تسلمت الجزائر رسميا رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، وهو الجهاز القاري المكلف بالحفاظ على الأمن والاستقرار في إفريقيا، في خطوة أثارت جدلا واسعا وتساؤلات حول نوايا الجزائر في استغلال هذا المنصب لتعزيز موقفها السياسي بشأن ملف الصحراء. وتعتبر هذه القضية من أبرز بؤر التوتر بين الجزائر والمغرب منذ عقود، ما يجعل أي تحرك جزائري في هذا السياق محط أنظار المراقبين الإقليميين والدوليين. ومنذ تسلمها الرئاسة، بدأت الجزائر في توجيه الخطاب السياسي للمجلس نحو قضايا مثل "تصفية الاستعمار" و"تقرير المصير"، وهي مصطلحات تعكس بوضوح موقفها التاريخي من نزاع الصحراء. كما رصد إدراج عبارات مماثلة في بعض البيانات الصادرة عن المجلس، ما اعتبره عدد من المحللين تمهيدا لتحريك هذا الملف داخل أروقة الاتحاد الإفريقي، في محاولة لإعادة تسليط الضوء عليه بعد تراجع الاهتمام الدولي بسبب أزمات كبرى تشغل الساحة العالمية. ورغم هذه التحركات، يرى مراقبون أن قدرة الجزائر على استثمار رئاستها بشكل فعال تبقى محدودة، لاعتبارات عديدة. فالرئاسة دورية ومحكومة بضوابط مؤسسية تفرض الحياد، وتمنع الانحراف عن التوافق الجماعي داخل الاتحاد الإفريقي. كما أن التوازنات القائمة داخل المنظمة لا تسمح لأي دولة، مهما كانت مكانتها، بفرض أجندة أحادية في قضايا شائكة مثل نزاع الصحراء، خاصة مع وجود دعم متزايد يحظى به المغرب من دول إفريقية كبرى. وفي السياق ذاته يذكر أن المغرب حرك قنواته الدبلوماسية محذرا من أي استغلال سياسي لرئاسة يفترض أن تكون محايدة، وذلك في وقت يواصل فيه تعزيز حضوره في القارة من خلال مشاريع تنموية وشراكات استراتيجية أثبتت فعاليتها الميدانية، ما عزز موقعه السياسي والاقتصادي في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة. وبينما تمني الجزائر النفس بتحقيق مكاسب سياسية من هذه الرئاسة، تبدو النتائج المحتملة محصورة في البعد الرمزي والإعلامي دون أن ترقى إلى تغيير حقيقي في مواقف الدول الإفريقية. فالمبالغة في تسييس مؤسسة يفترض أن تكون جامعة ومحايدة قد ينعكس سلبا على مصداقيتها، ويدفع أطرافا إفريقية أخرى إلى الاعتراض أو الانسحاب من التوافق.