مستشارو الملك يجتمعون بزعماء الأحزاب لمناقشة تحيين مبادرة الحكم الذاتي    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    زيارة وزير الخارجية السنغالي للمغرب تفتح آفاقاً جديدة للشراكة الثنائية    مئات المغاربة يجوبون شوارع باريس احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    أخنوش: "بفضل جلالة الملك قضية الصحراء خرجت من مرحلة الجمود إلى دينامية التدبير"    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جاىحة كورونا .. او عندما يغيب العلاج وتختزل 'الوقاية' في حالة الطوارئ الصحية
نشر في شبكة دليل الريف يوم 09 - 04 - 2020

1/ تقديم : من خلال رصد تطور جائحة كورونا عبر العالم، وما تخلفه من نقاشات، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تروم التفائل تارة ،والتشائم الى حدود توقع نهاية العالم تارة اخرى. او ما يذهب اليه بعض الفقهاء بارجاعهم سبب هذا الوباء الى غضب الاهي ابتلى به عباده بعد ان ضلوا الطريق المستقيم، أو حتى اعتبار هذا الوباء بالنسبة للبعض الاخر بمثابة مؤامرة تندرج ضمن أدوات الصراع بين القوى العظمى ،خاصة بين الصين وروسيا من جهة ،وامريكا من جهة اخرى. او من خلال التصريحات الرسمية للدول والحكومات بما تسوقه من اتهامات لبعضها البعض او بما تتلوه من بيانات حول الوباء فيما يخص أعداد الوفيات ،وأعداد الاصابات ، وأعداد المخالطين. أوحتى بما ترسمه من استراتيجيات طببة على ضوء توقعاتها المستقبلية لارتفاع اعداد المصابين ، ابتداء من الاجرائات الاحترازية لمنع تفشي الوباء، وهي الاجرائات التي تختلف من دولة الى اخرى.او سواء في ما تعلق بتدابير حالة الطوارىء الصحية، او بضرورة تعميم استعمال الكمامات من عدمها ،الى تعدد البروتوكولات العلاجية من طبيعية الى اصطناعية، مع تطابق في وجهات النظر حول ضرورة وضع من وصلوا حالة الفشل الرئوي تحت أجهزة التنفس الاصطناعي. كل هذا يؤشر على غياب استراتيجية دولية موحدة لحد الساعة في شان محاربة وعلاج هذا الوباء ،الذي يبدو أنه لم يكشف بعد عن كثير من أسراره رغم تشخيصه الجيني ، خاصة في طرق انتشاره وعلاجه وطرق الوقاية منه .
في هذا السياق، ومن أجل فهم هذا الغموض الذي يكتنف الوباء، سأعمل بعد هذا التقديم، الى اعتماد منهجية متدحرجة من الأطار العام الى الاطار الخاص ،أو ومن الوضع االدولي العام الى الوضع الوطتي الخاص بالمغرب.

2/ الاطار العام
أ/ في شأن حالة التماهي بين الوقاية والعلاج .
يبدو ان ما يكتنف هذا الوباء من غموض في طرق انتشاره السريع الذي يبدو انه يرسم طريقة انتشاره بعيدا عن التأثيرات الخارجية المرتبطة بالبروتوكولات العلاجية وباللقاحات التي لم توجد بعد ، وهو ما يفسر طبيعة منحنياته التي تبدأ في الوهبوط بعد ان تكون قد وصلت الى مرحلة الذروة . ، كما ان تفسير هذا الانتشار السريع للوباء وذلك رغم كل الاجرائات الاحترازية المتخذة ، يتجاوز ما نعرفه لحد الساعة عن هذا الفيروس ،خاصة مع ظهور اصابات لثدييات مفترسة في احدى حدائق الحيوانات بمدينة نيويورك، التي نعرف ان التعامل معها يتم عن بعد نظرا لخطورة التقرب منها .وهو ما يطرح اكثر من سؤال على كيفية اصابتها بالعدوى ، ويعيدنا كذلك الى المربع الاول فيما اذا كان الهواء ،كما قلنا في مقال سابق ،يشكل وسيلة اضافية لانتشاره بما يؤكد الدائرة المغلقة لانتقاله حيوان - انسان -هواء - انسان .
