وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدي بناني..على خطى ايرتون سينا
نشر في هسبريس يوم 01 - 05 - 2009

الأنظار كلها ستكون متجهة إليه بداية الشهر الجاري، والحدث بطولة العالم في سباق السيارات (WTCC) بمراكش حيث يجتمع آلاف ممارسي الرياضة وعشاقها..إنه المهدي بناني، العربي والإفريقي الوحيد الذي يشارك في البطولة، ويشفع له مساره المتميز الذي قاده مرات كثيرة إلى منصات التتويج بعدد من الملتقيات الدولية. هو اليوم يرفع تحديات كثيرة، ليس أقلها الوصول إلى عالم "الفورمولا 1" الحلم الذي رافقه منذ طفولته..

""
"أنا إنسان عاد أعشق سباقات السيارات وعالم المحركات، أنا مولع منذ طفولتي بالبرازيلي "إيرتون سينا" بطل "الفورمولا 1"، وكنت وما أزال أتمنى أن أصير في مستواه وأحقق بعضا من النتائج التي حققها".. بهذه الكلمات اختار المهدي بناني، ذو الخمس وعشرين ربيعا، أن يعرف نفسه..
هو ابن عبد الإله بناني بطل المغرب في سباق الدراجات النارية، وسميرة بناني بطلة المغرب في سباقات السيارات، ولد في عائلة تعشق المحركات والسباقات حد الجنون، ويتذكر كثيرا من تفاصيل الصغر حين كان يرافقهما إلى المضامير يراقب سباقاتهما ويشجعهما، متنقلا كل نهاية أسبوع بين فاس والبيضاء أو خريبكة حيث تتوفر المدينتان على مضمارين مجهزين، ويوما عن يوم بدأت تنمو لديه الرغبة في ممارسة الرياضة وظل حلم الالتحاق بنجوم عالميين يراوده إلى اليوم. ولد المهدي سنة 1983.. يوم 25 غشت تحديدا، ودرس في "ليسي ديكارت"، إلى أن نال شهادة الباكالوريا، وفي سنة 2001 سافر إلى "لومون" الفرنسية للدراسة في المعهد العالي للرياضات، بشعبة الرياضات الميكانيكية وهو معهد تابع للاتحاد الفرنسي لسباق السيارات. دراسته امتدت إلى سنة 2004 إذ اختار الانقطاع عنها وتكريس كل جهده وتفكيره لسباقات السيارات، الرياضة التي عشق منذ نعومة أظافره.
"في عيد ميلادي الثالث كانت هدية والدي هي دراجة نارية اسمها "بيوي" وكنت أمتطيها داخل المنزل، ولكثرة الحوادث التي تسببت فيها في المضامير، تقرر أن أترك هذا النوع الرياضي وأتحول إلى ميدان كرة المضرب، لكن ولعي بسياقة "الكارتينغ" عجل بعودتي إلى عالم المحركات" يقول المهدي، ويضيف "منذ هذه اللحظة اكتشفت ولعي بهذه الرياضة، ولحسن الحظ أني وجدت والدين يعشقانها ويمارسانها، وهما من كانا يوجهاني ويرافقاني في بداياتي، خاصة أنها رياضة تحتاج إلى تركيز كبير ومعرفة دقيقة بعدد من التقنيات، خاصة في ما يخص المسارات والمنعرجات وكيفية التعامل مع بدال السرعة"..
حبه لعالم السرعة المجنونة لم يكن وليد الصدفة، ورغم أنه محب لجميع الرياضات بشكل عام، ومنها الجيت سكي، وسبق له أن مارس رياضة كرة المضرب ضمن فريق الأولمبيك المغربي للتنس، كما مارس رياضة الدراجات، لكنه سرعان ما أدار ظهره لكل هذه الرياضات ليعلن ولعه بسباقات السيارات مع أول سيارة "كارتينغ" أهداها له والده سنة 1994 الحدث الذي بقي عالقا في ذهنه إلى اليوم.
