كشف التقرير السنوي الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن واقع مقلق يعيشه الشباب المغربي، مسلطاً الضوء على تحديات معقدة تعيق اندماجهم في سوق الشغل والمجتمع. فهذه الفئة، التي تمثل ركيزة مستقبل البلاد بنسبة تفوق 16 في المائة من إجمالي السكان، تواجه نسب بطالة مرتفعة وظروف هشاشة متزايدة، في ظل غياب سياسات عمومية ناجعة قادرة على تحويل الطاقات الشابة إلى قوة فاعلة في التنمية. وأوضح التقرير أن المغرب يقترب من إغلاق نافذته الديمغرافية بحلول سنة 2040، وهو ما قد يفوت على البلاد فرصة الاستفادة من طاقاتها البشرية الشابة إذا لم تُعتمد سياسات فعالة وشمولية تُمكّن هذه الفئة من المساهمة في التنمية الوطنية. وسجلت معطيات المجلس ارتفاع معدل بطالة الشباب إلى 36.7 في المائة خلال سنة 2024، في حين بلغت نسبة الشباب الذين لا يدرسون ولا يشتغلون ولا يتابعون أي تكوين 25.6 في المائة، وهو رقم يعكس حجم الإقصاء الذي تعانيه هذه الفئة الحيوية. كما كشف التقرير أن 70 في المائة من الشباب العاطلين يواجهون بطالة طويلة الأمد، وأن 73 في المائة منهم لم يسبق لهم أن دخلوا سوق الشغل، بينما بلغت بطالة حاملي الشهادات العليا 61.2 في المائة داخل الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة. وأشار المجلس إلى أن غياب البدائل وفرص التشغيل المنظمة يدفع العديد من الشباب إلى العمل في القطاع غير المهيكل أو إلى إطلاق مشاريع مقاولاتية صغيرة غالباً ما تكون اضطرارية وغير قابلة للاستمرار، بسبب صعوبات التمويل والعقار وتعقيد المساطر الإدارية. وأمام هذا الواقع، أقر أكثر من نصف الشباب المغاربة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة أنهم فكروا في الهجرة بحثاً عن فرص أفضل. كما حذر التقرير من تداعيات هذه الوضعية على التماسك الاجتماعي، إذ يؤدي انسداد آفاق الشغل والإدماج إلى عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة العامة، ويجعلهم أكثر عرضة لخطابات التطرف والعدمية، مما يشكل خطراً على الاستقرار المجتمعي. وفي ختام تقريره، دعا المجلس إلى وضع استراتيجية وطنية مندمجة في خدمة الشباب، تقوم على تحسين التربية والتكوين، وتيسير ولوج سوق الشغل، وتشجيع روح المبادرة وريادة الأعمال في إطار بيئة