوديسا    المنتخب الوطني يفوز على نظيره البنيني بمقصية جميلة من الكعبي    منظمة الصحة تحذر من متحور جديد لكورونا والمغرب مطالب باتخاذ تدابير استباقية    ساعة ذكية تنقذ حاجة مغربية من موت محقق أثناء أداء مناسك الحج    خبراء مغاربة: متحور كورونا لا يثير القلق لكن الحذر واجب للفئات الهشة        رغم غياب الأضاحي.. كرنفال بوجلود الدولي يعود في دورته الثامنة بنفس متجدد وإشعاع عالمي    مهرجان الدارالبيضاء للفيلم العربي يستقطب نجوم الصف الأول للتحكيم    "هولوغرام موازين" يشعل الخلاف بين عائلة عبد الحليم حافظ والمنظمين    كأنك تراه    المغرب يحتفي بثقافته في قلب الصين عبر ألحان التراث وإيقاعات الفلكلور    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات "كوفيد-19" بسبب متحور جديد وتدعو لتشديد الإجراءات الوقائية    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    









الكيف الريفي في المعادلة السياسية المركزية
نشر في شبكة دليل الريف يوم 06 - 04 - 2014

يسعى النظام المخزني في الآونة الأخيرة إلى إيجاد صيغة تخوله التحكم الأحادي في نبتة الكيف الريفية لما لها من ثقل إقتصادي و قدرة تحكمية في قلب موازين القوى السياسية ، بإعتبار ان السياسة المخزنية مرتبطة بشكل ازدواجي برؤوس الأموال السوداء المتحكم فيها من طرف لوبيات مافيوزية تجعل من المال أساساً للهيمنة على القرار السياسي المركزي ، لذلك فإن الخرجات المتوالية من طرف جهات مدفوع بها في الحقل السياسي هو تمهيد استباقي لمشروع مخزني تحكمي على جل الموارد الريفية لثني مجاله الجيوسياسي عن النهوض بنفسه و تسيير نفسه بنفسه وفق رؤية ريفية قحة لا دخل للمقاربات المركزية فيها .
يمكن إحاطة النقاش المفتعل حول تقنين الكيف و التطرق لمراميه و حيثياته فيما يلي :
أولاً : اعتبار إرادة المركز المخزني في بسط الهيمنة على الكيف الريفي جزء لا يتجزأ من نهج سياسي رسمه الحسن الثاني بعد السكتة المالية ل 1981 ، إرتأى من خلاله إلى إغماض الجفن عن ترويج الكيف و الشيرا للرفع من المؤشرات المالية وفق تحايل دولتي تم كشفه بعد مطاردة كبار الاباطرة لتخليصهم من رؤوس الأموال بعد إصدار احكام قضائية مكللة بغرامات أفضت الى انتزاع املاكهم و تحويلها إلى مقربين من البلاط بعد تحايل قانوني مدسوس بنزع ملكيات العقارات و تشميع الحسابات البنكية ، و رافقه في نفس الوقت تصوير الريف كبؤرة مافيوزية بتسخير وسائل الإعلام المتحكم فيها كل ذلك لتبرير المقاربات الأمنية التي تضع الريف في نسق مقارباتي يشبه المنهجيات الحربية .
ثم إن نهج الحسن الثاني اتسم بإقتناعه بضرورة تخليص الريفيين من رؤوس الأموال الكبيرة التي من شأنها ان تنافس لوبيات البلاط المقربة منه في التأثير على خريطة المتحكمين بالاقتصاد المغربي ، فكانت الرأسمال الريفي مدرج في خانة المشبوه .