كما ان غياب بروتوكولات علاجية ناجعة وموحدة وكذا اللقاحات الضرورية له لحد الساعة ،بموزات ما يتميز به من اكتساح للقارات الخمس ،وحصده لعشرات الألاف من الضحايا، هو ما دفع باأكثر من نصف شعوب الارض الى اعتماد اجرائات احترازية صارمة ضمن ما يسمى بحالة الطوارىء الصحية، وذلك "للوقاية "من الوباء والحد من تصاعد حالات الاصابات عبر العالم .
لكن يبدو ان التمديد لاجل غير مسمى لهذه الاجراءات" الوقائية " في غياب العلاجات الضرورية لهذا الوباء ، سيحول الوقاية كمفهوم طبي la prévention يتم اعتماده عادة في عملية اللقاح ضد الامراض االمعدية التي نتوفر على لقاحات وعلاجات مسبقة لها، الى مفهوم هلامي يتمها مع مفهوم العلاج لحالة غير مفهومة لحدود الساعة . وفي هذا السياق يمكن فهم التمديد المتكرر لحالات الطوارىء الطبية عبر العالم ،والاجرائات الاحترازية المتخذة في هذا الشان ،رغم محدودية نتاىج بعض هذه الاجرائات او عدم نجاعة بعضها في وقف انتشار العدوى ، وهو ما يفسر كذلك اختلاف هذه الاجراءات من دولة لاخرى .
لكن ما هو اكيد، ان هذه الاجرائات الوقائية رغم اهميتها الا انها لا يمكن ان تكون دائمة ،ولن تعوض البروتوكولات العلاحية واللقاحية التي تعد ضرورية للقضاء على هذا الوباء والوقاية منه،و لتتحول من خلاله الاجرءات "الوقائية" المتخذة الى اجرائات تكميلية مساعدة للبرتوكولات العلاجية .
الا اننا كذلك يمكننا القول، ان حالة الغموض التي صاحبت هذا الوباء عبر العالم، والارتكاز على الاجرائات "الوقاىية" ولو بالاختلافات التي تشهدها هذه الاجرائات ، خلق حالة غير مسبوقة في مسألة تكافىء الفرص بين دول العالم الثالث والعالم المتقدم ولو بتفاوتات معينة مرتبطة بتوظيف هذه الاخيرة للتكنولوجيا المتقدمة في الكشف عن الاصابات، و تتبع مسار المصاببن ،وتقديم العناية المركزة لمن هم في حاجة طبية لها.
كما ان الوباء وفي غياب العلاجات واللقاحات المناسبة له لحد الساعة ، قد أخذ ما يكفي من الوقت ليبلغ ما يسمى بمراحل الذروة في الكثير من الدول قبل ان تبدأ منحنياته في الانحدار بعد ان خلف عشرات الالاف من الضحايا عبر العالم مع الخوف الدائم من حالات العود على شكل متوطن دائم في بعض مناطق العالم ،وذلك في غياب العلاجات واللقاحات الضرورية للقضاء عليه .
ب/في مسالة بوليميك البروتوكولات العلاجية.