معالم التميز..
شكلت سنة 1999 علامة فارقة في مشوار المهدي في عالم رياضة "الكارتينغ"، إذ تمكن من الفوز بأول بطولة وطنية نظمت بعين السبع بالدار البيضاء، والغريب أنها كانت أول بطولة يشارك فيها ولم يكن سنه يتجاوز حينها السادسة عشرة. ويتذكر المهدي كيف كان الجميع مذهولا لما حققه أمام متسابقين أجانب يكبرونه سنا ومتمرسين، وكيف كانت تلاحقه نظراتهم وتساؤلاتهم المستهجنة، في أغلب الأحيان، بسبب الغيرة من تفوقه الواضح رغم أن مركبته لم تكن في أحسن حالاتها.
بعد هذا الانجاز انفتحت شهية المهدي لمزيد من الانجازات وسافر إلى عدد من البطولات الأوربية، وكان في كل مرة ينال إعجاب المنظمين، كما كان الكثيرون يتنبأون له بمستقبل واعد بفضل فوزه في عدد من السباقات أو على الأقل احتلال مراتب متقدمة بالنظر إلى حداثة سنه ومحدودية تجربته مقارنة مع الآخرين.
توالت إنجازات المهدي وفاز سنة 2000 بالجائزة الكبرى لبطولة "فياط باليو"، ثم فاز بالكارتينغ ICC 125 وبعدها حل ثانيا في بطولة أوربا للكارتينغ ببلجيكا سنة 2001 ثم فاز بالجائزة الكبرى لكارتينغ مراكش سنة 2002..
يوما عن يوم بدأت ملامح متسابق من طينة خاصة تظهر، ولم يكن المهدي يُفلت الفرص التي تأتيه، على قلتها، ليبرهن للجميع أنه الأفضل، ويحكي "كيف كان عدد من محترفي الرياضة ينصحون أبويه بالاهتمام بموهبته، كما حدث مع أحد متعهدي البطل العالمي "ألان بروست" الذي ظل خلال إحدى المسابقات يتابع باهتمام كبير أسلوبي في القيادة، وكيف نصح أبي بضرورة أن يتم توجيهي لأني أمتلك مواصفات لا تتوفر للكثيرين من ممارسي هذه الرياضة، ولهذا قررت أن أسافر إلى فرنسا لأتابع دراستي في معهد متخصص وأكون قريبا من عدد من البطولات التي تقام في أوربا مثل بطولة فرنسا ل "فورمولا رونو" سنة 2002، و بطولة "فورمولا نيسان" سنة 2003، ثم بطولة "بي إم دوبل في" في آسيا سنة 2004 إذ تُوّجت وصيفا للبطل وتم اختياري أفضل سائق بالجائزة، علما أنني شاركت إلى جانب أبطال كبار سبق لهم المشاركة مرتين وثلاث في السباق نفسه..وغيرها من البطولات الدولية التي كنت أحصل فيها على نتائج إيجابية تفوق الإمكانيات المحدودة التي كانت متوفرة لي، مع وجود معيقات كثيرة خاصة في ما يخص تمويل مشاركاتي وغياب محتضنين، "لكن كل هذا لم يمنعني، يضيف المهدي، من تحقيق نتائج إيجابية والمرور إلى مرحلة أخرى في مسيرتي سنة 2007 من خلال المشاركة في بطولة أوربا للفورمولا 3000، وهنا بدأت أشعر بأني قريب من تحقيق حلم صباي وهو المشاركة في بطولات "الفورمولا 1" أرقى البطولات العالمية وأهمها على الإطلاق".


رفقة بطل العالم إيفان مولير

أرفض أن أكون غير مغربي..

