كانت مخرجات الزيارة التي قام بها وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، إلى المغرب، محط استياء لدى الأطياف الاقتصادية والسياسية في مليلية المحتلة، بعد استمرار الضبابية حول مصير الجمارك التجارية. وقال اتحاد الشركات الصغرى والمتوسطة بمليلية إن "الزيارة جاءت بما كنا نعرفه جميعا، وهو رفض المغرب فتح هاته المعابر، إذ برر وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، التأخير بأنه ناجم عن خلل تقني، فيما لمح ألباريس من تصريحاته إلى أن كل شيء جاهز". وأضاف الاتحاد المعروف اختصار ب"Pymes Melilla" أن "تلميحات ألباريس لم تكن قوية، وتشير إلى خضوع للطرف المغربي"، متسائلا في الوقت ذاته: "هل نظام الركاب يحتاج إلى تجارب تقنية رغم أنه بروتوكول بسيط للغاية؟". واعتبر المصدر ذاته أن حكومة سانشيز لا تقوم بما يكفي للدفاع عن المعنيين في مواجهة "الخناق الاقتصادي الذي يفرضه المغرب على سبتة ومليلية، اللتين يجب ألا تقتصرا فقط على المغرب، بل جل الأسواق العالمية الأخرى". وفي مليلية دائما استغل حزب "فوكس" اليميني المتطرف نتائج زيارة ألباريس للقول إن "المشكلة في التأخير الحاصل ليست تقنية، بل سياسية بشكل صرف". في هذا الصدد قال سعيد إدى حسن، محلل سياسي وباحث في جامعة كوملونتسي بمدريد، إن "هاته المسألة من أهم النقاط الشائكة ومظاهر الخلاف بين الحكومتين المغربية والإسبانية". وأضاف إدى حسن لهسبريس أن "المملكة المغربية استفادت كثيرا من الفترة التي عرفت غلق هاته المعابر، حيث كانت تنشط عمليات التهريب التي لها سجل حافل من الإضرار بالاقتصاد المغربي". ويورد المحلل السياسي ذاته أن "المغرب استغل فترة كورونا من أجل وضع حد لهذا الوضع، فيما تضغط مدريد بعد الأزمة الخانقة التي عرفتها المدينتان، إذ أصبح الثغران عبئا كبيرا على اقتصاد الجارة الشمالية". "هاته المعابر وسيلة أخرى في يد اليمين من أجل ضرب جهود حكومة سانشيز، ورأينا كيف كانت تصريحاته قبل وبعد زيارة ألباريس إلى المغرب، رغم أن الرباط لا تتملص بل تحترم بنود الاتفاق الموقع في القمة الثنائية"، يورد المتحدث ذاته، مردفا بأن المغرب "لا يمكنه أن يعيد فتح هاته المعابر وفق الوضع السابق، خاصة أن المدن المجاورة لسبتة ومليلية عرفت تحولا اقتصاديا مبنيا على مشاريع تنموية مهيكلة". ويشدد إدى حسن على "فشل سبتة ومليلية في الضغط على ألباريس والمغرب في موضوع الجمارك، خاصة أن المملكة لها أوراقها، وحكومة سانشيز تعلم أن زمن الابتزاز قد ولى". من جانبه سجل عباس الوردي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن "مسألة الحدود الجمركية في سبتة ومليلية مرتبطة أساسا بترتيبات هيكلية تهم القضاء على أشكال التهريب". واعتبر الوردي أن "الأمر يتعلق أيضا بتوفير انسيابية للمسافرين، وحتى المستثمرين، خاصة مسألة احترام القوانين المغربية التي تحرص على توازن اقتصادي وطني، كما هو الحال في جميع الدول العالمية التي تحمي اقتصاداتها من أشكال مستنزفة على غرار التهريب". ولفت المتحدث ذاته إلى أن "ألباريس لا يمكن أن يناقش ملفات شائكة بهذه السهولة، ودون حضور حوار صريح بين الطرفين، وزيارته إلى المغرب بينت استمرار الحوار حول الأمر". وأشار المحلل السياسي ذاته لهسبريس إلى أن "المغرب وإسبانيا من خلال زيارة ألباريس ظهر فعلا أن لهما إرادة مشتركة من أجل حل الملفات العالقة وفق الحوار والتعاون". وخلص الوردي إلى أن "فتح هاته الجمارك مستقبلا سيكون وفق منظور مشترك يهم بالأساس القضاء على الظواهر السابقة، أولها التهريب العشوائي، الذي يهدد الاقتصاد الوطني بشكل كبير".