ساكنة مدشر القوس بجماعة تطفت تحتج    الدورة 11 من مهرجان الناظور المتوسطي تحتفي بعيد العرش ومغاربة العالم    ليالي صيف الاوداية تلتهب على منصة كورنيش ابي رقراق    غزة على حافة المجاعة: أزمة إنسانية غير مسبوقة تحت الحصار والعدوان    المغرب ومقدونيا الشمالية : رغبة مشتركة في تعزيز محور الرباط – سكوبي    النواب السلايتية .. الطالبي العلمي يأسف لتكرار الغياب البرلماني    مندوبية التخطيط تسجل إرتفاعا في أسعار المواد الغذائية بطنجة    وفاة 21 طفلا بالجوع في قطاع غزة    المخدرات توقف كنديّيْن بمطار البيضاء    "الأونروا": موظفو الوكالة والأطباء يصابون بالإغماء من الجوع في غزة    لبؤات الأطلس يواجهن غانا وعينهن على النهائي    راغب علامة يبرر صورة "المعجبة": زاوية التصوير خدعت الجميع    تطوير أداة مبتكرة تحدد الأطفال المعرضين لخطر السمنة مستقبلا    المصادقة بالأغلبية على مشروع قانون تنظيم المجلس الوطني للصحافة    موقعة نارية مرتقبة.. لبؤات الأطلس يصطدمن اليوم بغانا في نصف نهائي أمم إفريقيا    أسعار النفط تتراجع    بوريطة: المغرب يضطلع بدور محوري في استقرار إفريقيا والشرق الأوسط    ثلاث سنوات حبسا لشاب سرق قبعات مقلدة في طنجة    الاستقلال يدعو لإعادة النظر في مشروع تأهيل الشرفة الأطلسية عقب احتتجاجات ساكنة العرائش    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المسطرة الجنائية في إطار قراءة ثانية    في 50 سنة من الخدمة الإنسانية.. الفريق الطبي الصيني عالج 5.8 ملايين مغربي وأجرى أكثر من نصف مليون عملية جراحية    خريطة المغرب كاملة في مؤسسة حكومية صينية: إشارة دبلوماسية قوية تعزز الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبكين    بنغلاديش.. ارتفاع حصيلة ضحايا تحطم طائرة عسكرية إلى 27 شخصا            استئنافية طنجة تحسم ملف "مجموعة الخير" دون تعويض للضحايا    كينيدي لاعب باريس سان جيرمان السابق يبدأ عمله كسائق "أوبر"    ترامب يهدد بتعطيل بناء ملعب فريق واشنطن    ترامب يهدد بضربات متكررة ضد إيران: "سنكررها إذا لزم الأمر"    السكيتيوي يربك البطولة الوطنية في فترة استعدادات الأندية        مجلس النواب يمرر قانون المسطرة الجنائية بموافقة 47 نائبا خلال قراءة ثانية    مرتيل.. انطلاق أيام القافلة الأولى للتعريف بمنطقة الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق    وفق ‬تقرير ‬حديث.. ‬المغرب ‬منصة ‬إفريقية ‬واعدة ‬ووجهة ‬موثوقة ‬للمستثمرين ‬الإسبان ‬    مارسيليا يرفض عرضا "مهينا" من نادي إسباني لضم أوناحي    المغرب ‬2030 ‬ فرص ‬ثمينة ‬بأعلى ‬سقف ‬ومسار ‬تنموي ‬بلا ‬حدود    ‬مرسوم ‬تحديد ‬أسعار ‬الأدوية ‬يواصل ‬إثارة ‬ردود ‬الفعل ‬في ‬أوساط ‬المهنيين ‬والرأي ‬العام ‬    بورصة البيضاء تستهل التداول بارتفاع    رسميا.. الوداد يعلن عودة أبو الفتح بعقد يمتد لموسمين    حجيرة يدعو الشركات المغربية إلى التوسع في الأسواق العالمية والاستفادة من الفرص التجارية            منظمة الصحة العالمية تقول إن "هجوما" استهدف مقرها بوسط غزة    بطولة انجلترا: الكاميروني مبومو ينتقل لمانشستر يونايتد        وزير الصحة: التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح بخفض ملموس لأسعار الأدوية    ليلة العيطة تجمع نجوم التراث الشعبي على منصة واحدة بالعاصمة    "سوبر مان" يواصل تصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    ما حقيقة إصابة الفنانة أنغام بسرطان الثدي؟..بيان رسمي يوضّح    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة        دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنْمَل .. قرية بدون رجال تُحاصرها الجبال في المغرب العميق

لا شيء أسوء على الإنسان من أن يجد نفسه محاصرا بجبال مكسوة بالثلوج في منطقة تصل فيها درجة الحرارة إلى الصفر في بعض الأحيان.. هذا حال سكان العشرات من قرى جبال الأطلس المتوسط.. مرحبا بكم في أحد هذه القرى: إنمل التي توجد على بعد 70 كيلومترا عن مدينة ميدلت..إنمل تعاني من داء اسمه "العزلة"، حيث يستعمل السكان سلاح الإصرار للاستمرار، خاصة خلال فصل الشتاء الطويل والبارد.