أجد راحتي في مضمار السباق، وأجد رغبة كبيرة في ممارسة هذه الرياضة، دون أن أفكر في تحقيق ربح مادي بقدر ما أحمل هم تمثيل بلدي وتأكيد أن بإمكان المغرب أن ينجب أبطالا في هذه الرياضة إن توفرت الإمكانيات، وتم دعم ممارسيها. ولهذا لا أفهم إلى الآن سبب كثير من العراقيل التي وضعت في طريقي منذ البداية وكيف لا تسارع الجهات المعنية إلى دعمي في مساري المتميز؟
عائق تمويل المشاركة في كل السباقات ظل هاجسا يؤرق بال المهدي، كما أسرته الصغيرة وعدد من محتضنيه، ولم يكن سهلا على والديه توفير السيولة اللازمة لتمويل جميع المشاركات، ليجد المهدي نفسه متخلفا عن حضور عدد من الملتقيات الدولية المهمة التي كان بالإمكان أن تضمن بلوغه مراحل متقدمة منذ سنتين على الأقل، وعن هذه المسألة يقول والده "إن المهدي تلقى كثيرا من الدعم من طرف الملك محمد السادس وهو ما أهله لأن يواصل دراسته بفرنسا، ويشارك في بعض الملتقيات"، لكن كل هذا لم يكن كافيا ليضمن له مشوارا سليما، إذ كان ملزما بالإضافة إلى تفكيره في دراسته وتداريبه أن يفكر أيضا في مصادر تمويل مشاركاته في البطولات، حتى أن أسرته كانت تتحمل عبء تذاكر التنقل عبر القارات من مالها الخاص، وهذا ما كان يؤثر سلبا على مساره.
المهدي، الذي استطاع حرق مراحل كثيرة في مسيرة الرياضية في عالم سباقات السيارات، على عكس كثير من الممارسين، واستطاع أن يمر بسلاسة إلى سباقات الفورمولا 3000 المرحلة التي تسبق سباقات "الفورمولا 1" بما تمثله من صعوبات وتحديات، يقول" إن ما يحز في نفسه أن عددا من زملائه الذين تدرب رفقتهم وكان يتفوق على أغلبهم استطاعوا، بفضل دعم بلدانهم، من بلوغ مرحلة سباقات "الفورمولا 1"، ومنهم البطل البولوني "كوبيكا" والصيني "مارشي لي" والألمانيِين "أدريان سوتيل"، و"سباستيان فيتال" أو "تيمو غلوك"، وكل هؤلاء يشاركون اليوم في سباقات "الفورمولا 1" عكسي أنا والسبب كما أؤكد غياب الدعم اللازم ومحدودية تدخل مؤسسات الرعاية".
كل هذا أثر في مرحلة معينة على المهدي وجعله يطرح على نفسه أسئلة كثيرة حول مستقبله في ظل تجاهل المسؤولين المغاربة لكل الإنجازات التي حققها، وإمكانية أن يبلغ مسابقات "الفورمولا 1" ويمثل بلده كما لم يفعله أي عربي أو إفريقي من قبل، لكن ولعه بالرياضة ودعم الملك، وتشجيعات كبار متعهدي سباقات "الفورمولا 1" كان كافيا لضخ دماء جديدة في عروقه وإعلان تشبثه إلى آخر المطاف، ويطرد عنه فكرة التخلي عن حلم الصبا.
تميز المهدي في سباقاته كان له وقع إيجابي على عدد من الفرق العالمية التي سعت في أحيان كثيرة إلى دعمه بمبرر أنه من العار ترك شاب في مثل براعته يواجه مشاكل لا طاقة له بتحملها. "كانت بعض الفرق تمنحني فرصة المشاركة في بعض الملتقيات، يقول المهدي، لكن مسؤوليها لم يكونوا يفهمون كيف يمكن لبلد أنتمي إليه أن لا يوليني الاهتمام اللازم، وتصوروا مثلا أن ممولين روسا أو عربا كانوا يمولون مشاركات بطل مغربي، وغير ما مرة اقترحت علي بعض الدول تجنيسي مثلما حدث مع البحرين، بمبرر أنه لا يمكن صرف مبالغ مالية على متسابق يشارك تحت راية بلد آخر، لكني كنت في كل مرة أرفض هذه العروض، ولم أكن أتصور نفسي أن أرفع راية غير راية وطني، ولو اقتضى الحال أن أترك الميدان دون رجعه فضلا عن أنني لم أكن أريد أن أخون ثقة الملك التي وضعها فيَ منذ البداية".

