الصندوق المغربي للتقاعد ينضم إلى برنامج "داتا ثقة" لحماية المعطيات الشخصية    أرقام رسمية كتخلع.. أزيد من 82 فالمية من الأسر المغربية صرحات بتدهور المعيشة ديالها    وزير : قطاع الطيران .. الحكومة ملتزمة بدعم تطوير الكفاءات    قبل مونديال 2030.. الشركات البرتغالية تتطلع إلى تعزيز حضورها في السوق المغربية    السلطات الجزائرية تحتجز بعثة نهضة بركان بمطار الهواري بومودين بسبب خريطة المغرب    توقيف ثلاثة أشخاص ارتباطهم بشبكة إجرامية    نشرة إنذارية…زخات مطرية قوية وهبات رياح قوية مرتقبة غدا السبت بعدد من مناطق المملكة    كان واعر في الأدوار الدرامية.. وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني وفعمرو 81 عام        محاكمة طبيب التجميل التازي ومن معه.. النيابة العامة تؤكد ارتكاب جريمة "الاتجار في البشر"        توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    طغى عليه الغياب واستحواذ الأغلبية على مقاعد الأمناء والمحاسبين : انتخاب مكتب مجلس النواب    ردّا على المسرحية الإيرانية.. إسرائيل تطلق صواريخ بعيدة المدى على مدينة أصفهان    مجلس النواب يعقد جلسة عمومية لاستكمال هياكله    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    ميراوي: أسبوع يفصل عن إعلان سنة بيضاء وبرلمانيون يناشدونه التراجع عن القرارات تأديب طلب الطب    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    جمال الغيواني يهدي قطعة «إلى ضاق الحال» إلى الفنان عمر السيد    الطريق نحو المؤتمر ال18..الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية    الهجمات على إيران "تشعل" أسعار النفط    فيتو أميركي يٌجهض قرار منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    العصبة الاحترافية تتجه لمعاقبة الوداد بسبب أحداث مباراة الجيش    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    وزيرة : ليبيريا تتطلع إلى الاستفادة من التجربة المغربية في مجال التكوين المهني    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    سوريا تؤكد تعرضها لهجوم إسرائيلي    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    لوسيور كريسطال تكشف عن هويتها البصرية الجديدة    "قتلوا النازحين وحاصروا المدارس" – شهود عيان يروون لبي بي سي ماذا حدث في بيت حانون قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي    الدكيك وأسود الفوتسال واجدين للمنتخب الليبي وعينهم فالرباح والفينال    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    تفاصيل هروب ولية عهد هولندا إلى إسبانيا بعد تهديدات من أشهر بارون مخدرات مغربي    بعد نشر سائحة فيديو تتعرض فيه للابتزاز.. الأمن يعتقل مرشد سياحي مزور    مليلية تستعد لاستقبال 21 سفينة سياحية كبيرة    تقرير يُظهر: المغرب من بين الوجهات الرخيصة الأفضل للعائلات وهذه هي تكلفة الإقامة لأسبوع    واش اسرائيل ردات على ايران؟. مسؤولوها اكدو هاد الشي لصحف امريكية واعلام الملالي هدر على تصدي الهجوم ولكن لا تأكيد رسمي    المغاربة محيحين فأوروبا: حارث وأوناحي تأهلو لدومي فينال اليوروبا ليگ مع أمين عدلي وأكدو التألق المغربي لحكيمي ودياز ومزراوي فالشومبيونزليك    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جائحة كورونا.. عندما يغيب العلاج وتختزل"الوقاية "في حالة الطوارئ الصحية
نشر في لكم يوم 09 - 04 - 2020


تقديم
من خلال رصد تطور جائحة كورونا عبر العالم، وما تخلفه من نقاشات، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، تروم التفائل تارة ،والتشائم الى حدود توقع نهاية العالم تارة اخرى. او ما يذهب اليه بعض الفقهاء بارجاعهم سبب هذا الوباء الى غضب الاهي ابتلى به عباده بعد ان ضلوا الطريق المستقيم . أو حتى اعتبار هذا الوباء بالنسبة للبعض الاخر بمثابة مؤامرة تندرج ضمن أدوات الصراع بين القوى العظمى ،خاصة بين الصين وروسيا من جهة ، وامريكا من جهة اخرى.