في هذا النطاق سوف لن اتوقف الى ما يروجه بعض الساسة خاصة الرئيس الامريكي ، خاصة فيما يتعلق بتصريحاته حول نجاعة بروتوكول معين، وقدرته على شراء كميات كبيرة منه .وهو بذلك شكل استثناء شاذا لرئساء الدول .او لنقل ان بتصريحه هذا كمن يقوم ببروباكاندا انتخابية زائفة يوهم من خلالها الشعب الأمريكي على قرب قدوم المنقذ القاهر للعدو ،على غرار ابطال افلام الكوبوي الامريكية .هذا في الوقت الذي يعرف العالم ان هذه البروتوكولات وخاصة تلك القائمة على الكلوروكين والازيتروميسين لازالت في معظمها قيد الدراسة ولم تثبت نجاعتها بعد، رغم ما تذكره بعض المراكز الاستشفائية في الدول التي عانت من هذا الوباء ، في شان نجاعة هذا البروتوكول الأخير في علاج المرضى المصابين، شريطة ان تكون الاعراض في بداياتها . هذا في الوقت الذي نعلم فيه وفق المعطيات المتوفرة لدينا ، ان أكثر من 85 % من المصابين يتشافون تلقائيا ودون الحاجة لهذه الادوية . كما ان هذا البروتوكول العلاجي المتمثل في الكلوروكين والازيتروميسين، لم يتوفر بعد على دراسة تقييمية étude rendomisé تؤكد نجاعة هذه الأدوية في علاج هذا الوباء من خلال تجارب مقارنة لعينات ، معبرة في أعدادعا تمكننا من نقييم علمي للنتائج ،بين من وضع من هذه العينات تحت البروتوكول العلاجي، وبين اخرى تم وضعها فقط تحت علاجات تخفيفية للاعراض التي يظهرها المصابون .وان غياب مثل هذه الدراسات العلمية هو ما يفسر الاختلافات الواردة بين الاطقم الطبية عبر العالم في استعماله من عدمه .
3/الاطار الوطني الخاص.
أ/حتى لا يتحول المغرب الى حقل للتجارب.
بما ان افريقيا تعد من البؤر المستقبلية للانتشار الواسع للوباء حسب المنظمة العالمية للصحة.وكون المغرب بلدا افريقيا يعاني مثله مثل باقي شعوب العالم و الشعوب الافريقية من هذه الجائحة ولو بحدة اقل بكثير لحد الساعة بالمقارنة مع باقي دول الجوار الاوروبي ، وحتى لا يتحول المغرب الى حقل لتجارب البروتوكولات العلاجية، يكون لزاما علينا اذن التطرق الى ما يعتمده المغرب من استراتيجية علاجية واستباقية لمواجهة هذا الوباء ما دامت الاجرائات الاحترازية متشابهة الى حد ما بين مختلف دول العالم كما انها ليست بالضرورة طبية.
اذن يمكن ان نتسائل في المقام الاول عن ما يعتمده المغرب كبروتوكول علاجي للمرضى المصابين ، دون ان نغفل باقي المحاور ذات العلاقة باسترتتيجية المواجهة التي سنتطرق لها لاحقا. كما ان هذا الموضوع الذي يبدو انه يكتنفه الغموض في المقاربة الرسمية هو ما حذى ببعض الاطباء المغاربة الى توجيه النداء في هذا الشان وتمنوا من خلاله ان يصل الى المسؤولين حسب ما ورد فيه.وهو النداء الذي ارجع من خلاله ما ورد فيه من مقترحات علاجية الى الخصاص الذي يشهده البلد على مستوى الامكانيات اللوجيستيكية والطبية. و بضرورة تعميم هذا البروتوكول القائم على الكلوروكين والازيتروميسين ، ووصفه لكل مريض تأكدت اصابته او حتى مشتبه باصابته في اطار ما يسمى بالتجرية العلاجية test therapeutique ، وذلك من اجل علاج الحالات المرضية و التخفيف من أعداد الوفيات ومن حدة الاعراض لدى البعض ، وبالتالي التقليل كذلك من الأعداد التي يتطلب وضعها تحت اجهزة التنفس الاصطناعي. ومن اجل تعزيز طرحهم هذا استحضروا تجربة المغرب في علاج المشتبه باصابتهم بداء السل الذين وضعوا تحت هذه التجربة العلاجية ، خاصة عندما يكون تشخيص مرض السل لديهم غير مؤكد، وذلك رغم طول مدة العلاج و وارتفاع كلفته المادية عند هذا النوع من المصابين ، وذلك على عكس البروتوكول العلاجي المقترح لمرضى كورونا ، الذي بالاضافة الى تكلفته الرخيصة فان ايام العلاج به لاتجاوز سبعة الى عشرة ايام ،وهو ما يقلل كذلك من التاثيرات السلبية المعروفة عن هذا الدواء .