مراكش 2009..بداية الحلم

في مراكش، بداية ماي المقبل، سيسعى المهدي إلى تحقيق حلمه بالوصول إلى "الفورمولا 1"، وسيشارك لأول مرة في بطولة العالم (WTCC) وهي واحدة من البطولات العالمية الثلاث التي تنظمها الفيدرالية الدولية لسباق السيارات (FIA)، يقول المهدي عن مشاركته الأولى "أنا سعيد لاختياري للمشاركة كأول عربي وإفريقي، وأتمنى أن أشارك في المراحل المتبقية كلها، وألا أكرر غيابي كما حدث في المرحلتين الأوليين".


سميرة بناني: أحتفظ بنص إنشائي للمهدي كتب فيه "أنا غادي نكون بطل في الطوموبيلات"
تتذكر سميرة بناني، والدة المهدي، أنه إلى حدود سنته الثالثة، كان الطفل لا يلعب إلا السيارات والدراجات، وبعدها أهداه والده دراجة نارية. "كان الكل يعاتبنا على الأمر مخافة أن يصيبه مكروه، وكان يقودها بسرعة وبراعة مع ما كان ذلك يثيره في قلبي من خوف طبيعي، ومنذ هذه اللحظة بدأت ملامح العلاقة بين المهدي وبين عالم المحركات تتضح خاصة أنه كان دائما يرافقنا إلى حلبات السباق. وأتذكر أننا كنا نملك سيارة من نوع فياط 127 وكان زوجي يسوق دراجته النارية، وفي هذا الجو المليء بالغبار وضجيج المحركات ورائحة العجلات كبر المهدي، وكبر معه حلم أن يصير محترفا في عالم المحركات".

في سن الخامسة بدأت تتغير نظرة المهدي للأمور، "كان في كثير من الأحيان يمطرنا بوابل من الملاحظات التقنية أثناء مشاركاتنا، وغالبا ما كنا نقابلها بنوع من التشكيك والعصبية، لأنه كان يلجأ إلى إجراء مقارنات بين سياقتي وسياقة والده، ولم يكد يبلغ سنته الحادية عشرة حتى شرع في قيادة سيارة "الكارتينغ" وكان يثير إعجابنا لدقته في القيادة وضبطه للمسارات وكأن الأمر يتعلق بمتسابق محترف، ولا أخفي أنه كان يكشف تمرسا أفضل مما كنا نتوفر عليه، وكنت في كل مرة أطرد من رأسي فكرة أنه سيصير متسابقا محترفا لأني كنت أخشى عليه من الحوادث نظرا لأني أمارس الرياضة نفسها" تضيف سميرة.

ولع المهدي بعالم المحركات كان واضحا في كثير من محطات حياته، وحتى خلال سنوات دراسته الأولى، تقول الأم "أتذكر أنه كان يكتب كثيرا من مواضيع الإنشاء حول سباقات السيارات، وما زلت أحتفظ بنص إنشائي كتبه في سن التاسعة ومما كتب فيه بالدارجة "أنا غادي نكون بطل في الطوموبيلات".
محمد السادس أول من وثق في قدراتي..