في قرية كهذه لا صوت يعلو فوق صوت الآمال والأماني، أناس كل حديثهم عن المشاكل التي يعانون منها بسبب عزلتهم، والتي تزيد منها التساقطات الثلجية، إذ تزامن وجودنا بعواصف منها اضطرتنا لتغيير الطريق حتى لا تحاصرنا..
قرية صغيرة لم تشفع لها مبادرات معزولة أقدمت عليها السلطات المحلية، وبمساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي حاولت عن طريق تجهيز الطريق الوحيدة التي تخترق جبالها الوعرة فك العزلة عنها، ورغم ذلك لم تنفع معها كميات الحجارة و"التراب الحمري".
البهائم.. وسيلة نقل الحوامل
"إذا قدر الله أن مرض فرد من الأسرة، فأنت ملزم بمغادرة البيت، في الساعة الرابعة صباحا، لتصل في الساعة العاشرة صباحا، إلى المستشفى في مدينة ميدلت، رغم برودة الجو، وصعوبة المسالك، "خصك 6 ساعات مشيا على الأقدام، لتصل إلى الطريق المعبدة"، تحكي إيطو لهسبريس.
فمعاناة سكان قرية إنمل يومية، في ظل غياب وسائل النقل، "لي عندو شي بهيمة كايمشي عليها، باش يوصل شي حد إلى مرض ليه"، تقاطعها "يزى" وهي سيدة خمسينية وتحمل حفيدة لها على ظهرها، لتؤكد أنه "منذ مدة قصيرة فقط، استطاعت القرية اختراق جبالها وفك جزء من عزلتها، لكنها موسمية فقط وبطريق غير معبدة".
العجوز إيطو، وبكثير من الحزن البادي على صوتها، تسترسل في الحديث إلى هسبريس، موضحة أن "نسوة قضين نحبهن عند الولادة"، والسبب "الحملة ديال الشتا"، التي تجعل القرية الصغيرة تعيش معزولة عن العالم الخارجي، جراء انغلاق جميع المنافذ التي توصلها إلى ميدلت أو الريش.
الرحلة باهظة الثمن
عندما تسأل هسبريس عن ثمن الرحلة، يأتي الجواب "خصك 8 آلاف ريال إلى بغيتي تمشي للمدينة"، يقول يوسف، ابن قرية إنمل، العامل في ورش للبناء، في مدينة الحسيمة.
فعامل البناء يوسف، يتواجد في القرية، لقضاء عطلة اضطرارية إلى جانب والديه، بسبب توقف الورش عن العمل، مضيفا أن وسائل النقل نادرة في اتجاه قريته، ليكشف عن معاناته وسكان القرية في الوصول إلى أقرب مدينة هي ميدلت، فالوصول إلى ميدلت يعني ضرورة التوفر على مبلغ 400 درهم.