هنا لا بد من التوقف، ما دامت الوزارة الوصية لم تصدر اي موقف في الموضوع، لنقول لزملائنا لا وجود للقياس مع وجود الفارق. خاصة وان ما كان يعتمد مع بعض مشتبهي مرضى السل، الذين تعذر او صعب اثباته لديهم تشريحيا او بيولوحيا او بالاشعة ، من علاجات تجربية لمدة شهر تروم الى تلمس ردة فعل الاعراض السريرية والعلامات المرضية قبل ان يتم اخذ القرار بتمديده او توقيفه ،هي علاجات قائمة على بروتوكولات وادوية اثبتت قدرتها الطبية و العلمية في علاج داء السل . وبالتالي لا يمكن قياس هذه الطريقة على وباء غير معروف في الكثير من حيثياته ، ولا زالت الادوية والبروتوكولات العلاجية المستعملة في علاجه في طور التجربة ،ومجالا للكثير من الاراء المتناقضة .
وفي هذا السياق اظن ان على السلطات الصحسة في المغرب ان تنير الراي العام الوطني في شان ما تعتمده من بروتوكولات علاحية للمرضى المصابين بهذا الوباء وما هي استراتيجيتها في هذا الشان .و ان توفرت فما هي مرجعيتها العلمية في ذلك ،حتى لا نشكل فعلا حقلا للتجارب لبعض البروتوكولات التي تسوق لها بعض مراكز البحث الفرنسية . وان لا تكتفي الوزارة فقط بما تقدمه لنا من أحصاىيات وبائية، و بما تقدمه لنا من استعدادات وردية تجعلنا ننبهر لقدرة نظامنا الصحي على مواجهة هذه الجائحة التي اثبتت فشل منظومات صحية دولية لطالما اعتبرناها نموذجية .هذا في الوقت الذي يعرف الجميع حدود امكانيات منظومتنا الصحية التي فقدت القدرة على الاستجابة لحاجيات المواطنينين في الاوضاع العادية، وما بالك في زمن الجائحة .
ومن اجل الرجوع الى باقي المحاور في منهجية هذه المواجهة التي سبق ان ذكرناها، و وكذا التطرق لكيفة تعاطي الوزارة الوصية مع هذه الجائحة كان لا بد من الاناقال الى الفقرة الموالية.
ب/في شان التصريحات الرسمية وواقع الوباء
في سياق ما قلته في الفقرة السابقة عن واقع منظومتنا الصحية التي طالما انتقدناها نظرا لعجزها الهيكلي والبنيوي، وافتقارها من جهة للامكانيات اللوجيستيكية والموارد البشرية الازمة للاستجابة للحاجيات الصحية المتنامية للشعب المفربي ومن جهة اخرى لافتقارها لرؤية استراتيجية تروم لتطوير منظومتنا الصحية وخلق حالة من التكامل الايجابي بين القطاعين الخاص والعام وفق رؤية سياسبة صحية تروم لتحقيق الامن الصحي المجتمعي الذي يشكل عاملا اساسيا للاستقرار و محفزا لتطور ونماء المجتمع وذلك بما تقتضيه هذه الرأيا من اعادة نظر جوهرية في منظومتنا الصحية و من رفع في ميزاتية هذا القطاع الحيوي الهام الذي مع الاسف تم التصويت ضد مقترح الزيادة في ميزاتيته بالاغلبية المطلقة من طرف البرلمان وذلك في جلسات سابقة.
لكن فقط يمكن القول ان هذه الانتقادات لمنظومتنا الصحية يمكن ارجائها الى ما بعد هذا الوباء ،وان المرحلة تقتضي تكثيف الجهود لمحاربة هذه الجائحة .وفي هذا الصدد لا يمكننا الا نثني على اطقمنا الطبية والتمريضية ووجال الامن وكل من يتواجد في الصفوف الامامية والعاملين في القطاعات الاساسية الضرورية وكذا التجاوب الايجابي لعموم الشعب في احترام ما يعمل به من اجرائات احترتزية .لكن هذا كذالك لن يثنينا على مسائلة الوزارة الوصية على القطاع فيما تنتهجه من استراتيجية لمكافحة هذا الوباء حتى لا نعيد تكرار الاخطاء التي مارسناها لعقدود في تدبير هذا القطاع الحيوي.
