قال مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، إن جمعيات المجتمع المدني "قادرة، إن توفرت لها الإمكانيات، على توفير الحلول لعدد من لإشكاليات الاجتماعية، وأن تصبح شريكا للدولة في سعيها إلى تجاوز الصعوبات الاجتماعية ومواكبة الانتقال الوطني نحو التنمية المندمجة والمستدامة". ونوّه بايتاس، خلال لقاء تواصلي قدمت فيه الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان تقارير الشراكة بين الدولة والجمعيات برسم سنوات 2019 و2020 و2021، بالجهود التي يبذلها المجتمع المدني، لافتا إلى أن "الرصيد المدني الذي راكمته الجمعيات هو ما دفع التقرير العام للنموذج التنموي الجديد إلى إصدار توصية تصب في ضرورة اعتبار الجمعيات والتعاونيات والتعاضديات قطاعا ثالثا مكمّلا للقطاعين العام والخاص، وطريقا حقيقيا لخلق الثروة وفرص الشغل والتقدم الاجتماعي والتنمية الترابية". وتوقف الوزير عند الدور الذي لعبته جمعيات المجتمع المدني عقب الزلزال المدمر الذي ضرب الحوز يوم 8 شتنبر الماضي، معتبرا أن "فداحة خسائر هذه الكارثة الطبيعية لا يمكن أن تحجب عنا عمق الصمود والثبات الذي أبانت عنه الشخصية المغربية، وهو ما فتئت تجسّده في كل مناسبة تكون بلادنا في مواجهة الصعاب والمخاطر"، ومنوّها ب"التجاوب العفوي الهائل للمجتمع المدني الذي رسم ملحمة كبرى في منطقة الأطلس الكبير، امتدت جذورها إلى مختلف جهات وأقاليم المملكة". واعتبر المسؤول الحكومي ذاته أن "الصور الراقية التي شهدها العالم لتدخُّل المجتمع المدني المغربي بالمساهمة في مواجهة آثار زلزال الحوز ليست مجرد رد فعل عفوي، بل إنها انعكاس لهوية حضارية وتاريخية ميّزت الأمة المغربية على الدوام؛ هوية قائمة على مبادئ الوحدة وروح التضامن والتلاحم والتآزر بين مختلف مكونات المجتمع المغربي". ولفت المسؤول ذاته إلى أن "ما راكمته جمعيات المجتمع المدني من تجربة نظرية وعملية طيلة عقود من العمل الجاد والدؤوب في مختلف المجالات، وما أبانت عنه من قوة في الاقتراح والمواكبة التنفيذ، هو ما دفع بالوثيقة الدستورية لسنة 2011 إلى أن ترقى بمكانة الجمعيات إلى مستوى يجعل منها، في إطار الديمقراطية التشاركية، شريكا أساسيا في إعداد وتفعيل وتقييم القرارات والمشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية". وأضاف بايتاس أن نجاح المجتمع المدني في تحقيق أهدافه "لا يتعلق بالأرقام والمؤشرات فقط، رغم أهميتها، بل بتحقيق شعور عام مفاده أن مسار بناء وتحقيق التنمية الشاملة يمكن أن يساهم فيه الجميع ويستوعب جميع الطاقات". واعتبرت الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، في أرضية اللقاء التواصلي لتقديم تقارير الشراكة بين الدولة والجمعيات، أن إعداد هذه التقارير السنوية "يكتسي أهمية بالغة، على اعتبار أنه تجسيد لإحدى الآليات التي تندرج في إطار السياسة الحكومية المندمجة في مجال الشراكة مع الجمعيات". وأضافت الوزارة ذاتها أن هذه الآليات تقوم على "إبراز المجهودات المبذولة من طرف الدولة، وتثمين التطور المحفز في هذا المجال والارتقاء به، وتعزيز الشفافية وتكافؤ الفرص في الولوج إلى الدعم العمومي، والالتقائية في خدمة التنمية الشاملة والمستدامة لبلادنا". ويهدف تقديم التقارير، بحسب الوزارة، إلى "إبراز المجهودات المبذولة من طرف الدولة تجاه جمعيات المجتمع المدني، وتسليط الضوء على المساهمات المالية والعينية من القطاعات الحكومية والمؤسسات والمقاولات العمومية المقدمة لها، سواء عن طريق آلية الدعم المباشر أو عن طريق آلية طلب العروض أو بواسطة الدعم العيني". وقال بايتاس إن "الشراكة بين الدولة والجمعيات ليست مجرد آلية لتقسيم التدخلات بين الفاعلين العموميين والمدنيين، أو إطارا قانونيا لتقديم الدعم المالي للجمعيات، بل هي فلسفة قائمة الذات تسعى إلى تثبيت مبادئ مشتركة للعمل المقرون بالنتائج"، ولفت إلى أن "ما راهنت الجمعيات على تحقيقه طيلة عقود من الزمن في مختلف المجالات، وقوة اقتراحاتها، هو ما دفع الدستور إلى الارتقاء بها إلى مستوى شريك لتفعيل وتقييم القرارات لدى الجهات المنتخبة والسلطات العمومية". وتفيد التقارير التي قدمتها الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان بأن قيمة الدعم العمومي الذي حصلت عليه جمعيات المجتمع المدني خلال سنوات 2019 و2020 و2021 ناهز 12 مليار درهم. وأورد بايتاس أن الشراكة بين الجمعيات والقطاعات الحكومية مازالت تشوبها عدد من المعيقات والنواقص، وهو ما يستدعي، بحسبه، إرساء سياسة عمومية ناجعة في هذا المجال. وتسعى الوزارة، يردف المسؤول الحكومي ذاته، إلى "تذليل العوائق الموجودة، من خلال تحيين الإطار القانوني للشراكة، وإرساء عدد من القواعد والمبادئ المتعلقة بها، مثل النشر الاستباقي لبرامج الشراكة مع الجمعيات، والنشر الإلزامي لطلبات عروض مشاريع الجمعيات في البوابة الموحدة للشراكة، ونزع الطابع المادي عن مساطر وإجراءات تقديم الدعم العمومي، وتكريس الحق في الحصول على المعلومات، وذلك من خلال نشر قائمة الجمعيات المستفيدة وحجم الدعم المخصص لها، وتعزيز الشفافية والنزاهة، وإرساء آليات الرقابة والدعم والتقييم".