تشهد الساحة السياسية في هولندا اضطرابًا غير مسبوق قبيل تصويت حاسم في مجلس النواب على ما وُصف ب"أشد قوانين اللجوء صرامةً على الإطلاق"، والتي اقترحها الحكومة الانتقالية برئاسة ديك شوف. فبعد نحو عام ونصف من المفاوضات والتجاذبات، يبدو أن مستقبل هذه القوانين لا يزال معلقًا، وسط مشهد برلماني تطبعه الفوضى والتوترات الحادة. شهدت الأيام الأخيرة تطورات متسارعة أربكت الحسابات السياسية، حيث غيرت عدة أحزاب مواقفها في اللحظات الأخيرة، وأُدرجت تعديلات حساسة على نصوص القوانين دون توافق مسبق، ما أدى إلى مشاحنات داخل البرلمان. وُصفت الأجواء ب"الهاوية السياسية"، خاصة بعدما طالبت أحزاب مثل حزب الحرية بزعامة خيرت فيلدرز بسحب قانون التوزيع وتجريم الإقامة غير الشرعية كشرط للدعم. وفي حين كانت حزب الوسط الديمقراطي المسيحي مستعدًا للموافقة على قانون تقليص مدة الإقامة من خمس إلى ثلاث سنوات، طالب بتأجيل مناقشة القانون الثاني الذي ينص على إنشاء نظام الحالتين، بسبب توقعات بمشاكل تطبيقية لدى مصلحة الهجرة والتجنس . غير أن رفض حزب الحرية التراجع عن مواقفه جعل من الاستجابة لهذا الطلب أمرًا صعبًا. محاولات من أحزاب اليسار لتأجيل التصويت حتى نهاية مراسم إحياء ذكرى العبودية فشلت، ما دفع النواب للمشاركة في جلسة تصويت غاب عنها عدد من نواب المعارضة. وأدى ذلك إلى تمرير تعديل مثير للجدل يقضي بتجريم الإقامة غير الشرعية، وسط اتهامات بعدم التنسيق وغياب آليات "التعادل البرلماني" المعروفة ب"pairing"، والتي تقضي بعدم التصويت في حال تغيّب النائب المقابل. وفي تطور مفاجئ، أعلن زعيم حزب CDA، هنري بونتبال، سحب دعمه الكامل لقانون الطوارئ الخاص باللجوء، ورفضه تجريم الإقامة غير الشرعية لما قد يمثله من تهديد للعمل الإنساني الذي يقوم به المتطوعون والكنائس. كما انتقد الحكومة على "الفوضى والتخبط"، مشيرًا إلى أن التصويت لصالح تعديل حزب الحرية كان بمثابة خيانة للاتفاق السياسي الهش بين أحزاب اليمين. ويُنتظر أن تتجه الأنظار الآن نحو حزب الاتحاد الوطني المسيحي ، الذي قد يحمل مفتاح تمرير القوانين في مجلس النواب، رغم أنه لم يُبدِ حتى الآن موقفًا واضحًا من تجريم الإقامة غير الشرعية. في حين يظل مصير القانون الثاني المتعلق بوضعيتين مختلفتين لطالبي اللجوء معلقًا في ظل غياب ضمانات دعم داخل مجلس الشيوخ. وبينما يُنتظر التصويت النهائي يوم غد، يظل المشهد السياسي الهولندي مثقلاً بعلامات الاستفهام، وسط مخاوف من أن تتحول قضية اللجوء إلى ساحة صراع انتخابي، يدفع ثمنها الاستقرار التشريعي والعمل الإنساني على حد سواء.