وفي هذا السياق وعلى ضوء ما تقدمه مصلحة مكافحة الاوبئة والامراض من احصائيات لا تتناسب والتصريحات المتعلقة بالتقديرات فيما يخص ما يعد من امكانيات لوجيستيكية من الاسرة واجهزة التنفس الاصطناعي ، و لا في ما يتعلق بالوضعية الحالية الحقيقية للوباء لضعف الامكانيات المسخرة لتعامل مع هذا الوباء وللتشخيص الواسع بالمفارنة مع دول محيطنا الاقليمي ،ولا بالاستعدادات المنتظرة لمواجهته .وهو ما يعكس اما غياب استراتيجية وطنية قائمة على التشخيص الموضوعي لواقع الوباء والاحتمالات الممكنة بما تقتضيه من شفافية في التعاطي مع الوضع، والعمل على وضع الجميع امام ما ينتظرنا كمغاربة ،حتى يتحمل الجميع مسؤوليته في الالتزام بالاجرائات الاحترازية التي تقوم بها الدولة . ام ان هذه التصريحات تروم المقصود منها فقط خلق جو من الطمانينة عند المواطنين والمواطنات .وحتى تظهر الوزارة في موقع المتحكم بالوباء . وفي كلا الحالتين نكون بصدد اعادة انتاج اخطائنا بامتياز ونسوق لمواطنينا عكس ما نحن عليه اعمالا بمقولة :قولو العام زين ، والمغرب استثناء.
عندما اطرح هذه الاسئلة فذلك من باب الغيرة على الوطن ، الذي نريده جميعا سالما ومعافيا ،لانه بمجرد القاء نظرة الى الاحصائيات في شان عدد التحاليل المنجزة واقارنها بدول محيطنا الاقليمي . وعنما استحضر ما يتم طرحه من احصائيات في عدد الاصابات المؤكدة التي بلغت لحدود صباح اليوم 1275 حالة واستبعاد 4477 من اصل 5752 تحليل مخبري وهو ما يشكل نسبة 22 % من مجموع التحاليل التي انجزت الى حدود اليوم. وعندما استحضر عدد الاصابات المؤكدة لدى المخالطين الذين يتم تتبعهم التي بلغت في المجموع 445 حالة من اصل 8600 مخالط ،وهو ما يشكل فقط نسبة 5% وهو ما يدفعنا الى التساؤل عن طبيعة الاصابات المجهولة المصدر التي يشكلها فارق 17% بين عدد الاصابات الاجمالبة المؤكدة وعدد الاصابات لدى المخالطين .وعندما استحضر كذلك ما يتم التصريح به من استعدادات لمواجهة الوباء التي تذهب الى توفير 3 الاف جهاز تنفس اصطناعي، تتراود الى ذهني الكثيرمن الخلاصات المؤلمة التي استنبطها من القرائة الموضوعية للارقام المقدمة سواء كاحصائيات وبائية او كاستعدادات لمواجهة الوباء.وهو ما يفرض علينا قرائة في للبيانات والارقام المقدمة من طرف الوزارة الوصية على القطاع.
-/ قرائة مقارنة في الارقام
ان نظرنا مثلا الى عدد التحاليل المخبرية التي اجريناها لحدود اليوم بشكل عام التي لا تتجاوز 5752 تحليل مخبري في المجموع نجد ان المغرب يتواجد.في المرتبة التاسعة من اصل 12 دولة في شمال افريقيا والشرق الاوسط التي شملها الاحصاء اي بعد كل من موريطانيا ولبيا والجزائر.
-/ ان نظرنا كذلك الى مجموع التحاليل الايحابية بالمقارنة مع العدد الاجمالي للتحاليل المنجزة فاننا نجد انها تمثل ما يقارب 22% ، وان احتملنا ان عدد المخالطين لكل اصابة مؤكدة قد تصل الى معدل 10 اشخاص بما يرفع هذا العدد الى 12750 مخالط . واذا اعتبرنا نسبة 5% منهم قد تكون اصابتهم مؤكدة واضفنا الفارق 17% المجهول المصدر فان عدد الاصابات المؤكدة قد يتراوح في الوقت الراهن بين 4000- 5000اصابة وهو رقم سيعرف تصاعدا كون هؤلاء بدورهم يكونو قد خالطو اشخاصا اخرين الخ الخ, مع العلم اننا لحد الساعة لم نوسع من قاعدة التحاليل depistage de masse لتشمل اكبر عدد من المواطنين والتي من ضرورة اجرائها الفارق الغير المعروف المصدر الذي قد يصل الى نسبة 17% في عدد الاصابات المؤكدة.