لم يكن وصول هسبريس صعبا جدا إلى قرية إنمل، في يوم مشمس من الأسبوع الأخير من شهر يناير، فساعتان اثنتان كانتا كافيتين لوصول سرب من السيارات الرباعية الدفع، قادمة من مدينة ميدلت، في رحلة صحافية قاد كوكبتها عامل إقليم ميدلت، والمنسقة الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في قرية إنمل، وصلتها أخيرا طريق غير معبدة.
وفي حديثه إلى الصحافة، كشف عزيز بالبيضة، المكلف بقسم التجهيزات، في عمالة مدينة ميدلت، أن تهيئة الطريق غير المعبدة، الرابطة بين الطريق الوطنية رقم 13، ودوار إنمل، من خلال تهيئة 8 كلمترات، وفتح 18 كلمترا جديدا، كلف ما مجموعه 106 مليون سنتيم.
وأفاد المسؤول المحلي أن الهدف هو "فك العزلة عن هذه المنطقة"، التي كان "الولوج إليها صعبا"، وكان "سكانها الذين يقدرون ب 840 نسمة، يمشون على الأقدام، لقطع 26 كيلومتراً، للوصول للطريق الوطنية".
قرية بدون رجال
عمر المرأة في هذا الدوار عنوانه الرتابة التي لا محيد عنها.. تولد، تتمدرس حتى السادس ابتدائي، أو لا تفعل، ثم تجلس في البيت تتعلم شؤون تدبيره إلى أن تتزوج بعد سنة أو اثنتين من واحد من أبناء الدوار أو أبناء الدواوير المجاورة.
في يوم زيارتنا لدوار إنمل كانت هذه الأسطوانة تتكرر على مسامعنا من جميع من التقينهن، البنات كما النساء يحصين الوقت في علاقة لا يربطها بالتفاعل غير شؤون الزوج والأولاد الحاليين أو القادمين.
هناك حزن يسكن أعين نساء إنمل.. وبالاقتراب من مكمنه تعلم أن القرية بدون رجال، غادر الأزواج إلى كبريات المدن بحثا عن عمل، عن لقمة مضمونة لأفواه جائعة يكبر عددها باضطراد، وعن فرصة لتعبر الحياة عبر المدينة إلى رتابة يوميات إنمل وعزلته وسط الجبال، بعيدا عن كل مصلحة أو مؤسسة.
في هذه القرية التي تكاد تكون معزولة عن العالم، لا ضوء فيها ولا ماء، "الفتيات لا عمل لهن، والرجال يبحثون عن فرص عمل خارج المدار"،.. "لي عندها شي راجل فالأكيد أنه يشتغل خارج القرية"، تقول خديجة التي أشارت إلى أنه "لا شيء يمكن الاعتماد عليه في الدوار لتوفير قوت الأبناء غير سواعد الرجال"، لكن هؤلاء الرجال وكما اقتربت هسبريس من واقعهم، وعبر آراء نسائهم، غير موجودين، لتظل انمل "قرية بدون رجال".
أطفال منسيون
أطفال إنمل ليسو كالأطفال.. ليس من حقهم اللعب ولا التمدرس في المستوى الأولي، ببساطة لأن واقعهم المؤلم اختار أن يطمس حقوقهم وأحلامهم بأن يعيشوا طفولتهم، ويجعل هم معيلهم توفير قوتهم اليومي.
وبمجرد الاقتراب من أحدهم تعرف حقيقة أطفال يعانون بحق، أياديهم المشققة والتي يسيل الدم منها، من قسوة البرد تحدثك عن فقر أسرهم، واحمرار وجناتهم يخبرك أنهم من كوكب آخر غير الذي نوجد فيه..
همهم الوحيد رغيف يسدون به رمقهم في درجات حرارة تصل الصفر أحيانا، وفي أحايين لا تصلها، لكن لباسهم هو الآخر ينبؤك أن أهلهم لا حول لهم ولا قوة، "كا يتعافرو مع الزمان"، كما اختارت يطو أن تلخص معاناتهم كآباء وأمهات مع تربية الأبناء، "لكن اخترنا أن نظل في إنمل لأنها موطننا، ولا مكان آخر غيرها يمكننا اللجوء إليه".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.