ثانياً : إن التركيز على عامل إستخدام الكيف في المجال الطبي يحمل بين طياته تناقضا صارخا بين هكذا خطاب مروج و بين القانون الزجري الذي يعتبر الكيف و امتلاكه سببا لإدانة يعاقب عليها القانون الوضعي ، ثم إن الخوض في نقاش التداوي بنبتة الكيف و استخدامها لأغراض طبية يحتم فتح نقاش بين هيآت و منظمات دولية تعنى بالصحة أولها منظمة الصحة العالمية و ليس الاستعانة ببيادق جمعوية اغلبها منضوية تحت اطارات حقوقية مشبوهة يتناقض سقفها المطلبي الذي ينص عليه قانونها الأساسي المؤسس لها انطلاقا من قانون تأسيس الجمعيات و هيآت المجتمع المدني إذ كيف يمكن تفسير ان تطالب هيأة جمعوية لا يتعدى سقفها السقف المطلبي بتقنين الكيف و تتحول بقدرة قادر الى مشرع له سلطة اقتراحية ؟
ثالثاً : إن إقحام الأصالة والمعاصرة وليد القصر في هذا النقاش دليل على إرادة عليا لتمكين اللوبي المخزني من التحكم في الرأسمال الريفي لإضفاء طابع الشرعية على الصفقات السياسية التي يكون المال عاملا رئيسيا فيها ( الملايير المسخرة في الحملات الانتخابية و شراء ذمم المعارضين و خلق لوبي اقتصادي محمي من الدولة يضفي طابع الشرعية على اموال مراكمة بشكل مبهم اغلبها من رشاوي و صفقات مشبوهة ) .
و إن الإستعانة بلوبي مخزني ريفي الانتماء هو محاولة يائسة للتحكم في المعادلة المالية الريفية هدفها مركزة المال الريفي و استثماره بعيدا عن التطلعات الريفية الهادفة إلى استغلال موارد الريف لبناء بنياته الاقتصادية و المجالية .
رابعاً : الحديث عن تقنين الكيف و تسخير أبواق سياسية و اعلامية لترويج خطابات المخزن و رؤاه في هذا الصدد هو دليل على رغبة مركزية في نزع هذا السلاح الاستراتيجي من يد الريفيين ، و محاولة صريحة لإحلال قوى نيومخزن محل الاطراف الريفية التي لم يتأكد المخزن من ولاءها لمشروع هيمنته على الريف ، فتحكمه في الكيف يعني فيما يعنيه تسهيل المأمورية عليه في استخلاص تقارير مسربة للرأي العام الخارجي يصور فيها نفسه شرطيا كابحا لتدفق هذه النبتة في الاسواق الخارجية و ينفي عليه في نفس الوقت صفة التواطئ و الشبهة ، إذ سيكون محتكرا للدعم الخارجي الذي يتلقاه كي لا يكون المغرب جسرا تبادليا للمخدرات الى العالم و يحفظ الدعم الاوربي المخصص له في هذا الصدد و سيعمل على تصوير الريف كبؤرة مافيوزية كلما انفضحت للرأي العام عملية تمرير المخدرات ، يعني يحاول النظام المخزني ان يجعل من الريف أرنب سباق يحمله مسؤولية أي فضيحة منكشفة لدى الرأي العام الدولي او اي إخفاق في التستر على على الاباطرة الرسميين المتاجرين في هذه النبتة .
خامساً : إن تفقير المزارعين و مطاردتهم على الدوام يحمل بين طياته إرادة اخضاعهم لإملاءات المركز لإرغامهم على التنازل عن بقعهم مقابل إبعاد شبهة الجرم عنهم ، و في الأمر إرادة مستترة إلى تفويت الكيف للوبي المخزني لإختيار شركاءه الدوليين لتصريف الصفقات تحت غطاء القانون ، و ذلك ما سيجعل القوة الاستثمارية الريفية تضمحل و سيكون الريف أداة تموينية لمشاريع المركز على حساب تهميشه و تصويره كمجال جيوسياسي مشيطن .
و يبقى الأمر الغامض الذي يستوجب التساؤل و التمعن كيف سيتأتى للمخزن احكام السيطرة المعقلنة على هذا الملف الذي خلف تراكمات عدة و له آثار بينة لها قوة الحسم في مجموعة من المعيقات السياسية و الاقتصادية في وقت تتسارع فيه نسب ترويج المخدرات الصلبة بالريف ؟ ألا يكون تعاطي المخدرات الباهضة رسما ممنهجا يوقع الريفيين في مطب الاستغناء عن عقاراتهم مقابل ضمان الجرعات ؟ ألا توجد علاقة بين مافيوزات العقار بالريف و بين مروجي الكوكايين لضمان السطو على الملكيات الريفية و انتزاعها من اصحابها في عتمة الادمان ؟
سادساً : تأتي إرادة المركز في تقنين الكيف بعد نجاح سياسة تدجين المهجرين الريفيين و التحكم في رؤوس اموالهم بتحويلها للمركز و جعلهم ماكينات رقمية تحافظ على استقرار المؤشرات المالية المركزية و خلق مناطق صناعية في المغرب البعيد على حساب تهميش الريف و تناسيه بعد ترويض المهجرين و محاولة إحكام رؤاهم فيما يعرف بمجلس الجالية و الوزارة التي أنشأت لمهمة توحيد صوت ريفيي الدياسبورا تحت تصور المركز ، و بعد التفرغ من المهجرين انتقل النظام السياسي الى رسم مقاربة تهدف إلى النيل مما تبقى من كل ما من شأنه ان يكون موردا ماليا ريفيا قد يخل بالموازنة المالية التي يريدها المركز ، ليبقى اعلى سقف استثماري بالريف بعد حين هو بناء المقاهي و المطاعم دون المرور الى ثقافة تأسيس اقطاب صناعية ريفية بالريف .