-/ ان ما تطرحه الوزارة من ارقام في مسالة اجهزة التنفس الاصطناعية التي تراوح ا3000 جهاز . هي كذلك تثير الكثير من علامات الاستفهام خاصة اذا ما علمنا أن نسبة المرضى بهذا الوباء التي تحتاج الى عناية مركزة قد لا تتجاوز 5% وفق الاحصائيات العالمية ، فهذا يعني بلغة الارقام المرتقبة لعدد المصابين قد يكون في حدود60000 مصاب وهو ما يحتاج الى توفير ما يناهز 9000 سرير في المجموع ان اضفنا الحالات التي ستحتاج للاستشفاء دون وضعها تحت اجهزة التنفس الاصطناعية.
عندما اطرح هذه الارقام فليسمن باب التهويل، بل فقط هذا ما تعكسه التصريحات والاحتياجات المرتقبة الرسمية، التي تتماشى وما تقدمه لنا وزارة الصحة.والا عليها واجب التوضيح فيما يخص سبب تقديمها لهذه الارقام، والتعامل بشفافية مع الوضع حتى يتحمل الجميع مسؤولياته. وهل هناك تقديرات اخرى سواء وطنية، او بتوصيات من المنظمة العالمية للصحة التي تعتبر افريقيا بؤرة قادمة محتملة لانتشار هذه الجائحة. اما ان كانت تصريحاتها فقط جزافية .تندرج في اطار التطمين مع عدم ادراكها لما تعنيه لغة الارقام التي تقدمها ، و دون ان تعيي ما تعنيه بلغة التحليل ما تقدمه من تصريحات فتلك هي الطامة الكبرى .
4/خلاصة:
من خلال ما سبق ذكره يمكن القول ان على المسؤولين على تدبير مواجهة هذه الجائحة ان يتوخو الشفافية في تصريحاتهم وفي التعاطي مع الرأي العام مع الانتباه لما يقدمونه من ارقام خاصة فيما يخص الاستعدادات اللوجيستيكية النتعلقة بما يعدنونه من اسرة واجهزةوالتنفس الاصطناعي وكذى على الوزارة الوصية على قطاع الصحة ان تعلن عن ما تعتمده من بروتوكول علاجي ازاء المصابين الذين بحاجة الى العلاج وكيف يتم استعماله وهل من معايير محددة ؟.حتى لا نتحول الى حقل تجارب لبروتوكولات لازالت محل اجدل ومحل بحث وتجربة . وان كان لا بد منها فلنقم بها لانفسنا كمغاربة لكن بشكل علمي وعلاني نحترم من خلالها ارادة المواطنين في التطوع من عدمه للخضوع لهذه التجربة ،وكذا احترام المعايير الانسانية وذلك كما تفعل باقي الدول التي تحترم مواطنيها ومواطناتها .
كما على هذه الوزارة ان تعمل على الاسراع بتوسيع قاعدة التحليلات التي لا زلنا متؤخرين فيها كثيرا بالمقارنة مع باقي دول محيطنا الاقليمي من أجل اخذ العلم بحقيقة اعداد الاصابات. والعمل على تعميم مراكز التشخيص على كل المدن المغربية حتى وان تطلب الامر الاستعانة بالمختبرات الخاصة وباطباء القطاع الخاص ، وعدم التركيز فقط على محور فاس الرباط الدارالبيضاء مراكش.لان التشخيص الموضوعي والتقريبي لواقعنا الوبائي هو من سيعمل على تحديد الحاجيات الاساسية لواقعنا الوبائي ومن سيحدد العناصر الاساسية لبناء استراتيجية طببة وطنية لمواجهة الوباء ،وليس بتصريحات جزافية قد تضر اكثر مما تطمئن.
د.تدمري عبد الوهاب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.