او من خلال التصريحات الرسمية للدول والحكومات بما تسوقه من اتهامات لبعضها البعض او بما تتلوه من بيانات حول الوباء فيما يخص أعداد الوفيات ،وأعداد الاصابات ، وأعداد المخالطين. أوحتى بما ترسمه من استراتيجيات طببة على ضوء توقعاتها المستقبلية لارتفاع اعداد المصابين ، ابتداء من الاجرائات الاحترازية لمنع تفشي الوباء، وهي الاجرائات التي تختلف من دولة الى اخرى.او سواء في ما تعلق بتدابير حالة الطوارىء الصحية، او بضرورة تعميم استعمال الكمامات من عدمها ،الى تعدد البروتوكولات العلاجية من طبيعية الى اصطناعية ، مع تطابق في وجهات النظر حول ضرورة وضع من وصلوا حالة الفشل الرئوي تحت أجهزة التنفس الاصطناعي.
كل هذا يؤشر على غياب استراتيجية دولية موحدة لحد الساعة في شان محاربة وعلاج هذا الوباء ،الذي يبدو أنه لم يكشف بعد عن كثير من أسراره رغم تشخيصه الجيني ، خاصة في طرق انتشاره وعلاجه وطرق الوقاية منه .
في هذا السياق، ومن أجل فهم هذا الغموض الذي يكتنف الوباء، سأعمل بعد هذا التقديم ، الى اعتماد منهجية متدحرجة من الأطار العام الى الاطار الخاص، أو ومن الوضع االدولي العام الى الوضع الوطتي الخاص بالمغرب.
الاطار العام
في شأن حالة التماهي بين الوقاية والعلاج
يبدو ان ما يكتنف هذا الوباء من غموض في طرق انتشاره السريع الذي يبدو انه يرسم طريقة انتشاره بعيدا عن التأثيرات الخارجية المرتبطة بالبروتوكولات العلاجية وباللقاحات التي لم توجد بعد ، وهو ما يفسر طبيعة منحنياته التي تبدأ في الوهبوط بعد ان تكون قد وصلت الى مرحلة الذروة . ، كما ان تفسير هذا الانتشار السريع للوباء وذلك رغم كل الاجرائات الاحترازية المتخذة ، يتجاوز ما نعرفه لحد الساعة عن هذا الفيروس ،خاصة مع ظهور اصابات لثدييات مفترسة في احدى حدائق الحيوانات بمدينة نيويورك، التي نعرف ان التعامل معها يتم عن بعد نظرا لخطورة التقرب منها .وهو ما يطرح اكثر من سؤال على كيفية اصابتها بالعدوى ، ويعيدنا كذلك الى المربع الاول فيما اذا كان الهواء ،كما قلنا في مقال سابق ،يشكل وسيلة اضافية لانتشاره بما يؤكد الدائرة المغلقة لانتقاله حيوان – انسان -هواء – انسان .
كما ان غياب بروتوكولات علاجية ناجعة وموحدة وكذا اللقاحات الضرورية له لحد الساعة ،بموزات ما يتميز به من اكتساح للقارات الخمس ،وحصده لعشرات الألاف من الضحايا، هو ما دفع باأكثر من نصف شعوب الارض الى اعتماد اجرائات احترازية صارمة ضمن ما يسمى بحالة الطوارىء الصحية، وذلك "للوقاية "من الوباء والحد من تصاعد حالات الاصابات عبر العالم .