سابعاً : ان محاولة الهيمنة على الكيف الريفي بداعي تقنينه لإستغلاله لأغراض طبية هو تحايل على الشعب و الرأي العام الدولي بطريقة تكاد متطابقة مع التعليل الإيراني لتخصيب اليورانيوم .
ففي خضم الفساد المتفشي و بزوغ النزعة الفوبية للمخزن تجاه الريف لا يمكن التصديق أبداً بحسن النوايا ممن كان يعتبر الريفيين اوباشا في الامس القريب ، إذ ان عملية التقنين بحاجة الى توافقات مبدئية و إرادة في الإنماء و ذلك لا يتواجد في الأجندة المركزية في كل ما يتعلق بالريف ، و إن الهدف منها هو استبدال اصحاب رؤوس الأموال الريفيين بآخرين ممخزنين يطبقون تعليمات مخزنية بكل حذافيرها .
ثامناً : إن تواطئ كبار السياسة و الاقتصاد في عمليات المتاجرة بالمخدرات من قبل يوحي بإرادة المخزن في مسايرة نهجه القديم الاخضاعي بطرق حديثة ناعمة هدفها التحكم في الخريطة المالية ، ففي عرف بقضية منير الرماش من قبل يتبين أن الصفقات الضخمة تكبر كلما علت المكانة السياسية للمتورطين فيها ، بعد أن اكد الرماش بنفسه ان كبار أباطرة المخدرات هم المسؤولين الكبار في اجهزة الدولة ، و يبقى هذا الاقرار صحيحا ما دامت النظام المخزني يضع خطوطا حمراء على ارقام معاملات الشركات الكبرى و يمنع بشكل قاطع امكانية النفاذية إلى الارقام الرسمية للدولة .
تاسعاً : إن أي نقاش حول الكيف الريفي يجب ان يكون ريفي-ريفي بعيدا عن القوى الضاغطة المركزية و جحافل الأمن و المخابرات و مسايريهم من سياسيين مفعول بهم في الحقل السياسي ، إذ ليس من المسموح البتة ان يتم استغلال هذا السلاح الاستراتيجي الريفي في لعبة الضغط على الاتحاد الأوربي للرفع من دعمه الممنوح للمغرب أو في لعبة سياسية مشبوهة تروم إلى مركزة الكيف ليكون رقما ماليا مركزيا لا يستفيد الريف منه إلا فيما يتعلق بتجديد "زرواطة" القمع و إنماء اللوبي العقاري المحصن بأجهزة نافذة جلها على علاقة بالتراكتور السياسي الذي يسعى لدك الريف و جره الى زنزانة الانعزال .
عاشراً : ان محاولة اصطياد المزارعين و جرهم إلى طاولات المفاوضات هو رغبة دفينة في نزع ملكياتهم على غرارالنمط المتخذ في نزع الأراضي السلالية و يجب النظر الى المزارعين كفئة متضررة من شمولية المقاربات المخزنية و أول نقاش يجب ان يطرح هو نقاش عن تعويض الريفيين عن المس بشرفهم و تصويرهم كمجرمين لدى الرأي العام الخارجيَ ، أما الكيف الريفي فمن غير المقبول قطعاً اقحامه في نقاشات المركز فالريفيون أولى به و أدرى بالسبل الكفيلة لجعله عاملا مساهما في البناء الكياني الريفي بعيدا عن شوشرة المركز و بيادقه .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.