وقعت معجزتان نهاية الأسبوع: الأولى هي فوز المنتخب المغربي على الموزمبيق، والثانية هي سقوط مغامر نمساوي من السماء السابعة على الأرض. ومن خصائص المعجزات أنها غير قابلة للتصديق، ولا يمكن إلا أن تكون خارقة وضد الطبيعة، وغالبا ما يشكك فيها المرتابون، أما الذين يؤمنون بها فيرجعون الأمر غالبا إلى قوى خفية وغير محسوسة.
هناك قاسم مشترك بين تينك المعجزتين هو أن لا أحد في العالم كان يتوقع حدوثهما، لأن زمن المعجزات انتهى، والمثير أكثر في المنتخب المغربي وذلك الشخص الذي قيل لنا، والله أعلم، إنه قفز واخترق جدار الصوت، أنهما معا ومباشرة بعد تنفيذ مهمتهما أخذا يتحدثان إلى وسائل الإعلان ويمنحان التصريحات، والحال أن لاعبي الفريق الوطني كانوا دائما يهربون من الصحفيين ويركبون في أول طائرة ليعودوا إلى أنديتهم في أوربا والخليج. تتمثل معجزة المنتخب المغربي في كونه اخترق جدار الصمت وأصبح يتكلم ويسجل الأهداف، على العكس تماما من ذلك المغامر النمساوي الذي اخترق جدار الصوت ليلتزم الصمت، وفي الوقت الذي نزل فيه هو من السماء صعد الجمهور المغربي إليها، وامتطى اللاعبون السحاب وفقد الناس عقولهم، وكشف المدرب عن توظيف الملاكمة في الكرة وعن توظيفه لخطة محمد علي كلاي.
أما الإعجاز الثاني الذي حققه المنتخب الوطني وتفوق به على قفزة المغامر الذي سقط من السماء، وهو أن المعلق في القناة الأولى كان يرى خلال شوطي المباراة تشكيلة تضم لاعبين محليين وآخرين محترفين، بينما لم نكن نحن الذين كنا نشاهد المباراة على الشاشة إلا اللاعبين الذي يلعبون في أوربا والخليج، كما كان المعلق يتحدث عن توليفة منسجمة بين لاعبي البطولة الوطنية وزملائهم في الغربة، وعندما دخل ياجور، لم يكن هو في الحقيقة، بل نسخة محترفة منه، والذي لعب، حسب علماء الهيئة وبعض المنجمين والفلكيين هو ياجور الذي كان فارا إلى سويسرا قبل سنوات.
وليس صدفة أن موقع كود كان يوم الأحد يظهر ويختفي، وبمجرد أن تفتحه ينغلق في وجهك، وهي معجزة ثالثة لم ينتبه إليها أحد، فلا فضيحة ولا عاجل ولا كارثة ولا فضيحة بجلاجل كما يكتب كود عادة، والمثير للدهشة أن الأخبار كانت تختفي ذلك اليوم، ومهما كان صبيبك عاليا، لايمكنك أبدا أن تلج كود، التي أغلقتها قوى خفية وغير مرئية كانت تحف الطاوسي.
المؤمنون بالمعجزات وأنا واحد منهم، كانوا يرون علامات و إشارات تنبىء بما سيقع، وشخصيا كنت أنتظر أن يحدث شيء غير قابل للتصديق، خاصة بعد صعود حميد شباط وبعد حادثة سير سلا والسيارة التي طارت وحطت فوق حافلة رغم أنها لا تملك جناحين، وقبل ذلك خروج الشياطين والعفاريت التي يطاردها بنكيران، كل ذلك كان مقدمة لتأهل المغرب ولاختراق جدار الصوت، ومن ينكر ذلك هو كافر ويعرقل الربيع العربي.
قبل المباراة بأيام كتبت عن دعاء الفوز الذي تلاه الطاوسي، ولأني لم أكن أفهم حينها ما علاقة الله بكرة القدم وباللعب، لم أستوعب فرحة العربي بذبح الخروف في العيد، ولأني لم أكن أعتقد فعلا بالمعجزات، فإني أعلن ومن هذا الموقع عن توبتي وأعتذر عن أخطائي التي أرتكبها بالجملة، وأناشد المدرب الوطني كي يفكر من الآن في دعاء يقضي به على الكوت ديفوار، وأنصحه أن لا يكرر خطة محمد علي كلاي وحيلته المتمثلة في إنهاك الخصم قبل القضاء عليه بالضربة القاضية، مقترحا عليه خطة رياضة الغطس، بالاختباء وترك العدو يبحث عنا، لنحقق معجزة أخرى، نصعد بها رأسا إلى المونديال، ثم نعود بعد ذلك بكأس العالم، أمام دهشة واستغراب الجن والإنس وكل المخلوقات التي لن تصدق هذه الخوارق التي لا يمكنها أن تحدث إلا في زمن شباط الذي سبقنا ومهد للمغاربة طريق المعجزات.