لكن يبدو ان التمديد لاجل غير مسمى لهذه الاجراءات" الوقائية " في غياب العلاجات الضرورية لهذا الوباء ، سيحول الوقاية كمفهوم طبي la prévention يتم اعتماده عادة في عملية اللقاح ضد الامراض االمعدية التي نتوفر على لقاحات وعلاجات مسبقة لها، الى مفهوم هلامي يتمها مع مفهوم العلاج لحالة غير مفهومة لحدود الساعة . وفي هذا السياق يمكن فهم التمديد المتكرر لحالات الطوارىء الطبية عبر العالم ،والاجرائات الاحترازية المتخذة في هذا الشان ،رغم محدودية نتاىج بعض هذه الاجرائات او عدم نجاعة بعضها في وقف انتشار العدوى ، وهو ما يفسر كذلك اختلاف هذه الاجراءات من دولة لاخرى .
لكن ما هو اكيد، ان هذه الاجرائات الوقائية رغم اهميتها الا انها لا يمكن ان تكون دائمة ،ولن تعوض البروتوكولات العلاحية واللقاحية التي تعد ضرورية للقضاء على هذا الوباء والوقاية منه،و لتتحول من خلاله الاجرءات "الوقائية" المتخذة الى اجرائات تكميلية مساعدة للبرتوكولات العلاجية .
الا اننا كذلك يمكننا القول، ان حالة الغموض التي صاحبت هذا الوباء عبر العالم، والارتكاز على الاجرائات "الوقاىية" ولو بالاختلافات التي تشهدها هذه الاجرائات ، خلق حالة غير مسبوقة في مسألة تكافىء الفرص بين دول العالم الثالث والعالم المتقدم ولو بتفاوتات معينة مرتبطة بتوظيف هذه الاخيرة للتكنولوجيا المتقدمة في الكشف عن الاصابات، و تتبع مسار المصاببن ،وتقديم العناية المركزة لمن هم في حاجة طبية لها. كما ان الوباء وفي غياب العلاجات واللقاحات المناسبة له لحد الساعة ، قد أخذ ما يكفي من الوقت ليبلغ ما يسمى بمراحل الذروة في الكثير من الدول قبل ان تبدأ منحنياته في الانحدار بعد ان خلف عشرات الالاف من الضحايا عبر العالم مع الخوف الدائم من حالات العود على شكل متوطن دائم في بعض مناطق العالم ،وذلك في غياب العلاجات واللقاحات الضرورية للقضاء عليه .
في مسالة بوليميك البروتوكولات العلاجية.
في هذا النطاق سوف لن اتوقف الى ما يروجه بعض الساسة خاصة الرئيس الامريكي ، خاصة فيما يتعلق بتصريحاته حول نجاعة بروتوكول معين، وقدرته على شراء كميات كبيرة منه .وهو بذلك شكل استثناء شاذا لرئساء الدول .او لنقل ان بتصريحه هذا كمن يقوم ببروباكاندا انتخابية زائفة يوهم من خلالها الشعب الأمريكي على قرب قدوم المنقذ القاهر للعدو ،على غرار ابطال افلام الكوبوي الامريكية .هذا في الوقت الذي يعرف العالم ان هذه البروتوكولات وخاصة تلك القائمة على الكلوروكين والازيتروميسين لازالت في معظمها قيد الدراسة ولم تثبت نجاعتها بعد، رغم ما تذكره بعض المراكز الاستشفائية في الدول التي عانت من هذا الوباء ، في شان نجاعة هذا البروتوكول الأخير في علاج المرضى المصابين، شريطة ان تكون الاعراض في بداياتها .
هذا في الوقت الذي نعلم فيه وفق المعطيات المتوفرة لدينا ، ان أكثر من 85 % من المصابين يتشافون تلقائيا ودون الحاجة لهذه الادوية . كما ان هذا البروتوكول العلاجي المتمثل في الكلوروكين والازيتروميسين، لم يتوفر بعد على دراسة تقييمية étude rendomisé تؤكد نجاعة هذه الأدوية في علاج هذا الوباء من خلال تجارب مقارنة لعينات ، معبرة في أعدادعا تمكننا من نقييم علمي للنتائج ،بين من وضع من هذه العينات تحت البروتوكول العلاجي، وبين اخرى تم وضعها فقط تحت علاجات تخفيفية للاعراض التي يظهرها المصابون .وان غياب مثل هذه الدراسات العلمية هو ما يفسر الاختلافات الواردة بين الاطقم الطبية عبر العالم في استعماله من عدمه .
