في واحدة من القضايا التي هزّت الرأي العام وأثارت نقاشًا واسعًا حول أخلاقيات الإعلام الرقمي وحدود حرية التعبير بمدينة الجديدة، أصدرت امس الأربعاء غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء حكمًا حاسمًا ضد شبكة اجرامية تبيّن أنها كانت تزوّد المدعو هشام جيراندو، المقيم في كندا، بمحتوى زائف بهدف التشهير والابتزاز. الشبكة، التي كانت تنشط بهدوء خلف الكواليس، تورّطت في بث معلومات كاذبة طالت مسؤولين عموميين بارزين، من بينهم نائب وكيل الملك "سجورة"، والنقيب السابق للمحامين الجيلالي فجار، وضابط الشرطة "عين الناس"، بالإضافة إلى أبوشعيب وقار وسعيد رضيف، في محاولة للإساءة إلى سمعتهم والتشهير بهم في الفضاء الرقمي. وتشير التحقيقات إلى أن المتهمين كانوا يمدّون جيراندو بأخبار وتقارير مفبركة، تُستخدم لإنتاج فيديوهات تحريضية على قناته في يوتيوب، مقابل منافع مالية أو بهدف تصفية حسابات شخصية. عمليات التشهير كانت تحمل طابعًا منهجيًا وخلفها نوايا واضحة: تشويه السمعة مقابل الصمت أو المال. ومع توالي الشكايات من الضحايا، تحرّكت النيابة العامة وأحالت المتهمين على التحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لتنكشف شبكة تتجاوز حدود الصحافة، وتحترف الإضرار بالأشخاص والمؤسسات عبر الابتزاز الرقمي. وبعد مرافعات مطوّلة وردّ كافة الدفوع الشكلية المقدمة من الدفاع، قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بإدانة المتهمين على النحو التالي: حسن م (زعيم الشبكة المفترض المدعو ولد رويبة) : 4 سنوات حبسًا نافذًا وغرامة قدرها 5.000 درهم. جودية. ت: 6 أشهر حبسًا موقوف التنفيذ وغرامة مالية نافذة قدرها 5.000 درهم.. إدريس ب : 3 سنوات حبسًا نافذًا وغرامة قدرها 10.000 درهم. خليل. أ و مراد. ج : سنتان حبسًا نافذًا لكل واحد منهما، وغرامة مالية قدرها 5.000 درهم. كما حمّلت المحكمة جميع المتهمين الصائر تضامنًا، مع الإكراه البدني في الحد الأدنى. وفي الدعوى المدنية التابعة، حكمت المحكمة كذلك بأداء كل من (حسن. م) و (جودية. ت)، تضامنيًا: لفائدة المطالب بالحق المدني أبو شعيب وقار: تعويضًا مدنيًا قدره 150.000 درهم. ولفائدة سعيد رضيف: تعويضًا مدنيًا قدره 80.000 درهم. مع تحميلهما المصاريف تضامنًا، والإكراه في الحد الأدنى، ورفض باقي الطلبات المدنية. بهذا الحكم، تؤكد محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أن التشهير الرقمي، حين يتحوّل إلى سلاح لإهانة الأشخاص والنيل من شرفهم، لا يمكن أن يمرّ دون محاسبة. إنها رسالة واضحة بأن كرامة المواطن والمؤسسات فوق كل حسابات شخصية أو ابتزاز سياسي أو مالي. وفي زمن تتحوّل فيه المنصات إلى محاكم موازية، تبقى العدالة المؤسسة الوحيدة التي تُعيد الأمور إلى نصابها، بالقانون... . يشار أن الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، قضت خلال شهر ماي المنصرم بإدانة هشام جيراندو، المقيم بكندا، ب15 سنة سجناً نافذاً، بعد متابعته بتهم ثقيلة تتعلق بتكوين عصابة إرهابية والتحريض على أعمال عنف تهدد النظام العام.