انطلقت أعمال تهيئة شارع جبران خليل جبران في مدينة الجديدة في شهر فبراير من هذه السنة، بشراكة طموحة بين مجلس الجهة والمجلس الجماعي والمكتب الشريف للفوسفاط، بكلفة إجمالية بلغت 140 مليون درهم. وطول بلغ 7,8 كلم.وقد تعهدت الجهات المعنية بتسليم المشروع قبل حلول صيف هذا العام، إلا أننا نجد أنفسنا اليوم في منتصف يوليوز، والأشغال لا تزال جارية، والانتهاء من المشروع لا يزال بعيد المنال. ومما يثير القلق أكثر من التأخير هو التصميم الذي بدأت تتضح معالمه، ففي مواقع حيوية مثل محيط جامعة أبي شعيب الدكالي، وأمام المقاطعة الحضرية السابعة، وبمحاذاة المحلات التجارية، وبعض المقاهي، يظهر جليا أن ممر المشاة لا يتجاوز عرضه مترا او مترا ونيف . وفي الوقت نفسه، خصصت حافة الطريق لمسار دراجات بنفس العرض، مما يعكس انقلابًا في أولويات التخطيط، لان هذا الاختيار يتجاهل حقائق أساسية: - في محيط الجامعة، يتدفق آلاف الطلاب يوميًا، ولا يكفي متر واحد لاستيعاب هذا العدد. - أمام المقاطعة الحضرية السابعة، سيجد مرتادوها أنفسهم في زحام ، إذ لا تتسع المساحة لصفين من المشاة. - المحلات التجارية، مُنعت من عرض بضائعها، ستعاني بسبب الزبائن الذين سيجدون انفسهم يعرقلون ممر الراجلين. ومما يؤسف له هو أن المصممين، أمام ضيق الشارع، ضحوا براحة المشاة - الأكثر عددًا والأقل حماية - لصالح مسارات دراجات التي قد لا تُستخدم بنفس الكثافة. المدن الحديثة تبدأ دائمًا بتوسيع أرصفة المشاة أولًا، ثم تبحث عن حلول للدراجات دون إحداث اختناقات. هنا، وُلد الحل بمقاييس معكوسة: رفاهية شكلية تأتي على حساب الحاجات اليومية. لانه كان من الأجدر إلغاء مسار الدراجات في القطاعات الضيقة، أو دمجه مؤقتًا مع ممر المشاة بعرض آمن (3 أمتار)، أو تخصيصه فقط في الأماكن التي يتسع فيها الشارع. وفي نهاية المطاف سيتقاسم الراجلون مضطرين ممر الدراجات مما قد ينتج عنه حوادث، او سيجد الدراج نفسه مجبرا على التخلي عن هذا الممر وفي كلتا الحالتين ستكون اموال وجهود قد ضاعت سدى. هل لا زال هناك أمل في تصحيح المسار قبل أن يجف الإسمنت؟ يجب على المسؤولين زيارة الموقع و الوقوف على ما ذكرنا والاستماع إلى صرخات التجار الذين يخافون على أرزاقهم، ومراجعة تلك الأمتار المسلوبة من أحذية الناس العاديين. إن الشراكة الاستثنائية للمشروع تستحق إنجازًا يليق بالمدينة لا أن يُحوّل احد شوارعها الرئيسية إلى ممر يكرس المعاناة باسم الحداثة.