الاطار الوطني الخاص
حتى لا يتحول المغرب الى حقل للتجارب.
بما ان افريقيا تعد من البؤر المستقبلية للانتشار الواسع للوباء حسب المنظمة العالمية للصحة.وكون المغرب بلدا افريقيا يعاني مثله مثل باقي شعوب العالم و الشعوب الافريقية من هذه الجائحة ولو بحدة اقل بكثير لحد الساعة بالمقارنة مع باقي دول الجوار الاوروبي ، وحتى لا يتحول المغرب الى حقل لتجارب البروتوكولات العلاجية، يكون لزاما علينا اذن التطرق الى ما يعتمده المغرب من استراتيجية علاجية واستباقية لمواجهة هذا الوباء ما دامت الاجرائات الاحترازية متشابهة الى حد ما بين مختلف دول العالم كما انها ليست بالضرورة طبية.
اذن يمكن ان نتسائل في المقام الاول عن ما يعتمده المغرب كبروتوكول علاجي للمرضى المصابين ، دون ان نغفل باقي المحاور ذات العلاقة باسترتتيجية المواجهة التي سنتطرق لها لاحقا. كما ان هذا الموضوع الذي يبدو انه يكتنفه الغموض في المقاربة الرسمية هو ما حذى ببعض الاطباء المغاربة الى توجيه النداء في هذا الشان وتمنوا من خلاله ان يصل الى المسؤولين حسب ما ورد فيه.
وهو النداء الذي ارجع من خلاله ما ورد فيه من مقترحات علاجية الى الخصاص الذي يشهده البلد على مستوى الامكانيات اللوجيستيكية والطبية. و بضرورة تعميم هذا البروتوكول القائم على الكلوروكين والازيتروميسين ، ووصفه لكل مريض تأكدت اصابته او حتى مشتبه باصابته في اطار ما يسمى بالتجرية العلاجية test therapeutique ، وذلك من اجل علاج الحالات المرضية و التخفيف من أعداد الوفيات ومن حدة الاعراض لدى البعض ، وبالتالي التقليل كذلك من الأعداد التي يتطلب وضعها تحت اجهزة التنفس الاصطناعي. ومن اجل تعزيز طرحهم هذا استحضروا تجربة المغرب في علاج المشتبه باصابتهم بداء السل الذين وضعوا تحت هذه التجربة العلاجية ، خاصة عندما يكون تشخيص مرض السل لديهم غير مؤكد، وذلك رغم طول مدة العلاج و وارتفاع كلفته المادية عند هذا النوع من المصابين ، وذلك على عكس البروتوكول العلاجي المقترح لمرضى كورونا ، الذي بالاضافة الى تكلفته الرخيصة فان ايام العلاج به لاتجاوز سبعة الى عشرة ايام ،وهو ما يقلل كذلك من التاثيرات السلبية المعروفة عن هذا الدواء .
هنا لا بد من التوقف، ما دامت الوزارة الوصية لم تصدر اي موقف في الموضوع، لنقول لزملائنا لا وجود للقياس مع وجود الفارق. خاصة وان ما كان يعتمد مع بعض مشتبهي مرضى السل، الذين تعذر او صعب اثباته لديهم تشريحيا او بيولوحيا او بالاشعة ، من علاجات تجربية لمدة شهر تروم الى تلمس ردة فعل الاعراض السريرية والعلامات المرضية قبل ان يتم اخذ القرار بتمديده او توقيفه ،هي علاجات قائمة على بروتوكولات وادوية اثبتت قدرتها الطبية و العلمية في علاج داء السل . وبالتالي لا يمكن قياس هذه الطريقة على وباء غير معروف في الكثير من حيثياته ، ولا زالت الادوية والبروتوكولات العلاجية المستعملة في علاجه في طور التجربة ،ومجالا للكثير من الاراء المتناقضة .