يتذكر والدا المهدي كثيرا من تفاصيل سباقه الأول المنظم سنة 1999 بالدار البيضاء، وكان يشارك فيه محترفون أجانب سخر كثير منهم من المهدي نظرا لحداثة سنه، إذ لم يكن يتجاوز 16. "خلال السباق الذي شاركت فيه، تقول سميرة، كنت أقول له "عنداك تدير شي روينة، وخليك اللور" لكني تفاجأت بطريقة سياقته وتجاوزه للجميع وهو ما أثار غيرة الآخرين، بل الأكثر من ذلك، يضيف الأب عبد الإله، كان كثير منهم يروج أن المهدي غش في السباق، وفي هذه اللحظة بالذات شعرنا أنه من المؤسف أن يبقى هذا البطل في المغرب وعليه أن يمارس الرياضة على مستوى عالمي، وتمكنا من تسجيله في معهد فرنسي بمدينة لومون متخصص هو المعهد العالي للرياضات التابع للاتحاد الفرنسي لسباق السيارات، بشعبة الرياضات الميكانيكية ، إذ قصدنا الملك محمد السادس من أجل دعمه في مساره الاحترافي، ولولا رعايته لكان ممكنا أن ينحسر أمل المهدي وتضيع موهبته"، خاصة يضيف الأب "أن كثيرا من المعيقات وضعت في طريقه من طرف بعض الأشخاص لأسباب يصعب علينا إلى الآن فهمها".

"طيلة ليلة كاملة، يقول المهدي، عقدت أنا وأمي اجتماعا مغلقا موضوعه الأساسي هو مدى استعدادي لبدء مغامرة ممارسة الرياضة بكل ما تحمله من مخاطر، وما قد يشكله الأمر من تأثير على مساري الدراسي والعملي.. اخترت إذن، ودون طول تفكير، السير قدما في هذا المجال، وحاولت التوفيق بين دراستي في فرنسا وتداريبي التي كانت تمتد على مدى ثلاث ساعات يوميا، فضلا عن مشاركاتي المتميزة في عدد من السباقات الدولية".


مغربي حتى في غيرته..

المهدي إنسان حساس جدا، تقول والدته سميرة، وكثيرون يستغربون درجة "تماغربيت" لديه، وكأي شاب فهو يمارس دور الأخ الأكبر في علاقته بأخته منى، وأذكر أنه كان يرفض فكرة أن تجتاز امتحان نيل رخصة السياقة بمبرر أنه لا حاجة لها أن تسوق، وإن اقتضى الحال أن يتكفل بتنقلها، المهدي من الأولاد الذي "يحكمون" حين يتعلق الأمر بالخروج ومرافقة صديقاتها، وإلى الآن لا لم يستطيع استيعاب أنها تزوجت ورحلت للعيش في الدار البيضاء، ولهذا يظل المهدي مغربيا، ولكن ليس تقليديا، بل حرا يغار على عائلته وأساسا على أخته التي تصغره بثلاث سنوات. المهدي قريب إلى والديه ويعتبرهما مثل صديقين، تقول سميرة إن "كل مواضيعنا نناقشها بتفتح على مائدة الغذاء والعشاء المقدستين لدينا، وخلال جلساتنا نسعى إلى حل جميع المشاكل التي تصادفه وحديثنا كله ينصب حول مجال السيارات، حتى ما نشاهده له علاقة بالمجال، ولحسن الحظ أن هناك منى التي تتكفل بالجانب الآخر من اهتمامات المهدي، خاصة أنها تتوفر على روح مرحة، ورغم أنها تعيش عالمها الخاص، لكن هذا لا يعني أنها لا تواكب المهدي عن كثب طيلة مشواره الرياضي، بل إنها تلعب دور "الكوتشينغ".

لم يعش المهدي مراهقته، تضيف سميرة بناني، مثل بقية الأولاد الذين يستهويهم الخروج والسهر والحفلات، بل كان كل اهتمامه منصبا على تطوير أدائه الرياضي وحضور السباقات التي كنا نشارك فيها كل نهاية أسبوع، وحتى لعبه كانت لها علاقة بعالم المحركات دون أن يضغط عليه أحد في هذا الاتجاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.