دعوات لإعلان آسفي منطقة منكوبة    بنك المغرب يتوقع نمو الاقتصاد بنسبة 5% وتضخما عند 0.8% في 2025    دعوة لمسيرة وطنية في طنجة رفضا للتطبيع بذكراه الخامسة    الحكم على نادي باريس سان جرمان بدفع 61 مليون أورو لفائدة مبابي كمكافآت ورواتب غير مدفوعة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    تعليمات ملكية لمواكبة المناطق الهشة والتخفيف من آثار البرد القارس    استمرار التساقطات الثلجية مرفوقة بزخات مطرية ورياح قوية بعدد من مناطق المملكة    إقليم تارودانت .. تعبئة شاملة لمواجهة التقلبات الجوية    كأس إفريقيا للأمم (المغرب 2025) ستكون أفضل نسخة على الإطلاق (الكاتب العام للكاف)    ترامب يطالب BBC ب10 مليارات دولار تعويضاً عن تهمة التشهير    تعليق الدراسة مؤقتا بالدار البيضاء-سطات بسبب سوء الأحوال الجوية    التساقطات ترفع حقينة السدود المغربية وتحسن مؤشرات الموارد المائية        التربية في صلب أولوياتها…الصين ترسم معالم تنشئة أخلاقية جديدة للأطفال        حموشي يقرر صرف مساعدات استثنائية لفائدة 409 من موظفي الشرطة المصابين بأمراض خطيرة    الدار البيضاء.. انهيار سور حضانة بالوازيس يخلف وفاة حارس أمن    أسود الأطلس يواصلون تحضيراتهم استعدادا لخوض غمار كأس إفريقيا 2025        بطولة "الفوتسال" تتوقف بالمغرب    بوساطة مغربية... الأمم المتحدة تعيد إطلاق حوار ليبيا السياسي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    أبرز أحزاب المعارضة الكولومبية يرشح مؤيدة لترامب لانتخابات 2026 الرئاسية    مسلحون يقتلون 3 أمنيين في إيران    علماء يحذرون من دوامات تحت المحيط تسبب ذوبانا سريعا للجليد بالقطب الجنوبي    ال"كاف" تطلق دليل "كان المغرب 2025"        الاضطرابات الجوية.. تحذيرات وتوصيات من وزارة التجهيز لمستعملي الطريق    النواب يصادق بالإجماع على ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بالعدل    نقاش تعويضات الوزراء بعد نهاية الخدمة.. بنكيران: سيدنا أرسل لي 100 مليون سنتيم بعد إعفائي من رئاسة الحكومة    تراجع أسعار النفط في ظل توقعات بتسجيل فائض في سنة 2026    "فولكسفاغن" تغلق مصنعا للإنتاج في ألمانيا لأول مرة في تاريخها    انسحاب الوفد المفاوض لمكتب تنمية التعاون من جلسة الحوار الاجتماعي احتجاجاً على إقصاء بعض أعضائه    أبرز عشرة أحداث شهدها العالم في العام 2025    كأس إفريقيا للأمم (المغرب 2025 ) -المجموعة ال 3.. نيجيريا وتونس المرشحان الأبرزان وتنزانيا وأوغندا لتفجير المفاجأة    حقوقيون يحملون "الاستهتار البشري" مسؤولية أضرار فيضانات الجرف بإقليم الرشيدية    تمديد العمل بالمحلات التجارية والمطاعم والمقاهي بالرباط إلى الساعة الثانية صباحا تزامنا مع كأس إفريقيا    أخنوش: إصلاح الصفقات العمومية رافعة لتمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز تنافسيتها    إحباط مخطط إرهابي خطير كان يستهدف لوس أنجلوس في ليلة رأس السنة    الإعلام الفرنسي يرشّح المغرب للتتويج بكأس إفريقيا 2025    الرواية المغربية "في متاهات الأستاذ ف.ن." ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2026    المؤثرات الأساسية على التخييل في السينما التاريخية    تعاون عربي في إصدار أغنية «روقان» للفنان المغربي محمد الرفاعي    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسكوت عنه في تاريخ العبودية بأمريكا. الرق الابيض أو زواج البيض بالسود لإنتاج عبيد أقل ثمنا!
نشر في كود يوم 21 - 10 - 2016

عندما يذكر العبيد في الولايات المتحدة ينصرف الذهن فوراً إلى الأفارقة السود الذين جلبهم البيض للأرض الجديدة، واستعبدوهم قبل أن يتحرروا بعد نضال طويل.