وفي هذا السياق اظن ان على السلطات الصحسة في المغرب ان تنير الراي العام الوطني في شان ما تعتمده من بروتوكولات علاحية للمرضى المصابين بهذا الوباء وما هي استراتيجيتها في هذا الشان .و ان توفرت فما هي مرجعيتها العلمية في ذلك ،حتى لا نشكل فعلا حقلا للتجارب لبعض البروتوكولات التي تسوق لها بعض مراكز البحث الفرنسية . وان لا تكتفي الوزارة فقط بما تقدمه لنا من أحصاىيات وبائية، و بما تقدمه لنا من استعدادات وردية تجعلنا ننبهر لقدرة نظامنا الصحي على مواجهة هذه الجائحة التي اثبتت فشل منظومات صحية دولية لطالما اعتبرناها نموذجية .هذا في الوقت الذي يعرف الجميع حدود امكانيات منظومتنا الصحية التي فقدت القدرة على الاستجابة لحاجيات المواطنينين في الاوضاع العادية، وما بالك في زمن الجائحة .
ومن اجل الرجوع الى باقي المحاور في منهجية هذه المواجهة التي سبق ان ذكرناها، و وكذا التطرق لكيفة تعاطي الوزارة الوصية مع هذه الجائحة كان لا بد من الاناقال الى الفقرة الموالية.
في شان التصريحات الرسمية وواقع الوباء
في سياق ما قلته في الفقرة السابقة عن واقع منظومتنا الصحية التي طالما انتقدناها نظرا لعجزها الهيكلي والبنيوي، وافتقارها من جهة للامكانيات اللوجيستيكية والموارد البشرية الازمة للاستجابة للحاجيات الصحية المتنامية للشعب المفربي ومن جهة اخرى لافتقارها لرؤية استراتيجية تروم لتطوير منظومتنا الصحية وخلق حالة من التكامل الايجابي بين القطاعين الخاص والعام وفق رؤية سياسبة صحية تروم لتحقيق الامن الصحي المجتمعي الذي يشكل عاملا اساسيا للاستقرار و محفزا لتطور ونماء المجتمع وذلك بما تقتضيه هذه الرأيا من اعادة نظر جوهرية في منظومتنا الصحية و من رفع في ميزاتية هذا القطاع الحيوي الهام الذي مع الاسف تم التصويت ضد مقترح الزيادة في ميزاتيته بالاغلبية المطلقة من طرف البرلمان وذلك في جلسات سابقة.
لكن فقط يمكن القول ان هذه الانتقادات لمنظومتنا الصحية يمكن ارجائها الى ما بعد هذا الوباء ،وان المرحلة تقتضي تكثيف الجهود لمحاربة هذه الجائحة .وفي هذا الصدد لا يمكننا الا نثني على اطقمنا الطبية والتمريضية ووجال الامن وكل من يتواجد في الصفوف الامامية والعاملين في القطاعات الاساسية الضرورية وكذا التجاوب الايجابي لعموم الشعب في احترام ما يعمل به من اجرائات احترتزية .لكن هذا كذالك لن يثنينا على مسائلة الوزارة الوصية على القطاع فيما تنتهجه من استراتيجية لمكافحة هذا الوباء حتى لا نعيد تكرار الاخطاء التي مارسناها لعقدود في تدبير هذا القطاع الحيوي .
