بغاية "إعادة إطلاق خارطة الطريق" بين المغرب وإسبانيا، يزور وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، المغرب هذا الأسبوع للقاء نظيره ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بحيث من المزمع أن تتم مناقشة العديد من الملفات المشتركة بين البلدين، بما فيها مَعبرا سبتة ومليلية، وأيضا الهجرة غير النّظامية وإدارة المجال الجوي في الصحراء المغربية. وضمن قراءات قدمها لهسبريس في الموضوع، قال سعيد إيدا حسن، محلل سياسي متخصص في الشأن المغربي الإسباني، إن "الرهان من هذه الزيارة من المتوقع أن يكون التمهيد لزيارة رسمية لرئيس حكومة إسبانيا، بيدرو سانشيز، خصوصا أن الصحف الإسبانية تحدثت عن الزيارة قبل تأجيلها"، مبرزاً أن "من الرهانات التي لا تحتاج الكثير من التفكير مواصلة المشاورات لتنزيل خارطة الطريق المتفق عليها خلال الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء بيدرو سانشيز مع الملك محمد السادس في أبريل 2022". وشدد إيدا حسن، في تصريحه لجريدة هسبريس، على أن "هذه الزيارة، التي هي الأولى من نوعها إلى المغرب بعد تنصيب الحكومة الجديدة في إسبانيا، من المؤكد أنها ستتطرق لكل الملفات العالقة أو الحساسة في التعاون السياسي والإستراتيجي بين البلدين، ومنها مثلا ملف الهجرة غير النظامية، ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر، لاسيما أن المغرب لم يتنصّل من تعهّداته في ما يخص مكافحة الهجرة التي انخفضت بشكل كبير رغم أن الوضعية السياسية كانت متأزمة بين البلدين". وأكد المتحدث ذاته أن "من الملفات المهمة لإسبانيا وأيضا للمغرب ملف المعابر الحدودية الجمركية بين المملكة وسبتة ومليلية"، وزاد: "البلدان كانا قد اتفقا على جدول زمني يراعي مصالح المغرب، لأن من مصلحة إسبانيا إعادة فتح المعابر الجمركية منذ يوم غد، لكن للرباط حساباتها ومصالحها؛ ولها كذلك حساسية من قضية التهريب التي أضرت بشكل كبير بالاقتصاد الوطني لمدة عقود، وكلفته ملايير الدولارات؛ ما يعني أن المغرب سيتفاوض من هذه الزّاوية أيضا". ولم يفوت إيدا حسن أن يذكر "ملف إدارة المجال الجوي بالصّحراء، الذي يديره الطيران المدني الإسباني، لأن المغرب لا يمكنه استكمال سيادته على صحرائه دون استعادة التحكم في المجال الجوي لهذه الأقاليم، وبالتالي سيطرح هذه النّقطة مجددا"، مضيفا أن "المفاوضات بدأت بشأن هذه النقطة، وإسبانيا أبدت استعدادا لتفويت هذه الصلاحية لإدارة الطيران المدني بالمغرب، لكن بعد دخولها في أزمة سياسية بعد تنظيم انتخابات سابقة لأوانها في شهر يوليوز الماضي توقفت هذه المحادثات". من جهته، قال عبد الرحمن فاتيحي، مدير قسم الدراسات الإسبانية في جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، إن "هذه الزيارة تفتح آفاقا تمهيدية لاستئناف النقاش بين البلدين حول مختلف القضايا الإستراتيجية الخاصة بهما"، مؤكدا أن "من ضمن الملفات المطروحة أيضا للنقاش مسألة ترسيم الحدود البحرية بين الأقاليم الصحراوية المغربية وجزر الكناري، لأن الجميع يعلم أن هناك تنبؤات بأن هذه المنطقة البحرية غنية بالنفط والغاز، والمغرب أعلن أنه سيشرع في عملية التنقيب عن الغاز بها". وأشار فتيحي، المختص في الشأن المغربي الإسباني، إلى أن "ترسيم الحدود البحرية سيبقى مشكلا حقيقيا بين البلدين، لأن المغرب كان قد قرر بموجب قانون صادق عليه البرلمان أن يرسم حدوده البحرية وفقا للمواثيق الدولية، لكن تعالت أصوات من إسبانيا وقالت إنه ليس له الحق في أن يتخذ قرارا أحاديا، وهذه النقطة كذلك في جدول خارطة الطريق، ما يؤكد أن بوريطة سيناقشها مع نظيره الإسباني"، مبرزا أن "البلدين اتفقا على ضرورة عدم اتخاذ أي طرف إجراءات أحادية يمكنها أن تمس بالعلاقات الثنائية". وأفاد المصرح لهسبريس بأن "هناك ملفات أخرى شائكة ومهمة ستكون لا شك ضمن جدول الأعمال، على غرار التعاون الأمني"، لافتا إلى أن "المغرب وإسبانيا من حيث مكافحة الجريمة المنظمة، والإرهاب، وشبكات الاتجار بالبشر، برهنا أن التعاون مثالي حتى بالنسبة لباقي دول الاتحاد الأوروبي"، ومضيفا أن "وجود لقاءات مع مستثمرين ورجال أعمال إسبان بالمغرب مع ألباريس يؤكد أيضا حضور البعد الاقتصادي والتبادلات التجارية وما يخص الاستثمارات في هذه الزيارة". وأجمل المتحدث قائلا: "من الممكن أن ينظر المغرب لهذه الفرصة ويدعو المستثمرين الإسبان للاستثمار في الأقاليم الصحراوية المغربية، على اعتبار أنه لا يمانع، لكن التحفظات لدى المستثمرين في علاقتهم ببلدهم كانت تطرح إشكالا"، مبينا أنه "بعد الاعتراف الإسباني بمغربيّة الصّحراء قبل أزيد من سنة وزيارة بيدرو سانشيز وبداية التعاون الإستراتيجي بين البلدين من الممكن أن يكون إقليم الصحراء قبلة مهمة للاستثمارات الإسبانية، لاسيما في المجال السياحي".