ولكن التاريخ الأميركي عرف قبل قرون مضت عبودية من لون آخر هي العبودية البيضاء، كان أبطالها الأيرلنديون، كما عرفت ب"العبودية الهجين"، التي تم فيها تزويج أيرلنديات بأفارقة لإنتاج عبيد سمر أقل سعراً.
المشهد في أمريكا تغير عبر السنوات ليصبح الأيرلنديون ضمن الفسيفساء الأميركية في كل المجالات دون استثناء، حيث يشكلون حوالي 11٪ من إجمالي سكان الولايات المتحدة بحسب تقرير حكومي رسمي أمريكي لمكتب الإحصاء الأميركي في 2013 ( US Census Bureau 2013).
وهناك كتب وأبحاث تتحدث عن الأصل الأيرلندي لعدد من رؤساء أميركا مثل جون كنيدي، أول رئيس كاثوليكي لأميركا، ونجم هوليوود توم كروز، ورجل الأعمال الشهير هنري فورد الذي سيطر على واحدة من أكبر الصناعات في أميركا في منتصف القرن التاسع عشر، صناعة السيارات، وغيرهم.
الأيرلنديون في الأرض الجديدة
قصة النجاح بدأت في القرن التاسع عشر حيث شكل الأيرلنديون نصف المهاجرين في الولايات المتحدة في عقد الأربعينات من القرن التاسع عشر، وثلثهم في الخمسينات من القرن نفسه. لكن تاريخاً سابقاً على ذلك كتب سطوراً حزينة عن الأيرلنديين في أميركا.
فالأيرلنديون لم يدخلوا أميركا فقط في العام 1820، الذي يشكل الموجة الكبرى للهجرة الأيرلندية إلى أميركا، بل ذهبوا للمرة الأولى كعبيد، عملوا في نقل البضائع على متن السفن البريطانية المتوجهة إلى الأميركتين، في القرن السابع عشر.
كما يحكي التاريخ عبر العديد من كتب المؤرخين مثل "العبودية، السخرة والعمل بين المهاجرين الأيرلنديين" للكاتبة ريتا أكاماتسو، وغيره.
وقد أثار مقال بحثي للكاتب جون مارتن ، نشره عام 2015 موجة من ردود الفعل بعضها دعم روايته عن أحوال العبيد الأيرلنديين وبعضها يدحض روايته.
لكن الروايات التاريخية تجمع على عدد من الوقائع بعيداً عن التفسير والتأويل، فقد تم شحن مئات الآلاف من الأيرلنديين من الرجال والنساء، وحتى الأطفال، الذين تقول إحدى الروايات أن 100 منهم شكلوا الموجة الأولى من العبيد الذين وصلوا القارة الجديدة، وذلك في العام 1619 في احتفال بعيد الفصح، قبل أربعة أشهر فقط من أول موجة من العبيد السود القادمين من إفريقيا.
وباع الملك الإنجليزي جيمس السادس 30 ألفاً من السجناء الأيرلنديين كعبيد إلى الأرض الجديدة. وكان إعلان عام 1652 يفرض أن يرسل السجناء السياسيين الأيرلنديين إلى الخارج ويتم بيعهم للمستوطنين الإنجليز في الأرض الجديدة، بحسب الكاتب جون مارتن.
وكانت رحلات نقل العبيد البيض تتسم بالعنف والوحشية، ويصفها الكثيرون برحلة موت بطيء، ولا تختلف كثيراً عن تلك الرحلات الخاصة بالعبيد الأفارقة والتي صورها الفيلم الشهير للمخرج ستيفن سبيلبيرغ في فيلمه "أميستاد".
ولم تكن العبودية شيئاً غريباً على هذا العصر، وكانت ظروف العمل في الريف والمدن أشبه بالرق بسبب المعاملة السيئة التي تلقاها العمال، وصنوف العقاب التي كانت تنزل بهم. وقد استمرت مع العمال الذين انتقلوا إلى أميركا، ومنها الجلد والضرب حتى الموت، وإحراق العبيد الأيرلنديين أحياءً حال ارتكابهم لأية أخطاء في العمل القاسي الذي كانوا يقومون به لصالح أسيادهم المختلفين معهم دينياً، أو إذا فكروا في التمرد وعصيان الأوامر مهما كانت.
نقص وطن
وهناك من يرجع بدء موجة بيع العبيد الأيرلنديين للمستوطنين الإنجليز في أميركا للحروب الأهلية الإنجليزية منذ منتصف القرن السابع عشر، عندما تعرض أكثر من 500 ألف أيرلندي للقتل على يد الإنجليز في الفترة بين 1641 و1652، كما تم بيع 300 ألف آخرين كعبيد.