وفي هذا السياق وعلى ضوء ما تقدمه مصلحة مكافحة الاوبئة والامراض من احصائيات لا تتناسب والتصريحات المتعلقة بالتقديرات فيما يخص ما يعد من امكانيات لوجيستيكية من الاسرة واجهزة التنفس الاصطناعي ، و لا في ما يتعلق بالوضعية الحالية الحقيقية للوباء لضعف الامكانيات المسخرة لتعامل مع هذا الوباء وللتشخيص الواسع بالمفارنة مع دول محيطنا الاقليمي ،ولا بالاستعدادات المنتظرة لمواجهته .وهو ما يعكس اما غياب استراتيجية وطنية قائمة على التشخيص الموضوعي لواقع الوباء والاحتمالات الممكنة بما تقتضيه من شفافية في التعاطي مع الوضع، والعمل على وضع الجميع امام ما ينتظرنا كمغاربة ،حتى يتحمل الجميع مسؤوليته في الالتزام بالاجرائات الاحترازية التي تقوم بها الدولة .
ام ان هذه التصريحات تروم المقصود منها فقط خلق جو من الطمانينة عند المواطنين والمواطنات .وحتى تظهر الوزارة في موقع المتحكم بالوباء . وفي كلا الحالتين نكون بصدد اعادة انتاج اخطائنا بامتياز ونسوق لمواطنينا عكس ما نحن عليه اعمالا بمقولة : قولو العام زين ، والمغرب استثناء.
عندما اطرح هذه الاسئلة فذلك من باب الغيرة على الوطن ، الذي نريده جميعا سالما ومعافيا ،لانه بمجرد القاء نظرة الى الاحصائيات في شان عدد التحاليل المنجزة واقارنها بدول محيطنا الاقليمي . وعنما استحضر ما يتم طرحه من احصائيات في عدد الاصابات المؤكدة التي بلغت لحدود صباح اليوم 1275 حالة واستبعاد 4477 من اصل 5752 تحليل مخبري وهو ما يشكل نسبة 22 % من مجموع التحاليل التي انجزت الى حدود اليوم. وعندما استحضر عدد الاصابات المؤكدة لدى المخالطين الذين يتم تتبعهم التي بلغت في المجموع 445 حالة من اصل 8600 مخالط ، وهو ما يشكل فقط نسبة 5% وهو ما يدفعنا الى التساؤل عن طبيعة الاصابات المجهولة المصدر التي يشكلها فارق 17% بين عدد الاصابات الاجمالبة المؤكدة وعدد الاصابات لدى المخالطين .وعندما استحضر كذلك ما يتم التصريح به من استعدادات لمواجهة الوباء التي تذهب الى توفير 3 الاف جهاز تنفس اصطناعي، تتراود الى ذهني الكثيرمن الخلاصات المؤلمة التي استنبطها من القراءة الموضوعية للارقام المقدمة سواء كاحصائيات وبائية او كاستعدادات لمواجهة الوباء. وهو ما يفرض علينا قرائة ممعنة للبيانات والارقام المقدمة من طرف الوزارة الوصية على القطاع.
قراءة مقارنة في الارقام
ان نظرنا مثلا الى عدد التحاليل المخبرية التي اجريناها لحدود اليوم بشكل عام التي لا تتجاوز 5752 تحليل مخبري في المجموع نجد ان المغرب يتواجد.في المرتبة التاسعة من اصل 12 دولة في شمال افريقيا والشرق الاوسط التي شملها الاحصاء اي بعد كل من موريطانيا ولبيا والجزائر.
– ان نظرنا كذلك الى مجموع التحاليل الايحابية بالمقارنة مع العدد الاجمالي للتحاليل المنجزة فاننا نجد انها تمثل ما يقارب 22% ، وان احتملنا ان عدد المخالطين لكل اصابة مؤكدة قد تصل الى معدل 10 اشخاص بما يرفع هذا العدد الى 12750 مخالط . واذا اعتبرنا نسبة 5% منهم قد تكون اصابتهم مؤكدة واضفنا الفارق 17% المجهول المصدر فان عدد الاصابات المؤكدة قد يتراوح في الوقت الراهن بين 4000- 5000اصابة وهو رقم سيعرف تصاعدا كون هؤلاء بدورهم يكونو قد خالطو اشخاصا اخرين الخ الخ, مع العلم اننا لحد الساعة لم نوسع من قاعدة التحاليل depistage de masse لتشمل اكبر عدد من المواطنين والتي من ضرورة اجرائها الفارق الغير المعروف المصدر الذي قد يصل الى نسبة 17% في عدد الاصابات المؤكدة.