وفي العام في 1656، أمر أوليفر كرومويل الذي هزم الملكية الإنجليزية وأسس الجمهورية في العام 1653، بأخذ 2000 طفل أيرلندي إلى جامايكا وبيعهم كعبيد للمستوطنين الإنجليز.
لكن بعض المؤرحين ومنهم المؤرخ ليام هوجان يشككون في الرواية الخاصة بالرق الأيرلندي ويقولون إنهم كانوا عمالاً بالسخرة، ولم يكونوا عبيداً بالمعنى الدقيق للرق. لكن الواقع والتاريخ ربما يكونان أكثر قسوة من الأدبيات التاريخية فقد كان الأيرلنديون المهاجرين قسراً إلى الأرض الجديدة في القرنين 17 و18، "مجرد قطعان من البشر بلا حقوق"، أياً كان التوصيف العلمي لوضعهم، بحسب مارتن.
عبوديتان في وقت واحد
وفي الوقت الذي بدأت فيه تجارة الرقيق الأيرلندي بدأت تجارة الرقيق الإفريقية. ولكن الأفارقة -كما يشير مارتن اعتماداً على كتب مؤرخين تناولوا القضية- كانوا أسعد حظاً بقليل عن نظرائهم الأيرلنديين، فلم يكونوا "ملوثين بالعار اللاهوتي"، كما كانت تصفهم الأدبيات السياسية في أميركا آنذاك بسبب اعتناقهم للكاثوليكية. كما كان العبيد السود أكثر كلفة من الأيرلنديين.
كان العبيد الأفارقة مكلِّفين للغاية، حيث كان العبد الأسود يباع ب50 جنيهاً إسترلينياً، بينما لا يزيد سعر نظيره الأيرلندي على 5 جنيهات.
ويكشف جون مارتن أن السادة الإنجليز لم يكتفوا بالاتجار في العمال، بل بدأوا في اقتناء النساء الأيرلنديات سواء للمتعة الجنسية أو للمزيد من الربح. وكان أطفال العبيد أنفسهم عبيداً، ما زاد من حجم القوى العاملة المجانية للإنجليز.
"وكانت معظم الأيرلنديات يفضلن البقاء في العبودية حتى لا يحرمن من أطفالهن الذين يعتبرون عبيداً منذ ولادتهم". والأسوأ أن هؤلاء السادة فكروا في تربية الفتيات الأيرلنديات مع الأفارقة ودفعهم للتزاوج أو ممارسة الجنس لإنتاج جيل أسمر هجين من السود والبيض يكون سعره أعلى في سوق العبيد من الأيرلنديين، وتقليل الحاجة لشراء عبيد أفارقة بأسعار عالية.
واستمرت عمليات تهجين الأيرلنديات والأفارقة لعدة عقود، على نطاق واسع لدرجة أن ظهرت الحاجة إلى قانون للحد من الظاهرة، فتم تمرير قانون "منع ممارسة تزاوج الإناث الإيرلنديات والعبيد الأفارقة لغرض إنتاج عبيد للبيع" في 1681.
واصلت إنجلترا شحن عشرات الآلاف من العبيد الإيرلنديين لأكثر من قرن من الزمان. وفي عام 1839، قررت بريطانيا إنهاء مشاركتها في هذا الطريق المشين من تلقاء نفسها، وتوقفت عن تجارة العبيد وهنا بدأت قصة أخرى للأيرلنديين تخلصوا فيها من الرق وصاروا مواطنين أميركيين كاملي الأهلية، لتتحول المأساة الأيرلندية إلى قصة نجاح.
"ويتساءل البعض لماذا لا يطرح هذا الموضوع إلا نادرا؟ هل أن ذكريات مئات الآلاف من الضحايا الأيرلنديين لا تستحق؟ أم هل ستكون قصتهم كما أراد لها أسيادهم الإنجليز: أن تختفي تماما كما لو أنها لم تحدث قط"، يتساءل مارتن.
والإجابة كما ينهي بها مقاله أنه "لم يعد أي من الضحايا الأيرلنديين إلى وطنه ليصف محنته"، فهؤلاء في نظر جون مارتن وغيره، هم العبيد المفقودون الذين نسيهم الزمن وكتب التاريخ المنحازة، وهو يفسر بذلك قلة عدد الكتب التي تحدثت عن معاناة العبيد الأيرلنديين في الأرض الجديدة، وعدم تصديق البعض لما يراه هو غيره حقائق مروعة منسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.