– ان ما تطرحه الوزارة من ارقام في مسالة اجهزة التنفس الاصطناعية التي تراوح ا3000 جهاز . هي كذلك تثير الكثير من علامات الاستفهام خاصة اذا ما علمنا أن نسبة المرضى بهذا الوباء التي تحتاج الى عناية مركزة قد لا تتجاوز 5% وفق الاحصائيات العالمية ، فهذا يعني بلغة الارقام المرتقبة لعدد المصابين قد يكون في حدود 60000 مصاب وهو ما يحتاج الى توفير ما يناهز 9000 سرير في المجموع ان اضفنا الحالات التي ستحتاج للاستشفاء دون وضعها تحت اجهزة التنفس الاصطناعية.
عندما اطرح هذه الارقام فليسمن باب التهويل، بل فقط هذا ما تعكسه التصريحات والاحتياجات المرتقبة الرسمية، التي تتماشى وما تقدمه لنا وزارة الصحة.والا عليها واجب التوضيح فيما يخص سبب تقديمها لهذه الارقام، والتعامل بشفافية مع الوضع حتى يتحمل الجميع مسؤولياته. وهل هناك تقديرات اخرى سواء وطنية، او بتوصيات من المنظمة العالمية للصحة التي تعتبر افريقيا بؤرة قادمة محتملة لانتشار هذه الجائحة. اما ان كانت تصريحاتها فقط جزافية .تندرج في اطار التطمين مع عدم ادراكها لما تعنيه لغة الارقام التي تقدمها ، و دون ان تعيي ما تعنيه بلغة التحليل ما تقدمه من تصريحات فتلك هي الطامة الكبرى.
خلاصة:
من خلال ما سبق ذكره يمكن القول ان على المسؤولين على تدبير مواجهة هذه الجائحة ان يتوخو الشفافية في تصريحاتهم وفي التعاطي مع الرأي العام مع الانتباه لما يقدمونه من ارقام خاصة فيما يخص الاستعدادات اللوجيستيكية النتعلقة بما يعدنونه من اسرة واجهزةوالتنفس الاصطناعي وكذى على الوزارة الوصية على قطاع الصحة ان تعلن عن ما تعتمده من بروتوكول علاجي ازاء المصابين الذين بحاجة الى العلاج وكيف يتم استعماله وهل من معايير محددة؟.
حتى لا نتحول الى حقل تجارب لبروتوكولات لازالت محل الجدل ومحل بحث وتجربة . وان كان لا بد منها فلنقم بها لانفسنا كمغاربة لكن بشكل علمي وعلاني نحترم من خلالها ارادة المواطنين في التطوع من عدمه للخضوع لهذه التجربة ،وكذا احترام المعايير الانسانية وذلك كما تفعل باقي الدول التي تحترم مواطنيها ومواطناتها .
كما على هذه الوزارة ان تعمل على الاسراع بتوسيع قاعدة التحليلات التي لا زلنا متؤخرين فيها كثيرا بالمقارنة مع باقي دول محيطنا الاقليمي من أجل اخذ العلم بحقيقة اعداد الاصابات . والعمل على تعميم مراكز التشخيص على كل المدن المغربية حتى وان تطلب الامر الاستعانة بالمختبرات الخاصة وباطباء القطاع الخاص ، وعدم التركيز فقط على محور فاس الرباط الدارالبيضاء مراكش .لان التشخيص الموضوعي والتقريبي لواقعنا الوبائي هو من سيعمل على تحديد الحاجيات الاساسية لواقعنا الوبائي ومن سيحدد العناصر الاساسية لبناء استراتيجية طببة وطنية لمواجهة الوباء ،وليس بتصريحات جزافية قد تضر اكثر مما تطمئن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.